أوروبا تلمح لتحريك المفاوضات مع دول الخليج العالقة منذ أكثر من 20 سنة
الشرق الأوسط 18/09/2010
على الرغم من مرور أكثر من عشرين عاما على المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج، من أجل التوصل لاتفاق للتبادل التجاري الحر، فإن تلك المفاوضات لم تحقق الهدف المطلوب حتى الآن، ولكن بعد الإعلان عن توافق أوروبي على التوقيع النهائي بين الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية على اتفاق مماثل، قالت إيطاليا التي ظلت لفترة من الوقت، تعارض توقيع الاتفاقية، ومن خلال وزير الخارجية، فرانكو فراتيني، إنها «ستراقب بعناية تنفيذ الاتفاق» الأوروبي مع كوريا الجنوبية، لا سيما «لحماية الصناعات النسيجية والسيارات»، وأوضح رئيس الدبلوماسية الإيطالية في بيان أصدره أمس أنه تمكن من «التوفيق بين المصالح الوطنية وصناعتنا التي تتوجه إليها أساسا الدبلوماسية الاقتصادية للحكومة، مع منطق الأسواق المفتوحة»، وعبر الوزير فراتيني عن ارتياحه وقال: «آخر شرط وضعناه قد تم قبوله، وهو المتعلق بتاريخ سريان مفعول الاتفاق»، مشيرا إلى أن «هذا الاتفاق يمكن أن يكون فاتحة لاتفاقات ثنائية جديدة، بدءا من دول الخليج وحتى الهند وميركوسور».

وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين على المفاوضات الأوروبية الخليجية من أجل التوصل لاتفاق مشابه، فإن تلك المفاوضات لم تجد حلولا لكل القضايا العالقة، وخلال فترة تولي الكويت رئاسة مجلس التعاون قالت الرئاسة الكويتية للمجلس من خلال نبيلة الملا، سفيرة الكويت في بروكسل، إن دول المجلس ترفض اعتبار دولة بعينها مسؤولة عن تأخر التوصل لاتفاق بشأن التبادل التجاري الحر بين الجانبين، «لأن الاتحاد الأوروبي يتعامل معنا بشكل جماعي وليس بشكل فردي»، وأشارت إلى أن دول المجلس تتمتع بموقف مالي قوي، إضافة إلى توقعات اقتصادية مستقرة على الرغم من الأزمة العالمية، كما أن دول المجلس مستمرة في استثماراتها في أوروبا ككل.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي يحتل المرتبة الأولى بين الشركاء التجاريين مع دول مجلس التعاون ويحتل المجلس المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا وسويسرا.

وكان بيان نشرته الأمانة العامة لمجلس التعاون في وقت سابق في موقعها على الإنترنت، أكد على أن مفاوضات التجارة الحرة معلقة وتجري من حين إلى آخر مشاورات لا مفاوضات على هامش لقاءات ذات طبيعة أخرى بين الجانبين، وشدد على أن رؤية مجلس التعاون حول موضوع التجارة الحرة واضحة، وأنه تم التأكيد عليها في لقاءات مشتركة سابقة، ونقل البيان عن الأمين العام للمجلس قوله: «هناك قضايا عالقة وإذا قبل الأوروبيون برؤيتنا في هذا الشأن التي عبرنا عنها جماعيا فإننا مستعدون لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة»..

وقال العطية، الأمين العام للمجلس، إنه أكد على ما سبق التأكيد عليه، وهو أن «المواضيع العالقة ليست لها علاقة بالتجارة الحرة ويجب معالجتها في أطر ذات صلة بها». وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون أن المواضيع العالقة يمكن معالجتها في أطر دولية خارج المفاوضات كمنظمة التجارة العالمية باعتبارها ذات علاقة مباشرة بها مثل مسألة رسوم الصادرات، مشيرا في هذا السياق إلى وجود «مشاورات لا مفاوضات بين الأمانة العامة لمجلس التعاون والمفوضية الأوروبية حول اتفاقية التجارة الحرة».

وقال العطية: «إننا لن ندخل في مفاوضات غير مجدية ولا تؤدي إلى النتائج المرجوة. وقرارنا واضح في هذا الشأن، خاصة أن فترة مفاوضات التجارة الحرة مع الجانب الأوروبي تجاوزت عقدين، وسنواصل تعزيز التعاون المشترك في مجالات عدة، وفي ذلك مصلحة مشتركة للجانبين».

وقال وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، أحمد بن عبد الله المحمود: «بحثنا خلال الاجتماعات مواضيع كثيرة، أما فيما يتعلق بملف التجارة الحرة فأبلغونا خلال الاجتماع أن هناك رغبة، وهناك مفوضة جديدة زارتنا في المنطقة وحققنا تقدما في هذا الشأن ونحن أبلغناهم بالموقف الخليجي الذي سبق أن أعلن عنه العام الماضي، إما أن نتفق وإما أن نركز على ملفات أخرى لأنه من الطبيعي أن يكون هناك نقاط اتفاق ونقاط خلاف ولكن كلما تقدمنا خطوة كانوا في الماضي يظهرون لنا قضية أخرى ويربطون بين السياسة والتجارة ولا يمكن هذا الربط، ولهذا أوقفنا التفاوض قبل عام والآن نتفاوض، وظهر من خلال هذا الاجتماع أن الجانب الأوروبي يتحرك بالفعل، أما عن ملف حقوق الإنسان فقد كان بالفعل سببا لخلافات كبيرة في الماضي وجرى حل هذا الملف بناء على مقترح لسلطنة عمان أثناء فترة رئاستها، وقال لنا الأوروبيون إن حل هذا الملف هو أساس الحل والتوصل لاتفاق نهائي، والآن نحن ننتظر لنرى ماذا سيفعلون».

وعلى هامش أعمال القمة التي انعقدت في بروكسل يوم الخميس، جرى التوافق بين وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على توقيع اتفاق تبادل تجاري حر مع كوريا الجنوبية، وأعلن وزير الخارجية البلجيكي، ستيفان فان اكيريه، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، أن الوزراء توافقوا على توقيع هذا الاتفاق بشكل رسمي في السادس من أكتوبر القادم خلال القمة الأوروبية - الكورية الجنوبية المقررة في اليوم نفسه في بروكسل.

وقال: «أجرينا بالطبع اتصالات مكثفة مع الجانب الكوري الجنوبي»، واعتبر فان اكيريه أن توقيع اتفاق تبادل تجاري حر بين الاتحاد وكوريا الجنوبية «سيؤثر بشكل إيجابي على العمل الجاري» من أجل توقيع اتفاقات تجارية متعددة الأطراف مع بقية دول المنطقة، وأوضح أن التوافق الحالي على توقيع هذا الاتفاق قد تم بعد مشاورات مكثفة بين مختلف الدول الأوروبية خلال الأيام الماضية من أجل تهدئة مخاوف الدول التي كانت مترددة سابقا، خاصة إيطاليا، حيث «تم البحث عن حلول وسط أدت إلى هذا التوافق»

وأشار إلى أن الاتفاق الحالي مع كوريا الجنوبية سوف يساهم في تعزيز عمل الشركات الأوروبية وفتح الأسواق الكورية أمامها، مما يعني خلق مزيد من فرص العمل لدى الطرفين وتعزيز الانطلاق الاقتصادي.