دفتريوس: أبعد من العقارات.. التعليم والصناعة بحاجة لمال الخليج

1501 (GMT+04:00) - 26/05/08

جون دفتريوس يدير إحدى جلسات منتدى الاقتصاد العالمي


الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته من شرم الشيخ، حيث حضر منتدى الاقتصاد العالمي الذي استضافه هذا المنتدع المصري، وتابع كيف تتوجه أنظار العالم نحو الطريقة التي تعتزم دول الخليج عبرها إنفاق ثرواتها فقال:

عالم تحركه "الخانات الثلاث"

وصف رئيس حكومة سابق منتدى الاقتصاد العالمي الذي انعقد في منتجع شرم الشيخ المصري مؤخراً، على أنه حدث ينقسم إلى ثلاثة أقسام، يتألف الأول من مباحثات خاصة عالية المستوى، بينما يقوم القسم الثاني على بناء علاقات عامة، في حين ينحصر القسم الثالث، وهو الأكبر، "على أمور مسرحية."

وأردف رئيس الوزراء السابق، الذي تحدثت إليه في سهرة مشتركة على هامش المنتدى "الأمور المسرحية جيدة.. لكن يجب أن تظل محدودة."

ويبدو هذا الوصف دقيقاً في الواقع لما شهده المنتدى الأسبوع الماضي.

لكن كان هناك الكثير للتحدث عنه خلال استراحات القهوة السريعة في المنتدى، وأبرزه ما أسرّه لي المدير التنفيذي لأحد الأجهزة الاستثمارية الخليجية، عن رغبته في أن تسير الأمور وفق ما هو مخطط لها هذه المرّة، وأن تستفيد المنطقة من "نعمة الخانات الثلاث."

واستمر الحديث بيننا، فحاولت أن أناور لمعرفة حقيقة "الخانات الثلاث" التي تحدث عنها، لكنني عجزت عن انتزاع الحقيقة بهذه الطريقة، فاعترفت له بغموض هذا التعبير وفشلي في فهمه، فرد بابتسامة واسعة قائلاً: "إنه النفط عندما يتجاوز مستوى 100 دولار.. وهذا هو الحاصل حالياً.. يمكننا القيام بالكثير بفضل هذه الخانات الثلاث."

من جهتي، لا يوجد لدي أدنى شك في ما قاله هذا المسؤول الاقتصادي الخليجي، فبعد عقدين من تغطية اجتماعات منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" وزيارة دول المنظمة الممتدة من هذه المنطقة إلى خليج المكسيك، بات من الواضح أمامي أن كلفة استخراج برميل النفط من آبار الخليج وطرحه في الأسواق لا تتجاوز أربعة أو ستة دولارات، مما يترك لهذه الدول هامش ربح يفوق 120 دولاراً بأسعار اليوم.

الإنفاق الذكي

ورغم أن دول الخليج كانت سعيدة بمراقبة عوائدها القياسية تتزايد بفعل النفط، إلا أنها كانت تدرك أيضاً بأن أنظار العالم تتوجه إليها لمراقبة الطريقة التي ستعتمدها لإنفاق هذه الثروة.


ومما لا شك فيه أن الموضوع تصدر جدول أعمال منتدى الاقتصاد العالمي، بل وبرز قيام عدد من المسؤولين من دول عربية غير نفطية بطرح هذا الملف علانية خلال الجلسات.

وكان رئيس الوزراء المصري، أحمد نظيف، قد تطرق إلى هذا الموضوع، فقال إن أحداً لا يمكنه إرغام رؤوس الأموال على التوجه نحو مناطق أو قطاعات لا ترغب بالاستثمار فيها، غير أنه عاد فشدد، وهو الساعي لجذب الاستثمارات إلى بلاده، على وجود فرص كبيرة في المنطقة، على المستويات الصناعية والتعليمية وتعزيز البنية التحتية.

من جهتها، كانت ريم بدران، المديرة التنفيذية للشركة الأردنية الكويتية القابضة، أكثر وضوحاً في تطرقها إلى هذه النقطة، فقالت إن الخليج يمتلك فرصة استغلال ثروته لمساعدة الدول الأفقر على ردم الهوة التي تفصله عنها ومساعدتها على الازدهار.

وفي الواقع، فإن دول الخليج الست الثرية بدأت تضخ الكثير من الأموال في مشاريع التطوير العقاري بشمال أفريقيا، ولكن المطلوب زيادة الإنفاق على مشاريع بناء المصانع والمدارس.

أما الموضوع الثاني البارز على جدول أعمال المنتدى، فكان تنمية القدرات البشرية، وخلال الجلسة الختامية التي أدرتها شخصياً، تحدّث رجال وسيدات الأعمال الذين حاورتهم عن وجود ضرورة ملحّة للقيام بالمزيد في هذا الإطار.

فرغم أن أموالا طائلة تُنفق بالفعل على التعليم، إلا أن رجال الأعمال يعترفون بالحاجة إلى القيام بالمزيد، وضمان أن المهارات الموجودة في المنطقة قادرة على ارتياد الجامعات والمدارس المتخصصة، لأن الفشل في تحقيق ذلك سيؤدي إلى مواصلة الاعتماد على الخبرات الأجنبية، وهو أمر مقلق إذا عرفنا أن 100 مليون شخص سيبحثون عن وظائف في المنطقة خلال العقد المقبل.

وأنا لا أرى دافعاً أكبر من هذا لاستغلال "الخانات الثلاث" بصورة حكيمة.