-
عضو نشط
من كتاب القرضاوي : تعاون العمل ورأس المال
تعاون العمل ورأس المال
ربما قال قائل: إن الله وزع المواهب والحظوظ على الناس بقدر وحكمة ، فكثيراً مانجد عند إنسان الكفاية والخبرة ، ولانجد عنده الكثير من المال ، أو لانجد عنده مالاً أصلاً وبإزائه نجد آخر عنده المال الكثير ، مع الخبرة القليلة ، أو لاخبرة له. فلماذا لايعطي صاحب المال ماله لصاحب الكفاية والخبرة ، يعمل فيه ويستثمره ، على أن يجزى مقابل ماله بفائدة محددة ، وبذلك ينتفع ذو الكفاية بالمال ، وينتفع الغني بالكفاية . وبخاصة إن هناك مشروعات كبيرة تحتاج إلى مساهمة أفراد كثيرين بأموالهم ، وفي الناس كثيرون عندهم فضل أموال ، وليس عندهم الفراغ أو القدرة على استثمارها .. فلماذا لاتستغل هذه الأموال في تلك المشروعات الحيوية الكبيرة يديرها أناس من ذوي الدراية والخبرة؟ .
ونقول : إن شريعة الإسلام لم تمنع أن يتعاون رأس المال والخبرة أو المال والعمل – كما يقول الفقه الاسلامي- ولكنها أقامت هذا التعاون على أساس عادل ومنهج سديد ، فإذا كان رب المال قد رضيها شركة بينه وبين صاحبه ، فعليه أن يتحمل مسؤولية الشركة بكل نتائجها . ولهذا تشترط الشريعة الإسلامية في مثل هذه المعاملة التي سماها الفقهاء ((المضاربة)) أو ((القراض)) أن يشترك كل من الطرفين المتعاقدين في الربح إذا ربحا ، وفي الخسارة إن خسرا ، ونسبة الربح والخسارة تكون وفق اتفاقهما ،فلهما أن يجعلا لأحدهما النصف أو الثلث أو الربع ، أو أدنى من ذلك أو أكثر ، وللآخر الباقي. وإذاً يكون التعاون بين رأس المال والعمل تعاون الشريكين المتكافلين ، لكل نصيبه من الغنم قل أو كثر . فإذا ربحا تقاسما الربح كما اشترطا ، وأن خسرا كانت الخسارة من الربح ، فان استغرقت الربح وزادت أخذ من رأس المال بقدرها ، ولا غرابة في أن يخسر رب المال جزءاً من ماله ، كما خسر شريكه جهده وعرقه.
ذلك هو قانون الإسلام في هذه المعاملة . أما أن يفرض لصاحب المال ربح محدد مضمون لايزيد ولاينقص وإن تضاعف الربح أو تفاقمت الخسارة فهذا مجافاة للعدل الصريح وتحيز لرأس المال ضد الخبرة والعمل ، ومعاندة لقوانين الحياة التي تعطي وتمنع ، وتشجيع لحب الكسب المضمون دون عمل ولا مخاطرة ، وذلك هو روح الربا الخبيث .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، في المزارعة على الارض (أخرجه مسلم ، ت : 357)، أن يجعل في العقد لأحدهما غلة مساحة معينة من الأرض ، أو مقدار محدد من الخارج ، كقنطار أو قنطارين مثلاً لما في ذلك من شبه بالمراباة والمقامرة . فقد لاتخرج الأرض غير المقدار المشروط أو لا تخرج شيئاً فيكون لأحدهما الغنم كله ، وعلى الآخر الغرم كله . وهذا مالاترضاه العدالة .
هذا الشرط المفسد للمزارعة بالنص الصريح ، هو في رأيي أصل لإجماع الفقهاء على الاشتراط في ((المضاربة)) ألا يحدد نصيب لأحدهما يضمنه على كل حال ، فهم يقولون هنا : إنه إذا شرط أحدهما دراهم معلومة احتمل ألا يربح غيرها فيحصل على جميع الربح ، واحتمل ألا يربحها .. وقد يربح كثيراً فيستضر من شرطت له الدراهم .
وهذا تعليل موافق لروح الإسلام الذي يبني كل معاملاته على العدالة المحكمة الواضحة.
منقول من كتاب فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي : الحلال والحرام في الاسلام .
لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين
(( اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا ))
اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك واغننى بفضلك عمن سواك
اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن
وأعوذ بك من العجز والكسل
وأعوذ بك من الجبن والبخل
وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى