http://www.al-sharq.com/news/details/272451
الشرق. نجاة اليافعي
الحب وإن كان بجملته وتفصيله مرغوبا، إلا أن الحياء فيه مطلوب، خصوصا إن كان أمام الملأ كمواقع التواصل. فمثل هذه الجمل والكلمات تُحرك مشاعر وأحاسيس أصحاب القلوب الضعيفة المتهالكة بالدين المتعلقة بالدنيا. فيشعر المتلقي أنها له أو يُعطي لنفسه الإيحاء بأنه هو المقصود بها. وإن تستغرب على هذا البوح لرجل لعجبت أكثر من بعض النساء التي لا تخلو تغريدة لها إلا وتناجي حبيباً، فتذكر حباً وفراقاً وأنينا وآهات، ندم على ما فات، أو رغبة في وصل آت. وكلٌ ينادي بالعام ولا يخص أحداً بالكلام، فتسرح معهم بالخيال، فيسألهم البعض بين حين وآن، من المقصود بالكلام!؟ فيأتي الرد أن الأمر خاص ولا يحق لك السؤال أو التفكير لمن الكلام!
الأمر الذي ينساه بعض المغردين في مواقع التواصل، أن عرض المشاعر والأحاسيس الخاصة ومناداة هذا وذاك، دون اسم له أو صفة بالعام، متناسين مراقبة الله ثم مكانتهم "برستيجهم" عند البوح لم يعد خاصاً أبداً، فالخاص إن أخرجه للعام أصبح حقاً للجميع مشاركته به، فيقرأونه ويعرفونه ويتنفسونه ثم يسألونه، وقد تأتي ردود قبيحة ومستهترة وأخرى شكاكه. وهكذا جعل أهل الدنيا الحب أساس الحياة، وأنه لابد لكل شخص من حبيب معه، وبدونه تنتهي الحياة! فرحم الله عمر بن الخطاب عندما أطلق جملته الشهيرة لرجل جاء ليطلق زوجته لأنه لا يحبها، فقال له: "ويحك ألم تبنَ البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية والتذمم؟". تغريدات الحب في غالبها عبث وكذب وخداع وفتن، ولها أهداف ربحية (كبعض المغردين الذين يقدمون دورات أسرية ـ نفسية ـ استشارية!! ويحتاج لجمهور يدفع لدوراته ليعيش هو ويرتفع على حسابهم دون نفعهم، وأخرى غير أخلاقية أو تكون متنفساً لصاحبها لكنه أخطأ المكان. مثل هؤلاء تجدهم بخلاء بمشاعرهم على محارمهم، كرماء لغير محارمهم. كتبت في المقالة قبل السابقة عن "رجال بلا حياء" وكيف أن الحياء يرتفع بصاحبه عن الدنايا، ولا يجعله في موضع شك من آخرين.
تساؤلات لأصحاب تغريدات الحب والغرام وأهل الهيام: أين الحياء منا؟ وكيف ابتعد عنا!؟ وهل يؤثم من يُحرك شجون الآخرين!؟ أو يزيد ولع المحرومين!؟ ولماذا أصبحت الحياة مقيدة بحب فقط بين اثنين، وكأنه لن يحيا بدون حبيب!؟ ألا تعود مثل هذه الامور سلبا على البيوت الزوجية التي ينحرم طرفا منها الحب!؟ ألا تُهيج هذه التغريدات بعض الرجال فيتغيرون على نسائهم!؟ ألا تغير مثل هذه التغريدات مشاعر الزوجات تجاه أزواجهن!؟ ألا تجعل طريقا لضعاف الإيمان من الجنسين للانحراف!؟ هل البيوت تُبنى فقط على الحب، وإن انعدم الحب انعدم كل شيء معه؟ كم إثما تكسب من كتابتك وآهاتك ولوعاتك وتولعك، وتأثير كلماتك على متابعيك نساء ورجالا، صغارا وكبارا؟!!
خاطرتي:
من كتب كلمة يحاسب لو بعد حين
إلزم لسانك وأمسك ايدينك عن الشين
وحده بخياله مب حلاله يناديها انطرج أحين!
من تنادي في خيالك!؟ وإلا هو التمدن يا زين؟
ومن تكاتب من حريم (ن) وعفت أم السنع والزين!؟
ما استحيت من خالقك وأنت تسطر هالشين!؟
ناسي إنه محاسبك فاستغفر احين
يذكر الله وحديث لخاتم المرسلين
وفجأة يقلب تعالي احين!
اِجعل همسة الحب:
لصاحبها الذي لم تشاركه مثل هذه الكلمات، وهو حلالك وأقرب قلب لك، ولا تنشرها عامة دون تخصيص فتثير الشك حولك، واذكر أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، متى ما تخلى عنه صاحبه اسودّ وجهه.
دمتم في حفظ الله ورعايته