النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اليأس حجاب قاتم

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    اليأس حجاب قاتم


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حينما يسيطر اليأس على الإنسان،تتغشاه الكآبة،ويسكنه الإحباط، ويرى الحياة على جمالها ورونقها واتساعها كئيبةً ضيقة خالية من
    السعادة والنجاح،فاليأس حجاب قاتم،يحجب العين عن رؤية كل ما هو جميل،ويحجب القلب عن التفاؤل وحسن الظن،والعقل عن
    التطلع والطموح،ويخنق أنفاس الإنسان وآماله بخناق التشاؤم والتوجس السلبي الخاطئ للمستقبل،ويظل اليائس ينظر إلى أعماله
    وأحواله بعين بائسة،لا يستمتع كغيره بزهرة الحياة،ولا يرى فيها ما يبعث على السعادة،
    فما هي مظاهر اليأس في الحياة،وكيف يمكن
    للإنسان تجاوزه،مظاهر اليأس،

    أولاً،يأس المذنب من التوبة،
    وهو أخطر أنواع اليأس،لأنه يبعد الأنفس عن الله ويبقيها على ما هي
    عليه من الذنوب والمعاصي،فالمذنب اليائس من قبول التوبة،يرى نفسه هالكاً لا محالة،ولا يرى لها بالتوبة خلاصاً،وهو ما يجعله
    مكروباً خائباً يتمادى به يأسه حتى يجعله ملازماً لذنوبه لا ينفك عنها،وإذا تأملت في نصوص الشريعة وجدت فيها الدعوة إلى
    الطمع في عفو الله ومغفرته،لوسمعها المذنب،لا تفرج هم عصيانه،ولهرول إلى الله يطلب عفوه،ويسأله التوبة،قال تعالى(قل
    ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللَّه إن اللَّه يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم)الزمر،فهل يحل ليائس
    من رحمة الله،أن يبقى على يأسه ولا يمد يد الندم والتوبة إلى ربه،فالله جلَّ وعلا لا يقتصر على مغفرة ذنب التائب إليه،بل
    ويفرح بتوبته فرحاً شديداً،وهو فرح إحسان ورحمة وعطف،وفي ذلك الفرح دلالةٌ عظيمة على حب الله جل وعلا للتائب العائد إلى
    الله كما قال تعالى(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)البقرة،
    فلا تيأس،مهما اقترفت ومهما صنعت فباب التوبة مفتوح لكل
    تائب،ورحمته وسعت كل شيءٍ،قال تعالى في حق الكفار(قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة
    الأولين)الأنفال،فإذا كان الكافر إذا أسلم وتاب إلى الله تقبل الله توبته،وبارك عودته،فكيف بالمؤمن المذنب،فقد بين الله جل وعلا
    أن المتقين قد يصدر منهم من الفواحش والظلم ما يستلزم التوبة والاستغفار،وأنه يغفرها لهم ما استغفروه،كما قال تعالى(ومن يعمل
    سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً)النساء،فلا تيأس من التوبة،فإنك لست أول من يذنب،وتذكر دائماً
    أن كل ابن آدم خطاء،وأن خير الخطائين التوابون،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم(والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم،ولجاء بقوم يذنبون،فيستغفرون الله فيغفر لهم)رواه مسلم،تذكر
    أن الله لو أراد أن يعاقب الناس على ذنوبهم لما ترك على الأرض من دابة كما قال تعالى(ولو يؤاخذ اللَّه الناس بظلمهم ما ترك عليها
    من دابة)النحل،ففي هذه الآية دليل قاطع على أن جميع البشر يصدر منهم من المعاصي ما يوجب لهم الهلاك وإن كانت معاصيهم
    تتفاوت من شخص إلى آخر،
    ثانياً،اليأس من رحمة الله، وهو أيضاً مظهر من مظاهر اليأس الشائعة،وله صور شتى في الحياة،فمن
    الناس من هو يائس من رزقه،يظن بربه شراً،وبنفسه شراً،ومنهم من هو يائس من مرضه لا يظن أنه سيعافى ويشفى،وكل هذه
    الأنواع من اليأس محرمة في الشرع،إذ رحمة الله أوسع من كل بلاء كما قال تعالى(ورحمتي وسعت كل شيءٍ) الأعراف،ولذلك
    حرم الله جل وعلا على عباده اليأس منها فقال(ولا تيأسوا من روح اللَّه إنه لا ييئس من روح اللَّه إلا القوم الكافرون)يوسف،ثالثاً،اليأس من إجابة الدعاء،
    فمن الناس من يتشاءم في الدعاء،ورغم أنه لا ينكره إلا أنه يستعجل الإجابة،ويصيبه اليأس
    والإحباط،فالله سبحانه خبير حكيم،يدبر الأمور بعلم وحكمة،وقد يؤخر إجابة دعاء عبده رحمة به أو اختباراً لإيمانه أو لمانع يمنع
    من الإجابة متعلق بعمل العبد نفسه،فيود منه سبحانه،إصلاح نفسه،ومن الموانع التي تمنع إجابة الدعاء،أن يستعجل المسلم
    ويترك الدعاء،لتأخر الإجابة،فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم،هذا العمل مانعاً من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه
    من إجابة دعائه،ولو طالت المدة،فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا يزال يستجاب للعبد
    ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل،قيل،يا رسول الله ما الاستعجال،قال يقول،قد دعوت،وقد دعوت،فلم أر يستجيب لي،
    فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء)رواه مسلم،فالعبد لا يستعجل في عدم إجابة الدعاء،لأن الله قد يؤخر الإجابة لأسباب،إما لعدم القيام
    بالشروط أو الوقوع في الموانع أو لأسباب أخرى تكون في صالح العبد وهو لا يدري،فعلى العبد إذا لم يستجب دعاءه أن يراجع
    نفسه ويتوب إلى الله تعالى من جميع المعاصي،ويبشر بالخير العاجل والآجل،فما دام العبد يلح في الدعاء ويطمع في الإجابة من
    غير قطع،فهو قريب من الإجابة،ومن أدام قرع الباب يوشك أن يفتح له،وقد تؤخر الإجابة لمدة طويلة كما أخر سبحانه إجابة
    يعقوب في رد ابنه يوسف إليه وهو نبي كريم،وكما أخر إجابة نبيه أيوب عليه الصلاة والسلام،في كشف الضر عنه،وقد يعطي السائل
    خيراً مما سأل،وقد يصرف عنه من الشر أفضل مما سأل،فلا تيأس،واسأل الله من فضله وأنت موقن بالإجابة،فقد قال صلى الله
    عليه وسلم(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)رواه الترمذي،وحسنه الألباني،فالله جل وعلا لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء،
    وهو أرحم الراحمين،ولا شيء أكرم عليه من الدعاء،ولا ينفد ما عنده من العطاء كما قال تعالى(وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما
    ننزله إلا بقدر معلوم)الحجر،وجدير بالمؤمن العارف بربه أن يطمع في رحمته وأن يكون رجاؤه فيه قوياً،ليظفر بفضله،قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم(يد الله ملأى لا يغيضها نفقة،سحاء الليل والنهار)رواه البخاري،
    رابعاً،التَّشاؤم واستمراء البلاء،
    والتشاؤم خلق نفساني سلبي،يولده ضعف الإيمان وقلة الخبرة بالحياة،إذ يجعل الإنسان مهما كانت قدراته وطاقاته عاجزاً،
    متردداً،متوجساً للشر،يائساً من الظفر بالخير،والتشاؤم يناقض روح الإيمان والعبادة،ويجمع الناس على أن المتفائل في
    الأمور،ينتفع بتفاؤله إذ يمكنه تفاؤله من مزاولة أعماله بانشراح وهدوء،ورغبة صادقة متطلعة إلى النجاح وهذا ما يجعل عمله
    متقناً سليماً،
    ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يعجبه الفأل الحسن،والمتشائم غالباً ما يكون قد عاش لحظات عسيرة،طال معها
    بلاؤه،ولقلة صبره يصيبه القلق والإنزعاج،وتصير نظرته للأمور كلها نظرة خائبة يشوبها تخوف واحتمال سيء،وهذا الإنزعاج من
    صفات النفس البشرية،لكن المؤمن المتبصر لا يدع اليأس يملكه،لذلك فغالب نظرته للأمور نظرة متفائلة متوقعة لكل خير من
    الله،فالكرب مقرون بالفرج،والعسر متبوع باليسر،والنصر ملازم للصبر،وما على اللبيب إلا تعبد الله بانتظار الفرج،استعن بالله ولا
    تعجز كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز،وإن أصابك شيء فلا تقل،لو أني
    فعلت كان كذا وكذا،ولكن قل،قدر الله،وما شاء فعل،فإن لو تفتح عمل الشيطان)رواه مسلم،فجمع رسول الله صلى الله عليه
    وسلم،بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال، والاستعانة بالله،وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار،وبين
    الاستسلام للأمور الماضية النافذة ومشاهدة قضاء الله وقدره،

    ولا تزال نعمه وحفظه وخيره وفضله عليك عظيماً من غير سابق
    سؤال ولا دعاء،فكيف تيأس وفي قلبك من الإيمان بالله ما يدلك على الخير العظيم،وما يهديك إلى التوفيق والنجاح في السعادة
    والفلاح،ابذل جهدك،ولا تيأس(إن اللَّه لا يضيع أجر المحسنين)التوبة،فمعية الله للإنسان نوعان،
    معية علم واطلاع،وهي عامة
    على الخلق جميعاً،ومعية نصر وتوفيق،وهي خاصة بعبادة المتقين، وبحسب تقوى القلوب تكون المعية.

  2. #2
    عضو
    رقم العضوية
    45376
    تاريخ التسجيل
    Jun 2013
    المشاركات
    226
    رحمه الله وسعت كل شىء

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alpadr_as مشاهدة المشاركة
    رحمه الله وسعت كل شىء
    بارك الله في حسناتك
    وجزاك ربي جنمة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •