بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف تحل الطمأنينة ونزول السكينة في القلب

إن الأمر الذي اجتمع عليه الناس جميعاً مؤمنهم وكافرهم,غنيهم وفقيرهم, شريفهم ووضيعهم هو طلب الطمأنينة وتمني نزول

السكينة في القلوب،ربما ألم بأحدهم مرض,فلا يسعى بإزالته وتحمل وصبر وفي أحيان كثيرة كتمه في نفسه,أما إذا حل بساحته

ضيق واجتمع على قلبه غم فلا تسل عن حاله وحال من يعيش معه من أسرته والقريبين منه،ولقد جاء الدين الإسلامي العظيم

لنفع الناس،ومتى ما أخذوا بتعاليمه عاشوا حياة السعداء,وكانوا من أبعد الناس عن الهموم والغموم,أسباب نزول السكينة في

القلب, وحلول الطمأنينة في النفس,أولاّ،الإيمان بالله تعالى والرضا به رباً ومدبراً لعبده،فمن آمن بالله حق الإيمان وعرفه

بأسمائه الحسنى وصفاته العلى, عرف رباً كريماً وإلهاً عظيماً رحيماّ بالعباد,لطيفاً بالخلق,قريباً ممن دعاه, مجيباً

للسائلين,عليماً بالخفايا،يقول عليه الصلاة والسلام(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً )أخرجه

البخاري،إن ألذ ما في الحياة هو الإيمان بالله تعالى,وهو الأساس في حلول الطمأنينة في القلب والسكينة في النفوس, ولكن

المؤمنين تتفاوت درجة إيمانهم,وأرفعهم درجة من امتلأ قلبه رضا بربوبية الله تعالى,وكان مع الله وبالله ولله في كل شأن من

شؤونه،لقد فقه السلف الصالح هذه المسألة،فاطمأنت نفوسهم,وسكنت قلوبهم،الرضا باب الله الأعظم،وجنة

الدنيا،ومستراح العابدين،فاسع جاهداً،في زيادة إيمانك بكثرة الطاعات والقربات،وسترى أثراً عظيماً في نزول الطمأنينة بإذن

الله،ثانياّ،تفويض الأمر لله ويقين العبد أن اختيار الله له أحسن من اختياره لنفسه،إننا لفرط جهلنا لا ننظر إلا في الحاضر من

الأقضية التي يقضيها الله تبارك وتعالى،حتى إذا توالت الأيام, وانكشف لنا بعض المكنون في مستقبلها قلنا الحمد لله على ذلك

القضاء الذي قضاه الله وكنا له كارهين،كم من شاب تمنى أن لو تزوج تلك الفتاة التي رغب بها،ولكن حال بينه وبينها قضاء الله

تعالى وقدره،حتى إذا ما تزوج بغيرها وكانت السعادة تسكن بيته قال عندها،الحمد لله على هذا القضاء،وكم من تاجر رغب في

تجارة وتأسف على فواتها،حتى إذا ما أظهرت الأيام خسارة مثلها من المشاريع حمد الله أن صرفه عنها، يجب أن يكون العبد

منشرحاً صدره عند كل قضاء يقضيه الله عليه مما يكره،ثالثاّ،حسن الصلة بالله, والاطراح بين يديه, ودوام الخضوع

له،لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة )أخرجه أبو داود,إنها الصلاة ملجأ المتقين, وملاذ

المؤمنين,بها الثبات عند الملمات, والطمأنينة عند نزول الكربات،رابعاّ،استشعار قرب الفرج عند حلول المحن ونزول

البلايا،فالعاقل يعلم أن دوام الحال من المحال, وأن المرء متقلب بين الضراء والسراء،وأنه ما من نازلة إلا ارتفعت عن أصحابها

فلم هذا اليأس,وكيف يسيطر القنوط على القلوب,فأبشر بزوال كل هم,وأيقن بتحول كل مكروه،قال تعالى( فإن مع العسر يسرا،إن مع

العسر يسراً )لترى بشارتها للمكروبين والمهمومين،وبشارة عظيمة أنه كلما وجد عسر وصعوبة فإن اليسر يقارنه ويصاحبه

حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى‏(سيجعل الله بعد عسر يسراّ)وكما قال النبي صلى الله عليه

وسلم‏( ‏وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً ‏)‏ ‏
خامساّ،ذكر الله وتلاوة القرآن،يقول سبحانه وتعالى(ألا بذكر الله

تطمئن القلوب)لقد بحث الناس عن الطمأنينة في المال والشهرة والسهر،ولكنهم وجدوا سراباً خادعاً,وبريقاً كاذباً,وأما أصحاب

الذكر المستديم فهم في راحة وطمأنينة لا يشعر بها إلا من ذاقها،
قال أحد السلف،مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما

فيها قيل،وما أطيب ما فيها،قال،محبة الله عز وجل ومعرفته وذكره،هل جربت أيها المؤمن أن تجلس منعزلاً تذكر ربك

وتناجيه, تتلو كتابه وتتأمل في معاني هذا الكتاب العظيم.
يقول ابن تيمية،إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة

الآخرة،قيل،وما هي،معرفته والأنس به جل وعلا، سادساّ،العلم،أعظم هبة من الله لعبده، يعرف به الله جل وعلا

وتُعرف حدوده ونواهيه , ومن أعمر وقته بطلب العلم ,كان في لذة وأنس لا تعدلها لذائد الدنيا كلها،وإنك إن وقفت على سير من

وجدوا هذه اللذة تملكك العجب من حالهم,وغبطتهم على ذلك السرور،إنه نموذج للحياة الطيبة التي كلن يعيشها العلماء,

والأنس والسرور الذي كانوا عليه في حياتهم الدنيا, ولما كثر انشغالنا بالتوافه من الأمور صارت حياتنا ضنك وهم،سابعاّ،أداء

الحقوق والواجبات،أن لهذا السبب أثر كبير في نزول السكينة والطمأنينة عند أصحاب القلوب السوية, وأرباب النفوس الكريمة؛

لأن نفوسهم الكريمة تأبى التقصير في حق كل ذي حق،وأعظم الحقوق حق الله تعالى من توحيده وأداء فرائضه,ومن كان مقصراً

في حق الله تعالى ثم يروم سعادة فنقول له،رويدك إن الباب مغلق دونك بغير أداء هذا الحق،ويتبع هذا أداء حقوق الوالدين والقرابة

من زوجة وولد وكل ذي رحم قريب, فكل هذا من أسباب حلول الطمأنينة في القلب بإذن الله تعالى،ثامناّ،والإحسان إلى

الناس،سبب عظيم للأنس في الدنيا, مع نيل الأجر في الآخرة،جرب أن تُحسن إلى فقير,أو تزيل كرب مهموم, أو تُعين

محتاجاّ,أو تجلس بجوار مُصاب, وتأمل السعادة التي تجدها في نفسك،إن الإحسان إلى الناس لا يفعله إلا الكمل من البشر ولذا

كانوا أسعد الناس نفوساً, وأشرحهم أفئدة, فهل تكون منهم لتكون السعادة مكان الشقاء،تاسعاّ،صدق الدعاء والإلحاح في الطلب،ولقد

كان دعائه عليه الصلاة والسلام( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن )




فرج الله هم المهمومين,وأنزل السكينة في كل قلوبهم
اللهم اّمين.