النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: خطبة في فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

  1. #1
    عضو
    رقم العضوية
    25351
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    105

    خطبة في فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أمّا بعد: فيا عباد الله!

    أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فتقوى الله سبيل الفلاح وطريقُ النّجاح، عزٌّ في الدنيا ورفعة في الآخرة، قال الله تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

    عبادَ الله!

    لقد أجمع المسلمون على أنّ الصحابة رأسُ الأولياء وصفوة الأتقياء، قدوةُ المؤمنين وأسوة المسلمين، وخير عبادِ الله بعدَ الأنبياء والمرسلين، جمَعوا بين العلم بما جاء به رسول الله، وبين الجهادِ بين يديه، شرّفهم الله بمشاهدة خاتَم أنبيائه، وصُحبته في السّراء والضّرّاء، وبذلِهم أنفسَهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله، حتّى صاروا خيرةَ الخِيَرة، وأفضلَ القرون بشهادة المعصوم .

    هم خيرُ الأمَم سابقِهم ولاحقهم، أولِّهم وآخرهم. هم الذين أقاموا أعمدَة الإسلام، وشادوا قصورَ الدّين، قطعوا حبائلَ الشّرك، أوصلوا دينَ الإسلام إلى أطرافِ المعمورة، فاتّسعت رقعة الإسلام، وطبَّقت الأرضَ شرائعُ الإيمان، فهم أدقّ النّاس فهمًا، وأغزرُهم علمًا، وأصدقهم إيمانًا، وأحسنهم عملاً. كيف لا؟! وقد تربّوا على يدَي النبي صلى الله عليه وسلم، ونهلوا من ماء معينه الصّافي، وشاهدوا التنزيل.

    روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: (إنّ الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلبَ محمّد خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثمّ نظر في قلوب العباد بعدَ قلب محمّد، فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العباد، فجعلهم وزراءَ نبيّه، يقاتلون على دينه).

    وقد وردت الآياتُ الصريحة والأحاديث الصّحيحة في فضائلهم والإشادة بهم، قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
    وقال تعالى: (وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأنْصَـٰرِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ).
    وقال عزّ وجلّ: (لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير الناس قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم).
    وقال عليه الصلاة والسلام : (لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإنّ أحدَكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبًا، ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفَه).

    إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة في بيان علو مكانتهم وعظيم فضلهم.

    عباد الله!

    ومن هؤلاء الصحابة الكرام، الطاهرة المطهرة، الصديقة بنت الصديق، المبرأة من فوق سبع سماوات، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج رسول الله وريحانته وحبيبته، صلى الله عليه وسلم، جاء جبريل عليه السلام بصورتها في خرقةِ حرير خضراء، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال هذه زوجتك في الدنيا والآخرة، ولم يتزوج عليه الصلاة والسلام بكرا غيرها، وما نزل الوحي في لحاف امرأة غيرها، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجرها، فعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُولُ أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي ثُمَّ قَالَتْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْطَانِيهِ فَقَضِمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي.

    ومن عظيم فضلها وجليل مكانتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)، وكان الثريد أجل أطعمتهم يومئذ.

    عباد الله! لقد تبوأت أمّنا عائشة رضي الله عنها مكانة عالية في قلب نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت أحب نسائه إليه، سئل عليه الصلاة والسلام: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة، قالوا: من الرجال؟ قال: أبوها.

    وكان خبر حبه صلى الله عليه وسلم لها أمراً مستفيضاً، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون بهداياهم للنبي صلى الله عليه وسلم يوم عائشة من بين نسائه، تقرباً إلى مرضاته، فقد روى البخاري ومسلم عن هِشَام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا.

    وكان عليها الصلاة والسلام يتحبب إليها ويظهر محبته لها، فعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاوِلُنِي الْإِنَاءَ فَأَشْرَبُ مِنْهُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُعْطِيهِ فَيَتَحَرَّى مَوْضِعَ فَمِي فَيَضَعُهُ عَلَى فِيهِ.

    وكان صلى الله عليه وسلم يستأنس إليها في الحديث، كما في حديث أم زرع، فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها خبر إحدى عشرة امرأة، كل واحدة تصف زوجها، والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليها، حتى إذا أتمت حديثها قال لها: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلقك).

    بل كان يُسرُّ بقربها ويعرف رضاها من سخطها، فقد قال صلى الله عليه وسلم لها: (إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى) قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ: (أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ) قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.

    ودعاها عليه الصلاة والسلام والحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد في يوم عيد، فقال لها : يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم ؟ تقول: فقلت : نعم، فأقامني وراءه فطأطأ لي منكبيه لأنظر إليهم فوضعت ذقَني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده فنظرت من فوق منكبيه (وفي رواية : من بين أذنه وعاتقه ) فجعل يقول : يا عائشة ما شبعت فأقول : لا لأنظر منزلتي عنده، وما بي حب النظر إليهم ولكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه.

    عباد الله!

    لقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها صوامة قوامة ، فعن عبد الله بن أبي موسى قال: أرسلني مدرك لعائشة رضي الله عنها لأسألها، فجئت وهي تصلي فقلت أقعد حتى تفرغ، ثم قلت: هيهات! أي متى ستفرغ من صلاتها من شدة طولها.

    وكانت رضي الله عنها ربما تقرأ الآية فتظل تكررها، كما أثر عنها أنها كانت تقرأ قول الله عز وجل في صلاتها {فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم} ، فتكررها وتبكي وتقول : اللهم منّ عليّ وقني عذاب السموم.

    وقد بلغت رضي الله عنها الغاية في الكرم والجود، فقد بعث معاوية رضي الله عنه إليها بمائة ألف درهم، فما أمست حتى فرقتها، فقالت لها خادمتها: لو اشتريت لنا منها بدرهم لحماً؟ فقالت: ألا قلتِ لي.

    وقال عطاء: إن معاوية بعث لها بقلادة بمائة ألف، فقسمتها بين أمهات المؤمنين.

    وبعث إليها ابن الزبير رضي الله عنهما بمال بلغ مائة ألف، فدعت بطبق، فجعلت تقسم في الناس، فلما أمست، قالت: هاتي يا جارية فطوري، فقالت: يا أم المؤمنين أَما استطعت أن تشتري لنا لحماً بدرهم؟ قالت: لا تعنفيني، لو أذكرتيني لفعلت.


    وقال عروة: إن عائشة تصدقت بسبعين ألفاً، وإنها لتُرقع جانب درعها، رضي الله عنها.

    وكانت رضي الله عنها امرأة مباركة، فقد كانت سببا للتيسير على المسلمين والتخفيف عنهم، ومن ذلك قصة مشروعية التيمم، قالت رضي الله عنها: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فوجدنا الْعِقْدَ تَحْتَهُ. فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: والله يا بنيَّة، لقد علمت أنك مباركة، ماذا جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر.

    ولقد كانت رضي الله عنها من أعلم الصحابة، وأعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو موسى رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط، فسألنا عائشة، إلا وجدنا عندها منه علما.

    وقد جمعت رضي الله عنها بين العلم في الدين والعلم في الطب والأنساب، قال عروة ابن أختها: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة، ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث بقدر روايتها رضي الله عنها.

    وقال لها: يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول ابنة أبي بكر -وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟قال: فضربت على منكبي ثم قالت أيْ عُريّة! إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يَسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له الأنعات، فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ.


    وقال معاوية رضي الله عنه: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وقال الزهري رحمه الله: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل.

    وقد كان الصحابة ومن بعدهم يعرفون لها قدرها وفضلها، فعن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف.. عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين، وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وكان مسروق رحمه الله إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المبرأة من فوق سبع سماوات.

    ومما يدل على تقدير الصحابة لها ومعرفتهم لفضلها ومكانتها، ثناء ابن عباس رضي الله عنهما عليها فقد جاء يستأذن عليها وهي في مرض موتها، وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقيل لها: هذا ابن عباس يستأذن، قالت: دعني من ابن عباس لا حاجة لي به ولا بتزكيته، فقال عبد الله: يا أمّه، إن ابن عباس من صالحي بنيك، يودِّعك ويسلم عليك. قالت: فأْذن له إن شئت، قال: فجاء ابن عباس، فلما قعد قال: أبشري فوالله ما بينك وبين أن تفارقي كل نَصَب، وتَلقيْ محمداً صلى الله عليه وسلم والأحبة، إلا أن تفارق روحُك جسدك، كنت أحبَّ نساءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن يحب إلا طيباً، سقطت قلادتك ليلة الأبواء، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلقطها، فأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله: {فتيمموا صعيداً طيباً}، فكان ذلك من سببك وما أنزل الله بهذه الأمة من الرخصة، ثم أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات، فما مسجدٌ يذكرُ فيه اسم الله إلا براءتك تتلى فيه آناء الليل والنهار.

    بل كانوا يذبون عن عرضها، ويغضبون ممن نال منها، فقد نال رجل منها عند عمار بن ياسر، فقال له عمار: أُغرب مقبوحاً، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    بل أثنى عليها علي رضي الله عنه بعد ما وقع بينهما، فقد قالت رضي الله عنها قبيل ارتحالها: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على مَعتَبتي لمن الأخيار.
    فقال علي رضي الله عنه: صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.


    فما بال أقوام عميت بصائرهم، واسودت قلوبهم لا يعرفون لأم المؤمنين قدرها، ولا يراعون لها حرمتها ومكانتها، أما إنه لا ينكر فضلها، وطهارة قلبها، وكمال إيمانها، وعلو قدرها، وعظيم مكانتها، إلا منافق معلوم النفاق، أو زنديق حاقد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فنسأل الله تعالى أن يعيذنا من شرورهم، وأن يرد كيدهم في نحورهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



    يتبع..
    قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ:
    (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا)
    فسئل عنهم فقال: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا).
    رواه ابن ماجه (4245)، وصححه الألباني.

  2. #2
    عضو
    رقم العضوية
    25351
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    105

    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد: فيا عباد الله!

    اتقوا الله تعالى وراقبوه في السر والعلن، (يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ)

    عباد الله!

    إن معرفة فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتقديرها حق قدرها والذب عن عرضها، دين ندين الله عز وجل به، فمحبتها دين وإيمان، وبغضها نفاق وطغيان، كيف لا وهي أم المؤمنين، وعرض رسول رب العالمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ).

    عباد الله!

    إن الله تعالى قد برأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات مما رماها به أهل الإفك والبهتان، قال جل وعلا في سورة النور: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).


    ولذا أجمع أهل السنة والجماعة على كفر من رمى أم المؤمنين عائشة بالإفك بعد نزول براءتها من فوق سبع سماوات، لما فيه من تكذيب لله جل وعلا وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ).

    قال الحافظ ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ).
    قال رحمه الله: (وقد أجمع العلماء - رحمهم الله - قاطبة على أن مَنْ سَبَّها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه كافر؛ لأنه معاند للقرآن).


    وقال ابن قدامة رحمه الله : (ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم)

    وقال النووي رحمه الله : ( براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين)

    وقال أبو بكر ابن العربي رحمه الله : ( لأن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ومن كذب الله فهو كافر فهذا طريق مالك وهي سبيل لائحة لأهل البصائر).

    وقال بدر الدين الزركشي رحمه الله : ( من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها)

    وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله : ( من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم)

    فهذه عقيدتنا معاشر أهل السنة والجماعة، براءة أمنا الصديقة بنت الصديق، وكفر من رماها بالإفك والبهتان، بعد ما برأها الرحمن، فالواجب عباد الله، اعتقاد كفر كل من رماها بذلك، وبغض كل ملة ملعونة تتدين بالطعن في أم المؤمنين رضي الله عنها أو في أحد من الصحابة الكرام، ولو تسمى أصحابها بالإسلام، ولذا كان السلف يلعنون هذه الفرقة الخبيثة على المنابر، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم يبعثون، وطهر الله الأرض منهم، ورد الله كيدهم في نحورهم وحفظ المسلمين من شرورهم، إنه سميع قريب.

    اللهم صل وسلم على نبينا محمد، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين.

    وارض اللهم عن أتباعهم، وعمن ترضى عليهم وأحبهم وذب عنهم يا رب العالمين.

    والعن اللهم من سبهم أو لعنهم أو طعن فيهم.

    اللهم عليك بمن طعن في أم المؤمنين.

    اللهم أخرس لسانه، وعطل أركانه، وأرنا فيه عجائب قدرتك يا رب العالمين، اللهم اجعله عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين، يا قوي يا متين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.


    المصدر: موقع المحجة
    http://www.mahaja.com/showthread.php?11807
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الرحيم11 ; 19-09-2010 الساعة 09:12 PM
    قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ:
    (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا)
    فسئل عنهم فقال: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا).
    رواه ابن ماجه (4245)، وصححه الألباني.

  3. #3
    عضو
    رقم العضوية
    34266
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    458
    مقتطفات من سيرة السيده عائشه أم المؤمنين رضي الله عنها


    مقتطفات من سيرة السيده عائشه أم المؤمنين رضي الله عنها


    السلام عليكم

    ان دوري لا يتجاوز في هذا العرض.. مجرد النقل لما تيسر عن مكانة.. وعلو.. ام المؤمنين رضي الله عنها وارضاها.. فقد تواضعت اقلامنا.. بل عجزت.. ان تاتي بجديد عن ام المؤمنين.. خاصة وقد نزل فيها من القرآن ما يتلى الى يوم القيامة.. فهل.. بعد حكم الله.. من اقلام!!.. وهل بعد كلام الله من كلمات!!. لكنه زمن تمادى البعض فيه.. فاردنا ان نذكر ذلك البعض كـ (.. معذرة الى ربكم.. ولعلهم يتقون.. /الاعراف 164).

    فهي عائشة.. رضي الله عنها.. ام المؤمنين بنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابي بكر عبد الله بن ابي قحافة، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وافقه نساء الامة على الاطلاق.... فلا يوجد في امة محمدعليه الصلاة والسلام بل ولا في النساء مطلقاً امرأة اعلم منها...


    ولدت في السنه الخامسه من البعثه خطبها النبي وهي بنت ست سنين وتزوجها وهي بنت تسع وكان ذلك في السنه الثانيه للهجره
    وعندما توفي النبي كان عمرها ثمانية عشر عاما...
    وهي الزوجة الوحيده التي تزوجها النبي بكرا ...

    في حديث للبخاري في باب النكاح
    عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك قال في الذي لم يرتع منها تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها...

    وقد ورد في السيره أن الرسول تزوجها بأمر من الله كانت في الرؤيا ...ومن المعلوم أن رؤيا الانبياء حق
    ورد في البخاري في المناقب

    عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه

    مواقف من حياتها

    كان رسول الله من حبه لها يداعبها ويمازهحا وورد أنه ذات مره سابقها في وقت الحرب فطلب من الجيش التقدم لينفرد بأم المؤمنين عائشة ليسابقها ويعيش معها ذكرى الحب في جو أراد لها المغرضون أن تعيش جو الحرب وأن تتلطخ به الدماء.
    لا ينسى أنه الزوج المحب في وقت الذي هو رجل الحرب.

    روى الامام أحمدفي مسنده
    عن عائشة قالت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك


    ومما يدل على محبته لها وأنها كانت احب نساءه إليه ما رواه البخاري في أن الناس كانوا عندما يهدون النبي شيئا كانوا يفعلون ذلك ويتعمدون أن يكون(( النبي )) عند عائشه رضي الله عنها

    في البخاري
    حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا حماد حدثنا هشام عن أبيه قال كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان أو حيث ما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها


    وهذا يدل على عظم محبته لها ...بل وأكثر من ذلك
    يدل الحديث الأتي أن عائشه هي أحب الناس إليه على الاطلاق
    ورد في البخاري
    عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا
    وهي من النساء اللواتي لن تتكرر ...فقد ثبت في الصحيح

    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
    البخاري

    حتى أنه لمكانتها عند النبي عليه الصلاة والسلام سلم عليها جبريل
    وقد ورد في صحيح بخاري في المناقب
    إن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وورد في سنن الترمذي في كتاب المناقب باب فضل عائشه

    ابن أبي مليكة عن عائشة أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة

    وشهد بفضلها الكثير من الصحابه فقد ورد في البخاري في التيمم

    حدثنا عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة
    وورد في الترمذي أيضا
    أبي إسحق عن عمرو بن غالب أن رجلا نال من عائشة عند عمار بن ياسر فقال أغرب مقبوحا منبوحا أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ....

    قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

    ومن فضلها ومكانتها وحب الرسول لها كان قبل وفاته ب 3 أيام قد بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيده ميمونه ، فقال : ( اجمعوا زوجاتي ) ، فجمعت الزوجات ، فقال النبي : ( أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشه ؟ ) فقلن : أذن لك يا رسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي وخرجوا به من حجرة السيده ميمونه الي حجرة السيده عائشه

    وقبل وفاته عليه الصلاة والسلام دخل عليه أحد الصحابة وكان معه سواك فطلبه النبي فتقول السيده عائشه....

    عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن فأعطانيه فقصمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به وهو مستسند إلى صدري البخاري

    وورد أيضا أنها قالت في ذلك : كان آخر شئ دخل جوف النبي (ص) هو ريقي ، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت .

    قبض عليه الصلاة والسلام وهو واضع رأسه على صدرها .....


    وفي البخاري
    قالت عائشة رضي الله عنها توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه قالت دخل عبد الرحمن بسواك فضعف النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذته فمضغته ثم سننته به

    تحكي (رضي الله عنها) عن ذلك فتقول ((فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه، وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك)،واستأذن النبي r نساءه في مرضه قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن،فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد استاك بسواكي، وقبض بين حجري و نحري، ودفن في بيتي))

    أما حادثة الافك اللتي ذكرت في كلامها فقد ورد في الصحيحين بخاري ومسلم وهو حديث طويل فهي باختصار

    ان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اراد سفرا اقرع بين نسائه فلما اراد التوجه لغزوة بني المصطلق خرجت على عائشه، فتوجهت معه، وجعل لها هودج... فلما كان اخر ليله من رجوعهم إلى المدينه تخلفت في طلب عقد كان لأختها أسماء، فحمل الهودج ظنا أنها فيه، لأنها كانت خفيفه كما أخبرت، فسارالقوم...ورجعت فلم تجدهم فمكثت مكانها منتظره أن يعلموا بفقدها فيعودوا ليأخذوها فغلبها النوم فمر بها (( صفوان بن المعطل )) وكان يعرفها قبل أية الحجاب فبرك ناقته وولاها ظهره وصار يذكر الله جهرا حتى استيقظت وحملها على الناقه ولحق بها النبي صلى الله عليه وسلم ضحوه فأشاع عبد الله بن ابي سلول - لعنه الله - الافك..
    وفشا ذلك بين المنافقين وضعفاء المسلمين فلما أخُبرت عائشه بذلك تمرضت واستأذنت رسول الله أن تمرض في بيت أمها فأذن لها فلما فشى ذلك الكلام شق على النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الصحابة وقال
    (( يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي ؟فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عنه الا خير ))
    فقال سعد بن معاذ سيد الاوس انا أعذرك منه إن كان من الاوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقال سعد بن عباده سيد الخزرج كذبت لا تقدر على قتله فهم الاوس والخزرج بالاقتتال فأمرهم النبي بالترك والاعراض عن هذا الامر فأنزل الله العشر أيات من أول سورة النور يبرئ فيها السيده عائشه أولها قوله تعالى ((إن الذين جاؤ بالإفك ))
    وبذلك ثبت برائتها في القرآن .......فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الايات عليها وعلى الصحابه ففرحوا .........

    فصار كل من رماها بالزنا كافرا ..لتكذيبه القران
    والايات وحدها تكفي كدليل على طهارة ام المؤمنين عائشه رضي الله عنها فهل منا من يشك بكتاب الله؟؟؟

    وكان ان قالت السيده عائشه في تبريء الله لها ما ورد في البخاري

    عن عائشة قالت ولكني والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله تعالى ((إن الذين جاءوا بالإفك )) العشر الآيات


    وكان من حيائها بعد وفاة النبي ما نقله لنا الامام أحمد في مسنده

    فهي (رضي الله عنها) بعلمها ودرايتها ساهمت بتصحيح المفاهيم، والتوجيه لإتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه.

    تلكم هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان، زوجة رسول الله وأفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه.
    روت عن الرسول الكريم علماً كثيراً، وقد بلغ مسند عائشة رضي الله عنها الفين ومئتين وعشرة احاديث. وكانت رضي الله عنها افصح اهل زمانها وأحفظهم للحديث روى عنها الرواة من الرجال والنساء. وكان مسروق اذا روى عنها يقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة.
    توفيت سنة سبع وخمسين. وقيل: سنة ثمان وخمسين للهجرة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلاً، فدفنت وصلى عليها أبو هريرة ونزل قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابناء الزبير والقاسم وعبد الله ابنا محمد بن ابي بكر وعبد الله بن عبد الرحمن.

    نقلا

    المصدر: شبكة المنهج

  4. #4
    عضو
    رقم العضوية
    33783
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    194
    جزاك الله خير

  5. #5
    عضو
    رقم العضوية
    25351
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    105
    جزاكم الله خيرا.
    قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ:
    (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا)
    فسئل عنهم فقال: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا).
    رواه ابن ماجه (4245)، وصححه الألباني.

  6. #6
    عضو
    رقم العضوية
    28866
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    54
    جزاك الله خير

  7. #7
    Banned
    رقم العضوية
    35020
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    كندا / لبنان / مصر
    المشاركات
    50
    شكرا جزيلا لك أخي الكريم صاحب الموضوع جزاك الله كل خير

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •