المركز الديبلوماسي : صندوق النقد يتوقع وصوله إلى %18 خلال العام الجاري
الكويت تسعى لكبح التضخم لكنه يبقى مرتفعاً عند مستويات قياسية في 2008







رصدت دراسة صادرة عن المركز الديبلوماسي للدراسات الاستراتيجية تنامي معدلات التضخم في الكويت لمستويات قياسية مقترحة آليات لكبح فورة التضخم تتمثل في تشجيع الاتفاق الاستثماري عن مثيله الجاري واطلاق مشاريع تنموية واقرار قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار إلى جانب الاعفاء الجمركي وخلق قنوات تمويل ميسرة وتحرير قطاع العقارات والاسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة مشيرة الى انه ورغم كل الجهود المبذولة لكبح التضخم في الكويت إلا أنه سيبقى ضمن معدلات مرتفعة خلال 2008.

وأوضحت الدراسة التي حصلت »الوطن« على نسخة منها ان الكويت شهدت ارتفاعات مستمرة في المستوى العام للأسعار، ووصلت إلى أكثر من %11 في يوليو 2008 جراء ارتفاع أسعار السكن، حيث تستهلك خدمات السكن بمفردها نحو %27 من ميزانية الأسرة في المتوسط العام، يليه السلع والخدمات المنزلية، إضافة إلى الخدمات التعليمية والصحية، وفي المرتبة الثالثة المواد الغذائية والمشروبات والتبغ، وتوقَّع صندوق النقد الدولي استمرار ارتفاع معدل التضخم ليبلغ نسبة %18 في عام 2008.

لذا فقد تضافرت الجهود المبذولة للحد من التضخم خاصة التي بذلها البنك المركزي الكويتي (الجهة المسؤولة عن اتباع السياسة النقدية)، ويقوم البنك باستخدام أدواته النقدية التي تتمثل أهمها في سعر الفائدة وسعر الصرف، بجانب تشديده على التوسع في الائتمان خاصة في مجالي العقار والبورصة، ووزارة التجارة والصناعة (الجهة المنوط لها اتباع السياسة المالية والتجارية)،

وقالت الدراسة ان البنك المركزي الكويتي يستخدم أدوات السياسة النقدية لتنظيم مستويات السيولة داخل القطاع المصرفي، بجانب تحقيق الاستقرار النسبي في المستوى العام للأسعار، وتتمثل أهم تلك الأدوات في سعر الفائدة وسعر الصرف، فبالنسبة لسعر الفائدة، فقد قام البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة فيما بين البنوك عن طريق سحب السيولة من السوق، مما يزيد من تكاليف الاقتراض على الشركات في وقت يحرص فيه البنك المركزي على معالجة التضخم، واستجابة لسبعة تخفيضات في سعر الفائدة الأمريكية منذ 18 سبتمبر 2007 بلغ نحو 300 نقطة أساس، خفضت الكويت سعر الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس، وخفضت سعر الخصم الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس، أما فيما يتعلق بتطورات أسعار الفائدة على ودائع العملاء، فإن عمليات سحب الأموال من الودائع قد دفعت بالبنوك مجددًا إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع. فخلال شهر يونيو ارتفعت أسعار الفائدة على الودائع لأجل 3 أشهر وأكثر ما بين نقطة واحدة و7 نقاط أساس، وقد بلغ متوسط أسعار الفائدة على الودائع لأجل شهر واحد و3 أشهر و6 اشهر و12 شهرًا نحو %3.39و %3.52 و %3.76 و 3.87 على التوالي.

ومن جانب آخر، يتسم سعر صرف الدينار بالمرونة، فمنذ مارس 1975 حتى يناير 2003 ربطت الكويت عملتها بسلة من العملات قبل أن تحصر هذا الربط بالدولار وحده في يناير 2003 وحتى مايو 2007، لكن التراجع المستمر الذي يشهده الدولار أثار المخاوف من جانب السلطات الكويتية بشأن ارتفاع معدلات التضخم، لذا ففي يوم 20 مايو 2007 عادت الكويت إلى تحديد سعر صرف الدينار على أساس سلة من العملات العالمية الرئيسية خاصة من عملات أهم الدول التي ترتبط معها دولة الكويت بعلاقات تجارية ومالية، إذ خسر الدينار ما لا يقل عن %20 من قيمته الشرائية، نتيجة لارتباطه بالدولار بمفرده، ولكن مع ربط الدينار بسلة من العملات الرئيسية الموزونة منذ مايو 2007 حتى نهاية يونيو 2008 ارتفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار بنسبة تراوحت بين 8 - %9، وقد انعكس ذلك بدوره على القوة الشرائية للدينار مقابل عملات أهم الشركاء التجاريين والماليين للدولة، والتي تُقاس بما يُعَرف بسعر الصرف الفعلي للدينار الذي سجل ارتفاعًا بلغت نسبته %1.6 في نهاية يونيو 2008 مقارنة بمستواه في 17 مايو 2007 ومن هنا يمكن القول ان إعادة العمل بنظام سلة العملات أسهم في الحد من الآثار السلبية الناجمة عن التراجع المستمر في سعر صرف الدولار الأمريكي أمام العملات العالمية الرئيسية، وأسهم بالتالي في الحد بدرجة لا بأس بها من الضغوط التضخمية المستوردة المرتبط بتراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية العالمية الأخرى. في المقابل نجم عن قرار فك الربط سلبيات ملحوظة أهمها يتمثل في أن الإيرادات النفطية مقوَّمة بالأساس بالدولار الأمريكي، ونظرًا لانخفاض الدولار بمعدل %7.5 مقابل الدينار منذ بداية فك الربط حتى 4/5/2008 فقد فقدت خزينة الدولة نحو 790 مليون دينار. ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن السياسة التي اتبعها البنك المركزي سابقة الذكر يطلق عليها السياسة النقدية الانكماشية.

هذا إلى جانب تشديد البنك المركزي على شروط الإقراض، فبالنسبة للقرار الذي جاء إثر تصاعد قضية إسقاط القروض، فقد أدخل البنك المركزي الكويتي بعض التعديلات على قواعد النظام المصرفي، خاصة تلك التي تتعلق بأعمال التجزئة المصرفية (القروض الاستهلاكية والمقسطة) - هذه التعديلات على القروض المتزايدة - والتي أصبحت سارية النفاذ يوم 30 مارس عام 2008، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:

? تقييد البنوك من ناحية منح القروض الاستهلاكية، بحيث لا يزيد القسط الشهري للقرض على %40 من راتب العميل بدلاً من السقف السابق للقسط الشهري البالغ نسبته %50.

? خفض هامش الربحية فوق سعر الخصم إلى %3 كحد أقصى مقابل %4، وتعديل طريقة احتساب سعر الفائدة بحيث يكون ثابتًا لمدة خمس سنوات من تاريخ منح القرض يتم بعدها مراجعته وتعديله بحد أقصى %2 بعد أن كانت السياسة السابقة تقضي بتغيير سعر الفائدة كلما طرأ تعديل على سعر الخصم.

حظر استقطاع الفائدة مقدمًا على القروض المذكورة، بالإضافة إلى تصنيف القروض الاستهلاكية كقروض شخصية متوسطة الأجل لأغراض التمويل الاستهلاكي (السلع، والسلع المعمرة، والتعليم، والرعاية الصحية) تسدد على أقساط شهرية في مدة أقصاها خمس سنوات. وترجع الأسباب المحتملة وراء تلك التعديلات إلى الارتفاعات المستمرة في معدلات التضخم التي تعد أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك القرار، حيث أصبحت تعليمات القروض استهلاكية مشددة من حيث تقييد قدرة البنوك على الإقراض أي بمعنى تقييد قدرة المقترض على الاقتراض.

هذا إلى جانب التعميم الأخير الذي أصدره البنك المركزي بشأن أوزان مخاطر القروض، في إطار تطبيقات معدل كفاية لرأس المال (بازل 2)، وذلك بشأن تحديد وزن مخاطر نسبته %150 للقروض الموجَّهة لتمويل النشاط العقاري (بخلاف السكن الخاص) وشراء الأسهم، التي تجيز للسلطات الرقابية رفع أوزان المخاطر لمطالب البنوك في مجالات أخرى، وتجدر الإشارة إلى أن تعليمات بنك الكويت المركزي بشأن المعيار المذكور منذ بداية صدورها في ديسمبر عام 2005، تعطي وزن مخاطر تفضيليًا بنسبة%75 للقروض المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وقد أسهم ذلك القرار في الحد من ارتفاع الأسعار، وأثرها في معدلات التضخم، وبالتالي تحد تلك الخطوة من القروض العقارية الموجهة للمضاربة، كما قد تتأثر أيضًا قروض المشروعات العقارية.

وقد صرَّح محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح بأن المتوسط السنوي لنمو الائتمان في الكويت خلال السنوات الخمس الماضية أي منذ عام 2003 بلغ حوالي %30 وهو ما يعتبر نموًا مفرطًا كانت له آثاره على مستويات التضخم، وأشار إلى أن تلك السياسات والقرارات الأخيرة للبنك المركزي سابقة الذكر أدت إلى نمو الائتمان خلال شهر يوليو 2008 بنحو %8.9 ونحو %6 لعام 2008 ككل.

- دور وزارة التجارة والصناعة:

ضمن جهود للسيطرة على ارتفاع الأسعار أصدر وزير التجارة أحمد باقر مجموعة من القرارات واللوائح والإجراءات، لعل غالبيتها إن لم يكن كلها قرارات شعبوية لا علاقة لها بحركة السوق ولا بالإنعاش التجاري ولا بما يسمي "كبح جماح ارتفاع الأسعار". وعلى سبيل المثال زيادة الحصص التموينية للمواد الغذائية، وزيادة المواد الإنشائية المدعومة مثل الحديد والأسمنت، وهي زيادة كبيرة من المؤكد أن تزداد عن حاجة البناء للوحدة السكنية، الأمر الذي سوف يستفيد المواطن من ريع بيع الكمية الزائدة في السوق السوداء، وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي الدعم المقدم للسلع والخدمات ارتفع بنسبة %32 خلال عامي (2007-2008) و(2008 - 2009) من 1.92 إلى2.53 مليار دينار، وقد استحوذ الدعم الموجَّه إلى وقود تشغيل محطات الكهرباء (1.5 مليار دينار)، حيث ان الحكومة تتحمل تكلفة الوقود بدون زيادة في إيرادات رسوم الكهرباء، كما تتحمل الحكومة نحو 312 مليون دينار لدعم المنتجات النفطية والغاز المسال، وفي جانب تكاليف المعيشة، ارتفع دعم السلع التموينية من 14،5 ملايين دينار إلى 64،8 ملايين دينار، وهناك دعم إضافي للحديد والأسمنت والطابوق والطحين، ليبلغ إجمالي دعم تكاليف المعيشة نحو 130 مليون دينار في عام 2008/2009 مقارنة بنحو 38 مليون دينار في عام 2007/2008..

وفي هذا السياق، ترأس وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة اجتماع اللجنة المنبثقة عن مجلس الوزراء لمعالجة ظاهرة الغلاء، وضمَّت ممثلين عن جهات رسمية عدة، وقد تدارس الاجتماع اقتراحًا بمنح الكويتيين "كوبون شراء" معتمدًا بمئة سلعة وبأسعار مدعومة، إضافة إلى البطاقة التموينية المعتمدة حاليًا مع زيادة الحصة التموينية، وإضافة إلى الطحين والبيض والدجاج إليها، واعتمد الاجتماع القرار الصادر بإلغاء البضائع المجانية في الجمعيات التعاونية، وأيضًا إلغاء الدفع الآجل واعتماد الشراء النقدي، وإلغاء بضاعة أول المدة وأخرها والتوالف والمرتجع، وأقرَّت اللجنة في اجتماعها أيضًا إلغاء منح إدارة أملاك الدولة تحصيل نسبة %7 التي كانت تدفعها الجمعيات التعاونية إلى المحافظات الكائنة فيها، إضافة إلى منح تحصيل نسبة %30 من قيمة الإيجارات للمحلات المؤجرة داخل الأسواق المركزية، وتحصيل هذه النسبة وتحويلها إلى دعم السلع الأساسية مرتفعة السعر، كما أقرَّ الاجتماع تجميد الرسوم الجمركية على البضائع الأساسية والغذائية الضرورية في سبيل تخفيض أسعارها.

وبناءً على ذلك، أصدر مجلس الوزراء قراره رقم (844) في هذا الشأن، وتنص أهم تلك القرارات الصادرة عن المجلس على ما يلي:

* الموافقة على تعزيز قيمة الدعم المالي الذي تقدمه وزارة التجارة والصناعة لدعم المواد الغذائية والتموينية ومواد البناء وفقًا لما تضمنه التقرير الذي رفعه الوزير وتكليف الوزارة بالتنسيق مع وزارة المالية بإعداد مشروع قانون بميزانية تكميلية لهذا القرار.

* الموافقة على إنشاء اللجنة الوطنية لحماية المستهلك، على أن تتكون الجمعية العمومية لهذه اللجنة من عشرة أعضاء من كل جمعية من جمعيات النفع العام المختصة في مجال الخدمات والسلع المقدمة للجمهور، ويحق للحكومة تعيين ما لا يزيد عن ثلث عدد الأعضاء، وتختص اللجنة بإبلاغ الجهات ذات الصلة بما يضر المستهلك، وإجراء الأبحاث والدراسات، واقتراح القوانين واللوائح وإصدار النشرات وتنظيم الندوات والمؤتمرات حول السلع والخدمات، وعلاقتها بالمستهلك وبالتنسيق والتعاون مع الإدارات الحكومية من أجل تحقيق أهدافها، وإحالة التوصية إلى لجنة الشؤون القانونية لإعداد الأداة اللازمة في هذا الشأن.


تاريخ النشر 03/10/2008