أطلتُ على ما دار في هذا الحوار:
http://www.qatarshares.com/vb/showth...42#post7279942
إن إطلالةٌ سريعةٌ على الموضوع ينبئك عن حجم الخلل في واقعنا المعاصر تجاه القضايا المختلفة....يظهر ذلك من خلال الردود والمقترحات غير المسؤولة....والمواقف "التلقائيّة" التي تجانب الموضوعيّة التي سنُسأل عندها أمام الله...فضلاً عن التعميم وترك التثبّت وغير ذلك من سلبيّات الحوار...ويا للأسف
وسوف أنتاول على عجالة بعض النقاط لعلّها ذكرى وتبصرة:
أولاً: الجهات الخيريّة ليست جهاتٍ مانحة....هي لا تُعطي الأموال من جيبوها الخاصّة...إنما هي "مؤسسات وسيطة" بين المموّلين "أصحاب الصدقات والزكوات" وبين الشرائح المستهدفة المستفيدة....إذا جاء متبرّع واشترط عليك صرف المبلغ في جزر الواق واق...فهل يجوز شرعاً وعرفاً وإدارة أن تصرفه في غير ما تبرّع به؟؟؟؟ فما لكم كيف تحكمون...
ثانياً: البعض يتعامل مع الجمعيّات الخيريّة من خلال مصلحته الشخصيّة فحسب....إن كانت له ضائقةٌ وتيسّرت أموره عن طريق الجمعيّات الخيريّة كال لها المدح بغير حساب....فإن لم يتمّ له ذلك فهم أسوأ ناس وأبدعهم عن الصدق ومصلحيّون و...و....((إذا أعطوا منها رضوا وإن لم يُعطوا منها إذا هم يسخطون)))
ثالثاً: مسؤوليّة "الداخل القطري" مسؤوليّةٌ مشتركة بين الجمعيات الخيريّة المختلفة وبين صندوق الزكاة ووزارة الشؤون الاجتماعيّة....علماً بأن النصيب الأكبر من هذه المسؤوليّة إنما تقع على عاتق الأخيرتين...ثم إن هناك تنسيق كبير بين جميع تلك المؤسسات المجتمعيّة في التعامل مع الملفات والقضايا....تنسيقٌ أكبر مما تتصوّرونه...وليس فيه هذه "الحدّية" الموجودة في بعض الردود هنا....
رابعاً: عشرات الردود الغاضبة والانفعالات المرتجلة والإيمان بسياسة اللونين فحسب " يا أبيض يا أسود" ولم يُكلّف أحدٌ نفسه عناء التواصل مع تلك الجمعيّات لمعرفة حقيقة هذه الطعونات والنقد الموجّه إلى تلك المؤسسات ليعلم هل كان النقد حقيقيّاً أم تهويلٌ خالٍ من الموضوعيّة....وفي حالة اكتشاف الأخطاء -ولا تخلو جهةٌ في الدنيا منها- هل تعاملوا معها بإيجابيّة أم لا؟؟؟
وكذلك فعلتُ....وبحثتُ واستقصيت....لأجد أن هذه الزوبعة عارية عن الصحّة وفيها من التهويل ما لا يخفى....
على سبيل المثال: مؤسسة عيد الخيرية لها عدّة حملات للغارمين....آخرها تلك التي أُعلنت في رمضان....وردت إلى تلك الحملة تبرّعات بقيمة 4 مليون ريال تقريباً....تم وضع ملفات 670 حالة والمفاضلة بينها ليتمّ اختيار أشدّ الحالات احتياجاً....لأن هذا المبلغ أقلّ من أن يُغطّي تلك الحاجات جميعاً....ولا تنسوا أيها الأفاضل أن حاجات الناس آلافٌ مؤلّفة في الغالب...وانتهت الحملة إلى كفاية احتياج 67 شخصاً
75% منهم قطريّون!!!
أعيد: 75% منهم قطريّون
طبعاً من المؤسف أن نسمع من ال (500) الباقون أو من غيرهم عبارات الجرح غير المبرّر واتهام النوايا....كيف يُفضّل البعض حاجته على حالاتٍ أشدّ -بعضها في السجن وبعضها مأساوي جداً- ؟؟؟ أليست هذه هي الأنانية؟؟؟ أين الثقة في موضوعيّة هذه اللجنات
خامساً: الحاجة ليس لها نطاق جغرافي أو فئوي يا سادة....والأمر محكوم بمسألتين: المفاضلة بين الحاجات....والاحتكام إلى رغبة المتبرّع صدقةً كانت أم زكاة...
سادساً: البعض انتقد ذكر سلفيّات البعض غير المبرّرة ثم السعي إلى تسديدها ....أي نعم....هذا الكلام صحيح....ألا تنكرون أن البعض يقترض قرضاً ربويّاً فاحشاً ملعوناً - والدنيا ملعونة فكيف إذا كانت الدنيا ربا!!!-....ويُدخل نفسه في دوّامة ساذجة ليظلّ حبيس هذا القرض الربويّ الذي لا ينتهي....أليست الوقاية خير من العلاج؟؟؟؟
أليس الاقتراض الحلال المسؤول المدروس خيرٌ من هذه الورطات؟؟؟ علمتُ بوجود رجلٍ ظلّ يُسدّد ديناً ربويّاً منذ 17 سنة ولم ينتهِ حتى الآن....نقول له: يداك أوكتا وفوك نفخ!!!
سابعاً: من ينتقد الاجراءات الطويلة في دراسات الحالة لا يعلم الجهود المضنية للتأكّد من مصداقيّة الأوراق وسلامة الوثائق وغير ذلك....والأمر عند المستفيدين مختزلٌ في صورة ساذجة: "أُقدّم الطلب....أحصل على المعونة"!!!!
كانت لي علاقة مع زميل في بلدٍ آخر....حكى لي العديد من القصص و"البلاوي" من الكذب والتلفيق من المقدّمين....فتمضي الأيام طوال ليميز الباحث الكاذب من الطيّب....أليس هذا من متطلّبات المتبرعين يا سادة؟؟؟؟
المعذرة على حرارة الموضوع....لكنها والله دعوةٌ إلى إعادة طريقة التفكير وتقييم المواقف والرجال والمؤسسات حتى نكون عادلين
والله من وراء القصد