تبلورت الفكرة الأولية لهذه المشروع قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية التي أثبتت أهمية البحث والتطور التكنولوجي للنجاح العسكري في ساحة المعركة والذي جاء نتيجة مجهودات مجموعة كبيرة من العلماء والأكاديميين خارج المجال العسكري ، وعندما اقتربت الحرب من النهاية وبعد مباحثات تمت بين البنتاغون و مكتب الأبحاث العلمية والتطوير ووزارة الصناعة أصبح من الجلي الحاجة لهيئة مستقلة للربط بين التخطيط العسكري بنتائج البحث العلمي والتطوير .
كانت بداية المشروع في اليوم الأول من اكتوبر 1945 في اجتماع عقده وزير الدفاع الأمريكي آرنولد هاب ( H. H. "Hap" Arnold ) وأعطى الأمر بإنشاء مشروع للأبحاث والتطوير يعمل لصالح وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) ، وكبداية للمشروع سيعمل وبصورة مؤقتة تحت عقد خاص مع شركة دوجلاس للملاحة الجوية في سانتا مونيكا بكاليفورنيا ، وكان من أهم الشخصيات التي لعبت دورا ً هاما ً في إنشاء المشروع بالإضافة إلى وزير الدفاع كان هناك :
إدوارد باولز ( Edward Bowles ) المستشار في وزارة الدفاع .
اللواء كرتيس ليماي ( Curtis LeMay ) أول رئيس معين رسميا ً لمشروع راند .
الجنرال لورس نورستاد ( Lauris Norstad ) مساعد رئيس الطاقم الجوي والتخطيط في وزارة الدفاع .
دونالد دوجلاس ( Donald Douglas ) رئيس شركة دوجلاس للملاحة الجوية .
آرثر ريموند ( Arthur Raymond ) رئيس المهندسين في شركة دوجلاس .
فرانكلن كولبم ( Franklin Collbohm ) مساعد رئيس المهندسين في شركة دوجلاس .
ظهر أول بحث لهذا المشروع في مارس 1946 بعنوان ( النموذج التجريبي لسفينة فضاء تدور حول الكرة الأرضية ) وهذا البحث اعتنى بإعطاء وصف لتصميم محتمل لنموذج قمر صناعي مع عرض طريقة أدائه المحتملة والكلام عن امكانية استخدامه فعليا ً .
وبعد سنة انتقل مقر المشروع إلى قلب مدينة سانتا مونيكا ، وفي العام 1947 بدأ في مدينة نيويورك وكجزء من مشروع راند جلسات تقييم العلماء في مجالات كثيرة كخطوة أولى لضمهم لطاقم الخبراء في المشروع . وفي عام 1948 وصل عدد الخبراء العاملين لدى راند 200 خبير في شتى الحقول كالرياضيات والهندسة والديناميكا الهوائية والفيزياء والصيدلة والاقتصاد وعلم النفس .
استقل مشروع راند بذاته وبشكل نهائي في 14 مايو 1948 بعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات بعقد خاص لدى شركة دوجلاس للملاحة الجوية في سانتا مونيكا ومنذ ذلك الحين أصبحت راند مشروعا ً عسكريا ً مستقلا ً واصبح يحمل اسم شركة راند !! بدلا ً من مشروع راند مع العلم أنها مؤسسة خاصة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) ، وعملية تغيير الإسم بالطبع جزء بسيط من عملية التغطية والتمويه على نشاط هذه المشروع خصوصا ً بعد أن تجاوز المرحلة التجريبية وأظهر كفاءة عالية في المهمات التي أسندت إليه في ذلك الوقت .
والهدف الأساسي من إنشاء مشروع راند هو القيام بالدراسات الدقيقة والأبحاث العلمية الشاملة لتحسين أو تشكيل السياسات الأمريكية وعمليات صنع القرار السياسي والعسكري وإعطاء تشكيلة واسعة من وجهات النظر والخيارات السياسية والآيديولوجية والعسكرية وتقديمها على طاولة أصحاب القرار في الحكومة الأمريكية .
وجدول أعمال راند مرهون بالأولويات التي تحددها الحكومة الأمريكية ويسير معها بخط متواز ٍ ، ففي أثناء الحرب الباردة مع الإتحاد السوفيتي وفي خضم الأبحاث المتعلقة بالدفاع المبكر وأبحاث الفضاء وشؤون السياسة الخارجية اتجه قسم من أبحاث المؤسسة للإحاطة المباشرة بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تفاقمت داخل المجتمع الأمريكي آنذاك .
تقوم مؤسسة راند الذي اشتق اسمها من اختصار كلمتي ( research and development ) أي الأبحاث والتطوير بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ومن ثم تحليلها وإعداد التقارير والأبحاث التي تركز على قضايا الأمن القومي الأمريكي في الداخل والخارج وتساهم في تطوير الكفاءات البشرية والتقنية العسكرية في وزارة الدفاع الأمريكية ، ويعمل في المؤسسة 1600 موظف من شتى الجنسيات والأعراق ويحمل غالبيتهم شهادات أكاديمية عالية .
وتعمل راند على مواجهة التحديات التي تهدد المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم . وتلتزم بعملية مراجعة صارمة ودقيقة لكل ما يصدر عنها من منشورات أو قواعد بيانات أو توصيات عامة . والمؤسسة على أتم استعداد أن تعمل في أي مجال يطلب منها وقد تشفع في بعض الأحيان التحليلات التي تقدمها بمجال واسع من الحلول التي ترتكز على دراسات نابعة من مفهوم المصلحة والمفسدة .
وقد تقوم مؤسسة راند في بعض المناسبات بصياغة التوصيات السياسية أو تأييدها . غير أن ما يبقى عهداً ثابتا على راند هو ابلاغ النتائج التي تتوصل إليها كخدمة حكومية والتي في غالب الأحيان تكون على شكل شهادات يدلي بها خبراء من مؤسسة راند أمام الكونجرس الأمريكي .
ولازالت راند كسابق عهدها تواجه التحديات في جميع أنحاء العالم من خلال العمل على ثلاثة محاور وهي توقع القضايا المحتملة ، والبحث عن طرق جديدة لجمع المعلومات ، وتقسيم خريطة العالم إلى أقاليم لتحديد ردة الفعل المناسبة .
وتعدت الخدمات التي تقدمها راند احتياجات صناع القرار الأمريكي في الوقت الحاضر لتحقق انجازات هامة غير مسبوقة في مجال النظام الفضائي وتأسيس برنامج فضاء أمريكا ، ومساهمات مهمة في مجال تحليل النظم والحاسبات الرقمية والاستخبارات الاصطناعية واعداد الكتل البنائية لتقنية الانترنت التي تستخدم اليوم ومجالات البرمجة الديناميكية والخطية وغيرها الكثير .
وتحمل راند سجلا ً تاريخيا ً من الإنجازات في مجال تطوير استعمال الكمبيوتر فقد صمم موظفو راند وصنعوا أحد أوائل أجهزة الكمبيوتر ويرجع لهم الفضل في تطوير أول أنظمة المحطات الطرفية على الانترنت واختراع تقنية الاتصالات التي أصبحت القاعدة لشبكات الحاسوب الحديثة .
ومؤخرا تم زيادة رقعة مجالات البحث التي تقوم بها مؤسسة راند لتشمل مجالات جديدة كالأعمال الحرة والتعليم والقانون والعلم الحديث ، بل لا يوجد تقريبا ً مجال أو قضية قد تؤثر في المستقبل أو تمس المصالح الأمريكية في الداخل أوالخارج إلا وتدرج ضمن جدول أعمال مؤسسة راند مباشرة ، فمثلا ً نجد أنه بينما تتجه بعض أبحاث المؤسسة نحو رسم الخطوط الدقيقة المستقبلية لتطوير صناعة الطائرات العسكرية يتجه قسم آخر من الأبحاث للتعريف بالأخطار القادمة لوباء السمنة ــ على حد وصف هذه الأبحاث ــ الذي استشرى في المجتمع الأمريكي . وبينما تصدر أبحاث تحذر من انتشار الفساد والجريمة بين طلاب الثانويات العامة نجد هناك أبحاث لتطوير ردة فعل الأفراد لحماية أنفسهم عند وقوع الهجمات الإرهابية في المستقبل .
مجالات البحث الرئيسية للمؤسسة :
الشؤون الدولية ، الأمن القومي ، السلامة العامة ، الارهاب والأمن الداخلي .
فروع مؤسسة راند في أنحاء العالم :
المقر الرئيسي في سانتا مونيكا ــ كاليفورنيا
آرلينغتون ــ فيرجينيا
بتسبورغ ــ بنسلفانيا
مدينة نيويورك
ليدن ــ هولندا
برلين ــ ألمانيا
كامبرج ــ المملكة المتحدة
الدوحة ــ قطر ( اُنشئ فرع الدوحة بالتعاون مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع )
حقيقة هذه المؤسسة :
من يطلع على تاريخ ومحتوى هذه المؤسسة وعلى بعض خدماتها لمصلحة الحكومة الأمريكية يمكنه القول بسهولة أن ما هي إلا مؤسسة استخباراتية مستقلة تعمل بصورة مدنية كخط خلفي للقيادات السياسية والعسكرية الأمريكية في الداخل والخارج تقوم بتوفير كافة المعلومات وتجري الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والعسكرية اللازمة لعمليات صنع القرار الأمريكي أو المحافظة عليه في الحاضر أو المستقبل .
نبذة عن بعض أعمال مؤسسة راند :
العالم الإسلامي بعد 11 / 9 ، The Muslim World After 9/11
الهدف من الكتاب :
صدر هذا الكتاب في العام الماضي وهو عبارة عن بحث تفصيلي يهدف إلى التعرف على الحركات والمذاهب الدينية القادرة على التغيير والتأثير في المشهد الديني والسياسي في العالم الإسلامي * ، واستكشاف أهم الاختلافات في العالم الإسلامي ، وتحديد منابع الراديكالية الإسلامية .
وللتذكير فإن من ضمن الفريق الرئيسي لإعداد هذا التقرير يأتي اسم شيريل بينارد ( Cheryl Benard ) وهي زوجة السفير الأمريكي في العراق زلماي خليل زاده والتقرير بتمويل من القوات الجوية الأمريكية ، والكتاب يقع في 567 صفحة .
مضمون هذا البحث :
بعد الهجمات في 11 سبتمبر 2001 وما أعقبها من الهجوم الأمريكي على أفغانستان والعراق من السهل أن ينظر للآلة العسكرية كطريقة للقضاء على االإرهاب . لكن طبقا ً لدراسة أعدها آنجل رباسا أحد كبار الباحثين في مؤسسة راند ومجموعة من الباحثين ، فإن أمريكا وحلفائها يستطيعون تكوين نوع من العلاقات مع العالم الإسلامي عن طريق الإستفادة من الصراع الآيديولوجي بين التيارات والجماعات الإسلامية للقضاء على مصادر الإسلام الراديكالي عن طريق دعم وتقوية التيارات الليبرالية والوسطية الحليفة في العالم الإسلامي .
وللتمكن من ذلك يجب اتباع استراتيجية معينة لفهم أفضل للبيئة السياسية في ما يسمى بالعالم الإسلامي . وبحث رباسا يساعد على تطوير هذا الفهم ، إذ قام هو وفريق البحث بإعداد دراسة دقيقة عن العالم الإسلامي وتقسيمه بناء على التوجهات الآيديولوجية الرئيسية في شتى مناطق العالم الإسلامي بل حتى الأقليات المسلمة المغتربة ، ودراسة الاختلافات بين الجماعات الإسلامية والتعرف على الأسباب الحقيقية لانتشار الإسلام الراديكالي .
صنف البحث الاتجاهات التي تتجاذب الميول الآيديولوجي في المجتمعات الإسلامية إلى عدة اتجاهات وهي :
* الأصولية :
يستندون في فهمهم للإسلام على القرآن والسنة النبوية ويتخذون من النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قدوة أخلاقية كما هو مدون في كتب الحديث ، ويضيف الشيعة على القرآن والسنة أقوال أئمتهم ، ويدعم الأصوليون تطبيق الشرائع الصارمة ، يعادون الغرب ويرفضون القيم القومية الحديثة ، يسعون لتوحيد الأمة وتأسيس دولة الخلافة ، ويندرج تحت هذا القسم الوهابيون والسلفيون ، وهذا القسم هو المصدر الرئيسي للتطرف والإرهاب .
* التقليدية :
يشكلون غالبية المسلمين اليوم وهم محافظون على معتقداتهم الإسلامية وتقاليدهم المحلية ، غير متشددين ، يعظمون قبور القديسين ويؤدون عندها الصلوات ، يؤمنون بالأرواح والمعجزات ويستخدمون التعاويذ ، ومجموعة الاعتقادات هذه أزالت تماما التعصب والشدة الوهابية وأصبح الكثير من التقليديين يشابهون الصوفية في السمات والاعتقادات ، لايرون تضاربا ً بين معتقداتهم الدينية وولائهم لدولهم العلمانية وقوانينها .
* الصوفية :
تهتم بعالم الروحانيات الداخلية والتجارب العاطفية والشخصية للشيوخ ، وتعتبر في غالب الأحيان " الاسلام الشعبي " ، اتباع الصوفية كثير في العالم الإسلامي وتشكل الطرق الصوفية وأخوان الطريقة قاعدة مهمة من الهيكل الاجتماعي . والقيادة المؤثرة في الصوفية هم الشيوخ ، وفي كثير من البلدان الإسلامية يلعب مشائخ الصوفية على اختلاف طرقهم التي ينتمون إليها دورا ً مركزيا ً في السياسة والدين ، وفي طقوسهم المعروفة بالذكر يقومون بتراتيل وتمايلات وغناء للوصول للنشوة الروحانية التي يزعمون أنها تقربهم من الله .
الوهابية والسلفية هم أشد أعداء الصوفية والتقليدية في العالم الإسلامي . ونتيجة لهذا العداء فالصوفية والتقليدية هم حلفاء طبيعيون للغرب في حربهم ضد الراديكالية ( المراد كما هو واضح الوهابية والسلفية ) .
* العصرانية ( الحداثية ) :
يسعون لتطويرالإسلام لكي ينسجم مع العالم الحديث ، ويعتقدون أن المفهوم الحقيقي للإسلام يتوافق بالكامل مع الحداثة العالمية ، ويدينون بالولاء للمفكر المصري محمد عبدة وجمال الدين الأفغاني ، يروجون للقيم الليبرالية والديمقراطية الغربية ، ولا يمانعون التعددية الدينية ، لذلك هم قادرون على التوفيق بين الشريعة الإسلامية والقوانين العلمانية في التطبيقات الحديثة ، لا يظهر عليهم الميل للتعصب أو النزعة إلى العنف .
* العلمانية :
يؤيدون فصل الدين عن الدولة ويقدمون القوانين العلمانية على الشريعة ، وينظرون للخيار الديني على أنه قضية شخصية ، وينقسمون إلى علمانية متحررة ( ليبرالية ) وهم حلفاء طبيعيون للغرب وإلى علمانية استبدادية كحزب البعث مثلا ً وهذا القسم لا يمانع تأسيس تحالفات مع المتطرفين والإرهابيين إذا دعت الحاجة .
ومن الواضح أن هذا التصنيف من شأنه تمكين صناع السياسة الأمريكية من تمييز الأصدقاء من الأعداء المحتملين في العالم الإسلامي .
وأبرز البحث الاختلافات داخل العالم الإسلامي بين السنة والشيعة وبين العرب وغير العرب وبين القبائل والعشائر في المجتمعات العرقية ، وهذا من شأنه التأثير في الاستراتيجيات والمصالح الأمريكية السياسية والاقتصادية في تلك البلدان .
ومضى رباسا ليقول : " المسلمون وحدهم قادرون على القضاء على رسالة الإسلام الراديكالي ، وهناك الكثير من الوسائل بحوزة أمريكا وحلفائها لدعم التيارات الإسلامية المعتدلة وتقويتها في صراعها الآيديولوجي " .
ملخص التقرير :
من المهم بالنسبة لقادة الولايات المتحدة إعداد إستراتيجية محددة للعمل بها في العالم الإسلامي خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من الحرب على الإرهاب والحرب على العراق .
ووجود قوى مؤثرة في المجتمعات الإسلامية هي نتاج لنزعات ظلت سائدة لعدة عقود . واستمرار هذه القوى يتسبب بصعوبات وعوائق لإدارة البيئة الأمنية في العالم الإسلامي مستقبلا ً، ومن شأن هذا أن يكون مصدر قلق وإزعاج دائم للسياسة الأمريكية . فكان من المهم إعداد إستراتيجيات محددة لإدارة العالم الإسلامي من شأنها المساعدة في القضاء على أسباب التوجهات الدينية والسياسية المعادية للولايات المتحدة.
ولهذه الأسباب قامت مؤسسة راند بطلب وتمويل من القوات الجوية الأمريكية بدراسة تحليلية القصد منها التعرف على القوى التي من الممكن أن تؤثر على مصالح الولايات المتحدة وأمنها في العالم الإسلامي مستقبلا ً . فقام الباحثون بإعداد تقسيمات هيكلية لتحليل التوجهات الآيديولوجية الرئيسية في العالم الإسلام ، والتعرف على أوجه الاختلاف بين الجماعات الإسلامية ، ومتابعة الأسباب التي تعمل على إنتاج التوجهات العدائية للولايات المتحدة في العالم الإسلامي . كما أن هذا التقسيم سيساعد صناع القرار في الولايات المتحدة في تحديد الاستراتيجيات السياسية والعسكرية المناسبة للظروف المتغيرة في هذا الجزء المضطرب والمقلق من العالم.
المعايير والآليات التي عمل البحث من خلالها :
قام الباحثون بإعداد آلية لتصنيف الجماعات الإسلامية والتيارات الفاعلة في جميع أنحاء ما يسمى بالعالم الإسلامي حسب ميولها الآيديولوجي والسياسي والاجتماعي وأهدافها ، وعلاقتها بالإرهاب ، وميلها إلى العنف .
وحسب هذه المعايير تنقسم وتتباين الجماعات والتيارات التي تنتسب للإسلام في طيف يمتد من تأييد القيم الديمقراطية ونبذ العنف ، إلى نبذ الديمقراطية وتأييد العنف . ونتائج هذا التقسيم تفيد صناع القرار في الولايات المتحدة في التعرف على الحلفاء المحتملين في هذه البلدان في مواجهتها الحاسمة للجماعات المتطرفة والإرهابية .
دوافع وأسباب التطرف الإسلامي حسب منظور الباحثين :
فشل النماذج السياسية والاقتصادية في كثير من الدول العربية أدى إلى إشعال حالة من الغضب ضد الغرب طيلة العقود الماضية ، حيث أخذ المسلمون المحرومون بإلقاء اللوم على سياسات الولايات المتحدة في فشل دولهم .
هذا العداء النفسي لأمريكا لا يمكن علاجه بالوسائل الدبلوماسية أو الحنكة السياسية . وزيادة على ذلك فإن انعدام وجود مركزية للسلطة الدينية في الإسلام السني أعطى مجالا ً واسعا ً للمتطرفين لكي يستخدموا الدين في تحقيق مآربهم .
ومن الأسباب أيضا ً حدوث عدة عمليات على مر الزمان تسببت في تفاقم التطرف الإسلامي ، فالصحوة الإسلامية التي ظهرت في الشرق الأوسط خلال الثلاثة عقود الماضية ، والدعم المادي وتصدير الفكر الوهابي إلى غير العرب في العالم الإسلامي ، وتداعيات القضية الفلسطينية وقضية كشمير أدى كل ذلك إلى زيادة التأييد للأصولية .
كما أن الفكر الإسلامي المتطرف وجد في المجتمعات القبلية التي تفتقر إلى سلطة سياسية مركزية قوية بيئة موائمة استخدمها الإسلاميون المتطرفون بنجاح في تشكيل شبكات تدعم الأنشطة الأصولية والإرهابية أيضاً ، عن طريق التمويل والتجنيد ، والكثير من هذه الشبكات تختفي تحت ستار الخدمات الاجتماعية للمسلمين ، مما صَعَّب إمكانية اكتشافها وتحطيمها .
وأخيراً ظهرت بعض المساحات الإعلامية التي تكرس العداء لأمريكا وتظهر المسلم بصورة الضحية المظلومة وتنشر قصص التضحيات التي تخدم المتطرفين .
.
.