عنتر وعبلة.. من منظوري الخاص..
لطالما شد انتباهي حب عنتر أسود البشرة لعبلة ذات الجمال والنسب.. تركْتُ أشعاره الغارقة في العشق.. وسيطر عليّ سؤال مازلت أبحث عن جواب له.. بما أنها ابنة عم عنتر.. فكيف أصبحت ذات جمال ونسب..؟.. هل كانت بشرتها داكنة أم كانت كبياض الثلج.. لم يهتم التاريخ بمواصفاتها وحسنها.. لذا وجدت أن خيالي العنتري ينقصه شكل البطلة.. ألا وهي عبلة.. أحببت اللون العنتري.. ربما لأنني أحب الليل والظلام.. وقد قال في سواد بشرته بيتين رائعين..
لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني... ومَا لِسوادِ جِلدي منْ دواء
وَلَكِنْ تَبْعُدُ الفَحْشاءُ عَني... كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جوِّ السَّماء
ولكن مع البحث حول حكايته التي ألهبت خيالي في اتجاه آخر بعيداً عن قصائده.. وجدت أن عنتر من نسب شريف لكن أمُّه أَمَة حبشية.. هذا هو ما جعل أبوه يتنصل من الاعتراف به ومعاملته معاملة العبيد كما هو السائد في العرف الجاهلي.. الرواية الأرجح أن عنتراً وعبلة لم تكتمل قصة حبهما.. لسواد بشرته.. حتى بعد أن نال حريته من أبيه.. وأنها أي عبلة تزوجت من فارس أبيض كما رواه الأصمعي..
وهذه أبيات توضح مدى حبه وذله لمحبوبته عبلة..
أذِلُّ لعبْلة ٍ منْ فَرْطِ وجْدي ... وأجعلها من الدُّنيا اهتمامي
وأمْتثِلُ الأَوامرَ منْ أَبيها ... وقد مَلكَ الهوى مني زمامي
رضيتُ بحبّها طوْعاً وكُرْهاً ... فهلْ أحظى بها قبلَ الحمام
وإنْ عابتْ سوادي فهو فخري ... لأني فارسٌ من نسل حام
وما نسيت أبداً أوبريت طفولتي ( بساط الفقر ) لفنانيْها عبدالحسين عبدالرضا و سعاد عبدالله.. وما زلت أضحك عند مشاهدة أوبريت بساط الفقر.. والمفاجأة التي عقدت لساني.. شيبوب.. كنت ومازلت حتى كتابة هذه السطور.. كنت أعتقد أنه صديقاً من وقع خيال أوبريت بساط الفقر.. لكنها شخصية حقيقية.. وهو أخاً لعنترة أو عنتر.. لأن التاريخ ومحققي التاريخ الجاهلي.. اختلفوا في مسماه أهو عنتر أو عنترة..
هذا الحب العنتري بقي مستحيلاً حتى وافته المنية.. يقال أنه عاش تسعون سنة.. ترهبن عن الزواج.. لسيطرة عبلة على قلبه ولبه.. والقاريء لقصائده.. سيجد أنها جمعت ما بين الشجاعة التي عُرِفَ عنها.. والغزل الصريح لعبلة..
لذا قررت اليوم أن أتوغل أكثر في الشعر الجاهلي.. حيث أنني لا أستسهل الألفاظ العربية الصادرة زمن الجاهلية.. فاعتمد وأنا العربية على قاموس عربي عربي.. ليترجم لي كلمات اسْتصعبتُ معانيها..
وهذا عنترة توغل إلى خيالي بشكل سهل ممتنع..
أترككم مع عنترة وعبلة.. لتنسجوا خيالكم حولها كما يحلو لكم..
ومع هذه الأبيات الرائعة..
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني ... وزِدْتَني طرَباً يا طائرَ البانِ
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجعتَ بهِ... فقد شجاكَ الذي بِالبينِ أشجاني
زدني من النَّوح واسعدني على حزني ... حتى تَرى عجباً من فَيْضِ أجفاني
وقِفْ لتَنْظُرَ ما بي لا تَكنْ عَجِلاً ... واحذَرْ لِنَفْسِكَ من أَنْفاسِ نيراني
وطرْ لعلك في ارض الحجازِ ترى ... رَكْباً على عَالِجٍ أوْ دون نَعْمان
يسري بجارية ٍ تنهلُّ أدمعها ... شوقاً إلى وطن ناءٍ وجيران
ناشدتُكَ الله يا طيرَ الحمامِ إذا... رأيتَ يوْماً حُمُولَ القوْمِ فانعاني
وقلْ طريحاً تركناهُ وقد فنيت ... دُموعُهُ وهوَ يبكي بالدَّم القاني
من خربشاتي..
قطر..
25.. نوفمبر.. 2012
ودمتم بحفظ الرحمن..