خبراء: الخليج في منأى عن أزمة الائتمان.. وعليه ترك الدولار

1306 (GMT+04:00) - 17/03/08


هل أزفت ساعة وداع الدولار؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- استبعد عدد من خبراء الاقتصاد تأثر الاقتصاد الخليجي بشكل مباشر بأزمة الائتمان العالمية، خاصة وأن دول المنطقة تمتلك ثروات هائلة نتيجة مبيعات النفط مع بلوغ سعر البرميل مستويات قياسية، دون أن يستبعدوا تأثر أسواق المال في المنطقة بأوضاع البورصات العالمية.
غير أن الخبراء شددوا على أن طبيعة التحديات الاقتصادية التي يواجهها الخليج باتت تختلف بشكل جذري عمّا تعيشه الولايات المتحدة والغرب عموماً، الأمر الذي يرتب امتلاك مصارف المنطقة المركزية حرية تحريك آلياتها النقدية، وفي مقدمتها فك الارتباط مع الدولار.

وكانت بورصات وول ستريت الأمريكية قد تراجعت للمرة السابعة خلال ثماني جلسات الأسبوع الماضي، لتجرّ خلفها بورصات أوروبا والشرق الأوسط، وخاصة سوق دبي المالية.

وعادت البورصات الغربية لترتد صعوداً مع إعلان البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة عن ضخ قرابة 200 مليار دولار في النظام المصرفي الأمريكي، وتبعه المصرف المركزي الأوروبي الذي قرر دعم مصارف القارة بـ15 مليار دولار لمواجهة أزمة نقص السيولة.

ومع ازدياد مخاطر وقوع الاقتصاد الأمريكي في مرحلة من الركود، يراقب المستثمرون في منطقة الخليج الأوضاع مخافة انتقال العدوى إلى أسواقهم، وهو ما لا يستبعده ماريوس ماراثفتس، الخبير الاقتصادي الإقليمي لدى مصرف ستاندرد شارترد في دبي.

ويقول ماراثفتس: "لا أعتقد أن التراجع الحالي في الاقتصاد الأمريكي قد بلغ نهايته ونحن أمام خطر حقيقي لحصول ركود قد نكون جميعاً عرضة لتأثيراته.

غير أن ماراثفتس عاد فلفت إلى أن منطقة الخليج "تعوم" على فوائض مالية هائلة بفضل عوائد النفط، وما قد تبدده أزمة أسواق المال قد تستعيده تلك الدول عبر بيع النفط الذي تتجه أسعاره للارتفاع مع الضعف المتزايد للدولار.

وفي هذا الإطار، يقول مهدي مطر، كبير خبراء الاقتصاد والاستراتيجيات لدى مصرف "شعاع كابيتال" الاستثماري إن تراجع الدولار وارتفاع أسعار النفط في آن قاد إلى تدفق الأموال على الأسواق الخليجية من قبل المستثمرين المحليين.

ويدفع ذلك القطاع الخاص والحكومات في الخليج إلى متابعة المشاريع الضخمة التي يقومون بتنفيذها اعتماداً على السيولة الكبيرة الموجودة، والتي تعمل بمثابة "واقي صدمات" أمام أزمة الائتمان العالمية.

ويؤكد مطر على صحة ما يذهب إليه بالقول: "المستثمرون المحليون، وكذلك الاقتصاد المحلي، سيكونون بمنأى عن التراجع الذي يصيب الاقتصاد العالمي، وخاصة في أسواق المال، كون النفط يشكل مادة التصدير الوحيدة في المنطقة تقريباً."

ولكن العملات الخليجية المرتبطة بالدولار تبقى المتضرر الأساسي مما يحدث في المنطقة، فالأسعار التي ارتفعت بصورة كبيرة أرخت بثقلها على أوضاع العمال الأجانب الذين باتوا يعانون الأمرين بسبب التضخم.

وتبدو أيدي المصارف المحلية مقيدة حيال القيام بإجراءات حقيقية لكبح التضخم بسبب الارتباط بالدولار، وهو ما يدفعها للاقتداء بواشنطن في خفض معدلات الفائدة رغم أن مصلحتها الحقيقية تتمثل في رفعها لامتصاص السيولة.

وفي هذا الإطار، يقول ماراثفتس لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN": "الخليج يمر بمرحلة طفرة، لكن عليه التنبه كي لا تفلت الأمور من عقالها، فما نحتاجه هنا هو بعض القيود ورفض أسعار الفائدة لأننا لا نواجه خطر الركود."

ولتحقيق هذا الرؤية يفترض ماراثفتس أن الوقت قد حان بالنسبة لدول الخليج كي تفك ارتباط عملتها بالدولار، ويستدل على صحة موقفه بالقول: "قد يكون خفض معدلات الفائدة إلى واحد في المائة أمر جيد بالنسبة للولايات المتحدة، لكنه لن يناسب قطعاً اقتصاد المنطقة، خاصة إذا ما ترافقت سياسة خفض الفائدة مع ضعف شديد في العملة."

وقد شكلت هذه القضية نقطة اتفاق بين ماراثفتس ومطر الذي أكد بدوره أن الدول الخليجية قد تستفيد من فك ارتباط عملاتها بالدولار باعتبار أن ذلك سيتيح لها تطبيق السياسات النقدية التي تراها مناسبة دون الاعتماد الاضطرار إلى اتباع ما يقرره البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة.

ويبدو أن هذه الأسئلة ستكون مثار بحث إضافي خلال الأيام المقبلة، خاصة وأن على حكومات المنطقة التفكير في كيفية وضع سياساتها المالية الخاصة وتطبيق ما تراه مناسباً لضمان الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة.