لم يكن إطلاق مؤشر "داو جونز" الإسلامي في تركيا بنهاية شهر سبتمبر 2004 إلا تأكيدا على أهمية قطاع المال الإسلامي الذي بدأ يحظى باهتمام كبير من قبل المؤسسات المالية الدولية. فهذا المؤشر الوليد سيتابع 17 شركة تركية تصل قيمتها الإجمالية لنحو 4 مليارات دولار.

هذه الخطوة الجديدة جاءت بعد 5 سنوات من إطلاق مؤشر داو جونز الإسلامي في البحرين، الذي يعد أول مؤشر مالي يمثل رأس المال الإسلامي، وأصبح أحد عناصر حزمة المؤشرات التي تمتلكها مؤسسة داو جونز للمؤشرات المالية.

وتعبر هذه المؤشرات المالية الإسلامية عن حرص المستثمرين العرب والمسلمين على الاستثمار الحلال طبقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، سواء في أسواق السلع والخدمات أو في الأسواق المالية، كما تتيح هذه المؤشرات قياس الأداء لتلك الاستثمارات الإسلامية، ومن ثم إمكانية التخطيط الأمثل عند النظر لمستقبلها.

ومن جهة أخرى تعبر أيضا عن اهتمام المؤسسات المالية الغربية بقطاع التمويل الإسلامي الذي يتزايد الطلب على منتجاته، لا سيما بين مسلمي العالم البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة.

ولا توجد إحصاءات رسمية حول صناعة التمويل الإسلامي التي نشأت منذ 30 سنة، غير أن تقديرات خبراء تشير إلى أنه يوجد 256 مؤسسة في أنحاء العالم، قيمة موجوداتها 262 مليار دولار.

ما هو المؤشر وأنشطته؟

ببساطة: المؤشر يتضمن عددا من الشركات التي يتم قياس أدائها الاستثماري، ويحتسب باستخدام المتوسط المتحرك لأسعار أسهم هذه الشركات، وبالتالي عندما يهبط مثلا مؤشر داو جونز بمستوى 30 نقطة فهذا يعني أن متوسط أسعار أسهم الثلاثين شركة الموضوعة عليه قد انخفضت 30 نقطة.

والنقطة هنا تعني مقدار التغير بوحدة واحدة في سعر السهم صعودا وهبوطا. وهكذا فالمؤشر يعتبر دليلا على الوضع العام لسوق المال، ويمكن أن يكون مفيدا عند استخدامه كمقياس لتقييم أداء أي سهم.

وتعمل الشركات التي يقيس أداءها مؤشرُ داو جونز الإسلامي "في الأنشطة الحلال، ولا تستثمر أموالها في صناعة الكحوليات أو التبغ أو منتجات تدخل بها لحم الخنزير، كما لا تتعامل مع البنوك الربوية أو صناعة السلاح. وقد بدأ هذا المؤشر في البحرين بإدراج نحو 50 شركة تزيد استثماراتها على 50 مليار دولار؛ حتى وصل عدد الشركات إلى 100 شركة تعمل بالدول العربية والإسلامية.

نرى الآن أكبر 10 شركات في المؤشر:
الشركة
القطاع
نسبة التوزيع

أكسون موبيل
البترول والغاز
5.05%

فايزر
صناعات دوائية
4.93%

شركة مايكروسوفت
تقنية المعلومات
4.78%

بي بيه
البترول والغاز
3.45%

أنتل
أجهزة تقنية المعلومات
3.02%

مجموعة فودافون
خدمات اتصالات
2.99%

جونسون وجونسون
صناعات دوائية
2.90%

آي بي إم
خدمات كمبيوتر وبرامج
2.74%

سيسكو للأنظمة
أجهزة تقنية المعلومات
2.59%

شركة بروكتور آند جامبل
أدوات شخصية ومنزلية
2.47%


ويقدر رأس المال السوقي الداخل في المؤشر بـ 8 مليارات دولار، هي من رأس المال العربي والإسلامي، مقسم إلى 1416 سهما، وذلك طبقا لتقارير المؤشر في 2003.

ويلاحظ على الشركات المدرجة في المؤشر أن بعضها شركات عالمية غربية تعمل بالمنطقة، ووصف "الإسلامي" ينطبق عليها فقط من حيث إنها تمارس أنشطة مشروعة، ولا تدخل في استثمار الأسلحة أو منتجات كالتبغ أو لحم الخنزير أو الكحوليات.

ويساند المؤشر هيئة شرعية تتكون من علماء عرب ومسلمين، منهم: عبد الستار جودة (سوريا)، القاضي محمد تقي عثمان (باكستان)، د.محمد الجاري (السعودية)، الشيخ نظام يعقوبي (البحرين)، الشيخ يوسف طلعت دي لورنزو (الولايات المتحدة).

فائدة المؤشر

وتبدو أهمية هذا المؤشر الإسلامي وغيره من المؤشرات المالية الإسلامية في أنه يخدم القطاعات الأخرى في أسواق المال الإسلامية؛ فعلى سبيل المثال كانت هناك مشكلة عند تقييم الصناديق الإسلامية، تتمثل في لجوء من يديرونها إلى استعمال معايير قياس مشتقة من مؤشرات فينانشيال تايمز، وستاندارد آند بورز، وداو جونز، وإم إس سي آي، وورلد إندكس لقياس الأداء الداخلي الخاص بهم، وبالتالي يتسبب هذا في عدم وجود نمط موحد وأساس سليم وموضوعي؛ لذلك فاستخدام هذا المؤشر المالي الإسلامي يخدم الأغراض المالية للصناديق الاستثمارية، ويتماشى مع مبادئ الشريعة.

وأصبح عدد صناديق الاستثمار بمؤشر داو جونز الإسلامي يصل إلى 100 صندوق، يبلغ إجمالي قيمتها المالية نحو 40 مليار دولار. والجدير بالذكر أن المؤشر الآن تستخدمه حوالي 28 ألف شركة على مستوى العالم لتعرف به أداء الأسواق المالية الإسلامية والعالمية، ويستخدم في 48 دولة على مستوى العالم.

كما يؤدي وجود المؤشر إلى اجتذاب جزء من الأموال العربية المستثمرة في الخارج؛ ليتم استثمارها داخل المنطقة العربية بشكل صناديق استثمارية، أو من خلال المشاركة في الشركات التي تدرج ضمن المؤشر.

ويعطي المؤشر أيضا ميزة لنظام الاستثمار المالي الإسلامي عبر الإنترنت؛ إذ سيكون بمثابة الحل الأمثل للمؤسسات المالية والبنوك الإسلامية؛ حيث سيجعل لها ميزة تنافسية؛ لأن وجود مؤشر سوف ينشط من تلك الاستثمارات.

إذ سيتيح النظام الجديد لهذه المؤسسات إمكانية الاستجابة للطلبات المتزايدة لعملائها على الاستثمارات المالية الإسلامية، وذلك من خلال ما يقدمه النظام من فرصة كبيرة للدخول إلى كبريات أسواق المال العالمية، وتقديم خدماتها الاستثمارية لقاعدة عملائها.

ويمكن المؤشر المستثمر الإسلامي من أن توجد لديه محفظة تتمتع بالسيولة ومقاومة ضد الركود، وتتمتع بالحماية ضد التضخم، بينما تؤمّن توفير عائدات مجزية في السوق مقابل رسوم إدارة مخفضة. إضافة لذلك فإن المؤشر يضم بصورة أساسية شركات من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو مصمم بحيث يلبي متطلبات الأدوات الاستثمارية، مثل صناديق الاستثمار.

عوائق أمام المؤشر
غير أن هذا المؤشر تواجهه عوائق؛ منها تحديد الشركات التي تلتزم بمراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية والتي توفر السيولة اللازمة، إضافة إلى الحصول على المعلومات من الشركات، وكذلك الصناديق الإسلامية الاستثمارية الحالية لأغراض المتابعة.

كما أن هناك عوائق تتعلق أيضا بمتابعة الحالات التي لا تلتزم فيها الشركة بمراعاة أحكام الشريعة الإسلامية، أو عندما تعاني من مشاكل في الأداء، أو إذا لم تعد تمثل القطاع الذي تعمل فيه أو حدوث التغييرات الرئيسية؛ مثل إشهار الإفلاس أو الاستملاك من قبل الغير، أو شرائها من جهات أخرى، أو إعادة رسملتها.
**منقول