قطر .. مونديال إقتصادي















قطر أصبحت قبلة للإستثمارات العالمية



قطر 2022 ليست مجرد إستضافة للمونديال العالمي لكرة القدم فحسب وإنما هي مدخل لبطولات ومونديالات أخرى تخوضها الدولة في مجال تطوير البنية التحتية ومواصلة النهضة والنمو الإقتصادي الشامل وتبني الأفكار التقنية والتكنلوجية الجديدة والمشروعات المستحدثة والنهضة التعليمية الضخمة والتطور الكبير الذي شهده القطاع الصحي، وفي كل يوم تحقق قطر انتصاراً جديداً في منافساتها وتحدياتها الآنية والمستقبلية تخلق من خلاله تميزاً يجعلها في مصاف دول العالم الكبرى.

والإنتصار الكبير الذي حققه سوق الأوراق المالية القطرية في منافسات المونديال الإقتصادي العالمي يشكل قفزة نوعية ضخمة، أذ قامت شركة مورجان ستانلي "MSCI" بإصدار قرار رفع تصنيف السوق القطرية من مبتدئة إلى سوق ناشئة في مؤشرها إعتباراً من مايو 2014 بالتوافق مع المراجعة نصف السنوية للمؤشرات، ويشكل رفع تصينف السوق القطري عنصراً مهماً لنهضة إستثمارية كبيرة ليست على مستوى قطر فحسب بل تمتد لتشمل كل دول منطقة الخليج العربي، ويعضَد هذا التصنيف جدارة قطر كلاعب أساسي مهم في التشكيلة الإقتصادية العالمية.

ويمثل رفع تصنيف السوق القطرية على مؤشر الأسواق الناشئة إعترافاً صريحاً من المؤسسات المالية والشركات الإستثمارية العالمية بالتشريعات والإجراءات التشغيلية التي قامت بها كل من هيئة قطر للأسواق المالية وبورصة قطر لتطبق من خلالها أفضل الممارسات والمعايير الدولية التي تتوافق مع متطلبات تصنيف الأسواق الناشئة، هذا بالاضافة لعملها على تطوير البيئة التشريعية لسوق قطر على النحو الذي يتناسب مع إحتياجات السوق المحلية ويتسق في نفس الوقت مع التطورات التي تشهدها أسواق المال العالمية.

ولعبت هيئة قطر للأسواق المالية وبورصة قطر بمهارات إحترافية مكنتها من القيام بخطوات تشريعية تساهم في بلوغ الهدف المنشود بدخول مؤشر الأسواق الناشئة، وذلك بتطبيق قواعد جديدة لعمليات ما بعد التداول والتي تعرف بقواعد "التسليم مقابل الدفع - DVP"، هذا بالاضافة إلى التحسينات التي أجرتها البورصة على أنظمة التسليم مقابل الدفع "التعويض النقدي للمشتري" حيث أن المستثمر يستطيع من خلال هذا النظام الحصول على أمواله نقداً إذا كانت الأوراق المالية غير متاحة للتسليم في يوم التسوية، وكذلك عملت على تخفيف القيود على ملكية الأجانب للإستثمارات، مما شكل عاملاً جاذباً للإستثمارات الأجنبية لدخول البورصة.

ويمثل هذا القرار دافعاً إيجابياً لمواصلة تطوير سوق الأوراق المالية بالصورة التي يتمكن من خلالها من جذب المزيد من الإستثمارات المحلية والإقليمية والدولية المباشرة وغير المباشرة بإعتبار أن قطر واحدة من الأسواق الرائدة في منطقة الخليج والشرق الأوسط لما تتمتع به من إستقرار سياسي وإقتصادي بالاضافة إلى المرونة التي تتميز بها التشريعات المالية في الدولة.

ويشكل إدراج سوق الأوراق المالية القطرية على مؤشر الأسواق الناشئة ثمرة للجهود المبذولة من قبل الدولة ومؤسساتها المالية حيث خضعت البورصة في الفترة الماضية ومنذ تأسيسها عام 1995 لخطة تطويرية شاملة عملت على تهيئة البنية التحتية الاساسية للبورصة والقيام بالعديد من التشريعات والمبادرات التي هيأت مناخاً سليماً أتاح الفرصة للمستثمرين المحليين والعالميين لدخول السوق والإستثمار فيه بكل سهولة والقدرة على التحكم في عملياتهم الإستثمارية بصورة آمنة ومستقرة.

وتمثل هذه الخطوة طوق نجاة للعديد من المؤسسات والمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن أسواق آمنة وأدوات تمويل جديدة ولا يتحقق ذلك إلا بتعزيز تواجدهم في الأسواق الناشئة لإنقاذ إستثماراتهم من دوامة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي هزت العالم في السنوات القليلة الماضية ومازالت تلقي بظلالها على الإستثمارات العالمية في مختلف أنحاء المعمورة، وهذا مؤشر جيد من شانه أن يؤدي إلى تدفق المزيد من الإستثمارات الأجنبية الضخمة إلى السوق القطري.

تبقى القول أن هذا التصنيف أكد على صدق الجهود الجبارة التي بذلتها الدولة للإرتقاء بمستواها من ضيق الإقليمية إلى براح العالمية الشاسع، ومازالت المنافسات المونديالية الإقتصادية مستمرة فإحراز قطر للهدف الذي منحها الفوز في منافسات دخول مؤشر الأسواق الناشئة إنما هو إنتقال من ميدان المبتدئين إلى إستاد الناشئين لتقف جنباً إلى جنب مع كل من الصين والبرازيل وروسيا والهند، وعليها أن تواصل في عملياتها التطويرية وإبداء المزيد من المرونة في تشريعاتها المالية والإجراءات التشغيلية لتستعد بذلك لدخول المباريات التالية متسلحة بخبرتها ومهاراتها الإقتصادية الفائقة لتتمكن بذلك من الفوز في منافسات الإنتقال من سوق ناشئة إلى سوق متطورة وتحقق بذلك رغبتها في إعتلاء منصة التتويج الإقتصادي العالمي بجوار كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وبقية الدول الكبرى.

ختاماً نشير إلى إن مؤشر MSCI للأسواق الناشئة هو من المؤشرات الأكثر استخداماً في العالم لقياس أداء أسواق الأسهم الناشئة، وMSCI مؤسسة مالية عالمية تضم ضمن جملة أنشطتها تداول المحافظ، وصناديق التحوط، وتبلغ قيمة الاستثمارات التي تدار تحت مؤشرها نحو ثلاثة تريليونات دولار. وتضع المؤسسة تصنيفات للأسواق تهدف إلى إرشاد المستثمرين.

ويذكر أن سوق الدوحة للأوراق المالية تأسس عام 1995، وبدأ رسمياً عملياتها في مايو 1997، وبعد توقيع الشراكة الاستراتيجية بين شركة قطر القابضة وNYSE Euronext في يونيو 2009، أُعيدت تسمية سوق الدوحة للأوراق المالية ليأخذ اسم بورصة قطر التي تضم حالياً 42 شركة مدرجة.