صفحة 3 من 8 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 72

الموضوع: من أحصاها دخل الجنه...

  1. #21
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (7) المهيمن :

    المهيمن في اللغة اسم فاعل للموصوف بالهيمنة ، فعله هيمن يهيمن هيمنة ، والهيمنة على الشيء السيطرة عليه وحفظه والتمكن منه كما يهيمن الطائر على فراخه ويرفرف بجناحيه فوقهم لحمايتهم وتأمينهم ، ويقال : المهيمن أصله المؤمن من آمن يعني أمَّن غيره من الخوف.
    والله عز وجل هو المهيمن على عباده فهو فوقهم بذاته له علو القهر والشأن ، ملك على عرشه لا يخفى عليه شيء في مملكته ، يعلم جميع أحوالهم ولا يعزب عنه شيء من أعمالهم هو القاهر فوقهم ، وإن تركهم أو ترك بعضهم مع ظلمهم وكفرهم فذلك لحكمته فيما هم فيه مبتلون ، ولما قضى وقدر ميسرون كما قال تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) [إبراهيم:42] ، فهو محيط بالعالمين مهيمن بقدرته على الخلائق أجمعين ، وهو سبحانه على كل شيء قدير وكل شيء إليه فقير وكل أمر عليه يسير ، لا يعجزه شيء ولا يفتقر إلى شيء : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [الشورى:11].
    فجماع معنى المهيمن أنه المحيط بغيره الذي لا يخرج عن قدرته مقدور ولا ينفك عن حكمه مفطور ، له الفضل على جميع الخلائق في سائر الأمور ، قال أبو الحسن الأشعري : ( خلق الأشياء بقدرته ، ودبرها بمشيئته ، وقهرها بجبروته وذللها بعزته فذل لعظمته المتكبرون ، واستكان لعز ربوبيته المتعظمون ، وانقطع دون الرسوخ في علمه العالمون ، وذلت له الرقاب وحارت في ملكوته فطن ذوي الألباب ، وقامت بكلمته السماوات السبع ، واستقرت الأرض المهاد ) ، وقال ابن حجر : ( وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب ، تقول : هيمن فلان على فلان إذا صار رقيبا عليه فهو مهيمن ) ، فالمهيمن الرقيب على الشيء والحافظ له والقائم عليه وهذا ملحق بالمعنى السابق ، ويلحق به أيضا تفسير المهيمن بالشهيد ومنه قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ َ) [المائدة:48] ، فالله شهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل ، وفي صحيح مسلم من حديث أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا يروي عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ) ، وقيل في معنى المهيمن أيضا أنه الذي لا ينقص الطائع من ثوابه شيئا ولو كثر ولا يزيد العاصي عقابا على ما يستحقه لأنه لا يجوز عليه الكذب ، وقد سمى الثواب والعقاب جزاء ، وله أن يتفضل بزيادة الثواب ويعفو عن كثير من العقاب .

  2. #22
    عضو
    رقم العضوية
    29127
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    11
    جزاك الله خير ،،

  3. #23
    عضو مؤسس الصورة الرمزية عيون Qatar
    رقم العضوية
    25086
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    8,357
    جزاك الله خير

  4. #24
    عضو نشط
    رقم العضوية
    30218
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    الدولة
    حمد سليل الزعامه
    المشاركات
    530
    جزااك الله خير ما حطيت لنا اياها

  5. #25
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amal000 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير ،،
    وجزاك بمثله وبارك فيك...

  6. #26
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيون الوكرة مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير
    وجزاك بمثله وبارك فيك...

  7. #27
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة motor مشاهدة المشاركة
    جزااك الله خير ما حطيت لنا اياها
    وجزاك بمثله وبارك فيك...
    وان شاء الله حاضر...

  8. #28
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (8) العزيز :

    العزيز في اللغة من صيغ المبالغة على وزن فعيل ، فعله عز يعز عزا وعزة ، أما المعنى اللغوي فيأتي على معان ، منها العزيز بمعنى الغالب ، والعزة بمعنى الغلبة ، ومنه ما ورد في قوله تعالى : (فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ َ) [صّ:23] ، أي غلبني في محاورة الكلام ، ومنها العزيز بمعنى الجليل الشريف الرفيع الشأن ومنه قوله تعالى عن المنافقين : ( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ)[المنافقون:8] ، أي ليخرجن الجليل الشريف منها الذليل ، ومنها العزيز بمعنى القوي القاهر الشديد الصلب وعَزَّزْت القوم قَوَّيْتُهم وشَدَّدْتُهم ومنه ما ورد في قوله تعالى : ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ َ) [يس:14] ، أَي قَوَّينا وشَدَّدنا ، ومنها العزيز بمعنى المنقطع النظير أو الشيء القليل النادر الوجود ، ومنه ما ورد عند أبي داود من حديث عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : ( كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ مُجَاشِعٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَعَزَّتِ الْغَنَمُ ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ : إِنَّ الْجَذَعَ يُوَفِّي مِمَّا يُوَفِّي مِنْهُ الثَّنِيُ ).
    وهذه المعاني جميعا يجوز وصف الله بها ، فالله عز وجل عزيز غالب على أمره كما قال : ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ َ) [يوسف:21] ، وقال : ( كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ َ) [المجادلة:21] ، وهو العزيز الذي له علو الشأن والفوقية في ذاته وصفته كما قال تعالى : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً َ) [مريم:65] ، وفي صحيح مسلم من حديث َأَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ )، والله عزيز متفرد لا مثيل له متوحد لا شبيه له كما قال : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) [الشورى:11] ، وقال تعالى : ( قلْ هُوَ اللَّه أَحَدٌ ) ، وقال مبينا معنى الانفراد والأحدية : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ، أي أن الأحد هو العزيز المنفرد بأوصاف الكمال الذي لا مثيل له فنحكم على كيفية أوصافه من خلاله ، ولا يستوي مع سائر الخلق في قانون أو قياس لأنه المتصف بالتوحيد العزيز المنفرد عن أحكام العبيد.

  9. #29
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (9) الجبار :

    الجبار في اللغة صيغة مبالغة من اسم الفاعل الجابر ، وهو الموصوف بالجبر ، فعله جبر يجبر جبرا ، وأصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر ، ومنه جبر العظم أي أصلح كسره ، وجبر الفقير أغناه وجبر الخاسر عوضه وجبر المريض عالجه ، ويستعمل الجبر بمعنى الإكراه على الفعل والإلزام بلا تخير.
    والجبار سبحانه هو الذي يجبر الفقر بالغنى والمرض بالصحة ، والخيبة والفشل بالتوفيق والأمل ، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان ، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق ، وهو الجبار أيضا لعلوه على خلقه ، ونفاذ مشيئته في ملكه فلا غالب لأمره ولا معقب لحكمه ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، قال أبو حامد الغزالي : ( الجبار هو الذي ينفذ مشيئته على سبيل الإجبار في كل واحد ، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد ، الذي لا يخرج أحد من قبضته ، وتقصر الأيدي دون حمى حضرته فالجبار المطلق هو الله سبحانه وتعالى فإنه يجبر كل أحد ولا يجبره أحد ، ولا مثنوية في حقه في الطرفين ) ، وقال ابن القيم : ( وأما الجبار من أسماء الرب تعالى ، هو الجبروت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة فالجبار اسم من أسماء التعظيم كالمتكبر والملك والعظيم والقهار ).
    والجبار عند الجبرية هو الذي يكره العباد على الفعل فلا اختيار لهم ولا حرية وهو مردود لقوله تعالى : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:256] ، وإنما يتحقق معنى الجبار في الإجبار عن إسقاط الاختيار ورفع التكليف والمسؤولية كالسنن الكونية التي لا تحويل فيها ولا تبديل ، وكالحركات اللاإرادية في الإنسان كحركة القلب وسريان الروح في الأبدان.
    والجبار اسم دل على معنى من معاني العظمة والكبرياء ، وهو في حق الله وصف محمود من معان الكمال والجمال ، وفي حق العباد وصف مذموم من معاني النقص لقوله تعالى :(كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار ٍ) [غافر:35].


    (10) المتكبر :

    المتكبر ذو الكبرياء وهو الملك اسم فاعل للموصوف بالكبْرياء ، والمتكبر هو العظيمُ المتعالي القاهِرُ لعُتَاةِ خَلقِهِ ، إذا نازعوه العظمة قصمهم ، والمتكبر أيضا هو الذي تكبر عن كل سوء وتكبر عن ظلم عباده ، وتكبر عن قبول الشرك في العبادة فلا يقبل منها إلا ما كان خالصا لوجهه ، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ) ، وأصل الكبر والكبرياء الامتناع ، والكبرياء في صفات الله مدح وفي صفات المخلوقين ذم ، فهو سبحانه المتفرد بالعظمة والكبرياء ، وكل من رأى العظمة والعجب والكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره كانت رؤيته خاطئة كاذبة باطلة ، لأن الكبرياء لا تكون إلا لله ، والأكرمية بين العباد مبنية على الأفضلية في تقوى الله ، والتاء في اسم الله المتكبر تاء التفرد والتخصص لأن التعاطي والتكلف والكبر لا يليق بأحد من الخلق وإنما سمة العبد الخضوع والتذلل قال تعالى :
    (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر:60] ، وقال موسى : (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) [غافر:27] ، وقال سبحانه أيضا : (الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر:35] ، وعند الترمذي وحسنه الألباني من حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ ) ، وعند مسلم من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ أَنِ النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ).

  10. #30
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (11) الخالق :

    الخالق في اللغة اسم فاعل فعله خلق يخلق خلقا ، والخلق مصدر من الفعل خلق ومنه قوله : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ ) [السجدة:7] ، ويأتي الخَلق أيضا بمعنى المخلوق ، ومنه قوله تعالى : (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) [لقمان:11] ، والخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء وفي إيجاد الشيء من الشيء.
    والخلق قد يأتي أيضا بمعنى الكذب على اعتبار أن الذي يكذب يؤلف وينشئ كلاما لا يطابق الحقيقة ، ومن ذلك قوله : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكا ) [العنكبوت:17] ، وقوله : (إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ ) [الشعراء:137].
    والخالق في أسماء الله هو الذي أوْجد جميعَ الأشياء بعد أن لم تكنْ مَوْجُودة وقدر أمورها في الأزل بعد أن كانت معدومة ، والخالق أيضا هو الذي ركب الأشياء تركيبا ورتبها بقدرته ترتيبا ، فمن الأدلة على معنى الإنشاء والإبداع وإيجاد الأشياء من العدم قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) [فاطر:3] ومن الأدلة على معنى التركيب والترتيب الذي يدل عليه اسمه الخالق قوله تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) [المؤمنون:14] ، وخلاصة ما ذكره العلماء في معنى الخالق أنه من التقدير وهو العلم السابق ، أو القدرة على الإيجاد والتصنيع والتكوين .
    والحقيقة أن معنى الخالق قائم عليهما معا ، لأن حدوث المخلوقات مرتبط عند السلف بمراتب القدر ، فكل مخلوق مهما عظم شأنه أو دق حجمه لا بد أن يمر بأربع مراتب ، وهي علم الله السابق وتقدير كل شيء قبل تصنيعة وتكوينه ، وتنظيم أمور الخلق قبل إيجاده وإمداده ، وهو علم التقدير وحساب المقادير ، ثم بعد ذلك مرتبة الكتابة وهي كتابة المعلومات وتدوينها بالقلم في كلمات ، فالله كتب ما يخص كل مخلوق في اللوح المحفوظ ؛ كتب فيه تفصيل خلقه وإيجاده وما يلزم لنشأته وإعداده ثم هدايته وإمداده وجميع ما يرتبط بتكوينه وترتيب حياته ، ثم بعد ذلك المرتبة الثالثة من مراتب القدر وهي مرتبة المشيئة فليس في الكون مشيئة عليا إلا مشيئة الله ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على ذلك ، ثم تأتي المرتبة الرابعة من مراتب القدر وهي مرتبة خلق الأشياء وتكوينها وتصنيعها وتنفيذها وفق ما قدر لها بمشيئة الله في اللوح المحفوظ ، قال ابن القيم : ( مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر أربع مراتب : المرتبة الأولى علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونها ، المرتبة الثانية كتابته لها قبل كونها ، المرتبة الثالثة مشيئته لها ، والرابعة خلقه لها ) ، فالله سبحانه خالق كل شيء تقديرا وقدرة ، ومراتب القدر هي المراحل التي يمر بها المخلوق من كونه معلومة في علم الله إلى أن يصبح واقعا مخلوقا مشهودا.


    (12) البارئ :

    البارئ في اللغة اسم فاعل فعله برأ يبرأ برءا ، وبَرُء بضم الراء أي خلا من العيب أو التهمة والمذمة ، وخلص منها وتنزه عن وصفه بالنقص ، وأبرأ فلانا من حق له عليه أي خلصه منه ، وبرئ المريض أي شفي من مرضه ، وفي صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ أنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل ) ، والبريء مرادف للبراء كما في قوله تعالى : (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا ) [النساء:112] ، وقوله : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ ) [الزخرف:26] ، ويقال : بريت القلم أي جعلته صالحا للكتابة , وبريت السهم أي جعلته مناسبا وصالحا للإصابة ، وقال الشاعر :
    يا باري القوس بريا ليس يحكمه : لا تفسد القوس أعط القوس باريها
    قال أبو إسحاق : ( البرء خلق على صفة ، فكل مبروء مخلوق ، وليس كل مخلوق مبروءا ، وذلك لأن البرء من تبرئة الشيء من الشيء من قولهم : برأت من المرض وبرئت من الدَّيْن أبرأ منه ، فبعض الخلق إذا فصل من بعض سمي فاعلة بارئا ).
    والبارئ إذا كان تقدير فعله برء يَبْرَأ كفعل لازم فإن معناه السالم الخالي من النقائص والعيوب ، والبارئ سبحانه له الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله ، تنزه عن كل نقص وتقدس عن كل عيب ، لا شبيه له ولا مثيل ، ولا ند له ولا نظير ، أما إذا كان البارئ تقدير فعله أبرأ كفعل متعد لمفعول ، فالبارئ سبحانه يعني واهب الحياة للأحياء ، الذي خلق الأشياء صالحة ومناسبة للغاية التي أرادها ، وهو سبحانه الذي يُتِم الصنعة على وجه التدبير ، ويظهر المقدور وفق سابق التقدير ، قال تعالى : (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) [الحديد:22] ( ) ، والبارئ أيضا هو الذي أبرأ الخلق ، وفصل كل جنس عن الآخر ، وصور كل مخلوق بما ينساب الغاية من خلقه ، قال أبو علي : ( هو المعنى الذي به انفصلت الصور بعضها من بعض ، فصورة زيد مفارقة لصورة عمرو وصورة حمار مفارقة لصورة فرس فتبارك الله خالقا وبارئا ).


    (13) المصور:

    المصور في اللغة اسم فاعل للموصوف بالتصوير ، فعله صور وأصله صار يَصُور صوْرا ، وصور الشيء أي جعل له شكلا معلوما ، وصور الشيء قطعه وفصله وميزه عن غيره ، وتصويره جعله على شكل متصور وعلى وصف معين ، والصورة هي الشكل والهيئة أو الذات المتميزة بالصفات ، قال الراغب : ( الصورة ما ينتقش به الأعيان ويتميز بها غيرها ، وذلك ضربان : أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوان بالمعاينة كصورة الإنسان والفرس والحمار ، والثاني معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والروية والمعاني التي خُص بها شيء بشيء ). والمصور سبحانه هو الذي صور المخلوقات فيه بشتى أنواع الصور الجلية والخفية والحسية والعقلية ، فلا يتماثل جنسان أو يتساوى نوعان بل لا يتساوى فردان ، فلكل صورته وسيرته وما يخصه ويميزه عن غيره ، والصور متميزة بألوان وأشكال في ذاتها وصفاتها ، وإحصاؤها في نوع واحد ، أو حصرها في جنس واحد أمر يعجز العقل ويذهل الفكر ، فالمصور في أسماء الله الحسنى هو مبدع صور المخلوقات ومزينها بحكمته ، ومعطي كل مخلوق صورته على ما اقتضت مشيئته وحكمته ، وهو الذي صور الناس في الأرحام أطوارا ، ونوعهم أشكالا كما قال ربنا تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ منَ السَّاجِدِينَ)[الأعراف:11] ، والله عز وجل كما صور الأبدان فتعددت وتنوعت نوع في الأخلاق فتتعدد صور الأخلاق والطباع.
    وأعظم تكريم للإنسان من الله المصور أنه خلقه على صورته في المعنى المجرد ليستخلفه في أرضه ويستأمنه في ملكه ، روى البخاري ومسلم من حديث أَبِي هريرة أنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَلَقَ الله آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ؛ فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ : فَقَالُوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَة اللهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَة اللهِ ، فَكل مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ ).
    والحديث ظاهر المعنى في أن الله صور آدم وجعل له سمعا وبصرا وعلما وحكما وخلافة وملكا وغير ذلك من الأوصاف المشتركة عند التجرد والتي يصح عند إطلاقها استخدامها في حق الخالق والمخلوق ، فالله عز وجل له صورة وآدم له صورة ولفظ الصورة عند التجرد لا يعني أبد التماثل ولا يكون علة للتشبيه إلا عند من فسدت فطرته من المشبهة والمعطلة ، أما الصورة عند الإضافة والتقييد فصورة الحق لا يعلم كيفيتها إلا هو ، لأننا ما رأيناه وما رأينا له مثيلا ، أما صورة آدم فمعلومة المعنى والكيفية ، وقد خلق الله آدم على صورته سبحانه في القدر المشترك مع ثبوت الفارق عند أهل التوحيد ، وقد قال ابن تيمية : ( ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر فارق فمن نفى القدر المشترك فقد عطل ، ومن نفى القدر الفارق فقد مثل ) ، والحديث عن ذلك له موضعه ، والقصد أن المصور سبحانه خص الإنسان بهيئة متميزة من خلالها يدرك بالبصر والبصيرة ، وأسجد له بعد تصويره الملائكة ، وليس بعد ذلك شرف أو فضيلة.

    (14) الأول :

    الأول في اللغة على وزن أفعل ، تأسيس فعله من همزة وواو ولام ، آل يؤول أوْلا وقد قيل من واوين ولام ، والأول أفصح وهو في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالأولية وهو الذي يترتب عليه غيره ، والأولية أيضا الرجوع إلى أول الشيء ومبدؤه أو مصدره وأصله ، ويستعمل الأول للمتقدم بالزمان كقولك عبد الملك أولا ثم المنصور ، والمتقدم بالرياسة في الشيء وكون غيره محتذيا به نحو الأمير أولا ثم الوزير والمتقدم بالنظام الصناعي نحو أن يقال : الأساس أولا ثم البناء.
    والأول سبحانه هو الذي لم يسبقه في الوجود شيء ، وهو الذي علا بذاته وشأنه فوق كل شيء ، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء ، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء ، فالأول اسم دل على وصف الأولية ، وأولية الله تقدمه على كل من سواه في الزمان ، فهي بمعنى القَبلية خلاف البعدية ، أو التقدم خلاف التأخر ، وهذه أولية زمانية ، ومن الأولية أيضا تقدمه سبحانه على غيره تقدما مطلقا في كل وصف كمال وهذا معنى الكمال في الذات والصفات في مقابل العجز والقصور لغيره من المخلوقات فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه لأنه سبحانه منفرد بذاته ووصفه وفعله ، فالأول هو المتصف بالأولية ، والأولية وصف لله وليست لأحد سواه ، وربما يستشكل البعض وصف الله بالأولية مع وصفه بدوام الخالقية والقدرة والفاعلية ، فإذا كان الله عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء ، فهل يعني ذلك أنه كان معطلا عن الفعل ثم أصبح خالقا فاعلا قادرا بعد أن لم يكن ؟
    والجواب عن ذلك أن يقال : إن الله عز وجل موصوف بأنه مريد فعال يفعل ما يشاء وقت ما يشاء كما قال : ( ذُو العَرْشِ المَجِيد ُفَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) [البروج:16] ، وقد بين الله عز وجل أنه قبل وجود السماوات والأرض لم يكن سوى العرش والماء كما جاء في قوله تعالى : (وَهُوَ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاء ) [هود:7] ، ومن حديث عِمْرَانَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال : ( كَانَ اللهُ وَلمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ ، ثُمَّ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُل شَيْءٍ ) ، وربما يسأل سائل ويقول : وماذا قبل العرش والماء ؟
    والجواب : أن الله قد شاء أن يوقف علمنا عن بداية المخلوقات عند العرش والماء فقال تعالى : (ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ) [البقرة:255] ، فالله أعلم هل توجد مخلوقات قبل العرش والماء أم لا ؟ لكننا نعتقد أن وجودها أمر ممكن متعلق بمشيئة الله وقدرته ، فالله أخبرنا أنه يخلق ما يشاء ، ويفعل ما يشاء وهو على ما يشاء قدير ، وأنه متصف بصفات الأفعال ، ومن لوازم الكمال أنه فعال لما يريد على الدوام أزلا وأبدا سواء كان ذلك قبل العرش والماء أو بعد وجودهما ، لكن الله أوقف علمنا عند هذا الحد ، كما أن جهلنا بذلك لا يؤثر فيما يخصنا أو يتعلق بحياتنا من معلومات ضرورية لتحقيق الكمال في حياة الإنسان ، قال سليمان التيمي رحمه الله : ( لو سئلت : أين الله ؟ لقلت : في السماء ، فإن قال السائل : أين كان عرشه قبل السماء ؟ لقلت : على الماء ، فإن قال : فأين كان عرشه قبل الماء ؟ لقلت : لا أعلم ) ، ويعقب الإمام البخاري رحمه الله بقوله : ( وذلك لقول الله تعالى : ( ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ) [البقرة:255] يعني إلا بما بين ).
    وهذه المسألة تسمى في باب العقيدة بالتسلسل وهو ترتيب وجود المخلوقات في متوالية مستمرة غير متناهية من الأزل والأبد ومعتقد السلف الصالح أن التسلسل في الأزل جائز ممكن ولا يلزم من ذلك أن الخلق يشارك الله في الأزلية والأولية.

صفحة 3 من 8 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •