النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الدجـاج والإندمـاج ! بين دول الخليج ؟

  1. #1
    Banned
    رقم العضوية
    22211
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    533

    الدجـاج والإندمـاج ! بين دول الخليج ؟

    أثار المفكـّر والخبير السياسي المخضرم عبدالله النفيسي جـدلاً واسعـاً بدعوته مؤخـراً إلى الإندماج بين دول الخليج ، أو مواجهـة خطـر ماحـق يهدد وجودهـا ،

    ولا أدري لماذا كلَّمـا أتذكّـر ما قاله ، والضجة التي أثيـرت ، تقفـز إلى مخيلتي صورة أعدادٍ كبيرة من الدجاج الأبيض في تلك الأقفاص الضخمة لمصانع دجاج التفريخ وهـي تُحـدث ضجيجها المعهود ذا الوتيـرة المضحكة !

    الحقيقة المـرَّة أنَّ شعوب دول الخليج _ إلاَّ من رحم الله ولا أقول قليلٌ ماهم بل ثمـة ثلـَّة كبيـرةٌ مباركـة والحمد لله _ تحوَّلت بسبب طول العهد تحت أنظمتها ، إلى أحـطَّ من ثقافة القطيــع ، وهي ثقافة دجـاج التفريـخ الأبيض !!

    وقلنا هذا النوع من الدجاج ، لأنـّك تجـده _ بخلاف الدجاج (البلدي) كثيـر الحركـة الذي ينقر من يقترب منه _ خامـلاً بليـداً لايزيـد على أكـل العلف حتـَّى يذبح !

    ومع إجلالنـا وتبجيلنـا الكبيرين للإمام ابن القيم رحمه الله ، وما ذكره من علاقة بين طعام الآكـل وصفاته ، إذ قال إنَّ طبيعة الطعام تؤثر على طبيعة الآكل ، فتتغير أخلاقه إلى مثل صفات ما يأكله _ وليس ثمة شعوب تأكل الدجاج الأبيض المثلـَّج كما في الخليج _ غير أنَّ هذا ليس هو التفسير المرجـَّح لما حدث لشعوب الخليج من إنقياد أعمى لمن ينثر لهـا الحـبَّ !
    _ وكـم يستهوينــا في الخليج ضرب هـذا المثـل : ( أنثـر الحبَّ يجيـك الدجاج ) ولسوف تسمعه كثيـراً من وراء حيطان البيوت إذا مررت بالأزقـّة ما بين بحر العرب إلى جنوب الفرات !! _ ومن قعـود عن النهضـة والتغييـر للأحـسن ، وتقاعـس عـن الأخذ بأسباب التحـرّر ، وعزوف عـن التحـرُّك لنيـل حقوقهـم ، وعلى رأسها التفاعل الحـيِّ مع قضايا أمّتهـم ، والسعـي لتحقيق وحدة الأمـة ، وتفوقها الحضاري كما تفعـل كلُّ الأمـم من اليابان والصين إلى أقصــى الغرب الأمريكي !

    بل لهـذا كلـّه أسباب أخرى ، أدت إلى أن تكون هذه الشعوب التي هـي على أغنى بقعـة في العالم ، وأعظمها أهـمية فيـه ، وأكثرها قدرة على التأثيــر في المشهد العالمي برمّـته ، وأدناهـا إلى أن تحـقق أضعـف نسبة فـي مظاهر الفقر ، والجهل ، والتخلـّف السياسي ، والثقافـي ، والتنمـوي
    ومع ذلك هي أبعد الشعوب عن الإستفادة من هذا كلِّه ، وهذه الأسباب تتلّخص فيما يلي :

    أولا : أنَّ ساسة الغرب الذين يجري في عروقهم _ فيما يبدو _ النفط وليس الدماء ، لايريدون لهذه الشعوب إلاَّ أن تبقى هكذا دجاجاً يعلـف ويُربـَّى في الحظائـر في صورة البشـر ، حتى لايؤثـّر أيُّ مشروعٍ نهضوي تحـرِّري على تدفـّق النفط من مضيقي هرمز ، وباب المندب ، إلى العواصم الغربية التي تقود مشـروع تحـويل دول الهامش في الجنوب ، إلى وقـود هيمنتها على العالم ، ومزابل نفاياتها في نفس الوقت.
    ولهذا تعمـل السياسة الغربية جـاهدة _ دع عنك نفاقها الإعلامي _ على بقاء الإستبداد السياسي في الخليج ، ولو أدّى إلى ضياع كلّ حقوق الشعوب ، مادام ذلك يحـقق الأطمـاع الغربية ما بين قناة السويس إلى شط العـرب .

    ثانيا : فشـل النخب في إجتثاث ( ثقافـة القبيـلة ) المسيطرة على الشأن السياسي ، وهي ثقافة سياسية فريدة ، فهي مدهشـة في بساطتها ، كبساطة الصحراء ، فلها دستور يشتمل علـى مادة واحـدة فقط لاغيـر : ( الشيوخ أبخص ) ، ومع ذلك له تأثيـر سحري عجيب ، حـيث الملك ، أو الزعـيم ، أو الأمير ، أو الشيخ ، أو السلطان .. إلـخ ، لايحتـاج سوى أن يشيـر بيـده حاملـة ريشــة النعام ، كما يفعـل زعيم قبيلة يلبس جلود النمور في أدغال أفريقيا إلى (عبيده) ، فيسـجد الجميــع !
    حتى لو كانت هذه الإشارة فيها أكبر القرارات الإستراتيجية الخطيرة على حاضر الأمة ومستقبلها .

    وأما مجالس الشورى ، والأمـّة ، والشعب ..إلخ ، فهي ليست سـوى المكان الذي تتـم فيه هذه العمليـة السياسية ، ولم يتغيـر من مشهد ذلك الزعيم في الغابات ، إلاَّ فخامة المكان ، والملابس ، والكاميـرات المتطورة !

    وإذا وجـدت بعض الحرية كما في الكويت مثلا فهي محصـورة في مجالات محددة ، أما النتيجة في المحصـلة النهائية فهـي ذاتها .

    نعـم ..قـد قامت أمريكا لتذر الرماد في العيـون ، بعد تعرضها لهجوم 11/9 ، بضغوط على دول الخليج لتتقدم خطوات ملموسـة نحـو إشراك الشعـوب ، إثـر موجة عالمية من نقـد سياسـة أمريكـا في دعم الإستبداد الذي هـو ( سبب رئيس للإرهاب ) ، وأنها تنافـق في شعاراتـها ..
    ولكن ما إن هـدأت تلك الموجـة ، حتى ألغـيت بعض مظاهر الإنتخابات التمثيليـة في بعـض دول الخليـج ، و( عادت حليمة إلى عادتها القديـمة ) .
    وثـمة سببان لفشل النخـب في التغيير السياسي إلى الثقافة السياسية _ كما يدعو الإسلام _ التي تدعو إلى إضطلاع الأمـة بمسؤولية السلطة ، وأنَّ الحاكم خادم للأمـة ، يعمـل تحت إشرافها في تحقيـق أهدافـها :

    أحدهما : أنَّ طبقات من المثقفين أيضـا وقعوا تحت طائلة المثـل ( انثر الحـبَّ يجيـك الدجاج ) ، فسخـَّروا جهـودهم في الدعـوة إلى التسبيح بحمـد ( لابس جلد النمر ويده حاملة ريشة النعام ) !!

    الثانـي : أنَّ الدين الذي يشكـلِّ القيمة ذات التأثير الأكبـر في الشعوب هنا ، تـمَّ إحـداث تزيـيف جذري في مفاهيـمه السياسية ، من قِبـلَ علمـاء البلاط ، فهرعوا إلى إلباس الزعيم لباس القداسـة الدينـيّة ، وأفتوا بحرمة الإعتراض عليه ، أو حتـَّى التشكيك في قرارات حكومته ( الرشيدة ) ، وأنَّ فاعـل ذلك ، ( يمرق من الدين كما يمرق السهـم من الرمية ) ! وسيُلقى على أم رأسه في جهـنم فيخلد فيها مهانا !!

    فكان من ثمـرة هذين السببين أنَّ جهود المثقّفيـن الشرفاء ، و العلماء المخلصين ، صارت كمـثل القائـل :
    متى يبلغ البنيان يوما كمالُه ** إذا كنت تبنيه وغيـرُك يهـدم

    ثالثـا : أنَّ الشعوب نفسهـا تعاني من ظاهرة إجتماعية غريبـة لا تجدها بهذا الحجم إلاَّ هنـا ، أعنـي هذه الحالة المستعصية من التمييز العنصري الطبقي بين الناس !

    وكم أضحكـني تعبيـرُ محام زوجـةٍ أمِّ أولاد، يدافع عن حقهـا في بقائهـا مع زوجها ، بعد أن رفع أولياؤهـا دعـوة لتفرقيهما بحجة عدم الكفاءة ، عندما دفـع محامي الدفـاع بمخالفة قرار المحكمة الإبتدائية بالفصل بينهما لـ ( العهد الدولي لمكافحة التمييز العنصـري ) !

    ولأنهم يمارسون هذا التمييز على بعضهم من غير نكيـر ، خضعوا بـه ذاته لمن يحكمهـم بــه من غير إستنكار .

    إنـّه الهرم الإجتماعي الخـفيِّ الذي يقوم عليه هرم الإستبداد السياسي !

    وقـد وضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركائـز التحـوّل الحضاري الأعظـم في التاريـخ ، من قبائل عربية ذات طبيعـة عنصـرية ، إلى تكوين أعظـم حضارة إنسانيـة ، عنـدما حـذَّر قائلا : ( ثلاثة في أمّتـي من أمر الجاهلية الفخر بالأحسـاب ، والطعـن في الأنسـاب ..الحديث ) ، وقال ( كلكم لآدم وآدم من تـراب ) ، ولهذا قال أيضـا : ( اسمعـوا و أطيعوا ولو وليّ عليكم عبد حبشي كأنَّ رأسه زبيبه ماأقام فيكم كتاب الله ) .

    والحقيقـة أنَّ غالـب شعوب الخليج لم تـعِ حتى الآن معنى المواطنة الحقيـقي أصلا ، ولا يهمُّهــا ، ولاتـريد أن تعيـَه ، بل ربمـا تحاربـه ، لو عرفت حقيقتـه ، فهـي لاتزال تنظـر إلى الدولة الحديثـة بمفهوم ( شيخ القبيلة ) ، وتخاف من التحـوُّل عن هذه الثقافة القديمـة ، كما يخاف العجائز تغييـر ما إعتادوه !

    أما فهـم معنى الإنتماء الإسلامي للأمـّة وأنه يعني المساواة الكاملة في الحقـوق والواجبـات في هذا الإنتماء ، فكـم هــو بعيـد عن تصوراتهم .

    وهم بذلك لا استفادوا من النظام السياسي في الشريعة الإسلامية ( ألا، لا فضـل لعربي على عجمي ، ولا لأحمـر على أسود إلاّ بالتقوى ) ، ولا من المواطنـة بمعناها السياسي الحديث الذي يجعل الجميع متساوين في الإنتماء الوطني ، وأن السلطة آلة بأيدي المواطنـين لتنظيم حصولهم على حقوقهم بالتسـاوي !

    وهذا من أعظـم أسباب بقائهم في هذه الثقافة الجديدة ( ثقافة الدجاج الأبيض ) !
    وللأسف أن هذا التخـلُّف السياسي لايزال يجري في زمـن ينـدفع بسرعة مدهشـة نحـو التطور في كلِّ شيء ، في مشهـد يشبه من يملك محـل طباعة بالحجر وسـط أحـدث سوق لتكنلوجيا الطباعـة !

    رابعا : أنَّ المنطقـة هنا صحروايـة لم تشهد قيام الحضارات التاريخية ، ولـم تعـتد على الصيغ السياسية التي تولدت من هذه الحضارات _ إنطـلاق الإسلام من المدينـة ولكن استقـرت حضاراته الكبرى فـي الشام ، والعراق ، ومصر ، والأندلـس ، وغيرها _ وحتى الإستقلال الشكلي قـد نالته بغيـر ثورات شعبية تولـدت منها أنظمـة سياسيـة ،

    بل أعاد المستعمر رسـم مستعمراته فحسب ، بحيث يضمن بقاء مصالحه ، فتشكـلت هذه الكيانات الضعيفة
    ولم تكـد تبـدأ النخب الثقافية تفتـح عينيها على التطور السياسي المتسارع في العالم ، حـتّى وجدت نفسها أمـام مثـلث : الهيمنة الغربية ، والنظم العشائرية ، و الثقافة الطبقية في مجتمعات تعاني أمية سياسية مستحكمة .
    ولهذا كلـُّه أصبح التطور السياسي في الخليج يسير سيـر السلحفـاة ، ومع ذلك هي تخطـو خطـوة ، وترجع خطوتـين .
    والخلاصـة أن الإندماج بين دول الخليج للتحول إلى كتـلة أقليمية كبيرة ، لتستثـمر ما تمـتاز بـه عن كـلِّ العالم من موقع وخيـرات ، في مشروع إذا انطـلق فإنـّه يطمس نار المشروع الإيراني في لمـح البصـر ، ويحـوِّل المشروع التركي الصاعـد إلى تابع لـه _ ليس ثمة أي مشروع في المنطقة الآن سواهما _ ثـم يقود العالم الإسلامي إلى التفـوُّق الحضاري .

    هذا الإندمـاج يحتاج إلى ثورة شاملة تبدأ من تثقيف الشعوب سياسيا بدورهـا ، وحقوقها ، وبعقـم صيغ النظـم السياسية الحالية في الخليج عن درء المخاطر عن شعوبـها ، فضـلا عن اللّحاق بالتطور.

    مرورا بالتخلّـص من كـلِّ وجود أجنبي ، وتأثـير خارجي .
    وتنتهي بإحـلال النظام السياسي الإسلامي المبنيِّ على بيعة الإختيار الحـرِّ لمن يحـقق تحت إشراف الأمـّة أهـدافها وعلى رأسها تحكيم شريعتها ، واسترداد كرامتها ، وتحقيق وحـدة الأمـّة .

    ومن غير هذا المشروع سوف يكون الإندمـاج مجـرد إعـادة إنتشـار للتخلف ، و الإستبداد !

    ومن غيـر هذا المشـروع ستبقى المنطقة في حالتهـا الراهنـة التي يرثى لها ، نهبا للطامعـين ، وقبـلة للمخرّبـين ، وموطـناً للمفسدين .

    و مع هذا الوصف للواقع المـرّ ، غيـر أنني متفائل جـداً بأنَّ التغييـر قريـب ، وسيكون ثمـرة كلّ جهـود التغيـيـر المخلصة ، والصادقة التي لاتنشد سوى عـزّ أمـة الإسلام ، وحمايـتها من أعدائها .

    والله المستعان وهو حسبنا ، نعـم المولى ، ونعـم النصيــر.

    الشيخ حامد العلى

  2. #2
    عضو
    رقم العضوية
    33935
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    154
    الله المستعان وهو حسبنا ، نعـم المولى ، ونعـم النصيــر

    الله يعطيك العافيه يا بو محمد على هالكلام ..

    وعلى قولة توقيعك

    قلت: إذن حكام العرب سيشعرون يوما بالخجل ؟
    قال: ابصق على وجهي
    إذا هذا حصل .

  3. #3
    Banned
    رقم العضوية
    22211
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    533
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hamad1990 مشاهدة المشاركة
    الله المستعان وهو حسبنا ، نعـم المولى ، ونعـم النصيــر

    الله يعطيك العافيه يا بو محمد على هالكلام ..

    وعلى قولة توقيعك

    قلت: إذن حكام العرب سيشعرون يوما بالخجل ؟
    قال: ابصق على وجهي
    إذا هذا حصل .
    الله يعافيك
    جزاك الله خير

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •