لو جاز أن أصنف أسباب القلق بكل أنواعه،
لقلت إنّ القلق على المال،
هو القلق "الرقم واحد" في حياة الإنسان.

وقلق المال له صور عديدة،
منها القلق على الدخل ومقداره ودرجة كفايته،
والقلق على كيفية إدارة المال،
والقلق على مشروع التوفير والمستقبل،
والقلق على تأثير المال في العلاقة الإنسانية
بين الرجل والمرأة وعلى الأسرة،
ومعادلة الروح والمال
وعدم تراجع الروحانية
والقيم بسبب المال


إلا أنّ القلق الأساسي في المال
هو كيفية تسيير الحياة الحالية بالدخل الحالي،
بحيث يكفي المال المتوافر لنفقات الكل،
ومصاريف الأبناء والإيجار والسيارة... إلخ


هذه الحسبة التي تقلق كل شهر،
تستهلك التفكير وتمتص قدراً كبيراً من طاقة الإنسان، وقد تدفع به إلى الكآبة أو العصبية، أو كليهما معاً

الحقيقة أنّ القلق على المال
يدفع البعض إلى مغامرات شرسة في حياته

مغامرات تقلب كيانه،
مثل الدخول في سوق الأسهم،
أو إقامة مشروع تجاري،
بينما هو لا يفقه شيئاً في التجارة،
والأنكى والأشد خطورة،
إقامة مشروع تجاري مع شخص محتال


الحقيقة،

إن نظرة الناس إلى المال،
هي التي تحدد إحساسهم
وأفعالهم للحصول عليه

فهناك مَنْ يرى أنّ
"المال هو وسخ الدنيا"،
وهناك مَنْ يرى
"أنّ المال هو عصب الحياة"،

وهناك مَنْ هو مقتنع
بأنّ الشخص لا يساوي إلا ما في جيبه"

وهكذا أفكار عن المال
هي التي تحدد علاقة الإنسان به


والواقع أنّ الإنسان،
وبكل سهولة،
يمكن أن يعيد تشكيل فلسفة حياته،
إنطلاقاً من إرادة تشكيل نظرته إلى المال


ولنبدأ هذا الأمر بهذا السؤال:

ما هو وضعك المادي حالياً،
وكيف يؤثر فيك؟


إنّ حساب دخل الإنسان،
ومصروفاته وراحته أو معاناته،
مسألة نسبة،
فإن كان لك دخل معيّن لا يفي بحاجاتك،
فما هو الحل عندك؟

هل الحل هو أن تسعى إلى تحسين دخلك،
أم الحل بإعادة ترتيب أوراقك؟


بالطبع،

علينا ألا نتوقع أن يكون جميع الناس
يملكون نظرة مثالية للأمر،
وأن يرفعوا شعار القناعة

لكن الذين يرفضون مبدأ القناعة
سيتوجب عليهم إيجاد مصادر مال إضافية

وإذا فشلوا فعليهم التأقلم مع أوضاعهم
وهنا لا يبقى أمام المرء سوى
إعادة ترتيب ميزانية الصرف،
وشدّها يميناً أو شمالاً،
بحذف ما يرى أنّه غير ضروري،
وتقليص إنفاقات يمكن تقليصها،
وإعادة ترتيب النظرة إلى بعض المسائل


مثلاً،

قد تكون راغباً في أن تهدي
من تحب سيارة بمناسبة عيد ميلاده

لكن إذا كان الأمر غير ممكن،
فلا بأس من إهدائه ميدالية

فهذا الأمر سيسعده بالتأكيد،
وسيريحك،
لأنّه يقع ضمن إمكاناتك وحدودك