السلطانة هيام

هي امرأة من البعيد المجهول لا يربطها شيء بذلك البعيد إلا صورة من الذكريات السوداوية المظلمة لتجد نفسها في حاضر أشد ظلمة وتعتيماً، فليست هناك إجابة لسؤال ما، عليها أن تتقيد بالطاعة العمياء، وإلا فعليها أن تودع الحياة، إنها حياة الجواري في القصور أو ما يسمى «الحرملك».
التركيبة الشخصية لسلطانة هيام، وخاصة أنها لم تولد جارية، بل عاشت سبعة عشر عاماً حرة بين أبيها وأمها، ورأت كيف تم قتل أبويها بوحشية لتحمل هي كجارية لتتعايش مع أفكار مبعثرة من ماض مشرق وحاضر مؤلم ومستقبل ضبابي.
هذه النوعية من النساء لا تهدأ ثورتها وغليانها، حتى وإن كانت تحت حد السيف، فليس عندها ما تخسره، والأنثى أشد فتكاً وضراوة في عداوتها من الرجل، وأسلحتها أشد وقعاً على النفس من الحسام المهند، لذلك إذا استوعبت المرأة إمكاناتها فلن يتفوق عليها إبليس وهو غير مستعد للمنافسة؟!!
المرأة الجريئة في الأوساط المحافظة تكون امرأة مستفزة، ولذلك يكاد لها، ولكنها أيضاً مستعدة لكل ردود الأفعال، فلعبة الحياة والموت بالنسبة لها مغامرة، وهي تعشق هذا النوع من الحياة.
يراها الرجل مجنونة ومتهورة ويكثر الآخرون من انتقادها، ولكنها تعتمد في خطتها على شيء واحد فقط، امتلاكها قلب من تحبه ويحبها، قد تمتلك منافساتها حب الجميع واحترامهم وهي لا تخطئ بذلك، ولكنها لا تبالي، لأنها تملك من ينحني له الجميع.
المسألة ليست مأمونة ومحفوفة بالمخاطر والمكائد والدموع والانتصارات والانكسارات والخيانات والتصفيات.. ولكنها لا ينكسر لها ضلع ولا ينقصم لها ظهر ولا تعترف بالهزيمة.
الرجال لا تستهويهم هذه النوعية من النساء، ولكنهم في قرارة أنفسهم مهوسون بجنونها، فهي تمثل لهم الخروج عن المألوف والابتعاد عن الروتينية، فهم يعيشون معها كل ما هو جديد في رغبة صارخة بتخطي حواجز الحياة المرتبة إلى ما يسمى بالفوضوية.
وهنا تتعالى أصوات الناس، وخاصة النساء، أن هذه المرأة تعتمد على حظها المدعم بالسحر والشعوذة وإدارة المكائد والمؤامرات، وإن كنت لا أستبعد أي شيء فهي في حالة صراع، وتريد أن تتبصر طريقها، حتى وإن كان هذا الطريق لا يعترف بالكبائر والصغائر والخطوط الحمراء، وإلا من سيقنعنا أو سيقنع التاريخ أو الناس أن تشارلز ولي العهد البريطاني عشق كاميلا ولم يحب ديانا؟!! حتى والله إن كان ميزان الحب أعمى، ولكن يبدو أنه في هذه القضية فقد كل حواسه؟!!
السلطانة هيام وكيلوباترا وشـجرة الدر وليلى زوجة زين العابدين بن علي واميلداماركوس وغيرهن كثيرات صنعن الأحداث، وإن كانت الأحداث أيضاً شاركت في تضخم الصفات لديهن، ولكنك لا تملك إلا أن تحبس أنفاسك استعداداً للإثارة في كل مجريات حياتهن.
تحياتي لكل النساء ممن وصلت السلطة إلى أيديهن فصنعن من هذه المعجزة دروباً للخير والأعمال الإنسانية فسطرن به صفحاتهن التاريخية.

وفقة:
صراعات الحياة لا تنتهي، ومن انتهج الشراسة والمكر ربما ينتصر.. إلا على التاريخ فإنه لا ينسى.


للكاتبة/ سارة الخاطر
جريدة العرب
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1877&artid=228086