للمقارنة أحوال عديدة، فهي مطلوبة لمقارنة الأشياء المتكافئة غير المتشابهة، كمقارنة هاتف ذكي بآخر، أو أجهزة حاسوب ذات جودة عالية، وغيرها من الأشياء، حيث تظهر المزايا وتظهر المساوئ لكليهما، فنستطيع أن نأخذ قراراً بالاقتناء من عدمه.
وتكون المقارنة بين البلدان جميلة وواجبة للاستفادة من تجارب الدول ومحاكاة الناجح منها، لتختزل سنوات طوالاً من التجارب الخاسرة، وأيضاً للبدء من حيث انتهى الآخرون لتحقيق التنمية ورفاهية الشعوب.
ولكن هناك مواضع تكون فيها المقارنة غير مستحبة، بل مكروهة، ويجب أن يُغض الطرف عنها نهائياً، وهي المقارنة بين الأشخاص والأفراد؛ فتبدأ المقارنة بملاحظة الفروقات بين الأشخاص، ومن ثم تتطور إما إلى غبطة، وإما إلى غيرة، حتى يلتقيا مجدداً وهما في مجرى الحسد والعياذ بالله. فقد أودع الله البشر قدرات فردية تتكامل مع قدرات الآخرين، والمقارنة بين الأفراد فيها ظلم كبير تؤدي إلى تقييد القدرات وتكبيل العقل والذات، كما تؤدي إلى خراب العلاقات، وخاصة بين المرء وزوجه.
يستطيع الفرد المقارِن أن يبلغ مبالغ عالية من النجاح والسعادة، لولا أنه ربط نفسه بمقارنة الآخرين، وقد يكونون أشخاصاً عاديين لا يمتلكون مواهب كثيرة، فلا هو استطاع أن يظهر كامل قدراته، ولا استطاع أن يكون مثل من ربط بهم نفسه؛ فيعيش حياته ناظراً إلى الآخرين ومقارنة نفسه معهم من الظاهر فقط.. في حين أنه كان من الأجدى أن يمعن النظر في نفسه وذاته ويطورهما لكي يحيا حياته التي يريدها هو، لا كما تريدها الناس له، ويصدح في نفسه، كما صدح حسين الجسمي بأغنيته «لا لا لا تقارني بغيري.. أنت أكثر شخص يفهم إني ماني مثل غيري».
لذلك من أسرار النجاح في الحياة عدم مقارنة الفرد لنفسه مع الآخرين، بل مقارنتها مع الأشخاص الفاعلين في الحياة، كالعظماء، أو أصحاب التجارب الناجحة، للنيل من خبراتهم، والاقتداء بهم، والسير على هداهم، فقد يكون في يوم ما واحداً منهم!
ممـــا طاب لــي كأسلوب حيـــاة .... مـــاذا عنكـــــم ؟