بقلم : صادق محمد العماري
الراية: الأحد 23/9/2012
في الأول من إبريل عام 2007 صدر القانون رقم 2 الخاص بتنظيم الإسكان، وعلى الرغم من أهميته وما تضمن من مواد تنظم وتقنن حالات منح الأراضي الحكومية المخصصة للسكن وتنظيم الحصول على القرض والانتفاع بإسكان ذوي الحاجة إلا أنه تضمن كذلك سلبية كبيرة قسمت المواطنين إلى قسمين .. أرض وقرض، وقرض فقط .
وأحدثت تلك السلبية أوضاعاً جديدة، منعت البعض من الاستفادة من قرض التنمية نظراً لارتفاع أسعار العقارات في كل مناطق قطر، وهو ما يحتاج إلى البحث عن حلول واقعية لتحقيق رؤية الدولة في توفير حياة كريمة وسكن مناسب لكل مواطن .
لقد أغفل القانون أموراً اجتماعية ونفسية ودينية هامة ولم يضع الخبراء الذين صاغوه حلولاً للمشاكل التي تسبب بها، كما أن تنفيذه به مخالفة قانونية واضحة تتعلق بتطبيقه الذي تم بأثر رجعي على جميع من تقدم بالحصول على الأرض قبل صدور القانون وتم إيقاف معاملاتهم على الرغم من أن المادة رقم 19 نصت صراحة بأن العمل به يبدأ من تاريخ صدوره في أول إبريل 2007 .
هذا مع العلم بأن العديد ممن كان ينطبق عليهم قانون الإسكان القديم كانوا قد تقدموا بطلباتهم للانتفاع بالأرض وتم قبولها وكانوا على وشك استلام سندات الملكية حتى صدر القانون ومن ثم دخلت ملفاتهم طي النسيان وطبقت عليهم مواده، والمعروف أن أثر القانون يبدأ بعد صدوره ولا يطبق على الحالات السابقة .
لقد أحدث هذا القانون جدلاً كبيراً داخل المجتمع وأصبح الناس يتداولون سؤالاً جديداً هو : " أنت أرض وقرض ولا قرض بس ؟ " >> وفي كل الاحوال .. وسواء حصل المواطن على الأرض أم لم يحصل فهو يحمل ولاء بلا حدود للدولة وقائدها وسيدافع عنها بكل ما يملك من مال وولد وروح وسيقوم بواجباته تجاه وطنه بكل إخلاص وتفان .
هناك حاجة حقيقية لوضع حلول جذرية لسلبيات القانون، والعمل على تفعيل دوره في استقرار الكثير من العائلات، بزيادة قيمة القرض بما يسمح لهم بشراء مسكن مناسب، وتجنب اللجوء للبنوك للاقتراض بمبالغ مهولة لشراء أرض صغيرة أو في مناطق بعيدة وغير مأهولة بخلاف قرض التنمية، واذا تم حل تلك المعادلة الصعبة لن يصبح رب الأسرة مديناً مدى العمر .
أفهم أن الدولة تجتهد في وضع الإجراءات والتنظيمات التي تنظم حقوق المواطنين وحقوق الأجيال القادمة إلا ان ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب استقرار الفرد والأسرة التي تعول عليها الدولة الكثير في التنمية، وما تبذله الدولة من جهود جبارة لتأمين الاستقرار للسكان وضمان مبدأ تكافؤ الفرص .
يجب وضع حلول مناسبة لمن لا تنطبق عليهم مواد القانون، مثل بيع أراض حكومية لهم بسعر مناسب نظراً للمساحات الكبيرة الخالية سواء داخل الدوحة أو خارجها، أو بناء وحدات سكنية وإعادة بيعها لمن يرغب وذلك بالتعاون مع بعض البنوك الوطنية وبقروض ميسرة أو من خلال الشركات الحكومية مثل بروة أو الديار أو غيرها وهي شركات لها سمعتها العالمية في بناء وشراء المساكن والعقارات في مختلف دول العالم ومن باب أولى يجب أن يكون لهذه الشركات نصيب ودور في تنمية الداخل.
أما بنك التنمية فهو بحاجة هو الآخر لتفعيل دوره في المجتمع بصورة أكبر، وأعتقد ان الدولة لم تنشئه ليقوم بتحويل قيمة القرض الى المستفيدين ثم إعادة تحصيلها عن طريق الأقساط الشهرية فقط، وهي مهمة بإمكان أي بنك صغير أن يقوم بها خصوصاً أنها أموال الدولة، ويجب على البنك أن يعدل من شروط منح قرض شراء سكن التي ضيقت الاستفادة من القرض إلى أقصى درجة، والشروط الحالية صعبة إن لم تكن مستحيلة التطبيق وهي ألا تقل مساحة الأرض عن المساحة المعتمدة لدى وزارة البلدية والتخطيط العمراني وألا تقل مساحة المبنى عن 329 متراً مربعاً وألا يتجاوز عمر المبنى 10 سنوات، وهي شروط قد تكون جيدة قبل 10 سنوات أما الآن فإن إمكانية استيفائها شبه مستحيلة، وكان من الواجب أن يقوم البنك بدور أكبر من تحويل الأموال وإعادة تحصيلها على مدى 35 عاماً، مثل القيام ببناء مساكن وإعادة البيع أو تمكين المستفيدين من شراء مسكن وفق ما يرغبون سواء كان فيللا أو شقة في المشروعات الجديدة مثل اللؤلؤة أو اللاجونا أو مشيرب أو غيرها أو حتى تمكين المستفيد من شراء أرض بقيمة القرض مثلاً لمن يرغب .
لا أحد ينكر بالطبع حرص الدولة على رفاهية المواطنين وبذل جميع الإمكانيات والموارد التي تحقق ذلك وهذا يتضح جلياً في الكثير من القوانين والإجراءات والقرارات التي تصب في الصالح العام، إلا أن ذلك لا يمنع وجود سلبيات تعمل عكس هذا الحرص نتمنى تجاوزها لما يحقق مصلحة الجميع .