اعتبر ارتباط العملات بالدولار زواجا غير متكافئ
جناحي: تآكل الطبقة الوسطى في الخليج بسبب التضخم واحتكار "النخبة" للثروة



المنامة –مازن النسور

دعا المصرفي البحريني خالد جناحي دول مجلس التعاون الخليجي إلى فك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي، أو على الأقل تعديل سعر صرفها؛ لتخفيف وطأة الضرر من هذا "الزواج" غير المتكافئ.

وبين لـ"الأسواق.نت" في حديث خاص أن "الارتباط الخليجي بالدولار أمر تفرضه عوامل اقتصادية رئيسة، يأتي في مقدمتها اعتماد هذه الدول على البترول المسعر بالدولار، لكنه عامل بدأ يفقد أهميته بعد تراجع قيمة العملة الأمريكية".

وأضاف جناحي الذي يرأس مجلس إدارة بنك الإثمار، ودار المال الإسلامي: إن "نظرة تشاؤمية، تتوقع أن يستمر تراجع الدولار، الأمر الذي سيعرض الاقتصاد الخليجي لخسائر كبيرة"، مشيرا إلى أن "الفوائض الهائلة التي تجنيها دول الخليج من فورة أسعار النفط ليست حقيقية جراء انخفاض القيمة"، ولم يستبعد جناحي أن تصل أسعار النفط إلى 500 دولار للبرميل، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بالأجيال القادمة، وضمان حياة كريمة لها.

وعارض جناحي من يقولون: إن "فك الارتباط سيتسبب في خسائر إضافية؛ لأن خسائر الانخفاض المتتالي للدولار أكبر بكثير". وحول عملة خليجية موحدة قال: "أتمنى أن تطلق العملة في موعدها المحدد بحلول 2010، (...) لكنني بصراحة لا أتوقع أن يرى المشروع النور في هذا التاريخ".


الطبقة الوسطى تتضاءل


وعلى صعيد منفصل، قال جناحي: إن "الطبقة الوسطى في المنطقة تضاءلت بسبب التضخم واحتكار الثروة من قبل من هم أوفر حظا، سواء كان ذلك في دول الخليج الغنية بالنفط، أو الاقتصاديات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط ككل".

وأضاف: إن "الثراء يتم خلقه حاليا في الطبقات العليا؛ الأمر الذي يحرم كثيرا من الناس من الحصول على حصتهم، وبالتالي لا يستطيعون تحمّل أعباء الحياة، (...) فالطفرة النفطية في السنوات الخمس الماضية قضت على الطبقة الوسطى بطريقة ما".


الصناديق السيادية

وتساءل جناحي عن أسباب الاستثمار في شركات ومؤسسات أجنبية، في الوقت الذي توفر فيه المنطقة الكثير من الفرص، في إشارة إلى استثمارات هيئة أبوظبي للاستثمار -أكبر صندوق ثراء سيادي عالمي- في بنك "سيتي جروب" الذي واجه العديد من المشاكل.

وأشار إلى أن "الأسواق الدولية أثارت ضجة حيال الصناديق السيادية الخليجية التي لم تلق ترحيبا، رغم أنها جاءت في وقت مناسب لإنعاش الاقتصاد العالمي عامة والأمريكي خاصة".

وأوضح أنها "تواجه اتهامات وقلقا في أوروبا والولايات المتحدة اللتين قالتاها صراحة، وغيرتا مفهوم الترحيب بالاستثمار مهما كانت جنسيته، وقد تكون صفقة موانئ دبي خير دليل على ذلك".

وبين جناحي أن "دول الخليج تحصد فوائد ارتفاع أسعار النفط، لكنها بحاجة إلى استثمار المزيد في مجتمعاتها للمحافظة على النمو الكبير. ففي الوقت الذي تضاعفت فيه العوائد النفطية 5 مرات فإن دول الخليج أنفقت نحو 1.5 تريليون دولار في الأسواق العالمية وعلى الشركات والعقارات".

لكنه عاد ليؤكد أن "دول الخليج تعمل على تنويع اقتصادياتها بعيدا عن النفط والغاز في قطاعات مثل: السياحة، والخدمات المالية، لكن يجب عليها تسريع عملية التغيير، كما أن عليها إضافة الاستثمار في التعليم إلى هذه الحزمة".


عدم تكافؤ الفرص

ونوه جناحي إلى "وجود مشكلة رئيسة في العالم العربي تتمثل في عدم تكافؤ الفرص، وهو ما لا يمنح العرب إمكانية الاستفادة من الطفرة الاقتصادية الهائلة التي تعم العالم أجمع".

وأكد جناحي على أهمية الاستثمار بالإنسان للحفاظ على بقاء البحرين مركزا ماليا عالميا في ظل المنافسة الشديدة التي تواجهها من بعض دول المنطقة، فضلا عن أهمية التسويق لها خارجيا، وهو أمر اعتبره يقع على عاتق الجميع، سواء القطاع الخاص أو العام.

وبين أن "على البحرين عدم الاعتماد على أنها مركز مالي، والتوقف عند هذه النقطة، بل يجب عليها مراقبة ومواكبة التطور الذي يحدث على مستوى العالم، وتطويع نفسها خاصة فيما يتعلق بالقوانين والأنظمة، وأن تضع نصب أعينها ليس الوصول إلى ما وصلت إليه الدول بل أن تتعداه".


انتقاد سوق البحرين المالية


واعتبر جناحي البورصة البحرينية ضعيفة، وهي الأقل من حيث حجم التداول وتوجه المستثمرين نحوها على مستوى الخليج"، مؤكدا أنها "في حالة تراجع قياسا بنظيراتها في المنطقة، (...) فتعاملاتها محدودة".

وبين أن "المتتبع لبورصات الخليج يلاحظ الفرق، فهي تنمو بوتيرة سريعة تتماشى مع حجم السيولة وانتعاش الاقتصاد، وهو ما لا يحدث في البحرين، حيث لا تسعى الشركات إلى الإدراج فيها"، موضحا أن الأنظمة المتطورة والرقابة الجيدة لا تكفي". وقال جناحي: إن "السوق كذلك تفتقر إلى الاكتتابات الأولية على الرغم من وجود عدد كبير من الشركات والبنوك".

وتابع: إن "معظم الذين يدخلون السوق البحرينية في نيتهم الانتظار حتى نهاية العام، والحصول على الأرباح السنوية، فهم لا يتملكون بهدف الاتجار، (...) كذلك هناك بعض المؤسسات المدرجة في البورصة مملوكة لأشخاص ما يعني أنها مقفلة، أي استثمار طويل الأمد، وهي أمور تضعف من البورصة".

لكن هناك بعض الإجراءات التي لها أن تنهض بالبورصة المحلية، فمثلا عندما قامت الحكومة ببيع حصتها في شركة عقارات السيف، أثر ذلك بشكل إيجابي على السوق، فمشروعات الخصخصة تعتبر دافعا للسوق.


الصيرفة الإسلامية


وفيما يتعلق بمستقبل الصيرفة الإسلامية، قال جناحي: إنه كلما زادت المنافسة تحسن الوضع، وعندما نتذكر عقد السبعينيات والثمانينيات، حيث كان الجميع يقول إن الصيرفة الإسلامية لن تعيش أكثر من 6 أو 7 سنوات، لكن الذي حدث كان العكس تماما، فكثير من المؤسسات التقليدية بدأت بعمل وحدات خاصة لهذه الصناعة، أو إنشاء شركات مستقلة تابعة لهذه الغاية، (...) فمثلا "سيتي بنك" لديه بنك مستقل يعمل في هذا المجال، وكذلك "يو بي إس"، والبنك الإسلامي البريطاني، وغيرهم، وحتى أوروبا وأمريكا بدأت تتنبه لهذه الصناعة، فهم أيقنوا أن هناك طلبا على المنتجات الإسلامية، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.

وحول تركيز الصيرفة الإسلامية على قطاع العقارات دون غيره، بين أن "السوق تؤخذ بحسب حاجتها، فالمنطقة الخليجية اليوم عبارة عن عقار وأسهم، لذا فالحاجة تولد المنتج".

وزاد: "لكن للأسف لا توجد قطاعات أخرى يمكن لها أن تكون فاعلة، لذلك الأسواق في حاجة إلى قطاعات لها علاقة بالاختراع والإبداع كالتكنولوجيا، بما يفتح المجال أمام الاستثمار بالإنسان، وهو أمر يجب الاهتمام به بشكل أكبر".


مجموعة الإثمار

وكشف جناحي عن نية بنك الإثمار ومن خلال شركته التابعة "الإثمار للتطوير العقاري" استثمار ما لا يقل عن 4 مليارات دولار في مشروعات سياحية وعقارية وصحية خارج البحرين.

وكان البنك أطلق العام الماضي استثمارات تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار لتنفيذ 3 مشاريع عقارية وصحية وفندقية في البحرين، هي مجموعة سراي، والجزيرة الصحية "دلمونيا"، وتطوير بلاج الجزائر، على أن يبدأ تنفيذ هذه المشاريع العامَ الجاري، بمشاركة عدد من المساهمين الاستراتيجيين من داخل وخارج المملكة.

وبين جناحي أن "الجزيرة الصحية ستضم لاحقا سلسلة جزر مشابهة ستنفذ في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وشرق أسيا". ومن المقرر أن تبدأ الشركة استراتيجيتها بتأسيس "دلمونيا المغرب" في المغرب، و"دلمونيا سنغافورة"، و"دلمونيا ماليزيا" هذا العام.

كما أطلق "إثمار" -من خلال شركته التابعة "الإثمار للتطوير" في شهر مايو/أيار الماضي وبالتعاون مع مجموعة الصفاة الكويتية- صندوقا عقاريا استثماريا برأسمال 500 مليون دولار، يستهدف مشروعات عقارية مباشرة في أمريكا اللاتينية، يقدر حجمها بـ2.5 مليار دولار.

وقال جناحي: إن "أسواق أمريكا اللاتينية واعدة، وهي متعطشة للمشروعات، متوقعا أن يبلغ العائد على هذه الاستثمارات بين 25% و40%".

وتضم مجموعة الإثمار العديد من المؤسسات، أهمها -إضافة إلى البنك- شركة سوليدرتي للتأمين التكافلي، وبنك فيصل المحدود (باكستان) الذي يقدم خدمات الأعمال المصرفية التجارية والخدمات المصرفية للأفراد، وبنك فيصل الخاص (سويسرا) الذي يقدم خدمات إدارة الثروة والاستثمار المصرفي، إضافة إلى شركة التطوير العقاري.