القبس-آمال عربيد
أورث عام 2011 أحداثا سياسية خطيرة، وحلولا عقيمة لإعصار الديون السيادية الأوروبية، وقرارات مصيرية لتستكمل فصولها في سنة 2012، حيث يتهيأ لها زعيما الاتحاد الأوروبي: فرنسا وألمانيا خلال تحضرهما للانتخابات المقبلة، بحزمة قرارات حاسمة وموجعة لدرء خطر التفكك عن منطقة اليورو بمواجهة إفلاسات ستعم بعض أجزاء القارة العجوز في حال لم تساندهما كل من بريطانيا وأميركا، واستمرار التحركات العسكرية الدولية والإقليمية في بحر الخليج (مناورات عسكرية إيرانية) واستنفار أساطيل أميركية وروسية على شواطئ البحر المتوسط، واستعدادات عسكرية إسرائيلية على حدودها ترقبا لتطور أحداث سوريا، الجبهة المفتوحة لتخترق أمن المنطقة العربية بأكملها، والتي حاولت قطر اختطاف القرار العربي من السعودية، والإسلامي من تركيا عبر الجامعة العربية بتوقيع بروتوكول مع سوريا، يؤجل مرحليا التدخل الدولي الذي بدأ في عام 2012 بعقوبات أميركية قاسية على البنك المركزي الإيراني لإنتاج إيران أول قضيب نووي، ولتهديدها بإقفال مضيق هرمز في حال تعرضها لأي هجوم، مهددة بذلك أميركا والحلف الأطلسي، ودول الخليج العربي التي زادت من ميزانيتها العسكرية لـ2012 تحسبا للحرب وتحولها لاتحاد خليجي وعربي بضمها مملكتي المغرب والأردن، لدرء اي تهديد إيراني وإبعاد ربيع الثورات العربية عن غزو انظمتها! رغم اتخاذ قطر الدور المحوري والتصاعدي في الاحداث العربية نفسها كلاعب رئيسي استراتيجي في التغيير الجيوسياسي القائم في المنطقة، وقبولها للعب دور مهم وخطر في تنفيذ استراتيجيات دولية في إطار لعبة الأمم، رغم إمكاناتها المحدودة من حيث صغر المساحة، وديموغرافياً وعسكرياً ونفطياً بين الدول المجاورة لها! فإنها استطاعت أن تلعب دور العراب في الشرق الأوسط، باتفاقات استثمارية مع إيران لتشاركهما في حقول الغاز الطبيعي، واقتصادية مع إسرائيل وانفتاح سياسي ودبلوماسي معها، ولاعب وسطي في لبنان بالتوفيق بين فريقي الحكم والمعارضة في مرحلة معينة ودعم المقاومة الإسلامية (حزب الله)، وحركة حماس في فلسطين! ولعبت دورا سياسيا ناجحا واعلاميا مثيرا في ثورتي تونس ومصر، ولوجستيا وعسكريا في دعم ثورة ليبيا، وتأمين غطاء عربي عبر موافقة الجامعة العربية على تدخل قوات الأطلسي في إنهاء عنف النظام الليبي وبتدخل متواز مع تركيا، وفي حل مسألة اقليم دارفور العالقة لسنين طويلة باتفاقها مع الحكومة السودانية، وتأمين انفصال جنوب السودان دون اي معارضة عربية، كما أظهرت نفسها كلاعب اقتصادي رئيسي مهم في أسواق المال العالمية وعلى الساحة الدولية، وخاصة في منطقة اليورو، وشرائها لسندات خزينة لبعض بنوك فرنسا منعا لانهيارها! أما الآن، فتلعب قطر دورا كبيرا ومؤثرا في الأزمة السورية قد يؤدي إلى تغيير جذري في وجهة المنطقة وأجندتها المستقبلية لـ2012، لكن هل ستظل قطر بمنأى عن تداعيات صفيحها الساخن، الذي بدأ يتسرب الى دول مجاورة لها؟ وهل ستتيح لها الدول الكبرى مهمات ظرفية أخرى، كقيادة الاتحاد الخليجي في معادلة سياسية وعسكرية بين موازين القوى الإقليمية والدولية استعدادا للحرب وسط منافسيها على زعامة المنطقة مثل تركيا؟