بواسطة صلاح صبح بتاريخ 22 يونيو 2010

هل صحيح ما يتردد في أوساط المستثمرين عن وجود عمليات «بيع على المكشوف» أو «Short Selling» تجرى بين فترة وأخرى في «سوق دبي المالي»، وأنها كانت وراء الصعود الصاروخي لسهم «إعمار» في جلسة بداية الأسبوع؟
وهل صحيح ما يتناقله «مستثمرون غاضبون» عن «تغافل» الجهات الرقابية عن هذه العمليات غير القانونية – إذا ما وجدت – والتي تقوم على «اتفاقات سرية»، تحت ذريعة أن المهم حالياً هو تنشيط التداولات واجتذاب السيولة، بغض النظر عن أي مخاطرة أو ضحايا محتملين؟

في عمليات «البيع على المكشوف»، يقوم المستثمر ببيع أسهم لا يملكها لتوقعه انخفاض أسعارها، على أن يشتريها فيما بعد من السوق بسعر أقل ويردها إلى مالكها الأصلي في موعد لاحق يتم الاتفاق عليه مسبقاً، ليحقق من وراء هذه العملية أرباحاً ناتجة عن فارق الأسعار، يحصل الأخير (المالك الأصلي) على نسبة منها، مع العلم أنه سيتعرض بطبيعة الحال إلى خسائر فيما لو ارتفعت أسعار هذه الأسهم.

عالمياً، هناك كثيرون تمكنوا من تحقيق ثروات ضخمة عبر القيام بعمليات مضاربة عالية المخاطر كما في هذا النوع، أبرزهم الملياردير الأمريكي جيمس تشانوس، الذي تمكن من جمع أموال طائلة من الرهان على انهيار سهم شركة «إنرون» الشهيرة.

لكن «البيع على المكشوف»، أو «بيع الأسهم المقترضة» كما يحلو للبعض تسميتها، ليس مسموحاً به حتى الآن في السوق الإماراتية، ومن هذا المنطلق، يعتبر جرماً يحاسب عليه القانون.

الجدل حول حدوث عمليات من هذا النوع، عاد ليفرض نفسه مجدداً عقب جلسة الأحد 20 الجاري التي صعد فيها سهم «إعمار» بنسبة 9 بالمئة، دون وجود أسباب منطقية تبرر هذه «القفزة الرشيقة» التي تزامنت مع انتعاش ملحوظ في تعاملات المستثمرين الأجانب، حيث فاقت مشترياتهم قيمة المبيعات بأكثر من 44 مليون درهم على غير ما تعودت عليه السوق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

وهذا الأمر، دفع البعض إلى توجيه أصابع الاتهام إلى وسطاء بأعينهم يقومون بهذه العمليات لمصلحة «مغامرين» أجانب.

لست من هواة نظرية المؤامرة، ولا أتفق على الإطلاق مع من يعتقد أن المستثمرين الأجانب أكثر ذكاء من نظرائهم المحليين وأن لديهم قدرة على تحقيق الأرباح مهما كان وضع السوق.

لكن في مثل هذه الحالة، يحتاج الأمر إلى قيام الجهات الرقابية بإجراء تحقيق «فوري ودقيق» حول ماهية هذه الأموال الأجنبية التي ظهرت فجأة، وهي تمتلك القدرة والأدوات اللازمة لذلك، إذا ما رغبت.

هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن حدوث عمليات «بيع على المكشوف»، كما أنها ليست المرة الأولى (ولن تكون الأخيرة) التي لا تحرك فيها الجهات المعنية ساكناً لتأكيد أو نفي الأمر.

لقد حدث ذلك في بدايات الأزمة المالية العالمية، وتحديداً في النصف الثاني من العام 2008، عندما ترددت «شائعات» عن قيام مضاربين أجانب بإجراء عمليات «بيع على المكشوف» لأسهم شركات مدرجة في «سوق دبي»، ما تسبب حينها في تهاوي أسهم قيادية بالحدود القصوى (15 بالمئة) قبل أن تتدخل الجهات الرقابية وتقلص النسبة القصوى للهبوط إلى 10 بالمئة فقط. وقيل حينها إن جهات رقابية ستقوم بالتحقيق في الأمر.

أخيراً، بدأ الحديث عن هذه العمليات يأخذ طابعاً علنياً شيئاً فشيئاً، ولم يعد مجرد شائعات وأقاويل يرددها «مستثمرون فقدوا رشدهم وهم يتابعون أموالهم تتبخر في قاعات التداول» على حد تعبير أحد المسؤولين الذين نفوا قطعياً حدوث هذه العمليات، ولاسيما بعد ظهور خبراء يتحدثون عن الآثار السلبية لـ«البيع على المكشوف» عبر قنوات فضائية ووسائل إعلام مختلفة.

ورغم كل ذلك، لا أحد يعلم ما إذا كان هناك تحقيق قد أجري بالفعل حول التداولات «غير البريئة» التي تمت خلال النصف الثاني من العام 2008، – وهو الأمر الذي تعهد به مسؤولون حينها – كما أن أي جهة معنية، لم تعلن حتى اليوم أنها بصدد وضع آليات لرصد ووقف مثل هذه العمليات «غير القانونية».

الجميع يريد أن تعود الأسهم إلى الارتفاع، وأن تعوض خسائرها القاسية التي منيت بها خلال العامين الماضيين.

لكن، في الوقت نفسه، لا أحد من أصحاب الضمائر الحية يقبل بهذه الارتفاعات «غير البريئة» والتي تتم بفعل فاعل، والناتجة عن أسباب غير منطقية. أما والأمر على ما هو عليه، فهذه مشكلة كبيرة تتطلب تدخلاً فورياً ممن تهمه مصلحة السوق والمستثمرين، إن كان هناك فعلاً، من لا يزال يهتم.