النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الحج: فضائل وعبر

  1. #1
    عضو
    رقم العضوية
    25351
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    105

    الحج: فضائل وعبر

    هذه خطبة جمعة ألقيت بتاريخ: 21 ذي القعدة 1431هـ
    بعنوان:
    (الحج: فضائل وعبر)


    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين،

    أما بعد:

    فيا عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ومراقبته في السر والعلانية، فإن تقوى الله جلّ وعلا سبيل الفلاح، وسبب الفوز في الدنيا والآخرة .

    ثم اعلموا معاشر المؤمنين أن الحج شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وأحد مبانيه العظام:
    - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت).

    - وقال الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام: (وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ).

    - وسئل عليه الصلاة والسلام: أي العمل أفضل ؟ قال : " إيمان بالله ورسوله " قيل : ثم ماذا ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " . قيل : ثم ماذا ؟ قال : " حج مبرور ".

    - وقال عليه الصلاة والسلام: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).

    والحج المبرور هو ما كان خالصا لله، موافقا لسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان من مال حلال طيب، وسالما من الرفث والفسوق والعصيان.

    والحج سبب عظيم لتكفير السيئات ومغفرة الذنوب والخطايا:
    - قال عليه الصلاة والسلام: ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).

    - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله، والهجرة تهدم ما كان قبلها، والحج يهدم ما كان قبله).

    وبالحج والعمرة عباد الله ينال العبد خيري الدنيا والآخرة:
    - قال عليه الصلاة والسلام: ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد).

    - وبين عليه الصلاة والسلام الأجر العظيم، والثواب الجزيل، والفضل الكبير، لكل منسك من مناسك الحج، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما، ثم قالا يا رسول الله! جئنا نسألك. فقال: (إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت)، فقالا أخبرنا يا رسول الله، فقال الثقفي للأنصاري سل، فقال أخبرني يا رسول الله، فقال: (جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك).

    قال: (فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه، إلا كتب الله لك به حسنة، ومحا عنك خطيئة.
    وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسماعيل عليه السلام.
    وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة.
    وأما وقوفك عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة: يقول عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر، لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له.
    وأما رميك الجمار، فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات.
    وأما نحرك فمذخور لك عند ربك، وأما حلقك رأسك، فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، ويمحى عنك بها خطيئة.
    وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول: اعمل فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى).


    عباد الله! إن الحج مدرسة عظيمة يتربى فيها المؤمنون، ويتلقى فيها المتقون الدروس العظيمة والعبر البليغة، فمن ذلكم:

    - ما يكون في الحج من المساواة بين المسلمين، فلا فرق بين رئيس ومرؤوس، وغني وفقير، وعربي وعجمي،كلهم في لباس واحد، وإلى مقصد واحد، وفي عمل واحد، قال الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

    فلا فخر بأحساب ولا أنساب، فالحج يطهر المسلمين من نعرات الجاهلية المنتة وعصبيتها وحميتها، قال عليه الصلاة والسلام: (يا أيها الناس ! إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله و فاجر شقي هين على الله و الناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب) .

    عباد الله! ومن أعظم ما يتعلمه المسلمون في الحج:

    - توحيد الله جل وعلا وإفراده بالعبادة، فالحجاج يعلنون توحيدهم لله، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، كلمات توحيد وإخلاص لله تعالى، فالأعمال كلها، والطاعات جميعها، يجب أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، لايصرف منها شيء لغيره سبحانه، فكما أن الله تبارك وتعالى هو المنعم وحده، والمتفضل وحده، لا شريك له في شيء من ذلك، فهو المعبود وحده سبحانه، فلا يحج إلا لله، ولا يقصد إلا بيت الله، ولا يصلى إلا لله، ولا يدعا إلا الله، ولا يستغاث إلا بالله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يطلب المدد والعون إلا من الله، ولا يذبح إلا لله، ولا يصرف شيء من العبادة إلا لله، وهذا معنى قول الملبي: لبيك لا شريك لك، أي لا شريك لك في الطاعة، ولا ند لك في العبادة.

    ومما يتعلمه الحاج إلى بيت الله:

    - الإذعان والالتزام بأمر الله تعالى، فالتلبية عباد الله إذعان لله، والتزام بأمر سبحانه، ناداهم الله إلى الحجّ فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، استجبنا لندائك، وقمنا بتحقيق دعائك، وامتثلنا أمرك، خاضين منكسرين متذللين، مداومين على طاعتك.

    فالتلبية في الحج تعلم المسلم أن يلبي نداء الله في كلِّ طاعة، وأن يستجيب لدعاء الله في كل عبادة، فقد نادى الله تبارك وتعالى عباده إلى الصلاة، وناداهم إلى الصيام، وناداهم إلى الزكاة، وأمرهم بالبر والإحسان، ونهاهم عن الفواحش والإثم والعصيان، فيجب على المسلم أن يلبي النداء في كل ذلك.

    عباد الله! ومما يتعلمه المسلمون في الحج:

    - اختصاص بيت الله الحرام بعبادة الطواف، تلك العبادة العظيمة التي لا تشرع في أي مكان إلا في البيت الحرام، فالكعبة المشرفة رمز توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، فهي أول بيت وضع لعبادة الله وحده، ولهذا أمرنا بالطواف حوله لنعظم شعائر الله: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

    ومن دروس الحج:

    - التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، قال عليه الصلاة والسلام: (خذوا عني مناسككم)، ومن ذلكم تقبيل الحجر الأسود، امتثالا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهوحجر لا يضر ولا ينفع، لأن النافع الضار هو الله تبارك وتعالى، ولكنا نقبله تأسيا بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ولهذا لما قبَّل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحجر الأسود، قال كلمته المشهورة: (أما والله إني لأعلم أنّك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)، فالمسلمون يقبلون الحجر، ويستلمون الركن اليماني، تأسيا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واقتداء بهديه، وترسما لخطاه، فيتعلم كل حاج أن التعبد بتقبيل الأضرحة والجدران، والمشاهد الشركية،كلُّ ذلك ليس من شرع الله، ولا من دينه، بل هو من مظاهر الشرك والوثنية.

    عباد الله!
    وفي وقفة عرفات، يتذكر الحاج البعث والحساب، ووقوف الناس يوم الحشر في صعيد واحد بين يدي ربهم عزّ وجل، ينتظرون حسابهم، ويتحرون مصيرهم إلى سعادة أو شقاء، إلى جنة أو نار، فإذا رأى الحاج ازدحام الناس يوم عرفة، ورأى بعضهم يموج في بعض، وهم في صعيد واحد، وبلباس واحد، وقد حسروا عن رؤوسهم، وتجردوا من ثيابهم ومن ملذات الدنيا ومتاعها، تذكر اليوم العظيم الموعود، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم يحشرون بين يديه سبحانه، حافية أقدامهم، عارية أجسامهم، شاخصة أبصارهم، ينتظرون ما يفعل بهم، فيبعثه ذلك للاستعداد للآخرة، والتزود ليوم المعاد، ويقوده ذلك إلى استصغار متاع الحياة الدنيا، والزهد فيها، والترفع عن الاستغراق فيها، وقد قال الله تعالى في أثناء آيات الحج: ﴿وتَزوَّدوا فإنَّ خير الزاد التَّقوى واتَّقونِ يا أولي الألباب﴾.

    ولذا كان الحاج يا عباد الله في هذا اليوم العظيم، يوم عرفة، يلهج لسانه بأعظم الدعاء وأحسنه، يقول صلى الله عليه وسلم :"خير الدعاء دعاء يوم عرفه، وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

    أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.


    *****************************


    الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

    فياعباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

    عباد الله! ومما يستفاد من حج بيت الله الحرام:

    - إفراد الله تعالى بعبادة الذبح والنحر، ففي يوم النحر ينحر الحجاج الهدايا لله تعالى، تقربا إلى الله تعالى بهذه العبادة العظيمة، قال تعالى: (فصل لربك وانحر)، ومن هنا يعلم المسلم أن الذبح لغير الله شرك به سبحانه، موجب للعنة والسخط، قال الله تعالى: ﴿قل إنَّ صَلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومَمَاتِي لله ربِّ العالمين لاشريك له﴾، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم : (لعن الله من ذبح لغير الله).

    فلا تراق الدماء تقربا وتعظيما يا عباد الله، إلا لمن أجراها في العروق.

    عباد الله! ومن الدروس المستفادة في الحج:

    - أن دين الله وسط بين الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط، كما في رمي الجمرات، فقد أخذ صلوات الله وسلامه عليه سبع حصيات مثل حصى الخذف، ورفعهن في يده وأراهن الناس وقال: (أيها الناس! بمثل هذا فارموا، وإياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين).

    فالمسلم يحذر من الغلو والجفاء، ويتمسك بهدي النبي المصطفى، صلى الله عليه وسلم، ويكون في أعماله كلِّها وطاعاته جميعها متوسطا معتدلا، لا غلو ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط.

    فهذه عباد الله بعض الدروس العظيمة، والعبر المؤثرة، المستفادة من حج بيت الله الحرام.

    نسأل الله جلّ وعلا أن يوفق حجاج بيت الله الحرام للانتفاع بهذه الطاعة والاستفادة منها، وأن يتقبل منا ومنهم، وأن يغفر لنا ولهم، وأن يعيننا جميعا على كل خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين،وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل وِلايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلانيته. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر ذنوب المذنبين من المسلمين وتب على التائبين يا ذا الجلال والإكرام. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العامين،وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون.


    المصدر: موقع المحجة
    http://www.mahaja.com/showthread.php?12055
    قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ:
    (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا)
    فسئل عنهم فقال: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا).
    رواه ابن ماجه (4245)، وصححه الألباني.

  2. #2
    عضو
    رقم العضوية
    19094
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    149
    جزاك الله خير على الموضوع
    يارب أكتب لي ويسر لي أمري للحج السنه القادمه
    آمييييييييييين

  3. #3
    عضو
    رقم العضوية
    28866
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    54
    تسلم على الطرح الجميل والمفيد

    جزاك الله خير

  4. #4
    Banned
    رقم العضوية
    35020
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    كندا / لبنان / مصر
    المشاركات
    50
    شكرا جزيلا لك أخي الكريم صاحب الموضوع جزاك الله كل خير

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •