السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


في فترة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت الشقيقه كان ولد عمي (كاتب القصه) اسير لمدة 3 شهور تقريبا وطبعا بلغ عنه جاره الفلسطيني بحكم انه عسكري وكان مشتبه فيه انه مع المقاومه الشعبيه، بس الحمدلله بعد التحرير تم تحريرهم من اسرهم بفتره بسيطه (اول اسبوع بعد التحرير).

وهذي القصه كتبها لما اول زياره صارت لرئيس الوزراء العراقي للكويت بعد سقوط نظام صدام في العراق.

اتركم مع القصه واتمنى ان تنال اعجابكم وهي تعبر عن رأي فئه كبيره (اذا ماكانت الاكبر) من الشعب الكويتي الشقيق في عودة العلاقات الدبلوماسيه بين البلدين:





مذكرات شهيد حي

ذات نهار غائم ونسيم عليل خرجت أشتم من هذا الطقس الجميل عبيراً قل ما نشتمه بعد فصل الصيف الحار ...
وأنا في طريقي إلى البحر وجدت أحد الأشخاص يقف على قارعة الطريق يأمل بأن يوصله أحد إلى وجهته ، وعندما توقفت بسيارتي إلى جانه وجدت عليه علامات التعب ووجهه مغبر ، نظرت إليه وقد تملكني الرعب منه فقلت له " إلى أين تقصد يا أخ " فقال لي بصوت خافت جداً إلى منطقة الرميثية فقلت له على الرحب والسعة تفضل .
وبعد أن انطلقت بسيارتي كان هذا الزائر صامت ولم يتفوه بأي كلمة إلا أنه كان يتأمل في كل مكان نمشي بمحاذاته !!!
وعندما وصلنا إلى جسر التحكم الشهير بجسر الساعة شهق هذا الزائر شهقة شعرت بأنها زلزلتني وكأنها خرجت من أحشائه ، التفت نحوه وكنت أمر في لحظات مرعبه جداً حيث وجدته يمعن النظر أعلا الجسر ، سألته بصوت منخفض من شدة الرعب " ماذا بك يا أخ " أجابني بكل هدوء ، علم من هذا الذي يرفرف أعلا الجسر ؟ أجبته بأن هذا علم الكويت وذاك علم العراق .
صرخ الزائر الغامض وبدأت دموعه تنهمر كالمطر على خديه المغبرين ليتكشف لي لون بشرته ، قلت له بالله عليك ماذا دهاك ، ومن أي كوكب أنت حيث أنك ومنذ أن ركبت السيارة وكل علامات الاستفهام والتعجب تتجه نحوك بداً من شكلك المغبر وجسدك الهزيل وصوتك الحزين ونظراتك الغريبة في كل ما تقع عينك عليه ... وصولاً إلى صرخاتك ،،، من أنت ؟
قال ... هل تريد أن تعرف من أنا ؟ قلت له أتوسل إليك من أنت .
قال آنا لست من كوكب آخر آنا ابن هذا البلد ، ضحيت لهذا البلد ، فعندما دخلت القوات الغازية العراقية إلى بلدي كنت طالباً جامعياً ، رميت القلم من يدي لأحمل بيدي الأخرى السلاح لأول مره ونذرت نفسي للذود عن وطني .
كنت أنا وإخواني المقاومين نتنقل من مكان لآخر في كل ساعة لأن الغزاة كانوا يطلبوننا أحياء أم أموات ، وفي يوم من الأيام حضر إلي أحد الأصدقاء ليبلغني بأن الغزاة دخلوا منزلنا وسلبوا كُل ما فيه كما أنهم قاموا بطرد أسرتي من المنزل ، كنت أستمع إليه وأرجوا الله أن يكون قد أنهى كلامه ، إلا أنه تابع حديثة قائلاً لي بأنهم أسروا أخي الصغير ... ثم سكت وبدأ بالنواح ، قلت له وهل للحديث بقية ؟ أتوسل إليك ، فقال نعم فقد ضربوا والدتك و و و قلت له وماذا أكمل ... وليتني لم أقل له أن يكمل قال وقد هتكوا عرض أختك !!! بالتناوب كالذئاب بل أكثر من وحشية الذئاب .
وقد جعلوها رهينة عندهم وأنهم اشترطوا أن لا يطلقوا سراحها إلا إذا سلمتَ نفسك لهم .
ودونما تردد أو تفكير سلمت سلاحي للمقاومين وانطلقت إلى العراقيين وأبلغتهم بأنني الشخص المطلوب لديهم وأن يوفون بوعدهم ويطلقوا سراح أختي .
وقد قال كبير ضباطهم ، بكل تأكيد فنحن لا نريد سواك وسوف نوفي بوعودنا ونطلقها ، فقاموا بلف الحبال وتوثيقي بعامود من الخرسانة وعندها انهالوا على بالضرب حتى كدت أن أفقد وعيي ، فقال لهم كبير ضباطهم كفوا عن ذلك فأريده أن يرى بأم عينيه عندما نطلق أخته ونفي بالوعد فنحن أبناء الملحة .
فأحضروا أختي وكان مظهرها خير دليل على معاناتها وعندها سألني أحد الضباط هل هذه أختك فأجبته ( نعم سيدي ) فصرخ بجنوده هيا يا أشاوس أوفوا بوعودكم فقلت الحمد لله .
فقام أحد الجنود بتمزيق ملابس أختي وتجريدها كيوم ولدتها أمي ، صرخت بهم والدموع تنهمر من عيني أرحموها وارحموني بحق من تعبدون بحق عروبتكم التي تتغنون بها بحق شرفكم بحق بحق إلى أن حانت لحظة حقيقتهم العربية الشريفة فقد تناوبوا عليها أمام ناظري .
هنا صرخ كبير ضباطهم وأمرهم بالابتعاد عنها بعد أن كادت تفارق روحها جسدها وجسدي وقال لهم أطلقوها الآن فقلت الحمد لله فقام أحد الجنود بإطلاقها لكن هل تعلم كيف أطلقها ؟
فقلت كيف ؟
قال حين وضع رصاصة في مسدسده أطلقها برأسها !!!
رصاصة أُطلقت على رأسها ولكنها دخلت قلبي الذي كان يتقطع على شرفي .
أمرهم كبيرهم بأن يحملوني ليريحوني ، حملوني لغرفه أشبه ما تكون مصنع كبير لأدوات التعذيب فبدئوا بقلع أظافري من مكانها وعندما فرغوا من الأظافر أحضروا الثاقب الكهربائي " الدريل " وبدئوا يمزقون جسدي المتهالك وبعدها أجلسوني على زجاجة مكسورة !!!
وبعد كل نوع من أنواع التعذيب يسألوني عن زملائي المقاومين وآنا أرفض أن أدلهم ، فأحضروا الصاعق الكهربائي وصعقوني به إلى أن سالت الدماء من أذني .
عندها وبعد رفض كل محاولاتهم لمعرفة مكان زملائي أبلغوني بأنني سأكون رفيق أختي إن لم أدلهم فقلت لهم على الرحب والسعه فأنني مشتاق إليها .
عندها أطلقوا على رصاصة الحقد بالنسبة لهم ورصاصة الرحمة بالنسبة لي وحملوا جثتي وألقوا بها في الصحراء كي تتغذى عليها الكلاب الضالة ...
وبعد هذا وذاك أجد أعلام العراق تلف علم بلادي الذي بذلت له الغالي والنفيس من أجل نُصرته .
بالله عليك ماذا عساى أفعل ،،، أليس نهش الكلاب أرحم من هذا الذي أراه ؟
عندها مسحت دموعي من على خدي وقلت له أن سبب آلامه وهو صدام حسين قد أعدم أمام شاشات التلفزيون وانتهى أمره .
صرخ بي " بالله عليك أي غبي أنت " !!!
هل قلت لك بأن من كان يجوب شوارع الكويت وأن من قتل أخي الصغير وهتك عرض أختي وقتلني صدام ؟
صدام كان الأمر بالمنكر لكن الذي نفذ كُل ما يشتهيه صدام وأكثر كان الشعب القذر الذي عض اليد التي أطعمته حين كان جائع .
قلت له وأنا أتألم ، ماذا لو عاد التاريخ إلى 2/8/1990 هل ستقوم بفعلتك تلك ؟
أجابني مؤكداً في حينها لن يكون للكويت من يدافع عنها وأننا بدل الدفاع سنقوم بجمع وطبع علم العراق الذي سيوزع على شوارع الكويت فور تحريرها .
عندها سألته عن اسمه فلم يجبني ، نظرت إلى جانبي فلم أجده !!!
نظرت إلى المكان الذي أنا فيه وإذا بي بنفس المكان وهو جسر التحكم !
عندها فقط عرفته من كان ذاك .
كان ذلك ضميري الذي حاور عقلي عندما شاهدت أعلام العراق الجديد من زاخو إلى البحر .
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار ...