الوكيل المساعد بوزارة الاقتصاد: قانون المنافسة يعزز الإنتاجية والابتكار
الراية - 11/11/2014

أكد سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد والتجارة مدير إدارة حماية المنافسة أن تحسين جودة السلع والخدمات وفي الحد من الارتفاعات غير المبرّرة في أسعارها، ما يساعد على زيادة هامش الاختيار أمام المستهلك وممارسة حقه في الاختيار الحر والواعي للمنتجات.

كما أكد أن تطبيق قانون المنافسة بشكل فاعل يؤدي إلى ارتفاع مستوى الإنتاج وزيادة مستوى الإبداع والابتكار في مختلف قطاعات الاقتصاد. كما يدعّم بيئة الأعمال ما يضاعف قوة جذبها للاستثمار الخارجي.

جاء ذلك خلال ندوة استضافتها أمس غرفة قطر حول "قانون حماية المنافسة ودوره في دعم قطاع الأعمال" حضرها رئيس لجنة المنافسة ومدير إدارة حماية المنافسة وعدد كبير من ممثلي الشركات ورجال الأعمال حيث تم التطرق إلى قانون حماية المنافسة الجديد ومزاياه في حماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الاندثار"..

وقال سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني إن غرفة قطر أتاحت الفرصة لمد جسور التواصل مع رجال الأعمال والمسؤولين بالشركات وذلك للعمل سويا على نهج الشراكة الفعلية بين وزارة الاقتصاد والتجارة وقطاعات الأعمال المختلفة بالدولة. وأكد على أن الوزارة تعمل للتواصل مع رجال الأعمال والمسؤولين بالشركات بهدف مزيد من تطوير مناخ الأعمال بدولة قطر. كما أنها تراهن دائما على وعي الشركات بأهمية الالتزامات والحقوق التي تتضمنها القوانين والأنظمة المطبقة على الاستثمار والمعاملات التجارية، ومن أبرزها القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

وأضاف الشيخ بأننا لسنا في حاجة للإسهاب في ذكر أهمية هذا القانون في دعم مناخ الأعمال بالدولة ونكتفي في هذا الشأن بالتذكير بما تضمنته كلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بافتتاح الدور الثاني والأربعين لمجلس الشورى من وجوب مكافحة الاحتكار والتصدي للارتفاعات غير العادية للأسعار. وهو ما يحملنا مسؤولية بذل كل ما يلزم لضمان إنفاذ القوانين واللوائح ذات الصلة بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

وقال إن رجال الأعمال والمسؤولين بالشركات يشاطروننا نفس الرغبة في حسن إنفاذ تلك التشريعات واللوائح والتقيد بالتوجيهات السامية الصادرة للغرض، غير أنه وبحكم حداثة قانون حماية المنافسة قد تكون هناك بعض النواحي الملتبسة وبعض المقاصد غير الواضحة فيه، مشيرا إلى أن مثل هذه الندوات تعمل على شرح أحكام القانون سالف الذكر، بهدف تحديد الالتزامات التي يضعها على كاهل الشركات والتعرف إلى الإمكانيات والفرص الواسعة التي يمنحها لها هذا القانون لحماية مصالحها سواء داخل السوق المحلية أو في مواجهة كبرى الشركات العالمية التي ترتبط معها بعقود التوريد أو التمثيل بالأسواق الداخلية.

وقال الشيخ جاسم إن اللقاء مع غرفة قطر يأتي إلى ربط الصلة بقطاعات الأعمال والتمهيد لعقد ورشة تدريبية لفائدة المسؤولين والمستشارين القانونيين بالشركات حول كيفية التوافق مع أحكام قانون حماية المنافسة. وتقدم بالشكر لسعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني لما بذله من دور مقدر في تعزيز ثقافة المنافسة وذلك سواء من خلال صفته كرئيس للغرفة ومن خلال مسؤولياته كرئيس للجنة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

مناخ تنافسي

وأكد مدير إدارة حماية المنافسة على أنّ العمل في مناخ تنافسيّ يعزّز مناعة المؤسّسات الوطنيّة ويرفع من أهبتها لخوض المنافسة في الأسواق العالميّة، ذلك أن تطبيق قانون المنافسة بشكل فاعل يؤدي إلى ارتفاع مستوى الإنتاج وزيادة مستوى الإبداع والابتكار في مختلف قطاعات الاقتصاد. كما أنه بفضل المنافسة تتدعّم بيئة الأعمال وتتضاعف قوة جذبها للاستثمار الخارجي، كما تساهم المنافسة أيضا في تحسين جودة السلع والخدمات وفي الحد من الارتفاعات غير المبرّة في أسعارها، ويزداد هامش الاختيار أمام المستهلك بما يعطيه إمكانية ممارسة حقه في الاختيار الحر والواعي للمنتجات.

وقال إن دولة قطر قد تنبهت منذ مدّة إلى مزايا المنافسة وجعلت منها عماد سياستها الاقتصادية، فتمّ استحداث الآليات القانونية والمؤسسية اللازمة لحماية الأسواق وسير آلياتها والتصدي للممارسات الاحتكارية، وأحدثت للغرض لجنة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وتم تمكينها من الوسائل الملائمة لإنجاز مهامها على أحسن وجه. كما تم خلال السنة الحالية إصدار الهيكل التنظيمي لوزارة الاقتصاد والتجارة بمقتضى القرار الأميري رقم (20) لسنة 2014 حيث تم تخصيص إدارة لحماية المنافسة ومنحها اختصاصات واسعة للقيام بمهامها في إعداد الدراسات عن سير الأسواق والقطاعات الاقتصادية بالدولة ونشر ثقافة المنافسة.

وطالب الشيخ جاسم رجال الأعمال والمسؤولين بالشركات دعم جهود وزارة الاقتصاد والتجارة لنشر ثقافة المنافسة من خلال توجيه القانونيين والمسؤولين لديهم لحضور الورشة التدريبية التي سيتم تنظيمها بمقر الغرفة خلال فترة قريبة.

ملامح القانون

ومن جانبه استعرض المستشار رشدي المحمدي أبرز ملامح قانون حماية المنافسة ودوره في دعم قطاعات الأعمال، مشيرا إلى أن المعنى الاصطلاحي للمنافسة هو احترام حرية مزاولة الصناعة والتجارة في إطار الاقتصاد الحر أو ما يعرف باقتصاد السوق، لافتا إلى أن وظيفة قانون حماية المنافسة تشمل ضمان حق الأفراد والشركات في الدخول إلى السوق والنشاط فيه بكل حرية بحيث لا يمكن أن ينال من وضعهم بها إلا تفاعل السوق الطبيعي حسب قاعدة العرض والطلب.

وأشار إلى أن قانون المنافسة يتضمن ثلاثة فروع رئيسية أولها تتبع الممارسات المخلة بالمنافسة "الاحتكارية"، وثانيها مراقبة عمليات التركز الاقتصادي من حيث الاندماج والاستحواذ والاستيعاب وشراء الأسهم، وثالثها مراقبة الدعم الذي تقدمه الدولة للمشروعات والمؤسسات والشركات العامة والحكومية.

وأشار إلى أن قانون المنافسة هو عبارة عن جملة من القوانين والنظم واللوائح التي تهدف إلى ضمان المحافظة على السير الطبيعي لآليات السوق، منوها بأن قانون المنافسة يحمي المنافسة ولا يحمي المتنافسين، كما أنه ليس مظلة تختبئ تحتها المؤسسات الاقتصادية الفاشلة، فالشركات التي تفشل في الحفاظ على موقعها في السوق لا يأتيها ذلك المصير بسبب الغير بل بسبب ضعف الأداء ونقص الكفاءة، لافتا إلى أن لجنة المنافسة تتدخل لكي تحمي المنافسة ولا تحمي المتنافسين حيث إنها لا تعطي حقا لشركة على حساب شركة أخرى، فالشركات التي تخرج من السوق يتم ذلك لنقص كفاءتها واللجنة تتدخل عندما يكون هنالك إخلال بقواعد السوق.

تجارب الدول

واستعرض المحمدي تجارب قانون المنافسة في الدول العربية حيث بدأت بتطبيقه أولا كل من تونس والجزائر والمغرب واليمن منذ العام 1990، ثم لحقتها في الفترة من 2001 إلى 2010 كل من الأردن والسعودية ومصر وقطر والكويت وسوريا، ومن ثم مؤخرا بدأت كل من العراق والإمارات وعمان بتطبيق هذا القانون فيما لا يزال يعمل على إعداد قانون للمنافسة في البحرين والكويت.

وأشار المحمدي إلى أن تدخل الدولة يتم في حالات معينة مثل حالة الاحتكار الطبيعي وذلك عندما تكون النفقات الغارقة كمصروف بناء السمعة والدعاية وتركيز شبكات الدعم اللوجستي عالية جدا بالنسبة لحجم السوق، لافتا إلى أنه في هذه الحالة يكون التركيز الاقتصادي هو الخيار الوحيد ليكون النشاط المعني ذا جدوى من الناحية الاقتصادية.

وقال إن قانون وسياسات المنافسة تهدف إلى تحرير الأسواق وإزاحة القيود عن الأنشطة الاقتصادية، وضمان شفافية الأسواق من خلال فرض مدونة سلوك للمؤسسات الاقتصادية في علاقتها مع المتنافسين، ومنع المنافسة غير النزيهة، ومراقبة الممارسات الاحتكارية وردع الاتفاقات المخلة بالمنافسة.

لجنة الحماية

واستعرض المحمدي مهام لجنة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والتي يرأسها سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس الغرفة، كما استعرض مهام إدارة حماية المنافسة بوزارة الاقتصاد والتجارة والتي يرأسها سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني، حيث تقوم اللجنة بتلقي البلاغات وإعداد قاعدة بيانات والتنسيق مع الأجهزة النظيرة في الدول الأخرى، في حين تتولى الإدارة تنفيذ القوانين. كما أكد على أن قانون حماية المنافسة أنشئ للتوازن بين الشركات وحماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الاندثار واحتكار الأسعار والسلع لفائدة الشركات الكبيرة.
وأضاف إن القانون لم يحدد سقفا للحصة السوقية كمعيار للوقوف على الهيمنة، بيد أن القانون لا يعاقب على الهيمنة بل يعاقب على إساءة استخدام المركز المهيمن.

تساؤلات الحضور

وتساءل عدد من رجال الأعمال حول كيفية حماية الشركات الوطنية في مجال السياحة والتي تضررت من جرائها الشركات الصغيرة والمتوسطة نتيجة تحكم الفنادق الكبرى في الأسعار، إضافة إلى المنافسة مع الشركات الأجنبية، ودور "حماية المنافسة" في ذلك، وهل هي مع فتح الباب على مصراعيه ليضع من يشاء أي سعر يشاء، وهل حماية المنافسة يجب أن تعمل على التدخل في وضع حدين أعلى وأدنى للأسعار بحيث تكون هناك حماية للشركات الصغيرة والتي هي الأكثر عرضة للتأثر؟

وحول هذه المسائل، أكد سليم البرهومي ممثل إدارة حماية المنافسة أن قانون حماية المنافسة القطري قانون حديث صدر في عام 2006، والتجارب العالمية أكدت أن قوانين المنافسة لابد من تطبيقها تدريجيا، فبعض الدول تعمل على تطبيق قوانين المنافسة على مراحل تدريجية تصل إلى عشرات السنوات، موضحا أن الجزء الأكبر من الجهود المبذولة تذهب إلى نشر ثقافة المنافسة، فالشركات الاقتصادية تم رفع الوعي لديها في وجود منافسة تؤثر إيجابيا.

وتساءل رجل الأعمال علي الخلف حول حماية كيفية الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأكد برهومي على أنه لا تمييز بين الشركات في قانون حماية المنافسة، موضحا أن القانون يهدف إلى وضع بيئة تنافسية جديدة، وجميع الشركات متساوية أمام القانون..

وأضاف برهومي إن القانون لا يحدد هذه النسب، وإنما من يحدد هي الجهات الإدارية مثل وزارة الاقتصاد والتجارة والتي لديها اختصاص في تحديد سعر سلع أو خدمة معينة، مشيرا إلى أن بعض الدول التي لديها ظروف أزمة اقتصادية أو ظروف غير طبيعية واستثنائية، يتم وقتها تحديد سقف للحد الأعلى للأسعار، ويتم التنافس تحت هذا السعر، وتتدخل الإدارة المكلفة بالتحديد، أما القاعدة العامة فهي اتخاذ مبدأ حرية الأسعار، وذلك كون السوق سوقا حرة.

وأكد أنه إذا تم تطبيق هذا القانون بصورة سريعة دون تركيز أسس صحيحة، سينعكس ذلك سلبيا على الشركات خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى أنه إذا تم فتح الباب على مصراعيه للمنافسة سيكون أكثر من 80% من الشركات خارج السوق.

وحول ما يتعلق بالتناقض في البت في النزاعات، أكد برهومي أن القانون واضح في هذا الشأن وينص على أنه إذا قام طرف بتقديم شكوى ضد طرف آخر، فتقوم اللجنة بالنظر للشكوى وتعد دراسة مستفيضة حولها، وفي حالة تبين أن هناك مخالفة واقعية، يطلب من الطرف المخالف تعديل وضعه، وذلك لأجل محدد، وإذا بقي الوضع كما هو عليه، ولم يقم الطرف المخالف بتعديل أوضاعه، يتم تحريك الدعوى جنائيا، ليصبح القضاء هو المتعهد بالقضية.

وفي تقييمه لوضع المنافسة في قطر، أشار برهومي إلى أنه متقدم إلى حد الآن ودلل على ذلك بما جاء به تقرير منتدى دافوس الأخير، والذي أكد على أن دولة قطر تحتل المرتبة الثالثة عالميا في مجال التنافسية ومحاربة الاحتكار، مؤكدا على أن التجربة القطرية جيدة جدا وقابلة لمزيد من التقدم والتحسن.

من جانبه تساءل علي المري على وضعية الشركات الأجنبية وتطبيق القانون عليها، حيث بين برهومي أن الدولة الآن تحتاج مثل هذه الشركات الرائدة العالمية خاصة وأنها توفر سلعا غير متاحة داخليا. لكنه بين أن دخول الشركات الأجنبية لمنافسة الشركات الوطنية المحلية، فهناك عدد من الإجراءات في قانون حماية المنافسة، تحمي الشركات المحلية والوطنية، خاصة إذا ما تعسفت الشركات الأجنبية في استغلال المزايا التي تقدمها الدولة.

من جانبه بين الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس لجنة المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أن كل شركة يمكنها تقديم شكوى إلى اللجنة إذا رأت إخلالات بالسوق وتقوم اللجنة بعد دراسة الشكاوى المقدمة إليها بتمريرها إلى النيابة العامة إذا ما استجابت الشركة المحتكرة لتسوية وضعيتها ..وأكد خليفة بن جاسم أنه تمت مراسلة عدد من الشركات المخالفة وسيتم مقاضاتها إن لم تعدل أوضاعها، مشيرا إلى ان اللجنة تجتمع شهريا للبت في القضايا المطروحة. علما أن الغرامات التي يفرضها قانون المنافسة تتراوح بين 100 ألف و5 ملايين ريال قطري.