830 مليار ريال استثمارات جهاز قطر
تشمل عدة مجالات في 35 دولة
قدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» حجم أصول جهاز قطر للاستثمار بنحو 228 مليار دولار بنهاية العام الماضي، وهو ما يوازي قيمة قدرها 830 مليار ريال.
وتؤهل القيمة المذكورة الصندوق السيادي القطري للحلول ثالثا على المستوى العربي والخليجي خلف نظيره التابع لإمارة أبو ظبي والذي تقدر أصوله بنحو 328 مليار دولار، فيما جاءت الاستثمارات المؤسسية السعودية أولاً بقيمة قدرها 501 مليار دولار.
فقد قال المؤتمر في تقريره السنوي حيال الاستثمارات المباشرة حول العالم إن الجهاز القطري قام باستثمارات تصل قيمتها لنحو 57 مليار دولار خلال العام الماضي، بيد أن تقلبات أسواق المال العالمية حدت من قيمة أصوله المنتشرة في مختلف القارات.
يأتي ذلك، فيما يبلغ حجم أصول شركة الديار القطرية التابعة للجهاز نحو 60 مليار دولار.
ولم يغط التقرير استثمارات جديدة قام الجهاز القطري بتنفيذها أخيرا حين تملك حصة مؤثرة في رأسمال شركة بورشه لصناعة السيارات الألمانية الفارهة الصيف الحالي بقيمة زادت على 11 مليار دولار.
وتتنوع استثمارات الجهاز بين أصول محلية وأخرى خارجية، وجاء الهدف من بناء هذه المؤسسة قبل نحو خمسة أعوام كضمان للأجيال القطرية المقبلة، إلى جانب توظيف فوائض الدولة في ملاذات استثمارية من شأنها تقليص اعتماد أكبر مصدر للغاز المسال في العالم على عائدات الطاقة والتي تشتمل على تصدير الدوحة لزهاء 620 ألف برميل من النفط يوميا.
ووفقا للتقرير الذي أطلعت «العرب» على نسخته الكاملة، فإن حجم أصول الجهاز القطري قد بلغت زهاء 262 مليار دولار بنهاية عام 2007.
وبلغت تقديرات التقرير لحجم أصول الصناديق السيادية العربية بنهاية العام الماضي قرابة 1.2 تريليون دولار، فيما يتوقع أن تزيد القيمة المذكورة من جراء تحسن مناخ الاقتصاد العالمي منذ مطلع الثلث الأول من العام الحالي، إذ تلا تلك الفترة تحسن في قيم موجودات الصناديق السيادية العربية المدرجة في البورصات العالمية.
وقد ألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي الأسبوع الماضي إلى قرب حلول نهاية ركود أكبر اقتصاد عالمي والمحرك الحقيقي للدولة الاقتصادية الدولية والتي بدا أنها أخذت تغير من حالة الجمود التي تسببت بها الأزمة المالية حيث بلغت ذروة التراجع في سبتمبر من العام الماضي، وحينذاك أعلن عن إفلاس بنك ليمان براذرز الاستثماري الأميركي.
مساهمة إضافية مرتقبة للجهاز في البنوك المحلية
ينتظر أن يشهد شهر ديسمبر من العام الحالي قيام جهاز قطر للاستثمار بضخ ما قيمته 2.7 مليار ريال كمساهمة إضافية في رؤوس أموال بنوك محلية، في الخطوة الثانية من مساهماته التي استند فيها إلى أسعار إغلاق هذه الأسهم في الثاني عشر من أكتوبر من العام الماضي.
على أن الجهاز قال حينذاك إنه سيقوم بشراء حصص من أسهم بنكي «الخليجي» و «الريان» من بورصة قطر مباشرة نتيجة عدم اكتمال رؤوس أموال أحدث مصرفين في الدولة، قبل أن يعلن «الخليجي» عن اكتفائه برأسماله المدفوع.
وفي الـ 12 من أكتوبر الماضي، قرر معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني توجيه الجهاز للمساهمة برؤوس تلك المؤسسات المصرفية بواقع %10 إلى %20 عقب لقائه رؤساء مجالس إدارات البنوك الوطنية القطرية المدرجة أسهمها للتداول في البورصة.
وفي ظل هذه المساهمات، فقد أضحى الجهاز أحد أكبر المساهمين في الشركات القطرية وذلك عقب تحول ملكية الحكومة القطرية في بنك قطر الوطني إلى الجهاز، بعدما أقرت الجمعية العمومية غير العادية لأكبر مصرف محلي حلول جهاز قطر للاستثمار محل حكومة دولة قطر في ملكية نسبة %50 من رأس المال ، وتعديل المواد أرقام 7، 19، 20، 22، 23 من النظام الأساسي بما يتفق مع ذلك.
قطر أعلى الدول نمواً لاستثمارات الجهاز
يتواجد جهاز قطر للاستثمار في نحو 35 دولة حول العالم، وتختلف هذه الدول في مقدار نموها الاقتصادي ودرجة استجابتها للمتغيرات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية.
وبموجب ذلك، فإن تنويع الجهاز لأدواته الاستثمارية وقطاعاته التي تشكل الخدمات والعقار والبنوك والتجزئة إلى جانب تنويع الدول التي يتواجد فيها يسهم في خلق حالة من التحوط حيال المتغيرات التي تسهدها الدورات الاقتصادية حول العالم.
على أن المتابع لطبيعة الدول التي يتواجد بها الجهاز، يجد أن الاستثمارات المحلية تعدّ الأكثر عائدا نتيجة ارتفاع نسب النمو الاقتصادي الحقيقي مقارنة بدول العالم الأخرى، إذ تتمتع الدوحة بنسب نمو هي الأعلى على مستوى عواصم العالم تبعا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وعلى الصعيد العربي، يتواجد الجهاز عبر استثمارات في السودان ومصر والمغرب، إلى جانب استثمارات أخرى في الأراضي الفلسطينية وسوريا من الشق الآسيوي للوطن العربي.
وحافظت غالبية الدول العربي التي يستهدفها الجهاز على نسب نمو اقتصادي مقبولة خلال العام الحالي الذي وصف بأنه الأكثر صعوبة منذ أزمة الركود العظيم بنهاية العقد الثالث من القرن الماضي.
وتبعا لصندوق النقد الدولي، فإن الدول الأوروبية التي يتواجد بها الجهاز ستتعافى من حالة التراجع الاقتصادي الذي ألمّ بها العام الحالي كنتيجة منطقية للأزمة المالية العالمية على أن تعود لجادة النمو في الربع الأول من العام المقبل.
وتواجد الجهاز أيضا في مواطن سياحية عالمية من خلال المشاركة أو الاستحواذ على منتجعات سياحية في مصر والمغرب وسوريا، فضلا عن كوبا وجزيرة سيشيل.
وقال مسؤولو الجهاز أخيرا إن الصندوق السيادي القطري يتطلع في المرحلة التالية للتركيز على استثمارات دفاعية في مجالات السلع الأولية والطاقة، والأغذية والمياه والاتصالات، وذلك بعد مراقبة المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، فضلا عن ترقب الفرص التي تنتج عن هذه التحولات.
ويمنح الاقتصاد العالمي إشارات إيجابية حيال تعافيه من مأزق الأزمة المالية في وقت متأخر من العام الحالي، وهو ما أكدته تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برناكي أخيرا، فيما تمثل بلاده قاطرة الاقتصاد العالمي للخروج من براثن الانكماش.