%5 خسائرها منذ مطلع العام

البورصة قادرة على استعادة توازنها


2011-10-08

يُجمع مستثمرون وخبراء على قدرة السوق القطرية على تعويض إخفاق أدائها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، نظرا لإظهار الاقتصاد المحلي حزمة مؤشرات إيجابية تعزز تلك القناعة. وتواكب فقدان مؤشر ثاني أكبر البورصات العربية نحو %5 من قيمته منذ مطلع العام، مع تحقيق الناتج المحلي نسبة نمو بلغت %42 خلال النصف الأول من العام ذاته، ما يعني عدم محاكاة أداء الأول لمنجزات الثاني، فيما تعتبر القاعدة الاقتصادية أن السوق المالية بمثابة المرآة الحقيقية لما يحققه الاقتصاد من منجزات أو إخفاقات. وقد مثلت النتائج المالية لثلاث شركات مساهمة عامة حتى سبتمبر تأكيدا جديدا على عدم تأثر تلك المؤسسات بما يجري من متغيرات وتقلبات على صعيد الاقتصاد العالمي، وإن كانت آفاق نمو الأخير تبدو قاتمة على صعيد الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، اللتين تستقبلان منتجات الطاقة الصادرة عن المنشآت الإنتاجية القطرية والخليجية، ما قد يؤثر على نسب النمو المتوقعة للتكتل الاقتصادي العربي الوحيد. يقول المستثمرون لـ «العرب» إن بورصة قطر كانت ضحية إقدام محافظ أجنبية على تصفية مراكز رابحة بغية تغطية مراكزها الخاسرة في غير موضع من البورصات الإقليمية والعالمية، ما وضع الأسهم المدرجة في سوق الدوحة تحت تلك الضغوطات، والدلالة على ذلك تمكن أسهم شركات ذات طبيعة محلية من تحقيق مكاسب لافتة منذ مطلع العام الحالي، فيما كانت نظيراتها –التي ينشط فيها الأجانب- عرضة للضغط، ومن الأمثلة على ذلك كل من «صناعات» و «ناقلات»، والشركتان المحسوبتان على «قطر للبترول» يتسمان بنشاطات تصديرية خارجية.
لكن أسهم ذات طبيعة محلية لا يرتادها المستثمرون الأجانب بشكل ملحوظ أفلتت من براثن هذه المعادلة، وهو ما يؤكده الأداء الإيجابي لكل من «مواشي» و « الميرة»، في حين لم تحقق أسهم شركات خدمية أخرى ما كان يصبو إليه المستثمرون، حيث ما زالت «فودافون» و «الطبية» و «قطر وعمان» دون قيمتها الدفترية.

يبدي المستثمرون تفاؤلهم حيال قدرة السوق القطرية، على إلغاء تلك الخسائر التراكمية التي تعرضت لها منذ مطلع العام الحالي والبالغة نحو %5، وغير المتفقة مع حقيقة الزخم الذي يوفره الاقتصاد الوطني من فرص للنمو وزيادة للربحية.
وفيما كانت أسواق عربية عرضة للضغط من جراء عوامل داخلية (مصر، الكويت، البحرين)، فقد كانت البورصة القطرية الأكثر ترشيحا لتنهل من معين تلاحق المؤشرات الإيجابية التي دفعت بالدوحة لواجهة المركز المالية الإقليمية، حين تفوقت على جارتها دبي للمرة الأولى في تاريخهما.
ويحصي مستثمرون العوامل الإيجابية التي تجاهلتها السوق منذ مطلع العام (زيادة الرواتب، النمو الاقتصادي، الحلول أولا بين المراكز المالية الإقليمية، قطر الأولى بالشرق الأوسط على صعيد مؤشري التنافسية والشفافية، مدخرات فائضة يعاد توظيفها محليا ودوليا، نتائج مالية قوية لغالبية الشركات أخذت تتأكد في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي).
تلك العوامل مجتمعة لم تتوافر في أي من الأسواق العالمية أو الإقليمية التي تسجل نسبة تراجع توازي ما حققته البورصة القطرية، منذ بداية عام كانت الآمال معقودة عليه لإحراز مكاسب نوعية مهمة، في ظل تحرك إدارة السياسة النقدية لخفض أسعار الفائدة مرتين، في سياق حرص مصرف قطر المركزي على الدفع بالقطاعات الاقتصادية المحلية لمزيد من النمو لمواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي.

بيع أجنبي
لكن سيناريو البيع الأجنبي ما زال مهيمنا على ميزان تحركات البورصة، إذ يقول المستثمر سعيد الصيفي إن هؤلاء واصلوا سحب السيولة من السوق المحلية فضلا عن الخليجية، نظرا لتخوفهم مما يجري في نظيراتها العالمية، ما شكل مزيدا من الضغوط على أسعار الأسهم.
بيد أنه أكد أن القدرات الهائلة للاقتصاد الوطني كفيلة بتغيير المسار السلبي للسوق في المرحلة المقبلة.
وبلغت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نحو 145 مليار ريال في الربع الثاني من العام الحالي، بزيادة قدرها %42 حال مقارنتها بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وما زال هاجس المديونية اليونانية يمارس ضغوطه على الأسواق العالمية رغم تعافيها حول المعمورة في الجلسات الأخيرة، إذ يؤكد المستثمر فايز عمار إلقاء التأثيرات السلبية لأوضاع الاقتصاد العالمي بظلالها على السوق المحلية، نظرا للارتباط النفسي للمستثمر المحلي بتلك المعطيات عقب تجرعه من كأس الخبرة التي وضعت على مائدته خلال أزمة 2008.
ويصف رجل الأعمال عيسى عبدالسلام أبو عيسى ما يجري على الساحة الأوروبية في الوقت الراهن بأنه الأسوأ منذ سنوات، قائلا إن أزمة الديون تتمحور حول الإنتاج والهيكلة المالية والتدفق النقدي للشركات.
وفيما دعا مستثمرون لدعم جهاز قطر للاستثمار للبورصة المحلية عوضا عن الاستثمار الخارجي، قال محمد المانع نائب رئيس مجلس إدارة مصرف قطر الإسلامي لـ «العرب»: «لا مجال لضخ استثمار في السوق المحلية الآن نظرا لصعود مؤشرات السوق سواء العقارية أو مؤشرات سوق الأسهم، وبالتالي فإن هذه الخطوة قد تفضي لارتفاع في معدلات التضخم في الوقت الراهن». وكان الجهاز قد دعم البنوك المحلية في ذروة الأزمة المالية العالمية عبر مساهمته برؤوس أموالها وشراء أصولها العقارية والمالية.

النتائج
لكن المتتبع للنتائج المالية نصف السنوية للشركات المساهمة العامة القطرية التي أعلن بعضها عن بياناته للأشهر التسعة الأولى من العام، يستغرب من تجاهل السوق لتلك المعطيات في ظل توفير تلك المؤسسات لعائد عالٍ على سهمها يوازي ضعفي ما يمكن جنْيه عبر الوديعة المصرفية.
ويؤكد المستثمر محمد سالم الدرويش على تواصل السوق للنتائج المالية للشركات رغم تمكن الأخيرة من تجاهل انتكاسة الاقتصاد العالمي، إذ ينبغي أن تسير أسهم تلك الشركات بشكل طردي مه تلك البيانات المتقدمة.
وتلقى المستثمرون نتائج كل من «QNB» و «دلالة» فضلا عن «الإجارة» ببرود خلال تعاملات يوم الخميس الماضي، إذ اقتصر تحرك هذه الأسهم -التي حققت نسب نمو قدرها %30 و%96 و%5 على الترتيب- على مكاسب محدودة تقل عن تلك التي دونتها نظيراتها التي لم تعلن عن بياناتها الفصلية بعد.
وفي سياق قريب يقول المستثمر أبو عبدالعزيز الأنصاري، إن الوقت الراهن يعد مثاليا لشراء الأسهم وبناء المراكز مجددا، وزاد «لسنا خائفين من السوق، والأسعار ما زالت مشجعة للشراء».
وتعرض للعائد المرتفع للأسهم القطرية بالموازاة مع أسعارها، ما يتوجب معه اطمئنان المستثمرين على إمكانية احتفاظ المستثمرين بملكياتهم إلى حين حلول نهاية السنة المالية واستحقاق التوزيعات.
ويبرر المستثمر أحمد الشيب عدم محاكاة السوق للنتائج القوية للشركات بالإشارة لعدم معرفة شريحة من المستثمرين للعائد الذي تحققه الأسهم المدرجة تبعا لأسعارها في السوق، مطالبا إياهم بدراستها بطريقة علمية تحاشيا للتفريط بأسهمهم وبالتالي البحث عن بدائل ذات عوائد أقل جاذبية.
قفزت الأرباح الصافية لمجموعة «QNB» بواقع %30.4 خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي وصولا لمستوى 5.4 مليار ريال، وتوافق ذلك مع نمو لسائر بنود الميزانية الفصلية، وهو ما ينطبق على تلك البيانات التي أعلنت عنها شركتا «الإجارة» و «دلالة» العاملتان في الحقل الخدمي.
وتظهر الشركات المساهمة كفاءة في عملياتها، ما يبعث مزيدا من رسائل الاطمئنان للمستثمرين.
فشركة دلالة القابضة التي تعتمد على عمولات البيع والشراء الناتجة عن تداولات البورصة لم تتأثر سلبيا بانحسار قيم التداول في السوق منذ مطلع العام، فضلا عن دخول شركات تابعة للبنوك في الحقل ذاته، ما أفضى لاحتدام التنافس بين اللاعبين التقليدين وأولئك الجدد.
وفي هذا السياق، قال راشد أحمد المناعي رئيس مجلس الإدارة إن نمو أرباح شركة دلالة القابضة بواقع %96 يدل على قوة تماسك الشركة في ظل منافسة قوية في سوق الأوراق المالية، مع استمرار الانخفاض في أحجام التداول.
ونمت إيرادات الوساطة والعمولات الخاصة بشركتي الوساطة بواقع %21 من 49.3 مليون إلى 60 مليون ريال في نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

تطلعات
ويتطلع المستثمرون بعين إيجابية لتأثير نتائج أعمال عدة شركات على أداء البورصة للأسبوع الحالي، الذي يشهد ازدحاما في تلك البيانات، لكن التأثير الأكبر على مسار السوق سيكون ناتجا عن تلك البيانات التي ستعلنها «صناعات قطر» عملاق الشركات المساهمة.
وحققت الشركة –المملوكة بنسبة %70 لقطر للبترول- صافي ربح قدره 4.17 مليار ريال في النصف الأول من العام الحالي بزيادة قدرها %58، فيما كان قطاع الأسمدة الأكثر مساهمة في ذلك النمو عبر تحقيقه قفزة نوعية قدرها %85.
ورغم التباطؤ الذي شهدته الأسواق التقليدية لمنتجات «صناعات»، فإن الأخيرة حافظت على تصنيفها الائتماني الذي يجسد رسوخ طبيعة التدفقات النقدية التي تحظى بها الشركة المواظبة على التوسع في القارة الآسيوية سريعة النمو.