إسرائيل تهدد وإيران تستعد لساعة الصفر
خبير ألماني وجنرال فرنسي يحذران من نتائج مدمرة
طهران حصلت علي تعهدات من دول مجاورة بعدم السماح بفتح أجوائها للطائرات الإسرائيلية
حاول وزير الدفاع الإسرائيلي رئيس حزب العمل إيهود باراك التواق للحصول علي منصب رئيس الوزراء أن يقنع واشنطن بالحفاظ علي الخيار العسكري فيما يتعلق بالنزاع النووي مع إيران بين أول الخيارات الموجودة علي الطاولة عندما ظهر علي شاشة تلفزيون CNN الأمريكي يوم الأربعاء وجدد القول أن الحكومة الإسرائيلية تري في البرنامج النووي الإيراني أكبر تهديد للبشرية. ونسي باراك أن الإشارة بكلمة واحدة إلي ما تستحوذ عليه إسرائيل من أسلحة نووية يفوق عددها 200رأس نووية وهو ما أكده مؤخرا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. وخلال الحرب الكلامية بين الإسرائيليين والإيرانيين زل لسان رئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي يعتزم الاستقالة بسبب الفساد وقال في مقابلة مع الصحافة الألمانية أن إسرائيل تري نفسها في صف الدول النووية. وكانت هذه أول مرة يشير فيها مسئول إسرائيلي كبير لوجود أسلحة الدمار الشامل علما أن إسرائيل دأبت علي مدي السنوات الطويلة السابقة نفي وجودها رغم أن أحد العاملين السابقين في مفاعل (ديمونة) بصحراء النقب ويدعي موردخاي فانونو كشف في مقابلة جريئة نشرتها صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية في أكتوبر عام 1986 أن إسرائيل تملك برنامجا نوويا. قبل نشر الاعترافات وبعدها سعت إسرائيل كي تحتفظ وحدها بأسلحة الدمار الشامل وبمعاونة من حلفائها في الغرب. ففي مطلع الثمانينيات أغارت علي المفاعل النووي العراقي(عسيراك) الذي بنته فرنسا التي ساعدت إسرائيل لتصبح قوة نووية ودمرته بعدما حصلت من عملاء فرنسيين علي خطط البناء. وفي سبتمبر الماضي أغارت إسرائيل علي موقع في القسم الشمالي من سوريا وحسب مزاعمها دمرت برنامجا نوويا أقامته سوريا بمساعدة كوريا الشمالية. واعتبر المراقبون أن الاعتداء علي سوريا رسالة موجهة إلي إيران حيث نجحت إسرائيل في إقناع واشنطن وبرلين وباريس ولندن بتبني موقفها بأنها تخشي علي مستقبلها إذا تمكنت إيران من حيازة القنبلة.
وعلي الرغم من التقارب الحذر بين واشنطن وطهران بعد تصريحات المجاملة التي صدرت عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلا أن المراقبين في الغرب لا يعتقدون أن هذا التطور يقلل من احتمال قيام إسرائيل بموافقة واشنطن أو إسرائيل أو تحالف إسرائيلي أمريكي بمهاجمة المنشآت النووية في إيران سعيا لتدمير البرنامج النووي. وكان سيمور هيرش الصحفي اللامع في الولايات المتحدة قد كشف في مجلة (نيويوركر) أن واشنطن وضعت خطة لضرب إيران. وكانت مجلة (دير شبيغل) الألمانية قد ذكرت قبل فترة أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي(موساد) أعد خطة للإغارة علي إيران. صعدت إسرائيل تهديداتها وفي نهاية يونيو أبلغ اسحاق بن إسرائيل العسكري السابق وعضو حزب (كاديما) الذي ينتمي إليه أولمرت: قد تكون العملية صعبة لكنها ممكنة. وكان بن إسرائيل قد ساهم في وضع خطة تدمير مفاعل(عسيراك) العراقي عام 1981. وفي مطلع شهر يونيو الماضي قامت إسرائيل بمناورات حربية في منطقة البحر المتوسط ولم يعلن عن المناورة إلا بعد أسبوعين عندما سربت مصادر موثوق بها في الإدارة الأمريكية معلومات عنها لصحيفة (نيويورك تايمز). وقال مراقبون علي الأثر إن إسرائيل تريد شن هجومها قبل نهاية عهد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش حيث أبرز مؤيدي الهجوم نائبه ديك تشيني أما الرئيس نفسه فإنه يراعي حتي الآن مخاوف الحلفاء الأوروبيين من النتائج.
وتعتقد صحيفة(زود دويتشه تسايتونج) أنها حصلت علي معلومات مهمة بالخصوص. فقد أشار مراسلها في باريس رودولف خميللي المتخصص بالشئون الإيرانية أن إسرائيل تواجه صعوبات في الحصول علي موافقة عدة بلدان لاستخدام أجوائها عند القيام بمهاجمة إيران كما أن إيران بدأت تعد نفسها لمواجهة عدوان إسرائيلي محتمل. ونقل عن أحد مستشاري علي خامنئي الزعيم الروحي للجمهورية الإسلامية في إيران قوله: قبل أن يتصاعد الدخان نتيجة اعتداء إسرائيلي علينا سوف نضرب عمق إسرائيل و32 قاعدة عسكرية أمريكية في منطقة الخليج.
مثل هذه التصريحات فصل من حرب الأعصاب بين إيران وإسرائيل. ويجري في إيران التقليل من مخاطر وقوع هجوم أمريكي علما أن الإيرانيين كانوا قبل أشهر يحسبون ألف حساب لذلك. قبل أسبوع أشاد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد باستعداد واشنطن للحديث مع طهران حول النزاع النووي. لكن طهران ما زالت تتحسب قيام إسرائيل بمهاجمة منشئاتها النووية، بدعم صامت من واشنطن التي زودت إسرائيل قبل مدة بصواريخ تصيب أهدافاً تحت الأرض Bunker-Buster-Bombsأو بمفردها وذلك علي أثر تكرار إسرائيل تهديداتها لإيران.
يعمل جنرالات إيران بدراسة جميع سيناريوهات اعتداء محتمل ويتابعون كل معلومة يحصلون عليها عبر مصادر غربية أن إسرائيل ستستخدم في هجومها علي الأقل 50 طائرة حربية من طراز F-15 وF-16 التي ترافقها طائرات نقل من طراز KC-707 تقوم بأعمال تعبئة الوقود. الطريق الأقصر يمر عبر الأجواء السورية والأردنية وهذا أقل ما يثير قلق الإيرانيين ليقينهم أن إسرائيل لن تحصل علي موافقة البلدين لتنفيذ هجومها. الطريق الآخر عبر العراق حيث تتحكم الولايات المتحدة بالسيادة الجوية. إذا سمح الأمريكان للإسرائيليين عبور هذه الأجواء معناه أن الولايات المتحدة دخلت في حرب مع إيران.
حسب تقديرات الإيرانيين علي الإسرائيليين صرف النظر عن استخدام طريق الشمال عبر تركيا. يبدو أن إيران حصلت علي وعود من الحكومة التركية بأن الأتراك لن يسمحوا لإسرائيل استخدام أجوائهم لهذا الغرض. الطريق الذي يشكل للإسرائيليين أبسط مشكلة سياسية لكنه محاط بمصاعب تقنية هو طريق البحر الأحمر في اتجاه الجنوب والذي يمر عبر شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج ويقود إلي داخل إيران حيث تزيد المسافة عن أربعة آلاف كلم. أنه الطريق الذي يعتقد الإيرانيون أن إسرائيل سوف تستخدمه علي حد أبعد ولذلك فإن خطط المواجهة التي وضعوها تركز علي أن إسرائيل سوف تستخدم هذا الطريق. يتوقع الإيرانيون أن يكون أول هدف للطائرات الإسرائيلية المهاجمة ليس المنشئات النووية وإنما مراكز إطلاق الصواريخ الإيرانية لمنع إيران قدر المستطاع من الرد بضربات انتقامية كما سبق وأعلنت عن ذلك. هدف الموجة الثانية من الغارات المنشئات النووية في أراك وأصفهان وناتان والهدف الثالث مجموعة من المصانع الموزعة داخل البلاد.
ويشير أوليفر ترينرت الخبير السياسي في معهد الأبحاث والسياسة المرموق في برلين SWP أن إسرائيل تحتاج إلي مساعدة لمهاجمة إيران إذ علي العكس من الغارة علي مفاعل(عسيراك) العراقي وما زعمته مفاعل ذري في سوريا فإنها ببساطة تحتاج إلي دعم بسبب انتشار منشئات البرنامج النووي في مناطق متعددة وكثرة الأهداف العسكرية مثل مواقع الدفاع الجوي وقواعد البحرية ولهذا تعتمد علي مساعدة من الأمريكيين الذين من المتحمل أن يقودوا الهجوم. من ضمن النتائج أن وضع القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان سوف يصبح حرجا للغاية وكذلك أمن إسرائيل وسيدخل حزب الله الحرب وربما حماس وسيعود الوئام بين الطالبان وإيران وستحصل فوضي في الخليج والشرق الأوسط وعندها سوف يتعين علي واشنطن إقناع حلفائها بجدوي حرب جديدة عندما يسعي كل طرف إلي لعق جراحه. ويؤيده بذلك الجنرال الفرنسي إيتيان كوبل الذي أضاف أن إيران تملك صواريخ شهاب1 وشهاب 2 التي تصل إلي مسافة تتراوح بين 300 و500 كلم وشهاب 3 التي تصل إلي أهداف علي بعد ألفي كلم ومئات من الزوارق الحربية السريعة وفرق الانتحاريين وهكذا تكون إسرائيل قد فتحت باب جهنم عليها وعلي المنطقة.