تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية بسبب اضطرابات الاسواق



بكين ( سنغافورة (رويترز) - تردى الاقتصاد العالمي الى مستويات أعمق من الازمة اذ واصلت أسواق الاسهم هبوطها يوم الثلاثاء وفقد المستثمرون الثقة في قدرة الولايات المتحدة وأوروبا على كبح جماح ديونهما سريعا وتجنب الانزلاق الى الركود مجددا.

ورغم أن أسواق الاسهم الاسيوية تجنبت يوم الثلاثاء تكرار خسائر يوم الاثنين عند الاغلاق الا أن الاسهم الاوروبية تراجعت للجلسة الثامنة على التوالي بينما وردت أنباء عن انخفاض مفاجئ في انتاج المصانع البريطانية في يونيو حزيران مما سلط الضوء على ضعف الاقتصاد.

وبسبب الخسائر المتفاقمة في الاسواق تتضاعف الضغوط على مجلس الاحتياطي الاتحادي )البنك المركزي الامريكي/ لاعلان اجراءات جديدة لدعم الاقتصاد الامريكي في اجتماع مقرر بشأن السياسة النقدية يوم الثلاثاء لكن محللين قالوا ان خيارات البنك محدودة.

وقال بيتر هيكسون العضو المنتدب لبحوث السلع الاولية العالمية في يو.بي.اس "لقد وصلنا الى حالة من البيع لايقاف الخسائر والبيع بدافع الهلع .. وهذا سيستمر الى حين اتخاذ اجراء رسمي.

"وحتى الاجراءات الرسمية هذه الايام تبدو غير فعالة من حيث معنويات السوق. السوق تتساءل ان كان في جعبة صناع السياسة مزيد من الذخيرة."

ويخشى المستثمرون من استمرار تردي الاسواق المالية مع تبخر الثقة في افاق الاقتصاد العالمي وهو ما سيسبب دوامة عنيفة من التشاؤم.

وحتى يوم الاثنين محت خسائر الاسهم نحو 3.8 تريليون دولار من ثروات المستثمرين في أنحاء العالم خلال الاضطرابات الاخيرة حيث هرع المستثمرون الى الادوات الاستثمارية التي تعتبر امنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري والذهب الذي سجل مستوى قياسيا جديدا يوم الثلاثاء.

وتراجع مؤشر ام.اس.سي.اي لاسهم كل دول العالم 1.2 بالمئة لتصل خسائره الى نحو 20 بالمئة منذ أن سجل ذروة في مايو ايار. والقاعدة العامة للسوق تفيد بأن هبوطا بهذا الحجم يمثل سوقا للمضاربين على انخفاض الاسعار.

ومع استمرار الهروب من المخاطرة في اسيا واوروبا يوم الثلاثاء وردت مزيد من الاخبار السيئة وجاءت هذه المرة من الصين المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي
وأظهرت بيانات رسمية تباطؤ نمو الانتاج الصناعي الصيني وتسارع معدل التضخم السنوي بشكل مفاجئ الى 6.5 بالمئة في يوليو تموز.

وتضع ضغوط التضخم البنك المركزي الصيني في موقف صعب اذ أنه يحاول ابقاء الاسعار تحت السيطرة دون التأثير سلبا على الاقتصاد الذي يواجه بالفعل تهديدات متزايدة من الخارج.

وربما لا يكون المركزي الصيني في موقف يسمح له بتكرار دوره في 2008 حين دعم الاقتصاد العالمي. فعندما تسبب افلاس بنك ليمان براذرز في هبوط عالمي أطلقت الصين برنامج تحفيز ساعد على حماية اقتصادها ودعم الاقتصاد العالمي.

لكن بعض المحللين دعوا بكين الى التدخل.

وقال تانغ يون فاي المحلل لدى فاوندر سيكيوريتيز في العاصمة الصينية "حان الوقت لتعلن بكين للعالم أجمع أنها ستحاول تحفيز الطلب المحلي مجددا."

وفشل زعماء العالم في تغيير اتجاه الاسواق الهابطة بعد تضرر ثقة المستثمرين من خفض مؤسسة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني الامريكي الاسبوع الماضي.

وأدت هذه الخطوة الى تنامي المخاوف من أن تؤدي أزمة ديون منطقة اليورو وتعثر الاقتصاد الامريكي معا الى تجدد الركود الاقتصادي.

وكتب كينيث روجوف الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد في صحيفة فايننشال تايمز "بعد أربع سنوات من بداية الازمة المالية أصبح من الواضح أن العجز الاكبر ليس في الائتمان بل في المصداقية."

وأضاف "يمكن أن تتكيف الاسواق مع تراجع النمو العالمي لكنها لا يمكن أن تتعايش مع فقدان الثقة في القيادة وتعاظم الشعور بأن صناع السياسة منفصلون عن الواقع
وتراجعت المؤشرات الرئيسية في اسيا في التعاملات المبكرة بعد أن خسرت الاسهم الامريكية أكثر من ستة بالمئة أمس الاثنين. ورغم أن بعضها تعافى بنسبة كبيرة الا أن أسهم هونج كونج سجلت أكبر خسارة يومية منذ أزمة 2008.

وواصل مؤشر يوروفرست 300 لاسهم الشركات الاوروبية الكبرى تراجعه للجلسة الثامنة على التوالي وسجل أدنى مستوى في عامين في أوائل التعاملات لكنه تعافى فيما بعد.

وقال وارين هوجان كبير الاقتصاديين في مؤسسة ايه.ان.زد المصرفية في استراليا "الوتيرة والدرجة التي يتدهور بها الموقف تشبه تلك التي رأيناها عند انهيار ليمان براذرز وعند انفجار فقاعة شركات الانترنت ... وفي ركود 1982."

وتتنامى المخاوف من أن اسيا ستشعر حتما برياح التباطؤ الباردة القادمة من الغرب.

وقال كيث داكر مدير الاستثمار في شركة تورا "هذه أول مرة منذ سنوات تشعر فيها المناطق الاقتصادية الثلاث الرئيسية بأزمة اقتصادية في نفس الوقت