بسم الله الرحمن الرحيم
الحقبان (مفردها حقاب) : هي التسمية المحليّة في دولة قطر للسحب الركاميّة من نوع (
Cumulonimbus ). عادة ماتكون سحب ممطرة وتتصف بصفات مميزة وظواهر مناخيّة متفرّدة.
بشكل عام تسمى
السحب الركاميّة بالحقبان, ولها اسماء أخرى تختلف من منطقة إلى أخرى؛ ولكنها تستخدم بشكل خاص عن ظاهرة التكونات الركاميّة المحليّة الموسميّة في قطر والتي تظهر في أشهر
سبتمبر و
أكتوبر و
نوفمبر .. وأحيانا قبل ذلك وبعده. نشاهد هذه الظاهرة في قطر خلال ماقبل الوسمي (
قلايد الوسمي) وخلال
الوسمي (وبعده بشكل نادر)؛ يسميها البعض في الإحساء والبحرين بـ"
القطريات" نظراً لمكان نشوئها, حيث أنها حين تظهر تكون في مجال الرؤية لتلك المناطق آخذه شكل الجبال.
سببها:
العامل الأساسي للظاهرة في قطر هو
التسخين المحلي. قطر عبارة عن شبه جزيرة لها شكل اللسان الممتد في عرض الخليج, وضعها محاطة بالبحر هو السبب الرئيسي لتكوّن السحب الركاميّة عليها. عند هبوب الرياح الرطبة من عرض الخليج (الرياح
الشرقيّة "النكبا" أو
الجنوبية الشرقيّة أو
الشماليّة الشرقية أو
الجنوبيّة "السيلي") ودخولها في البر القطري الحار (فرق الحرارة بين الساحل والداخل يصل إلى أكثر من
8 درجات أحياناً) تقوم الحرارة بدور
الرافع لهذه الرياح المشبعة بالرطوبة فتتأثر بعد رفعها برياح معاكسة باردة تعمل على تكوّن السحب الركاميّة من خلال وضع موسوم بعدم الاستقرار في الطبقات الأعلى.
شكلها:
تأخذ التكونات عدة أشكال من سحب الـ
Cumulonimbus, وتصل في أحيان نادرة إلى درجة الـ
supercell. السحابة الركامية الشائعة لها شكل نمطي شائع, وهو الشكل المرفق أدناه:
يلاحظ من الصورة ان السحابة حين تصل لنقطة التعادل في الطبقات الأعلى تتوقف عن النمو العمودي لتبدأ التأثر بالتيّار النفّاث فتأخذ شكل الفطر من الأعلى ويتجه الـ"
نثيل" أو مايعرف بالسمحاق أو السدا أفقيّاً شمال شرق. أحياناً, يكون التيّار الصاعد
شديد الإندفاع لدرجة مقاومته نقطة التعادل فيخترقها مكوّنا رأسا بارزاً أعلى من درجة السحابة (
Overshooting Top).. قد يدوم الاختراف فترة قصيرة, ولكن إذا استمر فترة طويلة تجاوزت الدقائق القليلة فهذا يعني أن التكوّن عنيف ويحتمل
ظروف مناخيّة خطرة.
في يمين الصورة.. يلاحظ نشوء تكونات جديدة من نوع
Cumulus وهي علامة على نشوء تكونات شقيقة جنوب غرب التكوّن الرئيسي.
التنبؤ بحدوثها:
من الصعب الجزم بتكوّن السحب الركاميّة بالملاحظة المجرّدة. عوامل السحابة الركاميّة بعضها
سطحي محسوس يمكن ملاحظته, وبعضه الآخر (والأكثر أهمية)
في طبقات الجو العليا ويصعب ملاحظته سوى باستعمال وسيلة "
البالون" التي تعطي تخطيط للرياح والرطوبة وعوامل عدم الاستقرار في طبقات الجو العليا.
رغم ذلك.. هناك صفات مهمّة يمكن ملاحظتها في الأيام الموسومة بعدم الاستقرار. في الغالب الأعم تظهر السحب الركاميّة من
الهواء الشرقي بتدرّجاته؛ وفي أغلب الأحيان تظهر السحب المتفرّقة من نوع (Cumulus) منذ صباح اليوم غير المستقر. من العوامل الأخرى ظهور الزوابع الهوائيّة؛ وملاحظة طبقة من الرطوبة الواضحة بالعين المجردة في السماء.
وعموماً فإن العوامل الأخرى غير المحسوسة لاتقل أهميّة؛ ومنه فإننا نلاحظ أحياناً توفر كل العناصر المؤهلة لقيام السحب الركاميّة ولكنها لاتقوم بأمر من الله, ويعود ذلك بشكل أساسي لعدم ملاءمة في
عنصر أو أكثر في طبقات الجو الأعلى من السطحية. وأحيانا نرى عنصر سطحي غير ملائم (كالرياح الشماليّة) ولكن الحقبان تقوم.. وذلك بعد امر الله يعود لعوامل إيجابيّة في الطبقات الأعلى.
من خصائصها:
- تكاد لاتخلو سنة من ظهور الحقبان. لا أذكر شخصيّاً أن مرّت سنة ولم تظهر فيها هذه الظاهرة.
- بشكل عام يكون شهر أكتوبر هو أكثر الشهور ملاءمة للظاهرة وتكثر غالباً فيه.
- تكون في الغالب متأثرة بعوامل محليّة بحتة. ولكنها قد تتأثر في فترات متأخرة من الوسمي بعوامل أقليميّة من منخفضات وأخاديد. بحيث تكون التكونات منتشرة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربيّة ومنها قطر.
- بشكل عام تظهر الحقبان في الظهيرة (القايلة) خصوصاً في بدايات الوسمي, وتزيد احتمالات فترات أخرى (الضحى / العصر / المغرب) كلما مرت الأيام في الوسمي (خاصة في نوفمبر).
- بشكل عام تظهر الحقبان في وسط شبه جزيرة قطر في الداخل البري. وسط أقصد هنا في مكان وسط بين الساحل الشرقي والغربي سواءاً شمال قطر أو جنوبها. وتظهر أحياناً جنوب قطر في الداخل البري للمملكة العربية السعوديّة.
- يحدث أحياناً كثيرة أن تتكرر الحقبان في نفس اليوم في أماكن متفرقة, ولاحظت شخصياً أنه يحدث كثيراً أن يظهر حقاب شمال في الظهر, ثم يتبعه بعد العصر حقاب مستقل في الجنوب أقل قوّة وبعيد عن التكونات المصاحبة للأول. وأحياناً يظهر حقاب في جنوب قطر ويلحقه آخر في الداخل السعودي في فترة مابعد العصر.
- تكون عبارة عن سلسلة من التكوّنات. التكونات الجديدة غالباً ما تكون "جنوب غرب" التكونات القديمة, ويتجه السحاب بعد ارتفاعه إلى "الشمال الشرقي" في عرض البحر. أحياناً تكون التكونات الجديدة "جنوب" التكونات القديمة وتتجه السحب الركاميّة من الشمال إلى الجنوب, فتنزل جنوباً نحو الدوحة ووسط قطر وأحياناً تستمر في السير إلى البر السعودي.
- تصاحب - في أحيان نادرة- ظاهرة الأعاصير القمعيّة (Tornado) في التكونات المحليّة.. لاحظتها 3 مراّت كلها في البر بعيدة عن العمران ولله الحمد.
- وتصاحبها الرياح الهابطة المثيرة للأتربة.. تصل هذه الرياح إلى مسافات بعيدة حاملة معها جدار من الغبار.
ظاهرة مشابهة:
تتعرّض المنطقة ككل إلى ظاهرة مشابهة في
ديسمبر وآخر نوفمبر في بعض السنوات (ليست دائمة الحدوث). يكون بحر الخليج دافئاً بعد قدوم الشتاء, ويتأثر
بموجة باردة وهو لايزال يحافظ على حرارته من الصيف. فتبدأ عملية التبخّر التي سرعان ما تتأثر بالجبهة الباردة مكوّنة بذلك الحقبان العظيمة في وسط البحر. في شهر ديسمبر من عام
2008 لاحظنا هذه الظاهرة بشكل متفرّد رائع لمدة 4 أيام يكون البحر ممتداً بالنصوب العظيمة التي تستمر بالإنارة ليلاً ببروقها المستمرّة. تأثرت المنطقة بشكل محدود بهذه الظاهرة بعد ملامسة بعض سحبها أطراف قطر والبحرين والمنطقة الشرقيّة والإمارات العربية المتحدة مصحوبة بالأمطار العنيفة والبَرَد (خاصة الإمارات حيث هطلت عليهم كميات كبيرة جداً من البرد), وكانت السحب –حسب صور الرادارات- عنيفة جداً شديدة الإمطار.