60 % من شركات التأمين في السعودية تعجز عن الوصول لـ «نقطة التعادل»
الشرق الأوسط 27/02/2010
عجزت 16 شركة تأمين من أصل 28 شركة مدرجة أسهمها في السوق المالية لتداول الأسهم في السعودية عن الوصول إلى نقطة تعادل تنطلق من خلالها إلى مرحلة الأرباح، وسط تشديدات صارمة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، الجهة المشرفة على القطاع، على ترخيص المنتجات والتأكيد على قوتها وآليات عملها ومددها.

وتعمل في السعودية حاليا «مؤسسة النقد» وهي البنك المركزي في البلاد على الترخيص لشركات التأمين حيث وافقت على عمل 28 شركة تأمين تم إدراج أسهمها في السوق المالية، بينما سمحت لعشرات الشركات الأخرى للعمل كوسطاء تأمين ووكلاء وخبراء إكتواريين ومقدري خسائر واختصاصيي تسوية مطالبات واستشاريي تأمين.

وانتهت النتائج المالية النهائية لشركات التأمين المدرجة بنجاح 8 شركات فقط من أصل 27 شركة في إعلان عن نتائج مالية رابحة، في حين خلد البقية إلى الخسارة، باستثناء 6 شركات سمح لها القانون بعدم الإعلان حتى استيفاء المدة القانونية بعد الإدراج، ليكون مجموع أرباح الشركات الكاسبة 533 مليون ريال (142 مليون دولار).

وأعاد عبد الله الفوزان رئيس مجلس إدارة شركة «وقاية للتأمين وإعادة التأمين التعاوني» أسباب ذلك إلى عدة عوامل مختلفة منها قلة الخبرة لدى بعضها في إدارة استثماراتها في وقت الأزمات والتذبذب المستمر في الأسواق المحلية والعالمية.

ولفت الفوزان إلى أن النظام الرقابي يفرض على شركات التأمين التعاوني الاستثمار في أدوات استثمارية قصيرة الأمد ومرابحات وإجارات متدنية المخاطر، وهذا لا يحقق لها في هذه المرحلة إلا عوائد متدنية جدا، نتيجة لانخفاض سعر الفائدة في القطاع المصرفي المحلي إلى مستويات متدنية غير مسبوقة، مضيفا أن أغلب الشركات حديثة التأسيس وهي مرحلة تتطلب الكثير من النفقات والمصاريف، والمعالجة المحاسبية المتبعة في الغالب الأعم لا تكون رسملة وإنما مصاريف فترة.

ويرى الفوزان أن تكون المرحلة القادمة إيجابية للشركات التي تتعامل مع نشاط التأمين كصناعة، وسلبا للشركات التي تتعامل مع التأمين كتجارة، في إشارة إلى أن التأمين ليس منتجا أو خدمة تباع وتقبض مقابلة نقد أو ورقة مالية وينتهي الأمر، بل صناعة معقدة ترتبط بتدفقات نقدية ومطالبات ودعاوى ومبيعات ووسطاء ووكلاء تأمين، وعملاء وإعادة تأمين وتدفقات نقدية مخصومة وأنظمة.

وتوقع رئيس مجلس إدارة شركة «وقاية» أن لا يكون هناك تغير جوهري في الوضع خلال الربع الأخير من عام 2009، بيد أنه أشار إلى احتمالية أن تبدأ شركات التأمين التكافلي بتقديم نتائج جيدة في النصف الثاني من العام المقبل.

من ناحيته، يقول يوسف الحمدان رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية الفرنسية للتأمين (إليانز) أن الشركات القائمة معظمها جديدة وليس من المتوقع أن تربح، بل ينتظر أن تبقى في مدة بين 3 إلى 4 سنوات حتى تنجح في تكوين قاعدة عملاء كبيرة حيث يتزايد لديها حجم المؤمّنين وتتوزع لديها المخاطر وتصل إلى مرحلة «نقطة التعادل» وتبدأ مرحلة تحقيق الربح.

وأضاف الحمدان أن النتائج الحالية لا تمثل في رأيه إشارة سلبية، مع الأخذ في الحسبان المدة الزمنية المقدرة لتحقيق الربح أو حتى الوصول إلى مستوى «نقطة التعادل» خلال 3 سنوات، مؤكدا أن حسبة التكاليف تعتبر عالية في إنشاء شركة تأمين متكاملة وسط ارتفاع كلفة الكوادر وعملية التوظيف والتجهيزات المكتبية والفنية.

وأبان الحمدان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مستقبل التأمين التعاوني واعد بلا شك، لكن لا بد من انتظار المدة الزمنية الذي أشار إليها آنفا، مفيدا بأنه سينجح ويقدم نفسه كمنتج مهم وحيوي للسكان من المواطنين والمقيمين.

وتوقع الحمدان أن يشهد قطاع التأمين عمليات اندماج واستحواذ خلال الفترة المقبلة ربما تبدأ من العام المقبل، مشيرا إلى أن العدد كثير حاليا، على الرغم من قدرة السوق على الاستيعاب، لكنه لفت إلى أن تقلص العدد الحالي إضافة إلى زيادة المنافسة سيخلق سوقا محترفة وذات كفاءة عالية. في مقابل ذلك، جاءت نتائج الشركات المدرجة تحت قطاع التأمين على موقع الشركة (تداول) وهي النظام الآلي لتداول الأسهم السعودية، وفق قراءة جديدة حيث استبدلت بند «مليون» بعد الرقم المرصود بـ«آلاف» في وقت أكد فيه محمد العمران وهو محلل مالي سعودي أنها صحيحة، على اعتبار أن المقصود هو عملية تسهيل وتشكيل اختلاف في طريقة عرض النتائج المالية.

ولفت العمران في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك ممكن على اعتبار قدرة المتداول إدراكها، فيما توجد بنود كثيرة تختلف فيها طبيعة عمل شركات التأمين، بينما يرى عبد الحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن المفترض أن تواصل هيئة السوق المالية في فرض توحيد شكل الصياغة لبنود النتائج المعلنة على موقع «تداول» رفعا للحرج.

وقال العمري: «ما دام أن الهدف هو الإفصاح ولتحقيق هذا الهدف يفترض أن توحد صيغة كتابة الأرقام»، مضيفا أنه يمكن الاستعانة بتجربة «الشيك» عبر إضافة خانة يمكن فيها كتابة الرقم بالحروف مثلا، وبالتالي يدفع أي احتمالية لوقوع الخطأ.