هجر الدولار ضروري لقيام وحدة نقدية بالخليج
وكالات 03/06/2010
حذر ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي، من خطر استمرار فقدان السياسية المالية والنقدية المستقلة في الخليج، بسبب ارتباط اقتصاد المنطقة الشديد بالدولار، معتبراً أن الخروج من إطار العملة الأمريكية أمر ضروري لقيام الوحدة النقدية في الخليج.

ولم يستبعد السعيدي، في حديث لـcnn بالعربية عودة الإمارات إلى مشروع العملة الموحدة، ملمحاً إلى إمكانية حل عقدة موقع المصرف المركزي التي دفعت الإمارات للانسحاب من المشروع من خلال تقاسم مهام المصرف بين أكثر من دولة.

واعتبر وزير الاقتصاد اللبناني السابق أن عام 2008 شهد "انهيار الإمبراطورية المالية الأمريكية" ما يرتب ضرورة أن يدير العرب ثروتهم بأنفسهم.

ورداً على سؤال حول فرص عودة الإمارات لمشروع العملة الخليجية قريباً قال السعيدي إن الأهم هو ما يجري حالياً من خلال توحيد الأسواق الخليجية، وقد بدأ الأمر بتوحيد البنية التحتية وربط الشبكات، كمقدمة لإزالة الحواجز أمام تبادل البضائع والخدمات، ومن ثم السير نحو توحيد السياسة النقدية، وصولا لعملة موحدة.

وقال: "أعتقد أن هذا سيحسن الوضع الدولي الخليج، وبعد إصدار العملة سيكون لدينا عملة قوية يمكن استخدامها كأصول تحوّطية دولية."

وأضاف "بالنسبة للإمارات وسلطنة عُمان، فقد كان لديهما ملاحظات حول توحيد السياسة المالية، ولذلك لم تنضما للمشروع، وهذا لايعني أنهما لن تنضما مستقبلاً، ولكن هذا في نهاية المطاف قرار سياسي، والاتحاد النقدي دون الإمارات ليس اتحاداً فعلياً، ووجود الإمارات في الاتحاد واجب لأنها صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي وخليجي."

ورأى السعيدي أن على الإمارات أن تشكل "جوهر هذا الاتحاد" مع السعودية، ولكنه أشار إلى ضرورة أن يصاغ عرض العودة لمشروع الوحدة النقدية بطريقة "جاذبة للإمارات" عبر جعلها مركزاً للمصرف المركزي الخليجي.

وحول التعثر المتواصل على صعيد تحديد الموعد النهائي لإطلاق العملة الخليجية الموحدة اعتبر السعيدي أن دول المنطقة قد استوفت كافة المعايير الموجبة للوحدة، لأن لدينا مستويات تضخم منخفضة واحتياطيات مالية أجنبية مرتفعة ومستويات ديون منخفضة.

ولفت السعيدي إلى أن دول المنطقة لديها "سياسة مالية موحدة على أرض الواقع، لأنها جميعها مرتبطة بالدولار، باستثناء الكويت المرتبطة بسلة عملات، مشكلة بمعظمها من الدولار."

غير أنه اعتبر أن الوصول لوحدة نقدية بحاجة لأمرين مهمين، الأول وضع نظام مشترك للدفع بين كل دول المنطقة، والثاني- والذي وصفه بأنه الأكثر أهمية - فهو "السيطرة على النقد وأسواق الدين، لأن ذلك هو الطريق للحصول على سياسة مالية أكثر استقلالية."

وفي إشارة حول السياسية النقدية الخليجية، قال السعيدي إن السيطرة على النقد والأسواق: "لن يتم طالما استمر الارتباط بالدولار، لأن ذلك يرتب على المرتبطين اتباع سياسة المصرف الفيدرالي الأمريكي."

وأضاف: "كان للارتباط بالدولار بعض المكاسب، لكن ليس دائماً، كما جرى بأزمة الركود، فعندها فلم يكن لدينا مرونة بالسياسة المالية ولم نتمكن من تعديل أسعار الصرف، وفقدان السيطرة على السياسة المالية تعني عدم القدرة على اتخاذ القرارات والخطوات التي قد تؤمن الحماية من الأزمات الدولية والركود."

وتابع بإيضاح وجهة نظره بالقول: " فلننظر إلى ما حدث في الأزمة الأخيرة، المصرف المركزي الإماراتي لم يتمكن من التدخل في سوق المال مطلع عام 2009 لأن ليس لديه سندات حكومية، لو كان للمصرف سندات لتدخل واشتراها من السوق وضخ السيولة بدلاً منها، وكن فقدان تلك الأداة المالية كان يعني عدم القدرة على التحرك لمعاجلة ما يلحق بالسيولة، ولذلك فإن التقدم يفترض وضع اليد على أسواق النقد والدين."

وأقر السعيدي أن العودة إلى الوحدة النقدية في نهاية المطاف هو "قرار سياسي،" ملمحاً إلى أنه يمكن إيجاد مرن لأزمة موقع المصرف المركزي الذي احتجت الإمارات على وجوده في جدة السعودية عبر هيكلة مهامه بأكثر من بلد، كأن تضع مهام السياسة المالية في الإمارات، ومهام طباعة العملة في السعودية مثلا.

وبالنسبة للاقتصاد العالمي، رأى أن أزمة عام 2008 المالية شكلت لحظة مفصلية في التاريخ، لأنها مثلت لحظة ما قال إنه "انهيار الإمبراطورية المالية الأمريكية" كما شكلت حرب السويس وانهيار جدار برلين منطلقاً لانهيار الإمبراطوريتين البريطانية والسوفيتية.

وأضاف: "تأثير أزمة 2008 على المصارف والمال بأمريكا سيكون طويل الأمد، ولن يعودا إلى وضعهما السابق، بينما الأسواق النامية تنمو بسرعة بحيث أن معظم إنتاج العالم اليوم يأتي من الشرق الأوسط وآسيا، ما سيمنح الصين فرصة التحول لأكبر اقتصاد عالمي بعد وبعد 15 سنة.

وعن انعكاس ذلك على المنطقة المرتبطة بالدولار منذ عقود قال السعيدي: "علينا أولاً أن ننمي أسواقنا، هذا أمر أساسي تعلمناه من الأزمة هو وجود سوق محلي للعملة والديون كي نتمكن من التدخل،وأقول بجملة واحدة أن علينا اليوم إدارة ثروتنا بنفسنا عوض تركها لتدار في لندن ونيويورك وفرانكفورت وزيورخ."

وتابع بالقول: "في المستقبل سنحتاج إلى مرونة أكبر بأسعار الصرف، أعتقد أن علينا الارتباط بسلة عملات تضم الدولار طبعاً واليورو والين، ولكن الأهم هو وجود اليوان الصيني، بعد انفتاح الحسابات النقدية في بكين، ومع انطلاق العملية الموحدة التي أسميها "خليجي" ستصبح هي نفسها عملة تحوط للدول المستوردة للنفط."