الصناديق الاستثمارية بين الحاجة إلى التوسع وضرورة التنظيم والرقابة


تحقيق: فؤاد جشي

دعا خبراء في الأسواق المالية المحلية الى تنظيم قطاع صناديق الاستثمار في الدولة مع تزايد الحاجة لهذه الصناديق الآن بعد التطورات التي شهدتها اسواق الأسهم خلال الفترة الأخيرة، وأسفرت عن خسائر مهمة تكبدها صغار المستثمرين بسبب دخولهم الى عمليات التداول بشكل فردي بعيداً عن أنشطة الصناديق برغم ضعف خبرتهم ومعرفتهم بأساليب الاستثمار في أسواق الأسهم.واعتبروا ان من الضروري تنظيم نشاط صناديق الاستثمار بقوانين وأنظمة تفصيلية تحدد طبيعة هذه الصناديق وأنواعها وطريقة إدراجها في الأسواق المالية وكذلك علاقتها مع المستثمرين عبر إجراءات لضبط الشفافية والإفصاح تضمن الوضوح في عمل الصناديق وأساليبها في الاستثمار، وتضبط كذلك سلوك مديري المحافظ بما يوفر للمستثمرين الاطمئنان لسلوك المديرين وعدم استغلالهم لمواقعهم من أجل تحقيق مكاسب خاصة لهم على حساب المستثمرين في الصناديق.

ورأى الخبراء ان من الضروري ان تبدأ صناديق الاستثمار بالتوسع ولكن على أساس التدرج في تطبيق الأساليب الاستثمارية الحديثة بما يتناسب مع درجة الوعي الاستثماري لدى صغار المستثمرين وصولاً الى درجة التطور المطلوبة على هذا الصعيد، والتي يمكن عندها تطبيق أنظمة تصنيف صناديق الاستثمار وفقاً لطرق التصنيف المعتمدة في الأسواق العالمية، وبحيث يُتاح لكل المستثمرين معرفة مستوى كل صندوق يمكن الاستثمار فيه من حيث جودة استثماراته ودرجة كفاءة المديرين والقائمين عليه والأسهم التي يستثمر فيها ودرجة المخاطرة في تركيبة المحفظة الاستثمارية للصندوق وقدرته على التسييل السريع لتجنب الخسائر في حال الهبوط المفاجىء للأسواق، وكذلك مستوى الإفصاح والشفافية في الصناديق واستجابتها للمعايير العالمية في الاستثمار.

وأكدوا أن اعتماد الضوابط والمعايير العالمية في عمل صناديق الاستثمار من شأنه معالجة الظواهر السلبية التي يشكو منها المستثمرون وفي مقدمتها امكانية ان يستخدم بعض القائمين على صناديق الاستثمار أحياناً سلطتهم في توجيه استثمارات هذه الصناديق بما يخدم مصلحتهم واستثماراتهم الخاصة، موضحين أن وجود قوانين تنظم عمل الصناديق سيضمن معالجة هذه الظواهر وكذلك امكانية معاقبة الأفراد الذين يستفيدون من مواقعهم لخدمة مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة المستثمرين في الصناديق حيث تتيح الضوابط القانونية في هذه الحالة ملاحقة هؤلاء واتخاذ العقوبات بحقهم.

وقال شهاب قرقاش المدير التنفيذي لشركة “ضمان” إن من الضروري ان يتم تنظيم قطاع صناديق الاستثمار من خلال قانون ينظم هذا القطاع ويضمن وجود صيغة قانونية لتمثيل صندوق الاستثمار باعتباره شخصية اعتبارية وفق التوصيف القانوني المتبع في الأسواق العالمية.

واعتبر ان من الضروري أن يكون بإمكان المستثمرين تأسيس الصناديق وتسجيلها في الدولة وفق صيغ قانونية واضحة تضمن سلامة وضع هذه الصناديق.

ورأى ان تنشيط قطاع صناديق الاستثمار يستلزم وجود رقابة فاعلة على هذه الصناديق من قبل جهات الرقابة المختصة في الدولة مثل المصرف المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع.

وأوضح ان وضع تصنيف لصناديق الاستثمار تقوم بإعداده شركات مختصة يحتاج أولاً إلى استقرار قانوني في وضع الصناديق من خلال قانون يعالج كافة جوانب، بما فيها تحديد حدود صلاحيات مديري الصناديق وما هو تصرف قانوني في إدارتهم وما هو غير مقبول قانونياً على صعيد إدارتهم للاستثمارات في الصناديق مع تحديد واضح لطبيعة العلاقة بين مديري الصناديق والاستثمارات الموظفة لديهم.

وقال زياد الدباس مدير دائرة الأسهم في بنك أبوظبي الوطني ان وجود غالبية صناديق الاستثمار حالياً تحت مظلة البنوك يجعلها في إطار رقابة المصرف المركزي الأمر الذي يحفظ حقوق المستثمرين في هذه الصناديق ويضمن وجود أموالهم في أمان من خلال إدارات المحافظ.

ورأى انه يمكن لهيئة الأوراق المالية والسلع باعتبارها الهيئة المسؤولة عن الرقابة على أسواق المال في الدولة ان تتولى كذلك الرقابة على صناديق الاستثمار، وذلك من خلال شروط إدراج الصناديق في الأسواق المالية حيث يُفترض ان تدرج الصناديق لتحقيق أفضل درجات الشفافية والإفصاح في أدائها.

واعتبر أن توسع صناديق الاستثمار من شأنه ان يعالج وضع الأسواق المالية ويعطيها درجة أكبر من الاستقرار في أدائها لأن القرارات الاستثمارية التي يتخذها مديرو الصناديق تُتخذ على أسس فنية سليمة وليس بطريقة عشوائية كما يحصل من قبل المستثمرين الأفراد، علماً بأن 80% من الاستثمارات في الأسواق العالمية تدار من خلال الصناديق في حين لا تزال نسبة الاستثمارات التي تدار من قبل الصناديق في أسواقنا المالية بحدود 10%.

وأكد ان تطوير قطاع صناديق الاستثمار يتطلب تعزيز الوعي الاستثماري في الدولة وإدراج الصنادق في الأسواق ليسهل تداولها وكذلك تحسين شروط ومعايير العمل في هذه الصناديق بما يتوافق مع الشروط العالمية.

ورأى من الضروري ان يكون هناك تدرج في توسيع الاستثمار في الصناديق لتعزيز الوعي لدى المستثمرين تدريجياً فنبدأ بصناديق الاستثمار المفتوحة ثم نتوسع إلى الصناديق المتنوعة من حيث تركيبة الأدوات الاستثمارية، والتي تشمل الأسهم المحلية والخارجية والسندات والأدوات المالية المتطورة وصولاً إلى مرحلة يكون بالإمكان إعطاء تصنيف لصناديق الاستثمار في الدولة.

وقال ناصر النابلسي الرئيس التنفيذي لشركة مال كابيتال ان تنشيط قطاع صناديق الاستثمار سيوسع قاعدة الاستثمار علماً بأن الصناديق لا تزال أداة استثمارية حديثة نسبياً في المنطقة عموماً.

ورأى ان المعايير التي يطبقها المصرف المركزي حالياً في الرقابة على صناديق الاستثمار معايير جيدة وتضاهي ما هو مطبق عالمياً وخصوصاً على صعيد إدارة المخاطر في الصناديق التي تعتبر من أهم الإدارات التي ينبغي ضبط عملها.

واعتبر أن من الضروري ان تعلن الصناديق أرباحها بشكل دوري ليعرف المستثمرون وضع استثماراتهم فيها. على ان توضع القوانين اللازمة لتحقيق أفضل درجات الإفصاح والشفافية في عمل الصناديق.

ورأى ان تصنيف صناديق الاستثمار تقوم به شركات وهيئات متخصصة في الأسواق العالمية ومن الممكن ان يكون لدينا مستقبلاً تصنيف للصناديق في الدولة.

وقال محمد علي ياسين مدير عام مركز الإمارات التجاري إن من الضروري أن تكون هناك هيئة تجمع صناديق الاستثمار بما يخدم مسار الأسواق المالية في الدولة. واعتبر أن ضمان التزام صناديق الاستثمار يمعايير الأداء العالمية ينبغي ان يتم من خلال شروط الترخيص لصناديق الاستثمار، مؤكداً ان توسع صناديق الاستثمار وإيجاد أدوات استثمارية جديدة من شأنه تعزيز أداء الأسواق.