صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 72

الموضوع: من أحصاها دخل الجنه...

  1. #11
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (3)الملك :

    أصل الملك في اللغة الربط والشد ، قال ابن فارس : ( أصل هذا التركيب يدل على قوة في الشيء وصحة ، ومنه قولهم : ملكت العجين أملكه ملكا إذا شددت عجنه وبالغت فيه )، والملك هو النافذ الأمر في ملكه ، إذ ليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه ، فالملك أعم من المالك ، والملك الحقيقي هو الله وحده لا شريك له ، ولا يمنع ذلك وصف غيره بالملك كما قال : ( وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) [الكهف:79] ، فهذا ملك مخلوق وملكه مقيد محدود ، أما الملك الحق فهو الذي أنشأ الملك وأقامه بغير معونة من الخلق ، وصرف أموره بالحكمة والعدل والحق ، وله الغلبة وعلو القهر على من نازعه في شيء من الملك.
    فالملك سبحانه هو الذي له الأمر والنهي في مملكته ، وهو الذي يتصرف في خلقه بأمره وفعله ، وليس لأحد عليه فضل في قيام ملكه أو رعايته ، قال تعالى : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ ) [سبأ:22/23].
    وهذه الآية تضمنت نفي جميع الوجوه التي تعلل بها المشركون في التعلق بمعبوداتهم فنفت الآية عن آلهتهم كل أوجه التأثير في الكون ممثلة في نفي الملك التام ، وذلك لانعدام ربوبيتهم فلا يخلقون في الكون شيئا ، ولا يدبرون فيه أمرا ، وكذلك نفي المشاركة لله في الملك بأن يكون لهم نصيب وله نصيب ، فنفت عن آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السماوات والأرض ، ونفت أيضا وجود الظهير والمعين ، فقد يدعى بعض المشركين أن آلهتهم لا يملكون شيئا ولا يشاركون الله في الملك لكنها تعد ظهيرا له أو معينا ؛ أو مشيرا أو وزيرا يعاون الله في تدبير الخلق والقيام على شئونه ، ثم نفي الله عنهم آخر ما تعلقوا به وهي الشفاعة من غير إذن ، فقد جعلوا معبوداتهم وسطاء عند الله فقالوا : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) [الزمر:3] ، فأخبر سبحانه أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، فهو الذي يأذن للشافع والمشفوع فيه ، وهو الذي يحدد لهم نوعية الشفاعة ، فالأدلة مجتمعة على أنه لا خالق للكون إلا الله ، ولا مدبر له سواه ، وأنه الملك الحق الدائم القائم بسياسة خلقه إلى غايتهم.

  2. #12
    عضو
    رقم العضوية
    7179
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    63
    جزاك الله خير

  3. #13
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aaa111 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير
    وجزاك بمثله ان شاء الله وبارك فيك.

  4. #14
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (4) القدوس :
    التقديس في اللغة التطهير ، ومنه سميت الجنة حظيرة القدس كما ورد
    عند البزار من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
    عن رب العزة : ( من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه
    في حظيرة القدس ، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه
    في حظيرة القدس ) ، وكذلك سمى جبريل روح القدس قال تعالى :
    ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) [النحل:102].
    والقداسة تعني الطهر والبركة ، وقدس الرجل ربه أي عظمه وكبره ، وطهر
    نفسه بتوحيده وعبادته ، ومحبته وطاعته , ومن ذلك قول الملائكة :
    (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) [البقرة:30] ، فالقدوس لغة يعني المطهر
    المنزه عن كل نقص المتصف بكل أنواع الكمال.
    والقدوس سبحانه هو المنفرد بأوصاف الكمال الذي لا تضرب له الأمثال ، فهو
    المنزه المطهر الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، والتقديس الذي
    هو خلاصة التوحيد الحق إفراد اللَّه سبحانه بذاته وأصافه وأفعاله عن
    الأقيسة التمثيلية والقواعد الشمولية والقوانين التي تحكم ذوات المخلوقين
    وأصافهم وأفعالهم ، فالله عز وجل نزه نفسه عن كل نقص فقال :
    ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [الشورى:11] ، فلا مثيل له نحكم على كيفية أوصافه
    من خلاله ، ولا يستوي مع سائر الخلق فيسري عليه قانون أو قياس أو قواعد
    تحكمه كما تحكمهم لأنه القدوس المطهر المتصف بالتوحيد المنفرد عن أحكام العبيد ، ثم
    أثبت الله لنفسه أوصاف الكمال والجمال ؛ فقال سبحانه بعد نفي النقص مطلقا وجملة :
    ( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [الشورى:11] فلا يكون التقديس تقديسا ولا التنزيه تنزيها إلا بنفي وإثبات ، ومن ثم لا يجوز في حق الله قياس تمثلي أو شمولي وإنما يجوز
    في حقه قياس الأولى لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى ) [النحل:60].

  5. #15
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    بارك الله فيك اخوي

  6. #16
    عضو الصورة الرمزية babyskin
    رقم العضوية
    28639
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    498
    بارك الله فيك

  7. #17
    عضو فعال
    رقم العضوية
    29134
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,461
    بارك الله فيك أخي الفاضل

  8. #18
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امـ حمد مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك اخوي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة babyskin مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (بوعوف) مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أخي الفاضل
    وبارك الله فيكم جميعا وغفر لكم ماتقدم من ذنوبكم وما تاخر
    اللهم آمين...

  9. #19
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (5) السلام :

    السلام في اللغة مصدر استعمل اسما للموصوف بالسلامة ، فعله سلم يسلم سلاما وسلامة ، والسلامة الأمن والأمان والحصانة والاطمئنان ، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة ، والخلاص من كل مكروه وعيب ، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة ، وقيل للجنة دار السلام لأنها دار السلامة من الهموم والآفات ، باقية بنعيمها وأهلها في أمان ما دامت السماوات والأرض ، قال تعالى : ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الأنعام:127] ، ومن السلامة أيضا التحية الخالصة من سوء الطوية وخبث النية ، فسميت التحية في الإسلام سلاما ، روى البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( خَلَقَ الله آدَمَ وَطولهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثمَّ قال اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ، فقال السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ).
    والله عز وجل هو السلام لسلامته من النقائص والعيوب ، فهو الذي سَلَم في ذاته بنوره وجلاله ، فمن جماله وسبحات وجهه احتجب عن خلقه رحمة بهم وابتلاء لهم روى مسلم من حديث أَبِي مُوسَى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) ، وهو الذي سَلَم في صفاته بكمالها وعلو شأنها ، وسلم أيضا في أفعاله بإطلاق قدرته وإنفاذ مشيئته ، وكمال عدله وبالغ حكمته ، وهو سبحانه الذي يدعو عباده إلى السلامة وإفشاء السلام فأثنى على عباده في قوله : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ) [الفرقان:63] ، وهو الذي يدعو إلى سبل السلام باتباع منهج الإسلام كما قال : ( يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ) [المائدة:16] ، وهو سبحانه الذي يدعو عباده إلى دار السلام ويبلغ من استجاب منهم إليها فقال : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [يونس:25] ، فكل سلامة منشأها منه وتمامها عليه ونسبتها إليه.

  10. #20
    عضو مميز
    رقم العضوية
    10587
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    3,070
    (6) المؤمن :
    المؤمن في اللغة اسم فاعل للموصوف بالإيمان ، وأصله أمن يأمن أمنا ، والأمن ما يقابل الخوف ، والإيمان في حقنا هو تصديق الخبر تصديقا جازما ، وتنفيذ الأمر تنفيذا كاملا ، فمن الأول قول إخوة يوسف لأبيهم : ( وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) [يوسف:17] ، ومن الثاني ما رواه البخاري من حديث ابن عباس في وفد عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهم : ( أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللهِ وَحْدَهُ ؟ قَالُوا : الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ ) ، أما اسم الله المؤمن ففيه عدة أقوال يدل عليها الاسم ويشملها لأنها جميعا من معاني الكمال الذي اتصف به رب العزة والجلال :
    القول الأول : أنه الذي أمَّنَ الناس ألا يظلم أحدا من خلقه ، وأمَّن من آمن به من عذابه ، فكل سينال ما يستحق ، قال تعالى :(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيما ً) [النساء:40] ، وقال : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [الكهف:49].
    القول الثاني : أن المؤمن هو المجير الذي يجير المظلوم من الظالم ، بمعنى يؤمنه من الظلم وينصره ، كما قال : ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )[المؤمنون:88] ، وقال : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ الله وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) [الملك:28] ، أي لن يجدوا ملاذا ولا مأمنا ، وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث أَبِي هُرَيْرَة أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقول : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذلةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ) , وعند البخاري ومسلم من حديث أَبِي مُوسَى الأشعري أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفلِتْهُ ، قَالَ ثُمَّ قَرَأَ :(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القرَى وَهي ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) ).
    القول الثالث : أن المؤمن هو الذي يصدق المؤمنين إذا وحدوه ، لأنه الواحد الذي وحد نفسه فقال : ( شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِما بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) [آل عمران:18] ، وهذه الآية تحمل أعظم المعاني في كشف حقيقة التوحيد وكيف خلق العباد من أجله ؟
    وبيان ذلك أننا لو فرضنا بقياس الأولى ولله المثل لأعلى طلابا وأساتذة ومقررا واختبارا ، وبعد الاختبار تنازع المجتهدون من الطلاب مع الكثرة الغالبة في صحة ما أجابوا به ، فزعم الخاسرون أنهم على الصواب وأن إجابتهم توافق المنهج المقرر في الكتاب وأن المجتهدين من الطلاب هم المخطئون في إجابتهم ، ثم بالغوا وطلبوا شهادة أستاذهم ، فشهد بخطئهم وصحة جواب المجتهدين ، فكذبوا أستاذهم وطلبوا شهادة الأعلى من المتخصصين ، فشهدوا لأستاذهم وللطلاب المجتهدين ، فكذبوهم وطلبوا شهادة من وضع الاختبار ، ومن يرجع إليه القرار ، وأقروا على أنفسهم أن شهادته ملزمة لهم وأنها فصل المقال ، فشهد من وضع الاختبار بصحة جواب المتخصصين والأساتذة والطلاب المجتهدين وكانت شهادته للجميع إخبارا وتصديقا وقولا فصلا وإعلاما وحٌكما عدلا لا مجال لرده ولا معقب لحكمه .
    إذا علم ذلك فالله عز وجل وله المثل الأعلى جعل قضية الخلق هي شهادة ألا إله إلا الله وأنه لا معبود بحق سواه ، وجعل أحكام العبودية أو الأحكام الشرعية هي المنهج المقرر على طلاب السعادة في هذه الدنيا كما قال : ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [البقرة:38] ، فإذا أهمل طلاب السعادة منهج الهداية ، وجعلوا سعادتهم في عبودية الشهوات والشبهات وتناسوا مرحلة الابتلاء والكفاح والرغبة في النجاح والفلاح ، وتسببوا في ضلالهم بمخالفتهم رسلهم ، ثم أعلنوا زورا وبهتانا أنهم كانوا على الصواب ، وأنهم الكثرة الغالبة عند الحساب ، وأنهم أجابوا بادعائهم وفق ما تقرر في الكتاب ، فكذبوا على أنفسهم كما ذكر الله في شأنهم : ( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون ) [الأنعام:23/24] ، وهنا شهد أولو العلم وشهدت الملائكة بضلال المشركين وصحة ما جاء عن رسلهم ، وشهد الله بصدق المرسلين وخسران المشركين تصديقا للموحدين وإنصافا لمذهبهم وتكذيبا لأعدائهم وتصديقا للملائكة وأولي العلم ، فهو سبحانه المؤمن الذي شهد أنه لا إله إلا هو ، وأن هذه الكلمة هي كلمة الحق وحقيقة التوحيد وأنها رد على جميع من ضل من العبيد ، فتضمنت كلمة التوحيد أجل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها من أجل شاهد بأجل مشهود به ، فشهادة الله سبحانه لنفسه بالوحدانية والقيام بالقسط تضمنت عند السلف أربع مراتب ، علمه سبحانه بذلك وتكلمه به وإعلامه وإخباره لخلقه وأمرهم وإلزامهم به ، وعبارات السلف في الشهادة تدور على الحكم والقضاء والإعلام والبيان والإخبار ، وهذه الأقوال كلها حق لا تنافي بينها فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره ، وتتضمن إعلامه وإخباره وبيانه .
    القول الرابع : أن المؤمن هو الذي يصدق مع عباده المؤمنين في وعده ، ويصدق ظنون عباده الموحدين ولا يخيب آمالهم ، قال تعالى : ( قُلْ صَدَقَ الله فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [آل عمران:95] ، وقال : ( ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ) [الأنبياء:9] ، وعند البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا : ( يَقُولُ الله تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي .. الحديث ) ، وعند النسائي وصححه الألباني من حديث ابْن عُمَرَ أنه قال : ( قَامَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكة عَلَى دَرَجَةِ الْكعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأثنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ ) ، فالمؤمن في أسماء الله هو الذي يصدق في وعده وهو عند ظن عبده لا يخيب أمله ولا يخذل رجاءه ، وجميع المعاني السابقة حق يشملها تفسير الاسم.

صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •