أسفر عدد من حملات مفتشي الرقابة الصحية بالبلديات والحملات المشتركة مع وزارة الاقتصاد والتجارة عن سحب العديد من المنتجات الغذائية التي تحتوي على كحول أو دهن الخنزير بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين واللوائح التي تمنع تداولها في الأسواق، وهو ما أثار التساؤلات حول كيفية تسلل تلك المنتجات عبر المنافذ ووصولها للأسواق.

ففي الشهرين الماضيين قام مراقبو الرقابة الصحية بالبلديات بسحب منتجات لحوم هيل شير (Hillshire, Saralee & Pall park) وهو منتج عالمي من إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية.

وبالرغم من سلامة هذه المنتجات من الناحية المختبرية والصحية إلا أن المعلومات التي توصل لها المراقبون تشير لعدم وضوح المستندات المرفقة لشحنات هذه اللحوم ومخالفتها لأحكام الذبح الحلال وهو ما يؤكد وجود شبهة تزوير في المستندات المرفقة خاصة ما يتعلق بشهادة الذبح الحلال التي يجب توافرها عند استيراد أي من منتجات اللحوم من الخارج خاصة وأن الشركة نفسها معروف عنها أنها لا تتبع اشتراطات الذبح الحلال وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

قبلها بعدة أيام قامت البلدية بسحب كميات من معجون طماطم LOYD من أحد المجمعات بعدما اكتشفوا وجود نسبة خمر أو كحول والأمر نفسه تكرر مع نوع من الشيكولاتة يباع في أكثر من مجمع تجاري به نسبة كبيرة من الكحول هو منتج BORD وفي السابق تم مصادرة كميات كبيرة أيضا من منتج شيكولاتة سويسرية به نسبة كبيرة من الكحول.

كما قام مفتشو البلدية وحماية المستهلك بسحب كميات كبيرة من منتج باستا يحتوي على 6% من النبيذ الأحمر Red wine معظمها كان في فرع مجمع شهير بالغرافة.

أما المنتجات التي تدخل في تركيبتها مشتقات جيلاتين الخنزير أو البورك جيلاتين Pork gelatin فقد تم ضبط كميات كبيرة منها تباع في الأسواق خلال الفترة الماضية لعل آخرها كريمة طبخ شهيرة وجد بها نسبة من البورك جيلاتين ومنتج مكرونة "نودلز" الذي قام مراقبو حماية المستهلك بسحبه من الأسواق عقب قيام السعودية بحظره لاحتوائه علي جيلاتين الخنزير.

كما قامت البلدية بسحب منتجات "الكورن فلكس" من الأسواق وجميع منافذ البيع بعد التأكد أن هذه المنتجات غير مطابقة للمواصفات والمعايير الصحية المعمول بها في الدولة وذلك نتيجة احتوائها على عناصر غذائية لا تتطابق مع المواصفات المتبعة في الدولة.

مسؤولية مجلس الصحة

الغريب في الأمر أن معظم هذه المنتجات يتم ضبطها في الأسواق سواء من خلال التفتيش الدوري لمفتشي الرقابة الصحية بالبلديات أو من خلال الشكاوى التي تتلقاها البلدية من المواطنين عقب اكتشافهم وجود تلك الممنوعات في النشرة الإعلامية للمنتج ولم يتم الكشف عنها قبل دخولها للبلاد عبر المنافذ .. فلم تكشف المنافذ من قبل عن منتجات قامت بمنع دخولها للبلاد أو اتخاذ أي إجراءات حيال المستوردين الذين يقومون بالتلاعب في مستندات الاستيراد.

ويؤكد مصدر بالشؤون القانونية لوزارة البلدية والتخطيط العمراني لـ الراية أن القانون حدد اختصاصات البلديات فيما يتعلق بمراقبة السلع والمنتجات الغذائية وهي الاختصاصات المنوطة بمفتشي أقسام الرقابة الصحية بالبلديات كل في دائرة اختصاصه المكاني وهي المراقبة على الأغذية داخل الأسواق أو المحال التجارية والمنشآت الغذائية أيا كان رأسمالها أو أعداد العاملين بها وكذلك الرقابة على وسائل النقل التي تستخدم في نقلها والمخازن والمستودعات التابعة لها وفقا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 1990 وتعديلاته والمعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2014 بشأن مراقبة الأغذية الآدمية

وأشار إلى أن السماح للمنتجات الغذائية المستوردة والإفراج عنها والسماح لها بالتداول داخل الأسواق القطرية هي من اختصاصات المجلس الأعلى للصحة الذي يتولى مراقبة الأغذية المستوردة بعد وصولها إلى الدوائر الجمركية وطوال مده بقائها فيها حتى الإفراج عنها ومعاينتها بالإضافة إلى وضع حد أعلى لما يسمح بوجوده من المواد الضارة بصحة الإنسان في أصناف معينة من الأغذية أو أوعيتها وتحديد الأصناف التي يحظر استيرادها من الأغذية التي يحظر استيرادها من الأغذية أو العناصر الداخلة في تكوينها أو المضافة إليها بسبب خطورتها على الصحة العامة.

دور البلدية

وقال: المادة 11 من قانون مراقبة الأغذية الآدمية نصت على أنه لا يجوز لإدارة الجمارك أو غيرها من السلطات المختصة الإفراج عن الأغذية المستوردة من الخارج إلا بموجب تصريح بذلك من وزارة الصحة العامة يفيد صلاحيتها للاستهلاك الآدمي ومطابقتها للمواصفات وذلك فضلا عن استيفاء الإجراءات المقررة في التشريعات الأخرى المتعلقة بالجمارك والاستيراد والغش في المعاملات التجارية.

وأكد أن دور البلدية يقتصر على مراقبة السلع الموجودة في السوق للتأكد من سلامتها وتاريخ صلاحيتها وطريقة تخزينها إن كانت ملائمة أم لا أما عملية بيعها والغش في ذلك من اختصاص جهات أخرى وليس من اختصاص البلدية.

ولفت إلى أنه في حال وجود أي منتج غير مطابق للمواصفات والمعايير الصحية يتم التعميم على جميع منافذ البيع عدم استيراد المنتج، مؤكدة أن مثل هذه الأمور يتم أخذها بعين الاعتبار وبكل جدية دون تهاون وأن فرق التفتيش تتحرك فور ورود الشكاوى عن أي منتج يتم تداوله في الأسواق لأخذ كميات منه ومن ثم إرسالها إلى المختبر المركزي ويتبين بعد ظهور النتائج إن كان المنتج صالحا للاستخدام أم لا وبذلك يتم اتخاذ قرار بسحبه أو بقائه في السوق.

المنافذ الجمركية

من جانبهم انتقد عدد من المواطنين السماح لمثل هذه المنتجات بالتداول في الأسواق وغياب الرقابة علي استيرادها من الخارج ما يؤكد وجود قصور لدى بعض الجهات المختصة التي من شأنها مراقبة المنتجات وفحصها جيدا قبل دخولها إلى البلاد وأكدوا أن معظم المنتجات التي يتم سحبها من الأسواق تتداول لفترات طويلة ويتم استهلاكها من قبل المستهلكين ما يعرض حياتهم للخطر أو أن يرتكبوا إثما باستهلاكها إذا كانت تحتوي على كحول أو منتجات خنزير أو غيرها من المواد الممنوعة وغير المطابقة للمواصفات

وأشاروا إلى ضرورة تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية أيا كانت الجهة المسؤولة عن السماح لتلك المنتجات للتداول وضرورة أن يتم الحصول على عينات منها للتحليل في المختبرات المركزية قبل الإفراج عنها وعدم الاعتماد فقط على البطاقة الإعلامية للمنتج أو المستندات الخاصة بالشحنة.

فحص المستندات

ودعوا لضرورة أن يتم فحص المستندات الخاصة بالشحنات والتأكد من سلامتها من التزييف والتزوير من بلد المنشأ لإغلاق الباب أمام أصحاب النفوس الضعيفة ممن تسول لهم أنفسهم التلاعب بصحة المواطنين بهدف تحقيق أرباح طائلة دون النظر لأي اعتبارات أخرى

مطالبين الجهات المسؤولة عن مراقبة المنافذ بالإعلان من وقت لآخر عن المنتجات التي حظر استيرادها أو رفضت الإفراج عنها وكيفية العقاب القانوني علي الشركات المستوردة لتلك المنتجات

يقول محمد العنزي أن الغالبية العظمى من المواطنين يكتشفون عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام بسحب منتج غذائي من الأسواق بالرغم من تداوله لفترات طويلة وربما يكون قد اشتراه واستهلكه ومن ثم يتساءل كيف تم من الأساس السماح لهذا المنتج بدخول البلاد وتداولها في الأسواق لحين اكتشافها.

وأكد استمرار دخول المنتجات غير المطابقة للمواصفات والمعايير الصحية في البلاد مشكلة مستمرة تبحث عن حلول عاجلة ويؤكد على وجود قصور لدى بعض الجهات المختصة التي من شأنها مراقبة المنتجات وفحصها جيدا قبل دخولها إلى البلاد وهو ما يتطلب تشديد الرقابة في هذه الجهات سواء من خلال أخذ العينات من المنتج وتحليله بواسطة المختبرات المركزية التابعة للصحة وعدم الاعتماد على البطاقة الإعلامية للمنتج أو الترجمة الخاصة ببياناتها مع ضرورة مراجعة المستندات الخاصة بكل شحنة مراجعة وافية وفي الوقت نفسه التحري عنها بدقة من بلد المنشأ ومن الجهة المنتجة حتى يتم إغلاق الطريق أمام ضعاف النفوس ممن يقومون بتزوير الأوراق والمستندات الخاصة بالشحنة ليتم السماح لها بدخول البلاد بالمخالفة للقانون.

هيئة خاصة

ويشير عبد الله محمد إلى أن سحب المنتجات الغذائية عقب تداولها في الأسواق هو أمر يعكس جهات يقظة تقوم بعملها على الوجه الأكمل في مراقبة الأسواق والتعاون مع المستهلكين لفحص كافة بلاغاتهم وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها .. وفي الجانب الآخر هناك خلل وثغرة قانونية تسمح بدخول تلك المنتجات بسبب تلاعب المستوردين وتقديم مستندات مزيفة أو مزورة.