الأزمة تفتح الدفاتر المحاسبية
أثبت بنك الكويت المركزي، إحاطته بانعكاسات الأزمة المالية العالمية على الشركات المحلية، ليسدّ أمس جزءا من ثغرة مُحاسبية لطالما عبرت منها القوائم المالية للشركات المساهمة العامة.
وفيما تعقد دول كبرى، مؤتمرات كان آخرها في دبي لتعديل المعايير المحاسبية، خرج المدير التنفيذي لقطاع الرقابة في بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل، عن الصمت المركزي أمس بخصوص هذه القوائم التي كانت حتى وقت قريب شبه مقدسة، ليطالب الشركات المحلية عبر وكالة الأنباء الكويتية «كونا» بالمزيد من الافصاحات والايضاحات المتممة للقوائم المالية، لكي تُعبِّر تلك الافصاحات عن المركز المالي للشركة بصورة عادلة.
ومما لا شك فيه أن هذه المطالب ستُحرك المياه المحاسبية الراكدة، إذ من المعلوم في علم الاقتصاد أن أدوات التمويل والاستثمار ومنها المشتقات المالية- على سبيل المثال- ركضت بسرعة الأرنب من حيث تطور ادواتها وأساليبها في اسواق العالم، في حين بقيت العلوم المحاسبية تحبو كالسلحفاة
وحان الوقت للنظر بصيغة وطنية تُعفي الشركات من ميزات محاسبية قلبتها الأزمة الحالية الى سلبيات، خصوصا فيما يتعلق بمعيار 39 (الإفصاح والقياس) حيث أكد الهاشل على أهمية التعديل الحاصل على هذا المعيار الدولي.
وكان المعيار يسمح بإعادة تقييم الاسهم المتداولة في البورصة، وفقا لتقلبات أسعارها السوقية وإدراج الربح أو الخسارة ضمن قائمة الارباح والخسائر (قائمة الدخل) مباشرة، لكن الأزمة جعلت المقيمين يصبحون ويمسون على خسائر ناتجة عن إعادة تقييم الأسهم كل ثلاثة أشهر، فانبرت لذلك هيئات المحاسبة الدولية وخلُصت الى تعديل المعيار والسماح من خلاله للشركات بالاعتراف بخسائر تقييم الأسهم بناء على سعر السوق، في خارج قائمة الدخل، وترحيلها الى قائمة حقوق المساهمين لحين انقشاع الأزمة، وهو مخرج خفي اعتبره خُبراء ذا أثر قوي في مجابهة هلع الأسواق ويفوق في نتائجه الإيجابية الفاتورة السيادية، التي دفعتها الحكومات لإنعاش البورصات على حساب المال العام.
وأكد المدير التنفيذي لقطاع الرقابة في بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل ان البنك كسلطة رقابية تأكد من التزام الشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابته تطبيق معايير المحاسبة الدولية.
واضاف الهاشل أمس أن البنك المركزي طلب من تلك الشركات تضمين بياناتها المالية المزيد من الافصاحات والايضاحات المتممة حولها، بحيث تعبّر بصورة عادلة عن المركز المالي للشركة. وأوضح أن البنك يؤكد أهمية قيام جميع مستخدمي تلك البيانات المالية بقراءتها بعناية والتمعن في الهدف منها آخذين في الاعتبار الايضاحات المتممة لها والافصاحات بشأنها بما يسمح لهم بالوقوف بصورة واضحة على طبيعة أنشطة هذه الشركات ومصادر ايراداتها وتقييم مؤشراتها المالية واستخلاص النتائج من قراءة وتحليل تلك البيانات، بهدف اتخاذ القرار المناسب في ضوء طبيعة الغرض الذي ينشده كل مستخدم من تلك البيانات.
واشار الى انه في ضوء انتهاء البنك المركزي من مراجعة البيانات المالية للشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابته عن الفترة المنتهية في سبتمبر 2008 فإنه، تأكيدا لأهمية الافصاح والشفافية التي يجب أن تتضمنها البيانات المالية وايضاحاتها من قبل تلك الشركات، يود أن يبين عددا من الأمور.
وأوضح أن الهدف من البيانات المالية هو تقديم عرض مالي منظم للمركز المالي للشركة بحيث تكون هذه البيانات صالحة لسلسلة عريضة من المستخدمين من جهات رقابية ومساهمين ودائنين ومستثمرين ومؤسسات تقييم ومحللين ماليين، وغيرهم من المهتمين بمثل هذه البيانات عند اتخاذ قراراتهم الاقتصادية من خلال تقييم المركز المالي للشركة وأدائها وتدفقاتها النقدية والاستفادة من المعلومات الواردة في البيانات المالية والايضاحات المتممة لها والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذه البيانات في تقييم الأداء الحالي والمستقبلي للشركة.
واكد الهاشل أهمية قيام جميع مستخدمي تلك البيانات بملاحظة تأثير التغير الذي طرأ على معيار المحاسبة الدولي رقم 39 (الاعتراف والقياس)
وهو التعديل الذي بدأ يسمح، اعتبارا من الأول من يوليو الماضي، بإعادة تصنيف الاستثمارات بالقيمة العادلة من خلال بيان الدخل، ويشمل التعديل الاستثمارات قصيرة الاجل المحتفظ بها بغرض المتاجرة، حيث يتم اعتبارها استثمارات متاحة للبيع، ما ترتب عليه عدم تحميل بيان الدخل بنتائج التغير في القيمة العادلة لتلك الاستثمارات والسماح بأن يظهر هذا الاثر مباشرة في حقوق المساهمين.
وقال انه نتيجة للتراجع الذي شهدته الأسواق المالية محليا وعالميا وما ترتب عليه من انخفاض القيمة العادلة لتلك الاستثمارات فإنه أصبح بإمكان الشركات التي تعرضت استثماراتها المالية الى انخفاض في قيمها إظهار أثر هذا الانخفاض في حقوق المساهمين مباشرة دون إظهاره في بيان الدخل.
وأضاف أن على مستخدمي تلك البيانات ملاحظة أن أرباح تلك الشركات تتضمن في كثير من الحالات أرباحا غير محققة ناتجة عن تقييم أصول مالية أو عقارية، ومنها ما هو مملوك من قبل شركات تابعة أو زميلة.
وأوضح أنه «لذلك فإن الأمر يتطلب عند قراءة بيانات الدخل ملاحظة الايرادات الناتجة عن النشاط التشغيلي لتلك الشركات والايرادات الناتجة عن اعادة تقييم، أو أية مصادر أخرى. كما أن الأمر يتطلب من مستخدمي تلك البيانات الإمعان في القوائم المالية وقراءتها بصورة شاملة ومتكاملة بحيث يشمل ذلك الميزانية العمومية وبيان الدخل وبيان التدفقات النقدية وبيان التغيرات في حقوق المساهمين».
اضافه بسيطه بعد اذن اخونا عابر سبيل