فتاوى أئمة العصر في أحكام زكاة الفطر
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: عبد العزيز بن باز- رحمه الله- شريط رقم: (١٢٥)
السائل: ما حكم زكاة الفطر؟ وما هو الأفضل الأرز أم القمح أم خلافه؟
الشيخ: زكاة الفطر سنة واجبة؛ فريضة، ويجب إخراجها قبل العيد، والأفضل يوم العيد قبل الصلاة، وإن أخرجها قبل العيد بيوم أو يومين لا بأس؛ من قوت البلد، صاع من قوت البلد؛ رز أو شعير أو تمر، من قوت البلد.
والأفضل: الأنفع والأغلى، كلما كان أغلى وأنفع فهو الأفضل.
من سلسلة الهدى والنور لسماحة الإمام: محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله- شريط رقم: (٢٧٤)
السائل: عند نهاية شهر رمضان يكثر الجدل حول زكاة الفطر؛ ففي ناس يجدوها أنه من السهل أنهم يخرجوها نقداً، وفيه بعض الأئمة يقولوا لازم تخرج من غالب قوت الناس، فما الرأي؟
الشيخ: لا شك أن الأولين مخطئون؛ الذين يقولون بجواز إخراج صدقة الفطر نقوداً هم مخطئون؛ لأنهم يخالفون نص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يرويه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقِط" فعين الرسول عليه السلام هذه الفريضة التي فرضها الرسول عليه السلام ائتمارا بأمر ربه إليه، ليس نقوداً وإنما هو طعام مما يقتاته أهل البلد في ذلك الزمان.
ومعنى هذا الحديث: أن المقصود به ليس هو الترفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسون الجديد والنظيف و.. و.. إلى آخره.. وإنما هو إغنائهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم وفي ما يليه من الأيام بعد العيد، وحين أقول بعد العيد فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد، وأما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقاً؛ فعيد الفطر هو يوم واحد، وعيد الأضحى أربعة أيام.
فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعهود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قصرت.
فحينما يأتي إنسان ويقول: لا، نخرج القيمة هذا أنفع للفقير!! هذا يخطئ مرتين:
المرة الأولى: أنه خالف النص، والقضية تعبُّدية، هذا أقل ما يقال.
لكن الناحية الثانية خطيرة جداً؛ لأنها تعني أن الشارع الحكيم -ألا وهو رب العالمين- حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة مش داري هو ولا عارف مصلحة الفقراء والمساكين كما عرفها هؤلاء الذين يزعمون بأن إخراج القيمة أفضل!!
لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل، وكان الإطعام هو البدل؛ لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته؛ إن كان بحاجة إلى طعام اشترى الطعام، إن كان بحاجة إلى شراب اشترى الشراب، إن كان بحاجة إلى ثياب اشترى ثياب فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام!!
إذاً له غاية؛ ولذلك حدد المفروض؛ ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره.
فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد هذا اتهام للشارع بأنه لم يحسن التشريع لأن تشريعهم هم أفضل وأنفع للفقير، هذا لو قصده كفر به، لكنهم لا يقصدون هذا الشيء، ولكنهم يغفلون فيتكلمون بكلام هو عين الخطأ.
إذاً: لا يجوز إلا إخراج ما نص عليه الشارع الحكيم، وهو طعام على كل حال.
وهنا ملاحظة لا بد من ذكرها:
لقد فرض الشارع أنواعاً من هذه الأطعمة لأنها كانت هي المعروفة في عهد النبوة والرسالة، لكن اليوم وجِدت أطعمة نابت مناب تلك الأطعمة، فاليوم لا يوجد من يأكل الشعير، بل ولا يوجد من يأكل القمح والحب؛ لأن الحب يتطلب شيئاً آخر، وهو أن يوجد هناك الطاحونة (الجاروشة) ويتطلب أن يوجد مع الجاروشة تنور صغير أو كبير، كما هو لا يزال موجوداً في بعض القرى، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك المهجور فيجب حينئذ أن نخرج البديل من الطعام- وليس النقود- لأننا حينما نخرج البديل من الطعام سرنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروف في ذلك الزمان، أما حينما نقول نخرج البديل وهو النقود وَرَدَ علينا أن الشارع الحكيم ما أحسن التشريع؛ لأننا نقطع جميعاً على أن النقود هي أوسع استعمالاً من نوعية من الطعام، لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعاماً ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم حينئذ لازم (نحط) طعام بديله، بديله مثلاً الرز؛ أي بيت يستغني عن أكل الرز؟! لا أحد، لا فقير ولا غني، إذاً (بنطالع) بدل القمح الرز، أو بنطالع السكر مثلاً، أو برغل، أو نحو ذلك مما هو طعام.
يوجد في بعض الأحاديث: "الأقِط" والأقط هو الذي يسموه "الجميد" اللبن المجمد، ممكن الإنسان يطالع من هذا الطعام، لكن حقيقةً بالنسبة لنا نحن في سورية في العواصم مش معروف الجميد، لكن في كثير من القرى معروف، فإذا أخرج الإنسان جميداً لبعض الفقراء والمساكين (ماشي الحال تماماً) بس هذا يحتاج إلى شيء من المعرفة أن هذا الإنسان يستعمل الجميد أو لا؛ لأن الذي أراه أنه يغلب استعماله.
كذلك منصوص في بعض الأحاديث: "التمر" لكن أعتقد أن التمر في هذه البلاد لا يكثر استعماله كما يستعمل في السعودية مثلا فهناك طعام ومغذي، وربما يقيتهم ويغنيهم عن كثير من الأطعمة.
المهم: الواجب ابتدائاً وأصالةً إخراج شيء من هذه الأنواع المنصوصة في نفس الحديث، ولا يُخرَج إلى طعام آخر كبديل عنه إلا إذا كان لا يوجد حوله فقراء ومساكين يأكلون من هذا الطعام الذي هو مثلاً كما قلنا: الأقط" الجميد" أو التمر، كذلك الزبيب مثلا؛ الزبيب عندنا يُأكل لكنه ما هو طعام اليوم يُدَّخر ويقتاتون به، فالأحسن - فيما نعتقد والله أعلم- هو إخراج الأرز ونحو ذلك مثل - ما قلنا- البرغل والفريكة فهذه أقوات يأكلها كل الطبقات من الناس.
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: عبد العزيز بن باز- رحمه الله- شريط رقم: (٨٥ )
السائل: إذا أراد صاحب زكاة الفطر أن يدفع نقوداً بدلاً من القمح والشعير وغيره، فهل هذا جائز أم لا؟
الشيخ: هذا لا ينبغي لا، الذي عليه جمهور أهل العلم أن الذي يزكي به الطعام، ولا يزكي بالنقود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج طعاماً وهكذا أصحابه، وهكذا عامة أهل العلم وأكثرهم، فلا ينبغي إخراج النقود، بل يجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، هذا هو الواجب.
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- شريط رقم: (٢٨۰)
السائل: هل تجوز زكاة الفطر نقدا أم لا، وما مقدارها من الحبوب ؟
الشيخ: لا تجوز زكاة الفطر نقداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها من التمر والشعير؛ كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير" وقال أبو سعيد الخدْري:"كنا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط" أربعة أصناف، فهي أعني زكاة الفطر لا تجوز إلا من الطعام، ولا يجوز إخراجها من القيمة ولا من اللباس ولا من الفرش ولا أن يبنى بها مساكن للفقراء، بل يجب أن تخرج مما فرضه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الطعام.
ولو كانت القيمة معتبرة لم تكن الأجناس مختلفة؛ إذ أن صاعاً من الشعير قد لا يساوي صاعاً من التمر أو لا يساوي صاعاً من البر أو ما أشبه ذلك، وعلى هذا فالواجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، وكل أمة طعامها قد يختلف عن الأمة الأخرى.
وهذه القيمة التي تريد أن تدفعها اشتري بها طعاماً وأخرجه، وتسلم وتبرأ بذلك ذمتك.
ونحن لا ننكر أن بعض العلماء قال يجوز إخراجها من القيمة، ولكن المرجع عن النـزاع إلى ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإذا علمنا أن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام إخراج زكاة الفطر من الطعام فلنستمسك بهذه السنة.
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- شريط رقم: (٣٧٥)
السائل : في بلدنا نقوم بإخراج زكاة الفطر على شكل نقود وإذا أردنا أن نخرج مما سنَّه الرسول صلى الله عليه وسلم من بر أو شعير أو أرز قد لا نجد من يأخذ منا ذلك فوجهونا مأجورين ؟
الشيخ: إخراج زكاة الفطر نقوداً غلط، ولا يجزئ صاحبه، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:{من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} أي مردود عليه، وثبت في البخاري وغيره عن ابن عمر قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير" فرضها صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، والفرض يعني الواجب القطعي.
لكن بعض أهل العلم رحمهم الله جوَّز أن يخرجها من النقود! فمن قلد هؤلاء وأخرج فهي مجزئة إذا كان لا يعلم الحق في هذه المسألة، وأما من علم أنه لا بد أن تكون من الطعام، ولكنه أخرج النقود لأنها أسهل له وأيسر فإنها لا تجزئه.
من سلسلة الهدى والنور لسماحة الإمام: محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله- شريط رقم: (٣١٧)
السائل: بالنسبة للذين يجوِّزون إخراج صدقة الفطر مالاً يقولون بأن الإمام أبى حنيفة- رحمه الله- أجاز ذلك، علماً أن ذلك يخالف صريح أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، فماذا يقال لهم؟ يقولون إن الإمام أبي حنيفة حجة!!!!!! فماذا نقول لهؤلاء؟
الشيخ: نقول لهؤلاء:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}.
هي المشكلة مع هؤلاء الناس أنهم لا يعرفون قيمة الكتاب والسنة، وأقل ما أقول: لا يعرفون قدر الكتاب والسنة كما يعرفون قدر الأئمة، ثم هم ينظرون إلى مذاهب الأئمة الأربعة كشرائع أربعة، فيجوز للمسلم أن يأخذ من أي شريعة من هذه الشرائع الأربعة أو من أي مذهب من هذه المذاهب الأربعة!! ولذلك فأمثال هؤلاء بحاجة إلى محاضرة يلقيها الإنسان عليهم ويفهمهم ما هو الدين هل الدين قال فلان وفلان؟ أو الدين كما قال ابن القيم - رحمه الله-:
العلمُ قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويهِ
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً بين الرسول وبين رأي فقهِ
كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذراً من التعطيل والتشبيهِ.
فالشاهد: يجب أن يُفهَّم هؤلاء أن الأمر يعود في كل مسألة اختلف فيها العلماء والفقهاء إلى ما قال الله وإلى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يتبع ذلك بأن نقول: هناك أحاديث تقول بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فرض صدقة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب" وحديث آخر من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فرض صدقة الفطر طُهرة للصائم وطُعمة للمساكين" المقصود بهذه الصدقة هو الإطعام بنص هذا الحديث، فيُلفَت نظرهم إلى هذا الحديث وذاك الحديث، الحديث الأول يفصل نوع الطعام الذي فُرض فيه صدقة الفطر، والحديث الثاني يُلفت النظر إلى الحكمة من شرعية صدقة الفطر، فهي لها شعبتان.
هذه الحكمة لها شعبتان:
إحداهما: تتعلق بالمزكي. والأخرى تتعلق بالفقير.
فبالنسبة للحكمة الأولى تقول: " طهرة للصائم" هذه الصدقة طهرة للصائم.
وبالنسبة للأخرى: "طعمة للمساكين".
فأنت لما تعطيه نقداً ما أطعمته، وكما يتوهم كثير من الناس وقريبا جرى بيني وبين أحدهم نقاش، يقول - مستحسناً مقدماً الرأي والعقل على النقل- يقول نحن إذا أعطينا الفقير المال فهو يتوسع فيه يشتري ثياب لأهله لأطفاله.. إلى آخره!!.
فنحن قلنا له: يا أخي المقصود من هذه الصدقة ليس ما هو المقصود من الصدقة من زكاة السنوية التي تجب بشروطها المعروفة منها النصاب، فينبغي أن يخرج إما من الذهب وإما من الفضة، هنا ليس الأمر كذلك؛ لأن ليس المقصود التوسعة العامة في كل شيء على الفقير، وإنما المقصود توسعة خاصة، وهي في الطعام، وليست هذه التوسعة خاصة في يوم العيد-لأنه هو يوم واحد- وإنما التوسعة أيضاً لما بعد يوم العيد، وهذا هو الذي يقع حينما يتوفر عند الفقراء والمساكين آصُع من هذا الطعام الذي فرضه رب العالمين على لسان نبيه الكريم، فيصبح غنياً - نوعاً ما- شهور وربما أكثر من ذلك على حسـب ما ربنا عز وجل أرسل إليه من
الصدقات، هذه الصدقة ليس المقصود بها إلا التوسعة على الفقراء في طعامهم فقط، ولذلك فإذا فهَّمنا هؤلاء وكان عندهم استعداد لأن يتجردوا من شيئين:
أولاً: العصبية المذهبية؛ لأن الذي يقول لك إن مذهبي حنفي وإمامي يقول هكذا، وإمام وعالم.. إلى آخره، فهذا من الصعب أن نجرده من هذه العصبية المذهبية إلا بالمتابعة والملاحقة وبالتي هي أحسن.
كما نجرده من إتباع الهوى: لأن كثير من الناس لا يكونون حنفيي المذهب وإنما يرون برأيهم وبعقلهم أن مذهب أبي حنيفة أنسب في هذا العصر! فيتركوا مذهبهم لمذهب من يخالفونه في المائة تسعة وتسعين إلا في هذه المسألة !
فيأخذون برأي الإمام أبي حنيفة لأنه وجد هوىً في نفوسهم.
فإذاً نحن علينا أن نربي الناس:
أولاً: عن التجرد عن التعصب المذهبي.
وثانياً: عن إتباع الهوى؛ لأن إتباع الهوى مَضَلَّة.
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- شريط رقم: (٥٢)
السائل: يسأل عن مقدار زكاة الفطر وأنسب وقت لتوزيعها على الفقراء؟ وهل يُلزم رب العائلة بإخراج حصة من يسكن معه في البيت من أبنائه إذا كان كبيراً أو متزوجاً ويعمل بنفسه وعائلته أم رب العائلة ملزم فقط بإخراج حصة من يعيله من النساء والأولاد غير البالغين؟ ولكم مني جزيل الشكر.
الشيخ: نقول: مقدار زكاة الفطر صاعٌ من طعام، بالصاع النبوي، الذي زنته كيلوان وأربعون غراماً، يعني حوالي كيلوين وربع من الرز أو غيره من طعام الناس، هذا مقدار زكاة الفطر، ولا يجوز إخراجها من غير الطعام لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من تمر أو شعير، وكان ذلك الوقت هو طعامهم، كما قال أبى سعيد:"كان طعامنا يومئذ الشعير والتمر والزبيب والأقط".
ولو يكن البر شائعاً كثيراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يأتي فيه نصٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كثر في عهد معاوية رضي الله عنه جعل نصف صاع منه يعدل صاعاً، ولكن أبى سعيد خالفه في ذلك وقال: " أما أنا فلا أزال أخرجه- أي الصاع- كما كنت أخرجه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب مع أبي سعيد رضي الله عنه.
أنه صاع من أي طعام كان.
وأما بالنسبة للوقت المناسب لإخراجها: فإنه صباح العيد قبل الصلاة؛ لأن ذلك وقت الإنتفاع بها؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يروى عنه:{أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم}.
ولكن مع ذلك يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز إخراجها قبل ذلك.
وأما إخراجها عمن يَمُونُه من الأولاد فهذا ليس بلازم، وإنما هذا على سبيل الإستحباب فقط، وإلا فكل إنسان مطالب بما فرض الله عليه؛ لقول ابن عمر:" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين". ولكن إذا أخرج رب العائلة الفطرة عنهم جميعاً وهم يشاهدونه ووافقوا على ذلك فلا حرج عليه ولا عليهم في ذلك.
من فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام: محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- شريط رقم: (١٤٩)
السائل: أعمل موظفة في التعليم ووالدي يُخرج عني زكاة الفطر عن كل عام، وعلمت أخيراً أن من يتقاضى راتباً معينا يمكنه إخراجها عن نفسه، علما بأنني عملت لمدة سنوات فهل علي ذنب في عدم إخراجها بنفسي ومن مالي؟ وإن كان كذلك فماذا أفعل؟ أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.
الشيخ: الأصل فيما فرضه الله على عباده أن يكون فريضةً على العبد نفسه لا على غيره، ومن ذلك زكاة الفطر؛ فإنها واجبة على الإنسان نفسه لا على غيره، لأننا لو أوجبناها على غيره لحملناه وزرها إذا تركها، فنكون مُحمِّليه لوزر غيره، وقد قال الله تعالى:
{ولا تزر وازرة وزر أخرى} فالإنسان مخاطبٌ بنفسه أن يؤدي صدقة الفطر عنها.
ولكن إذا كان له والد أو أخ كبير أو زوج وأخرجها عنه وهو راض بذلك فلا حرج عليه، وعلى هذا يحمل ما ورد عن السلف في ذلك، فما دمتِ قد رضيتي بأن يخرج والدك زكاة الفطر عنك فلا حرج عليك، حتى وإن كان لك دخلٌ من راتب أو غيره.