الإسكان والقروض الربوية
عندما تم طرح أسهم صناعات لأول مرة كان السعر المقرر للاكتتاب كما ورد في دراسة الجدوى 60 ريالاً للسهم. وكان أن أصدر سمو الأمير المفدى توجيهاته الكريمة بخفض السعر إلى 16 ريالاً للسهم، حتى يستفيد بها المواطنون، وقد كانت نظرة حكيمة من سموه، إذ انتفع من القرار آلاف الأسر القطرية التي شهدت سعر السهم يتضاعف عدة مرات، وهو ما أدى إلى تطوير حس الاستثمار لدى الكثيرين من المواطنين القطريين، خاصة بعد التوسع الكبير الذي طرأ على الاقتصاد القطري الذي ولَّد عشرات الشركات المساهمة من القطاعين الحكومي والخاص.
هذا الانتفاع لم يشمل شريحة كبيرة من المواطنين الذين أحجموا عن المساهمة بسبب الوازع الديني وتحرجهم في الاكتتاب بأسهم شركات تتعامل مع البنوك الربوية. وضاعت عليهم عدة فرص كان آخرها الاكتتاب في أسهم الصناعات المتوسطة.
يقول أحد الاخوة إنه إذا كان الغرض استفادة جميع المواطنين فلم لا يتم فرض تعامل الشركات المساهمة مع البنوك الإسلامية أو النوافذ الإسلامية التي أنشأتها البنوك التقليدية. إذ أن جميع البنوك حالياً تتعامل بآليات مصرفية اسلامية. وبهذا يتم رفع الحرج عن الناس في تعاملهم مع الشركات المساهمة، وتعمم الاستفادة للجميع.
وبذات القصد والمعنى، تسلمت رسالة من أحد الاخوة بشأن قروض الإسكان، انشرها تعميما للفائدة. يقول الأخ الكريم:
«الموضوع هو قرض الاسكان وما صاحبه من قرار النسبة الزائدة عليه «1% للـ 600 ألف الأولى و3% للـ 600 ألف الثانية». فلا يخفى عليكم أن أي زيادة على القرض وبأي مسمى ما هي إلا فائدة ربوية محرمة لا يجوز للمسلم الاقدام عليها، لا دفعاً ولا أخذاً، قلت هذه النسبة أو كثرت.
كنا بانتظار إعادة نظام القروض بعد توقف دام سنوات، وذلك لحاجتنا لبناء مساكن لنا ولأبنائنا بعد أن تعبنا من الإيجارات أو السكن مع الأقارب إلى أن يفرجها الله. ولكن «يا فرحة ما تمت» أعادوا القروض ولكن بفوائد ربوية. نحن لم نتعامل بالربا ولا مع بنوك ربوية في حياتنا قط ولله الحمد، ونتحرج لأي فعل يخالف الشرع. ونعتقد أن هذا شيء لا يعاب علينا. وقد أفتى لنا بعض الفقهاء أخذ القرض إذا كانت هناك ضرورة ونحن نتحرج جداً من هذه الفتوى. ولكن السؤال هو لماذا نصل إلى الحد أن يفتى لنا بفعل الحرام للضرورة ومع من؟ مع الدولة، التي الأصل فيها ألا تُلجئنا إلى هذا الفعل ونحن في دولة مسلمة وأهلها مسلمون وسبل الحلال متيسرة وما أكثر البنوك الإسلامية الموجودة فيها. لماذا أغفلت الدولة هذا الأمر مع قروض الإسكان، أليس من حق كل مواطن ونحن في دولة مسلمة ألا يتعامل مع ما يخالف الشرع وألا يُدفع إليه جبراً عنه؟! ألم يكن بوسع المسؤولين أن يراعوا الشريحة الكبرى من أهل قطر الذين يراعون الحلال والحرام والبعد عن الشبهات؟! ألم يكن بمقدورهم أن يفتحوا منفذاً شرعياً للانتفاع بقروض الإسكان بدلا من وضع نسبة ربوية عليها؟!
كانت هذه القروض في السابق قروضاً حسنة لا زيادة عليها، بل كانت الدولة تتحمل جزءاً من القرض فلا يدفع المنتفع إلا 480 ألف ريال، فأصبحنا الآن ندفع 606 آلاف ريال أي بزيادة 126 ألف ريال.
نحن لا نطالب بأن تقوم الدولة بتحمل جزء من القرض -وإن كنا نتمنى ذلك- وكذلك لا نمنعها أن تنتفع بشيء من القرض، ولكن ما نطلبه -وهو بيت القصيد وهو ما نتمنى أن توصله للمسؤولين- بأن يكون هذا الانتفاع مباحاً شرعاً أي بعقود شرعية بين البنك وبين المنتفعين بالقرض.
ونحن لا نطالب بأن يقوم البنك بفتح فرع إسلامي -وإن كنا نتمنى ذلك- ولكن ألا يقدروا على أن يصيغوا عقوداً شرعية للمنتفعين بالقرض كعقود الاستصناع وبنسب أرباح تماثل نسب الفوائد الربوية التي وضعوها».
انتهت الرسالة... ومنا للمسؤولين عسى أن نجد حلاً يستفيد منه جميع المواطنين.
عبد اللطيف عبد الله آل محمود
رئيس تحرير جريدة الشــــرق
تاريخ النشر:يوم الثلاثاء ,13 مايُو 2008 1:59 أ.م.
المصـــــــدر