صربيا تقيم تحالفا غير متوقع مع الإمارات

بلجراد/أبوظبي (رويترز) - تعول صربيا على تحالف غير متوقع مع الإمارات في مجالات مختلفة من علف الحيوانات إلى الصواريخ والقروض من أجل تحديث قطاعها الزراعي الحيوي وإحياء إنتاجها العسكري إلى جانب الحصول على تمويل رخيص هي في أمس الحاجة إليه.
وتوفر العلاقة الجديدة للإمارات طريقا مبكرا من الباب الخلفي إلى الاتحاد الأوروبي الذي تطمح بلجراد إلى الانضمام إليه ويتيح لها الدخول إلى قطاع أسلحة كان قويا في عهد يوغوسلافيا السابقة في وقت تعصف فيه الاضطرابات والحروب بمعظم أنحاء الشرق الأوسط.

وبعد مرور ما يقرب من عقدين على تفكك يوغسلافيا الشيوعية تعاني صربيا من ارتفاع الدين العام ومعدل البطالة بينما تراجع قطاع الصناعات التحويلية ومستويات المعيشة بها إلى ما دون مستويات الاتحاد الأوروبي.

ونجحت صربيا في جذب بعض الاستثمارات من مصادر أكثر وضوحا مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين حليفتيها التقليديتين في الحقبة اليوغسلافية السابقة واللتين تتودد إليهما معظم دول العالم.

ورغم ذلك كانت علاقة الصداقة بين الحكومة التي يقودها الاشتراكيون والخليج بمثابة مفاجأة. فحتى العام الماضي كانت بلجراد تتمتع بعلاقات رمزية مع الإمارات ولم يبلغ حجم التبادل التجاري سوى 20 مليون يورو (28 مليون دولار) في عام 2012.

أما الآن ثمة حديث عن قروض واستثمارات بمليارات الدولارات.

وقال ساسا ديوكوفيتش من معهد أبحاث السوق الذي يتخذ من بلجراد مقرا له "تنوع صربيا محفظة المستثمرين لتشمل أكبر عدد ممكن من الدول... فبالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي لدينا اتفاقات في مجال الطاقة مع روسيا واستثمارات في البنية التحتية مع الصين والآن وصلنا إلى الخليج."

وقال نائب رئيس الوزراء الصربي الكسندر فوسيتش إن الأمر كله بدأ حين التقى مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على مأدبة غداء هناك العام الماضي.

ويتمثل الاتفاق الأول في استثمارات بالأسهم قيمتها 40 مليون دولار تضخها شركة الاتحاد للطيران ومقرها أبوظبي في شركة جات ايروايز الصربية المثقلة بالديون
وجرى الاتفاق على قرض سيادي بقيمة 400 مليون دولار مع صندوق أبوظبي للتنمية إلى جانب اتفاق آخر قيمته 400 مليون دولار مع شركة الظاهرة الزراعية التي ترغب في استئجار مزارع مفلسة يرجع تاريخها إلى الحقبة الاشتراكية.

وفي وقت سابق هذا الشهر أعلن فوسيتش أنه سيتم قريبا صرف أول شريحة قيمتها 100 مليون دولار من قرض إماراتي بقيمة 200 مليون دولار مخصص للاستثمار في مجال الري. ووقعت صربيا أيضا مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات الإماراتية من بينها مبادلة التابعة لجهاز أبوظبي للاستثمار من أجل الإنتاج المحتمل للرقائق الإلكترونية وقطع غيار الطائرات.

وقالت محللة لدى مجموعة أوراسيا التي تتخذ من لندن مقرا لها إن اهتمام الإمارات واضح. وأضافت "ذلك بالطبع يتماشى مع جهودهم الرامية إلى تنويع استثماراتهم وزيادة وجودهم في أوروبا الشرقية."

وتعتزم صربيا التي يقطنها 7.3 مليون نسمة بدء محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في يناير كانون الثاني وتأمل في الحصول على عضويته بحلول عام 2020. ومن شأن الاستثمار في صربيا أن يوفر للإمارات فرصة للدخول المباشر إلى سوق الاتحاد الأوروبي الضخمة قبل ارتفاع التكاليف وتطبيق الإجراءات الروتينية.

وقال دبلوماسي لرويترز طالبا عدم ذكر اسمه "تشعر (الإمارات) أن من الأفضل أن تضخ أموالها الآن بدلا من الانتظار."

وأضاف "عند شراء حصص في الاتحاد الأوروبي تكون هناك صفقات عامة وإجراءات وعقبات تنظيمية... ولكن التعامل مع صربيا الآن أسهل بكثير."

وأعلنت صربيا في وقت سابق هذا العام عن صفقات أسلحة مع الإمارات من بينها تصدير ناقلات جند مدرعة والتطوير المشترك لصاروخ موجه سطح سطح. وفي أعراف تجارة الأسلحة العالمية تظل هذه التجارة محدودة والأسلحة من الفئة منخفضة التكنولوجيا نسبيا ولكن مع إمكانية نموها.

وقال مسؤول من وزارة الدفاع طلب عدم نشر اسمه "يبلغ إجمالي قيمة جميع صفقات الأسلحة (مع الإمارات) حتى الآن حوالي 200 مليون يورو... ويمكن توسيع هذا التعاون ليشمل أنظمة أسلحة وقطع غيار ومعدات أخرى متنوعة."

وقال تيم آش رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في بنك ستاندرد إن اهتمام الإمارات بصناعة الأسلحة الصربية ينبع من تطلعاتها الإقليمية.
وأضاف "أبوظبي لاعب رئيسي في الشرق الأوسط وحصولها على الأسلحة يقوي نفوذها في الصراعات الدائرة بالمنطقة مثل الصراع في سوريا."

من جانبها سعت صربيا للحصول على قرض سيادي طويل الأجل بفائدة منخفضة من الإمارات تتراوح قيمته بين مليارين وثلاثة مليارات يورو.

وتوجه فوسيتش إلى أبوظبي يوم 26 أكتوبر تشرين الأول وقالت وسائل إعلام صربية إن القرض الذي يعتبر ضروريا للاستقرار المالي في صربيا سيكون على جدول أعمال الزيارة.

وتحتاج صربيا إلى أموال جديدة لتعزيز ميزانيتها وسداد بعض من ديونها العامة التي يتوقع أن تصل إلى 65 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ويبلغ معدل البطالة نحو 25 بالمئة بينما لا يمثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي - والذي يبلغ حوالي 5200 دولار - سوى 16 بالمئة من متوسط الاتحاد الأوروبي.

وتسعى بلجراد أيضا إلى إبرام اتفاق قرض جديد مع صندوق النقد الدولي لطمأنة المستثمرين إلى أن أوضاعها المالية ستستقر.