جلوبل: تعافي الاقتصاد الكويتي مرتبط بالسيطرة علي التضخم

[Love143]

جلوبل: تعافي الاقتصاد الكويتي مرتبط بالسيطرة علي التضخم

الكويت - الراية: قال بيت الاستثمار العالمي جلوبل في تقريره الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية (8) - لمحة عن الاقتصاد الكلي في الكويت تجلت منافع النفط العظمي علي الكويت مع ارتفاع سعره، مدعومة بتوافر احتياطي كبير مقارنة بصغر مساحة الدولة. وتعد الكويت من احدي أغني دول العالم حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد 21,260 دولارا أمريكيا. وقد لعبت عدة عوامل مثل توافر احتياطي كبير من النفط، بالإضافة لاتخاذ خطوات عديدة لزيادة الإنتاج والسعة التصديرية، علي تهيئة الاقتصاد لمزيد من النمو، في الأجل القصير والمتوسط علي أقل تقدير. كما سيتلقي النمو دعما إضافيا جراء توافر السيولة المتولدة من الدولارات القادمة من النفط واستثمارات مشروعات التشييد المترتبة عليها. إلا أن التحدي الكبير يتمثل في القدرة علي المحافظة علي هذا النمو في الأجل الطويل، والذي يتوقف علي القيام ببعض التغيرات الهيكلية في الاقتصاد للحد من اعتماده كليا علي النفط. ويتطلب هذا حدوث تحول جذري نحو اقتصاد السوق لتحسين الكفاءة علي كافة الأصعدة. علي الرغم من أن فترة الرخاء الحالية تعد فرصة مواتية لإحداث مثل هذه التغييرات إلا أنها لم تأت بالعديد منها، نظرا لغياب الحافز لتجربة شيء جديد في أفضل الأوقات. هذا وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للعام 2004 وصولا إلي 16.4 مليار دينار كويتي بارتفاع بلغت نسبته 19.3 في المائة عن العام السابق، بينما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 8.5 في المائة ليصل إلي 10.4 مليار دينار كويتي.

وطبقاَ لتوقعات الطلب العالمي للنفط سيستمر الازدهار الذي ننعم به في الوقت الحاضر لسنوات عديدة قادمة. إن ارتفاع أسعار النفط إلي مستويات أعلي من 40 دولاراً من شأنه أن يوفر السيولة الكافية لدولة صغيرة بحجم الكويت. بالإضافة لسيناريو النفط، يعزز توقعاتنا للأجل المتوسط عاملا آخر هو الآثار المضاعفة للمشروعات، والتي تقوم بدورها بجذب الاستثمارات الضخمة. في الوقت الذي تضمن فيه المشروعات المتعلقة بالنقل والمرافق العامة استثمارات ثابتة لسنوات، تعمل مشروعات أخري مثل تلك المرتبطة بالتشييد والسياحة علي توفير الاستغلال الأمثل للسيولة في الأجل القصير. ومن النتائج الأخري التي ستترتب نتيجة لتوافر السيولة الحالية، نجد أثرا آخر متمثلا في ارتفاع إيرادات الاستثمار علي مدي السنوات القادمة. وقد تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية الأموال المدارة بواسطة بعض الهيئات مثل الهيئة العامة للاستثمار، مؤسسة البترول الكويتية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. كما يقدر ارتفاع حصيلة مخزون صندوق الاحتياطي النقدي للأجيال القادمة إلي قرابة 80 مليار دولار أمريكي.

وبينما أدي توافر السيولة الناجم عن ارتفاع أسعار النفط واستقرار معدلات الإنتاج إلي تحقيق الاقتصاد الكويتي لنمو هائل، بقي الاعتماد الكبير علي النفط يشكل خطرا كبيرا عند النظر إلي قابلية المحافظة علي هذا النمو في الأجل الطويل. ومما يؤكد تلك المخاوف، حقيقة أن الكويت لم تصل إلي نفس مستوي نجاح بعض دول الجوار في تحقيقالتنوع المطلوب. وطبقا للمادة رقم 4 من توصيات اجتماع صندوق النقد الدولي حول الكويت، تتمثل بعض العراقيل التي تحول دون تطبيق إستراتيجية رسمية في نشوب خلافات بين الحكومة والبرلمان، بالإضافة إلي بعض العوائق الإدارية، والقلق الإقليمي.

إحقاقاَ لحق السلطات الكويتية، لطالما وجدت خريطة طريق مصممة لإحداث تغييرات هيكلية في الدولة، ومن ثم توسيع قاعدة النمو. ومن بين أبرز تلك التغيرات الهيكلية نجد الخصخصة، الحد من طول الإجراءات التي تتسبب في التأخير، فتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية وتخفيض ضرائب الشركات الأجنبية. إلا أنه لأسباب مختلفة لم تؤت بعض تلك التغييرات ثمارها المرجوة، في حين لم يشرع بتنفيذ البعض الآخر علي الإطلاق. فلم تشهد الشئون الداخلية تغيراً كبيراً خلال العامين الماضيين. كما أن عدم التوازن السياسي أعاق أي نوع من أنواع التقدم.

علي الرغم من أن السيناريو السياسي والجغرافيا السياسية لا يقدمان سياسات الكويت في أبهي صورها، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية حدثت عدة تغيرات علي هذا الصعيد هادفة نحو تحقيق مزيدا من التحرر. وهذا من شأنه إحداث بعض التغيرات الهيكلية شرط توافر عدة عوامل مساعدة أخري. وفي طليعة تغير السياسات، تأتي تلك المائلة نحو الخصخصة، بتوفيرها لأكبر عدد من المشروعات القائمة علي نظام البناء- التشغيل- النقل، المعروف اختصارا باسم BOT في المنطقة. كذلك يبرز مشروع التطوير السياحي لجزيرة فيلكا، بقيمة إجمالية تقدر بحوالي 3.3 مليار دولار أمريكي، وتنمية جزيرة بوبيان بتكلفة 6 مليارات دولار أمريكي، بما يتضمنه ذلك من إقامة ميناء جديد، رصيف للحاويات، وإقامة بنية تحتية سكنية وتجارية علي الجزيرة. هذا ويتضاءل حجم صناعة السياحة المقدر للكويت مقارنة ببعض الدول الخليجية الأخري. إلا أن بعض المشروعات مثل تطوير جزيرة فيلكا، باستطاعته تحسين إيرادات السياحة ورفعها من وضعها الهامشي الحالي. وعلي الرغم من تأخير المشروعين لأسباب مختلفة، إلا أن الإطار الذي يحويهما يعد في الاتجاه الصحيح لتنويع الاقتصاد.

من الخطوات الجديرة بالتقدير أيضا، تخفيف الدولة قبضتها عن بعض القطاعات الإستراتيجية مثل شركات الطيران، وقطاع التجزئة البترولية. حيث يعد تأسيس شركة طيران اقتصادية السعر مثل طيران الجزيرة، حتما خطوة في الطريق الصحيح. لدي الحكومة أيضا إستراتيجية مزدوجة تشمل بيع حصة الهيئة العامة للاستثمار في شركات محلية مثل البنوك، شركات التأمين، والصناعات الخفيفة، في الوقت ذاته تقوم بخصخصة كلية أو جزئية لبعض الكيانات الخاسرة مثل شركة الخطوط الجوية الكويتية. وتجدر الإشارة إلي أن مشروعات الخصخصة يمكنها أن تضفي الكثير لتحسين سيناريو الاستثمار في الكويت، والتي بدونه يبدو اقتصادها مغلقا تماما.

وإلي جانب الخصخصة، فإن تغير السياسات المتبعة نحو توفير بيئة أكثر دعما لتدفق رؤوس الأموال الأجنبية، سيكون له آثار إيجابية جمة. ففي الوقت الحاضر، يقتصر توجه الاستثمارات الأجنبية المباشرة باتجاه 11 قطاعاً فقط. ويعد القطاع المالي أهم تلك القطاعات علي الإطلاق، حيث تم ضمه مؤخرا لقائمة القطاعات التي يسمح فيها بضخ الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويعد ضم ذلك القطاع للائحة السابقة من أجرأ الخطوات باعتبار حجمه وإمكانياته، وما سيترتب علي ذلك من ارتفاع حدة المنافسة المنظمة والمطلوبة في بعض الأنشطة المستجدة مثل التمويل الاستهلاكي وبعض الخدمات الأخري التي تقوم علي تحصيل الرسوم. وقد قامت بعض البنوك الأجنبية مثل بنك اتش اس بي سي HSBC وبي إن بي باربيا BNP Paribas بدخول السوق، بينما تنتظر بنوك أخري دورها للدخول مثل بنك أبو ظبي الوطني وسيتي بنك.

وتحرر بعض القطاعات كما ذكر أنفا يخفي الصورة الحقيقية التي تعبر عن العوامل غير المشجعة التي تحد الاستثمار الأجنبي المباشر. فتعتبر تأخر الإجراءات هي السمة الأساسية للكويت كما ورد في بيانات البنك الدولي التي أوضحت أن هناك ثمة 13 إجراء يجب اتخاذها قبل بدء أعمال أي نشاط في الكويت. كما أن هناك عدداً من التحذيرات المرتبطة بمنح موافقات للاستثمارات الأجنبية بما فيها من فرض عدد إجباري من العمالة الكويتية يجب الحفاظ عليها. والأكثر أهمية من كل ذلك، حجب قطاعات رئيسية مثل قطاع الغاز والنفط عن المساهمة الأجنبية كليا حتي الآن.

وخير مثال علي عرقلة العوائق السياسية والتشريعية لأحد المشروعات، تعطيل مشروع الكويت الذي بدأ في الظهور في العام 1995، إلا انه وحتي وقتنا الحاضر لم يتم بدء العمل به نتيجة لعدم القدرة علي سد الفجوة بين متطلبات الشركاء الأجانب والهيئات الكويتية. وفي الوقت الذي تنعكس فيه عدم القدرة علي التوصل لاتفاقية مشاركة المنتجات سلبا علي السياسات المتبناة من قبل الهيئات الكويتية، يعكس رفض الشركاء الأجانب الالتزام بالعوائد المحتملة عدم الليونة مقابل الحصول علي نفع قريب الأجل، علي حساب ما سيعود علي الدولة في الأجل البعيد. إلا أن الإلزام بتدبير المواد الأولية من الكويت مع المعالجة الضريبية المتباينة يعوض نفور الشركات الأجنبية تقديم استثماراتها داخل الكويت.

ونحن نعتقد أن مشروع الكويت في حال دخوله إلي حيز التنفيذ سيؤدي إلي انتعاشة في نمو الاقتصاد الكويتي. هذا بالإضافة إلي الزيادة المخططة لسعة مصافي النفط وإمكانيات تصديره من ميناء الأحمدي، تعد الأكثر أهمية للحفاظ علي النمو في الأجل الطويل. كما إنه من الأهمية بمكان أن يقوم تشكيل رأس المال بلعب دور أساسي في النمو الاقتصادي، لإعطائه الإحساس بالاستمرارية. حيث أن القيمة النابعة من الاستثمارات الرأسمالية طويلة الأجل لها أهميتها الكبري للحماية من التحركات غير المرغوب بها في أسواق السلع والأسهم في المستقبل.

وقد كان لتلك التوقعات من القيمة المذكورة آنفا وما نتج عنه من مبادرات، بالإضافة للشعور الكلي الجيد الناتج عن ارتفاع أسعار النفط، انعكاسا غير مسبوق علي سوق الكويت للأوراق المالية في العام 2005. فوفقا لمؤشر جلوبل العام، وهو مؤشر وزني يقوم بقياس السوق بناء علي طريقة القيمة السوقية، شهد السوق الكويتي نموا بلغت نسبته 62.7 في المائة في الفترة ما بين يناير وأكتوبر من العام 2005، وصولا إلي 286.7 نقطة. وقد تحقق هذا بدعم من الأداء المالي الممتاز من قبل الشركات، حيث شهد إجمالي الأرباح المحققة من قبل الشركات المدرجة بالسوق ارتفاعا بما نسبته 92 في المائة خلال الأشهر التسع الأولي من العام 2005. وقد ساعدت عوامل مثل صافي الربحية، علي الرغم من تلقيها دعما من ارتفاع عوائد الاستثمارات، علي جعل السوق الكويتي من أرخص الأسواق تقييما ضمن الدول الخليجية، وذلك ببلوغ مضاعف ربحية السوق 13 مرة خلال العام 2005. وباعتبار ما تشهده أسواق المال الخليجية من سباق تصاعدي، نجد أن هناك مجالا واسعا لنمو سوق الكويت للأوراق المالية، نظرا لكونه الأكثر استقرارا بين الدول الخليجية المجاورة، وللأداء الجيد للشركات المدرجة به، مما يحسن من السيولة المتوافرة. إلا أن عافية الاقتصاد في ظل السيناريو الحالي تتوقف علي السيطرة علي التضخم، حتي مع مستويات السيولة المتوافرة.