ليس لأنني لم أتوقع ذلك
ولكن لأن الإنسان في غمرة انبهاره وسعادته باللحظات الحاضره
يتناسى النظر للمستقبل البعيد المحمل بقوانين الحياة وسياسة التاريخ التي تتكرر بغباء متواصل
يغفل عن الحكمة التي علمتها إياه الأيام وأن لا شئ يدوم على حاله ، ببهجة الحاضر
التي تحمله معها نحو أفق مضيئ بالسرور ..
أصدقاء كثر يتفلتون من بين أيامنا
دون أن نراهم
نجلس معهم
نتجاذب الذكريات ونتقاذفها في سرور بالغ
وروح عذبة وجمال لا يشوبه شئ
الأيام تحمل في كأسها علقما مرا
وفي جنباتها فراق مؤلم
وعلى أكتافها ظروف توزعها دون أن نعلم ألى أين تأخذنا
توزعها علينا كما يوزع الرجل الحلوى على الأطفال
دون أن يعي ويدرك كل طفل طعمها ومذاقها
نبتعد عن أصدقائنا ويبتعدون عنا
وتبقى الذكريات طفل مشاغب يعبث بالروح ويدغدغها
وأحيانا يجرحها بالشوق لماض ولى ولحظات ربما لن تعود
هل يكفي أن نستمتع بالذكريات و "نمزمزها" في حبور ؟ !
لا أدري كيف أسيطر على الإندفاع العاطفي الذي يتملكني تجاه أصدقائي
وتجاه كل من اتعامل معه ويتعامل معي بلطف وجمال وروعة
الإندفاع العاطفي يكلفني كثيرا من الجهد النفسي والوقتي والوفاء لهكذا مشاعر
ثم أجدا الأيام تقطع اللحظات ويقفي كل واحد من جهته .
أمر صعب جدا أن نشعر بالحنين للحظات ولت
كبرنا فكبرت همومنا ومسؤلياتنا ونوعية مباهجنا
حتى تلك الأمور التي كانت تبهجنا بدأت تضمحل وتختفي
ولم نعد نشعر بذلك الوهج الذي كانت تسببه لنا
أحيانا أشتاق بشدة لذلك العشق الذي كنت أحمله ليوم الخميس
وما يحمله لي من فرص للعب مع الأصدقاء والخروج من البيت
والإحساس بالحرية وأن لا أحمال على الظهر
"كانت الحياة جنة وملعبا فقط في تلك اللحظات وبعض الحلوى" ..
الآن لم يعد هناك خميس كالذي كنت أعرفه وأشتاق له ..
إن كان كل هذا الشوق ليوم لا يسمع ويشعر
فكيف بالأصدقاء الذين شاركونا أجزاء من أرواحنا
تعلقت بهم وذهبت معهم ..
لا أدري هل علي أن أسعد بالذكريات لأنني عشتها أم أتوجع من فقدها ..
لا أدري هل علي أن أكتفي بالحنين وأمضي مثلما مضوا ..
أم أقف على أطلال الذكريات أحمل على كتفي حنينا وشوقا .. ولهفة لا تجارى ..
أعرف أنها لحظات سعيدة يجدر بي أن أرقص معها وأمضي
مثلما أعرف أنني أشتاق لها ولكل ما كانت تحمله معها من سرور
حياتنا لحظات تمضي .. الأجدر أن نستغلها ونتنفس بهجتها دون إلتفات للمستقبل
لنبدأ موضوعنا من البداية ..
هل علينا أن نلتهي بسعادتنا أم نتوخى الحذر خوفا من المستقبل المؤلم أو السعيد ؟