صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789
النتائج 81 إلى 88 من 88

الموضوع: موسوعة البلاد العربية

  1. #81
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    مصر البطلمية
    وفد الإسكندر إلى مصر عام 332ق.م. بعد استسلام الوالي الفارسي، ومن ثم ضمت مصر حتى الشلال الأول إلى الدولة المقدونية. زار الإسكندر المعابد المصرية وأخذ يرسي دعائم حكمه ووضع أساس مدينة الإسكندرية عاصمة لمصر وعين ولاة مصريين لحكم الوجهين البحري والقبلي، ثم غادر مصر إلى العراق وفارس والهند مكتسحًا الحاميات الفارسية هناك. إلا أن موته المبكر عام 323ق.م، قاد إلى تقسيم إمبراطوريته على قادة الجيش وكانت مصر من نصيب بطليموس الذي عمل منذ بداية عهده على الاستقلال التام بمصر وتثبيت حكمه فيها وبسط نفوذه على المناطق حولها لتأمين وضعه من أي اعتداءات خارجية. وفي عهد بطليموس الثالث بلغت مصر أوج اتساعها لتمتد من فلسطين إلى برقة ومن قبرص إلى الشلال الأول. وأصبحت لها علاقات تجارية مع شرق إفريقيا. وخاض بطليموس الرابع حربًا مع انطيوخوس ملك سوريا وبابل انهزم فيها انطيوخوس في معركة رفح عام 217ق.م. إلا أن البطالمة سرعان ما فقدوا مستعمراتهم في الشام للرومان بعد أن خرج الرومان منتصرين في الحرب البونية وقضوا على قرطاجنة عام 202ق.م. وفي عهد بطليموس الثامن، وفي بداية القرن الثامن ق.م، كانت دولة البطالمة في مصر قد فقدت أراضيها خارج مصر كما كانت سلطتها الداخلية قد تفككت وتنازع أبناء الأسرة الحاكمة فيما بينهم. وكانت مصر منذ بطليموس الرابع تعيش ثورة داخلية تمركزت حول طيبة بدعم من ملوك كوش في الجنوب.

    أجرى البطالمة الكثير من التعديلات على نظم الحكم في مصر فرفعوا الملوك إلى مراتب الآلهة حيث فرضوا عبادتهم، وجمعوا السلطات في أيديهم. وكان نائب الملك هو المسؤول عن الشؤون المالية. وقسموا البلاد إلى ولايات لكل منها حاكم وعليها قائد عسكري يشرف على الأمور العسكرية فيها. كذلك قسموا كل ولاية إلى عدة أقاليم عليها أمراء. أما المدن التي تسكنها أغلبية إغريقية فكانت تحكم بمجالس خاصة بها. وفي بداية عهدهم عملوا على تنمية الموارد الاقتصادية بتطوير الزراعة والصناعة وفرض الضرائب والرسوم الجمركية.


    مصر الرومانية
    وصلت كليوباترا إلى عرش مصر سنة 51ق.م، وكان الصراع في روما يومها محتدمًا بين بومبي وقيصر، والحرب الأهلية تدق أبواب روما. ساندت كليوباترا بومبي إلا أنه انهزم في ذلك الصراع وفر إلى الإسكندرية فلاحقه قيصر إلى هناك ودخل الإسكندرية. غير أن كليوباترا استطاعت أن تقيم جسرًا من العلاقات الطيبة معه وقتل قيصر. وبمعاونة أنطوني (أنطونيو) صعد أوغسطس إلى السلطة، وتقرب أنطوني، الذي أصبح واليًا على الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية الرومانية من كليوباترا، ثم ما لبثت العلاقة بين أنطونيو وكليوباترا من جهة وأوغسطس من جهة أخرى أن تدهورت، مما قاد أوغسطس إلى الزحف على مصر عام 30ق.م. وانتصر على أنطوني وكليوباترا وأصبحت مصر ولاية رومانية.

    غير أن الحقبة الرومانية في مصر حفلت بصراع دموي طويل بين اليهود والإغريق، بعد أن ساند الرومان اليهود وسلبوا الإغريق الكثير من امتيازاتهم السابقة في العصر البطلمي، رغم أن الرومان كانوا ينظرون للحضارة الإغريقية نظرة إعجاب، وأنهم أبقوا اللغة الإغريقية لغة الدولة الرسمية في مصر. ثم ما برحت النصرانية أن أخذت تتسرب من فلسطين إلى مصر وانتشرت وسط الإغريق مما أثار مخاوف الرومان، وقاد إلى اضطهاد الإغريق حتى اعترفت الدولة بالنصرانية في عهد قسطنطين (323 - 337م). وبعد أن فرضت النصرانية في مصر في عهد الإمبراطور ثيودور (379 - 395م)، كان انقسام الكنيسة حول طبيعة السيد المسيح عليه السلام وظهور المذهبين اليعقوبي والملكاني. قاد هذا الخلاف العقائدي إلى تفتيت المجتمع وتقويض دعائم الاستقرار الروماني في مصر. وفي عام 616م قدم الفرس إلى مصر إلا أن وجودهم فيها لم يدم طويلاً حيث عادت لسيطرة الرومان حتى كان الفتح الإسلامي عام 22هـ، 642م.

    لم يعدّل الرومان كثيرًا في النظم الإدارية المصرية، فعينوا حاكمًا على رأس السلطة. وله مساعدون للشؤون المالية والقضائية. ثم قسمت البلاد إلى ثلاث ولايات لكل منها حاكم إقليمي يليه قائد. وقد شهدت فترتهم زيادة في الإنتاج الزراعي واهتمامًا بصرف المياه وتطورًا في الصناعة والتجارة الخارجية. لقد كان أحد أهم أهداف الرومان في مصر هو تنمية واستغلال مواردها، غير أن طبيعة الحكم وما قادت إليه من ثورات وعدم استقرار أدَّى إلى تدهور اقتصادي وقصور في تلك الموارد.


    مصر الإسلامية
    بعد أن اكتمل للمسلمين فتح بلاد الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في سنة 14هـ، 635م، وأمنوا حكمهم هناك، اتجهت الأنظار إلى مصر بحكم كونها تحت قبضة البيزنطيين الذين يشكلون خطرًا كبيرًا في جنب الدولة الإسلامية الوليدة، إلى جانب أن معظم أهل مصر لم يكونوا على وفاق ديني مع السلطة البيزنطية فضلاً عن استيائهم لفداحة الضرائب المفروضة عليهم وقسوة الحكم.

    سار عمرو بن العاص إلى مصر بجيش قوامه أربعة آلاف رجل حيث تم الاستيلاء على العريش ثم واصل طريقه عبر الصحراء إلى النيل وحاصر حصن بابليون واستولى عليه من البيزنطيين عام 22هـ، 642م ثم اتجه إلى الإسكندرية حاضرة مصر آنذاك وبعد حصار تمكن من الاستيلاء عليها. وبذلك دانت مصر للخلافة الإسلامية وعين عمرو بن العاص واليًا عليها.


    عاصمة إسلامية جديدة. كان من أوائل مهام النظام الجديد إرساء دعائم دولة جديدة، وبالتالي كان لابد له من بناء حاضرة للدولة؛ لأن الإسكندرية لم تكن تناسب الوضع السياسي الجديد من حيث موقعها. بنى العرب مدينة الفسطاط وأسسوا فيها مسجدًا جامعًا عرف بالمسجد العمري نسبة لعمرو بن العاص، وكان شبيهًا بمركز الدولة الذي تعقد فيه الاجتماعات ويلتقي فيه الوالي بكبار رجال دولته. وقد ارتكز النظام الإداري الجديد على النظم الإسلامية، وكان الوالي الإسلامي يقوم بالمسؤولية المباشرة عن الأمن والخراج والقضاء وإمامة المسلمين. كان الوالي يعين من قبل الخليفة مباشرة. انظر: عمرو بن العاص.


    مصر في العصر الأموي. بقيت مصر تابعة للخلافة الأموية على امتداد فترة حكمها. وقد شهدت الفترة تطورًا في مجالات الزراعة والعمارة إلى جانب اتخاذ اللغة العربية لغة رسمية للدولة.

    وفي عصر الولاة الأمويين توسعت مدينة الفسطاط، ثم تعرضت المدينة لبعض أعمال التدمير في نهاية العصر الأموي أثناء مطاردة جيوش العباسيين لمروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين سنة 133هـ ،750م. وكان من جراء هذه الأحداث أن خُرب الجانب الشمالي من الفسطاط مما يلي جبل يشكر.


    مصر في العصر العباسي. تمت الغلبة للعباسيين على يد صالح بن علي قائد جيوشهم الذي قام بمطاردة مروان ابن محمد آخر الخلفاء الأمويين في مصر، وتمكن من قتله. واستقر صالح بن علي كأول وال في مصر من قبل الخلافة العباسية الجديدة. ولما خلفه الأمير أبوعوف في ولاية مصر شرع سنة 135هـ، 752م في تأسيس مدينة جديدة في الجانب الشمالي من الفسطاط الذي كان قد أصبح فضاءً قفرًا. ونظرًا لأن هذه المدينة أسست لإيواء العسكر العباسيين فقد سميت العسكر.

    وشيدت بمدينة العسكر دار للإمارة ظل ينزلها الولاة العباسيون وبنى بها الفضل بن صالح سنة 169هـ، 785م مسجدًا لم يكتب له البقاء. ومما تجدر الإشارة إليه أنه كان يطلق على هذه المدينة اسم مصر، تمامًا كما أطلق على دمشق اسم الشام.

    توسعت المدينة الجديدة في عهد الولاة العباسيين حتى اتصلت بالفسطاط وازدهرت البلاد في عهد الوالي موسى ابن علي وتعايش المسلمون والأقباط فيها. إلا أن الصراع بين العباسيين والعلويين انعكس على الحياة السياسية والفكرية في مصر خاصة بعد دعوة محمد بن عبدالله المعروف بالمهدي الذي كان داعية إسلاميًا وثائرًا وما صادفت من قبول ونجاح، ثم مواصلة ابنه علي الدعوة من بعده. وفي سنة 210هـ، 825م، اندلعت ثورة في مصر أيام الخليفة المأمون الذي أرسل عبدالله بن طاهر بن الحسين لإخمادها. واستولى الأمير على الفسطاط، ثم عين واليًا على مصر.

    وقد وجدت عناصر عربية من جزيرة العرب الفرصة سانحة للنزوح إلى مصر بسبب وفرة فرص العمل بها، فعملوا بالزراعة والتجارة وتربية الإبل. وبمجيء المعتصم وتولية أخواله الترك مقاليد الأمور في الدولة العباسية تولى أمر مصر عدد من الولاة الأتراك الذين كانوا يولون نوابهم أحيانًا على أمور الدولة عند غيابهم.


    مصر الطولونية. جاء أحمد بن طولون إلى مصر في 254هـ، 868م وكيلاً عن باكباك، صاحب إقطاعها وكان الأخير زوج أم أحمد بن طولون. وكان من عادة أصحاب الإقطاعيات أن يقيموا في عاصمة الخلافة ويرسلوا من ينوب عنهم على ولاياتهم. ولما قتل باكباك آل حُكْم مصر إلى لياركوج، وكان هو الآخر صهر أحمد بن طولون، فأبقاه وكيلاً على حكم مصر. ثم أسندت إليه ولاية الإسكندرية. وما لبث أن استقل بحكم مصر. وتوسعت الدولة الطولونية لتتجاوز حدود مصر إلى الشام وبرقة وتحولت إلى قوة إقليمية. وكانت فترة حكم ابن طولون فترة تأسيس وازدهار حضاري، أرسى فيها إدارة قوية ونظم حكمًا صارمًا كما ازدهرت الحركة الأدبية والفكرية.

    وبعد وفاته تولى الأمر بعده ابنه خمارويه دون إذن من مركز الخلافة في بغداد، مما يشير إلى ضعف أو انعدام سلطة المركز على مجريات الأمور في مصر. وحين حاول الخليفة الموفق الاستيلاء على دمشق وإعادتها إلى حظيرة الخلافة العباسية اصطدم بالطولونيين الذين حاربوه وبسطوا سيطرتهم على كل بلاد الشام وأرغموا الخليفة العباسي على عقد صلح يتنازل فيه لهم عن ولاية مصر والشام.

    غير أن الدولة الطولونية ضعفت بعد وفاة خمارويه وراود الخلافة في بغداد حلمها القديم في استعادة مصر. وبالفعل تم لهم ذلك بعد أن قتل هارون بن خمارويه الذي خلف والده. إلاّ أن ضعف الخلفاء في مركز الخلافة والصراعات المتصلة بين الولاة في مصر جعلها محل أطماع الفاطميين الذين كانوا قد أسسوا دولة في شمالي إفريقيا في 269هـ، 882. غير أن الأمور سارت على نحو آخر.


    مصر الإخشيدية. كان أحد أبناء الإخشيديين، ملوك فرغانة، واسمه محمد بن طغج واليًا على طبرية من قبل تكين والي الشام ومصر. ثم ما لبث أن تولى محمد بأمر الخليفة العباسي أمر مصر سنة 323هـ، 934م. إلا أنه سرعان ما تمرد على الخليفة واستقل بمصر واستولى على الحجاز وضم إليه أجزاء من الشام التي كانت الأجزاء الأخرى منها تحت قبضة الحمدانيين. بعدها عقد صلحًا مع الخليفة العباسي المتقي بالله تولى على أثره ولاية مصر والشام. وقبيل وفاته عام 334هـ، 946م كلف أحد أتباعه ويدعى كافورًا، بالوصاية على ابنه القاصر. وبقي كافور الحاكم الفعلي لمصر، واستطاع أن يقضي على تمرد داخلي وحارب سيف الدولة الحمداني الذي حاول غزو مصر. كما صدّ كافور محاولة للفاطميين في أيام المعز لدين الله. كان كافور رجل دولة من الطراز الأول، أقام نهضة عمرانية كبيرة ونمت موارد البلاد التجارية والزراعية في عهده.

    توفي كافور سنة 357هـ، 967م فضعف شأن الحكم من بعده، ووجد الفاطميون الذين كانت أعينهم دائمًا على مصر الفرصة سانحة للهجوم عليها، خاصة ومركز الخلافة في بغداد مشغول بغارات البيزنطيين. وفي السنة التالية لموت كافور (358هـ، 969م) غزا جوهر الصقلي مصر على رأس جيش فاطمي واستولى على الإسكندرية وسلمت له الفسطاط دون مقاومة.

  2. #82
    عضو مميز الصورة الرمزية المحبووووب
    رقم العضوية
    4608
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    قــطــر
    المشاركات
    4,647
    مجهود جبار الله يعطيك الصحة والعافية

  3. #83
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    مصر الفاطمية. لما كانت مصر مفتاح الطريق إلى الحجاز والحرمين الشريفين، فقد ظلت حلمًا يراود الفاطميين بعد أن أقاموا دولة في تونس عام 297هـ، 909م وقضوا على أسرة الأغالبة التي حكمت المغرب الإسلامي نيابة عن العباسيين. وما أن استقر جوهر الصقلي في مصر حتى شرع في بناء القاهرة لتصبح حاضرة للدولة بدلاً من المهدية (المنصورية) القريبة من القيروان. انتقل المعز إلى القاهرة ليؤمن حكم مصر ويكون قريبًا من الحجاز وليوقف تقدم القرامطة الذين وصلوا وقتها إلى حدود مصر الشرقية. إلا أن المعز لم ينعم بعاصمته الجديدة طويلاً إذ توفي بها بعد ثلاث سنوات ليخلفه ابنه العزيز.

    توفي العزيز في الشام سنة 386هـ وهو يحارب البيزنطيين، فخلفه ابنه الحاكم بأمر الله الذي ساد الأمن في أيامه، إلا أنه عرف بأنه كان حاكمًا متزمتًا ورجلاً متناقضًا منفصم الشخصية. وهو صاحب القصة التي تقول إنه خرج ذات ليلة من قصره ولم يعد بعد ولم يعثر له على أثر. جاء بعده ابنه الظاهر الذي تولت عمته ست الملك الولاية لبعض الوقت وصية عليه. وقد أظهرا مقدرة في إدارة الدولة وتطويرها ورخائها. إلا أن عهد المستنصر من بعدهما ـ الذي دامت ولايته ستين عامًا ـ كان فترة تدهور اقتصادي هائل سادت فيه المجاعات والخوف والنهب والأمراض. ثم ما لبث الجند أن قفزوا إلى السلطة وتنازعوا فيما بينهم حيث ساندت طائفة منهم بعض أبناء الخلفاء دون آخرين، وبذلك دخلت البلاد في ما يشبه الحرب الأهلية.

    في هذه الأثناء ظهرالصليبيون على حدود الشام واحتلوا القدس والتقوا بالجيش الفاطمي في عسقلان. وكان طبيعيًا والدولة الفاطمية يمزقها الخلاف والتناحر أن ينهزم جيشها وتسقط الشام بكاملها. في ذات الوقت كان السلاجقة لا يزالون يتربصون بها. واستغل ولاة شمالي إفريقيا ما صار إليه حال الدولة فاستقلوا بولاياتهم. إزاء ذلك اهتزت سلطة المركز وتناحر أبناء الخلفاء كلٌ يطلب دعم قوة أجنبية.

    شهدت البلاد في العصر الفاطمي نهضة حضارية عمت مختلف جوانب الحياة. فقد تمَّ بناء الكثير من القصور لتكون مقرًا للخلافة والخلفاء كالقصر الغربي والشرقي وقصر اللؤلؤة في القاهرة. وشيد عدد من الجوامع كان الأزهر الذي افتتح في 361هـ، 971م هو أهمها. وفي فترات الازدهار الفاطمي طُوِّرت أساليب الزراعة فزادت الرقعة المزروعة وشقت الترع. كذلك شهدت البلاد نهضة صناعية شملت صناعة النسيج والمعادن. وازدهرت التجارة مع الحجاز عبر البحر الأحمر حيث أصبح ميناء عيذاب مركزًا تجاريًا مهمًا ونقطة اتصال بين تجارة مصر وتجارة الشرق. أما في مجال الإدارة فقد عرف هيكل الدولة عدة دواوين (وزارات) تتولى كل منها إدارة جانب معين: الجيش، الشرطة، بيت المال، القضاء. كذلك بنى الفاطميون جيشًا قويًا وأسطولاً بحريًا ضاربًا إلى جانب أسطولهم التجاري الذي وصل إلى عدن على البحر الأحمر وصقلية في البحر الأبيض المتوسط. ثم أقاموا الحدائق العامة ورصفوا الشوارع ونظموا الاحتفالات والمهرجانات في المناسبات الدينية. وشهد عهدهم نهضة علمية كبيرة فسرعان ما حولوا الجامع الأزهر الذي انشأوه لنشر تعاليم المذهب الشيعي، إلى جامعة وزودوه بمكتبة هائلة.


    مصر الأيوبية. صلاح الدين الأيوبي هو يوسف بن نجم الدين أيوب الذي استقل آباؤه بولاية حلب ودمشق عن السلاجقة. وحين احتدم الصراع بين ولاة الفاطميين استنجد أحدهم، وهو ضرغام، بالصليبيين لنصرته، بينما طلب الآخر، وهو شاور، دعم نور الدين حاكم دمشق. فأوكل الأخير إلى صلاح الدين وعمه شيركوه قيادة جيش لمناصرة شاور ومنع الصليبيين من احتلال مصر. استطاع صلاح الدين هزيمة الخليفة الفاطمي في معركة القصرين، وبالتالي قضى على آخر الخلفاء الفاطميين.

    كان على صلاح الدين خلال الفترة الأولى من حكمه (565-570هـ، 1169-1174م) أن يقضي على المقاومة الفاطمية التي تمركزت في الصعيد من ناحية، وتجنب إثارة نور الدين حاكم دمشق الذي تتبع له مصر رسميًا من ناحية أخرى. كما كان عليه أن يصمد أمام الغزو الصليبي. سارت الأمور كما تمنى، فقد استطاع القضاء على أعوان الخليفة الفاطمي في الصعيد. وتوفي نور الدين فجأة في دمشق، ففتح الباب أمام صلاح الدين للاستيلاء على دمشق. ثم عرج على الصليبيين وهزمهم في حطين سنة 583هـ، 1187م. وفشلت الحملات الصليبية المتكررة في جلائه عن الشام، حتى كان صلح الرملة عام 588هـ، 1192م الذي انتزع به فلسطين من قبضة الصليبيين.

    توفي صلاح الدين في دمشق عام 589هـ، 1193م وخلفه أخوه العادل الذي سقطت الدلتا في عهده في أيدي الصليبيين. وقام ابنه الكامل بتجهيز جيش لحربهم حيث التقى بهم عند المنصورة في معركة حسمت لصالح الأيوبيين، وعُقد بعدها صلح عام 618هـ، 1221م خرج على أثره الصليبيون من الدلتا. غير أنهم عاودوا الكرة مرة أخرى على فلسطين تحت قيادة الإمبراطور فريدريك الثاني، انتهت أيضًا بعقد صلح. وبعد وفاة الكامل عام 635هـ، 1238م تنازع الملك بعده اثنان من أبنائه وانتهى الأمر بتولي ابنه الصالح أيوب السلطة بمساعدة جنده وجند أبيه من المماليك. وفي عهده قدم لويس التاسع ملك فرنسا بجيش صليبي احتل به دمياط عام 647هـ، 1249م وتقدم في الدلتا. عندئذ توفي الصالح أيوب، إلا أن ابنه توران شاه قدم من العراق وألحق بالصليبيين هزيمة كبيرة بجيش كان جلّه من المماليك. غير أن توران شاه انقلب على المماليك بعد أن حقق النصر. فما كان منهم سوى تدبير قتله وتولية زوجة أبيه شجرة الدر مكانه. وعلى الرغم من أن شجرة الدر أثبتت مقدرة إدارية في بداية حكمها، إلا أن الخليفة المستعصم في بغداد رفض الاعتراف بولايتها، فتنازلت باختيارها عن الحكم لأمير مملوكي يدعى عز الدين التركماني بعد أن تزوجته. ونشأ صراع بين أمراء المماليك في مصر على الولاية، فانتهز الملك الناصر والي الشام تلك الفرصة وزحف على مصر. إلا أن عز الدين التركماني (الذي لقب بالمعز) استطاع هزيمته وضم الشام إلى دولته. ولم تدم ولاية المعز بعد ذلك طويلاً فقد قتل عام 655هـ، 1257م بتدبير شجرة الدر غيرة عليه بعد أن عزم على الزواج من أميرة من الموصل. فتولى الأمر بعده ابنه نور الدين. وفي هذه الأثناء أغار المغول على بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم. عندها قرر القادة السياسيون والعسكريون في مصر خلع نور الدين وتولية الملك المظفر قطز لصد الغزو المغولي. وبالفعل نجح المماليك في هزيمة المغول بقيادة هولاكو، في معركة عين جالوت.


    مصر المملوكية. تنقسم دولة المماليك في مصر إلى فترتين: فترة المماليك البحرية ثم فترة المماليك الشراكسة. أما الأولى فتبدأ بظهور القائد المملوكي بيبرس الذي أدى دورًا في النصر الذي تحقق في عين جالوت. وفي ظل الدور المتعاظم للمماليك في إدارة الدولة، وصل بيبرس إلى الحكم في مصر، وبعث فيها الخلافة العباسية عن طريق تولية أحد أبناء المعتصم خليفة، واعتبر القاهرة مركز الخلافة. ثم عقد بيبرس لابنه سعيد الذي تزوج من ابنة قلاوون، الولاية من بعده.غير أن أسرة قلاوون استطاعت أن تنفرد بالحكم. وحاربت الصليبيين في الشام ومن بعدهم التتار الذين وفدوا من فارس واستولوا على دمشق وفلسطين، فهزمتهم كذلك عام 703هـ، 1303م. وبعد موت الناصر قلاوون دخلت مصر في مرحلة ضعف سياسي وإداري، وعاود المغول تحت إمرة تيمورلنك تهديد الشام حتى استقرت لهم. ومما يجدر ذكره أن فترة المماليك البحرية قد شهدت سقوط حصن عكا الذي كان في أيدي الصليبيين، وبذلك كتبوا نهاية الاحتلال الصليبي للشرق.

    وبمجيء السلطان برقوق دخلت مصر فترة المماليك الشراكسة وقد نجح برقوق في تأمين البلاد وإعادة تنظيمها. ثم خلفه ابنه الناصر فرج الذي أخذ عليه انغماسه في اللهو مما قاد أحد أمراء والده المؤيد أن يستفتي الخليفة في قتله. وبالفعل قتل وعين المؤيد مكانه.

    وصل المؤيد إلى السلطة عام 818هـ، 1415م، فأعاد هيبة الدولة وسلطتها. وخلفه بعض السلاطين كان من بينهم السلطان برسباي الذي أوقف تهديد ملك قبرص للسواحل المصرية. وتولى الحكم بعده السلطان قايتباي المحمودي الذي يعد بحق أحد أهم الحكام الشراكسة. وقد شهدت فترة حكمه الطويلة (33 سنة) استقرارًا سياسيًا إلى جانب حملاته التأديبية ضد الصليبيين في جزر البحر الأبيض المتوسط.

    وفي عهد الملك خشقدم احتدم النزاع بين المماليك والأتراك العثمانيين، واستمر كذلك حتى حسمه العثمانيون لصالحهم بإزالة السلطة المملوكية، وضم مصر للدولة العثمانية عام923هـ، 1517م.

    اشتهرت الفترة المملوكية بجمال منشآتها المعمارية، فقد كان المماليك متأثرين بالعمارة البيزنطية في الشام، فجاءت مبانيهم من قلاع ومساجد وقصور إبداعات فنية في العمارة والنحت. ومن منشآتهم في مصر مسجد الظاهر بيبرس ومسجد قايتباي وقلعة الجبل وقبة قلاوون التي حوت مدفنه. كذلك منارات الإسكندرية ورشيد. واهتم المماليك بالزراعة، وشقوا الترع وبنوا الجسور فشهدت البلاد إنتاجًا وفيرًا في مختلف المحاصيل. كذلك زاد الاهتمام بالتعدين ونهضت صناعة المنسوجات كما نظموا التجارة المحلية بإنشاء الأسواق وتنظيمها. وعقدت المعاهدات التجارية الدولية مع بلاد البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. إلا أن اكتشاف رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا في بداية عهد الاكتشافات حوّل جزءًا من تجارة الشرق إلى ذلك الطريق مما أفقد مصر الكثير مما كانت تجنيه من تلك التجارة بحكم موقعها، الأمر الذي لم تسترده إلا بعد حفر قناة السويس. وكان للمماليك نظام متطور على عهدهم في الولاية، كما طوروا النظام الإداري السائد في مصر، فاستحدثوا وظائف الأمراء لإدارة شؤون الدولة وتخصصت وظائف الأمن في عهدهم وتمَّ تنظيم البريد ونظام القضاء والمظالم.

    اهتم المماليك كذلك ببناء وإنشاء المدارس وعملوا على نشر الثقافة والمعرفة. ويعتقد بعض المؤرخين أن المماليك قد أعادوا للخلافة الإسلامية مجدها وأضفوا على العالم الإسلامي ازدهارًا وهيبة لم يعهدهما منذ زمن طويل.


    مصر العثمانية. فتح محمد الفاتح القسطنطينية عام 857هـ، 1453م وبسط العثمانيون نفوذهم على شرقي البحر الأبيض المتوسط. وعندها كان لابد لهم من الاصطدام بالمماليك الذين كانوا لا يزالون يتمتعون بنفوذ في الشام وبعض جزر البحر الأبيض المتوسط. وكانت لهم كذلك اتصالات مع الصفويين في فارس في محاولة لوقف استفحال الدولة العثمانية الناشئة. وبعد انتصار العثمانيين على الصفويين في المشرق التقوا بالمماليك في معركة مرج دابق في الشام عام 922هـ، 1516م التي كان النصر فيها حليف العثمانيين. تابع العثمانيون تقدمهم جنوبًا إلى فلسطين وسيناء وحاول المماليك الدفاع عن دولتهم إلا أن أسلحة العثمانيين الحديثة كتبت نهاية ذلك الصراع ونهاية دولة المماليك ودخلت مصر حظيرة الدولة العثمانية.

    نصَّب السلطان سليم أحد المماليك واليًا على مصر وجعل بعض أمرائهم حكامًا على المناطق وإداريين للمقاطعات. واستطاع أحد هؤلاء ويدعى علي بك الكبير الذي يعود إلى أصل جورجي، أن يصبح عام1177هـ، 1763م ثاني شخصية في مصر. استغل علي بك انشغال الدولة العثمانية بحربها مع روسيا، فأعلن استقلاله بمصر، ثم مالبث أن أعد حملة أبحرت من السويس إلى ينبع واستولت على الحجاز. بعدها جهز جيشًا غزا به الشام ودخل دمشق غير أن قائده محمد بك أبو الذهب تآمر عليه وعزله عن ولاية مصر وتولّى هو إمارتها.

  4. #84
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    الحملة الفرنسية على مصر
    عند اندلاع الثورة الفرنسية (يوليو 1789م (1204هـ) كانت الإمبراطورية العثمانية المترامية الأطراف تعج بالثورات وتمرد حكام الأقاليم إلى جانب تفشي الفساد وضعف الحكام. اتجه تفكير الفرنسيين بعد أن أرست الثورة الفرنسية قواعدها في مصر لتحكم قبضتها على الطريق التجاري القديم عبر الشرق الأدنى وتشق قناة توصل بين البحرين، الأبيض المتوسط والأحمر. وكانت بريطانيا التي انطلقت منها الثورة الصناعية قد سيطرت على رأس الرجاء الصالح. وما أن خرجت فرنسا من انتصاراتها في أوروبا، حتى أبحر نابليون بجيشه إلى مصر فاستولى على الإسكندرية وزحف نحو القاهرة وهزم المماليك في معركة الأهرامات. غير أن البريطانيين دخلوا معركة بحرية مع الأسطول الفرنسي خلصت إلى تحطيم الأسطول الفرنسي. بقي الفرنسيون في مصر لبعض الوقت حاولوا خلاله أن يؤمنوا بقاءهم فيها، ومحاولة استغلال وجودها كعامل ضغط على القوى الأوروبية الأخرى لكسب أمور في أوروبا هم طرف فيها، فضلاً عن قطع الطريق بين إنجلترا ومستعمراتها في الهند. وحين علم نابليون بأن العثمانيين يعدون جيشًا في الشام لغزو مصر، بادر بمهاجمتهم وقضى على جيشهم ثم عاد إلى فرنسا تاركًا مصر تحت إمرة القائد العسكري كليبر الذي بقي هناك حتى عام 1215هـ، 1800م حيث قتله سليمان الحلبي طعنًا. آلت القيادة بعده إلى الجنرال مينو الذي فشل في إدارة البلاد بسبب قلة درايته بالأمور العسكرية والإدارية لينتهي الأمر بجلاء الفرنسيين عن مصر عام 1216هـ، 1801م بناء على اتفاقية العريش.

    وعلى الرغم من قصر إقامة الفرنسيين في مصر واضطراب تلك الفترة إلا أن آثارها كانت بالغة الأهمية. فقد قام العلماء الفرنسيون بدراسة مفصلة وعلمية نشرت في كتاب وصف مصر وأنشأوا بعض الصحف وكشفوا عديدًا من الآثار، كما ساهموا في كشف نقاط الضعف والخلل في الإدارة العثمانية في مصر.

    بعد جلاء الفرنسيين تنازعت القوى المتحالفة والمكونة من الإنجليز والعثمانيين والمماليك حكم مصر. رأى البريطانيون في نهايته الانسحاب من الصراع لينتهي بتولي محمد علي الحكم في مصر، وكان محمد علي رئيسًا للجند الألبان الذين اشتركوا في الحملة العثمانية القادمة لإخراج الفرنسيين من مصر. ولم يُرض ذلك المماليك بالطبع فتصارع معهم حتى قضى عليهم في مذبحة القلعة عام 1226هـ، 1811م وهرب من نجا منهم إلى شمالي السودان.


    محمد علي يحكم مصر
    في عام 1222هـ، 1807م تعرضت مصر لحملة بريطانية بقيادة فريزر بغرض الضغط على السلطان العثماني لكي لا يعقد أي اتفاق مع الفرنسيين. واستطاعت الحملة أن تنزل الإسكندرية بعد مقاومة محدودة، وتقدمت إلى القاهرة، إلا أنها عندما مرت بمدينة رشيد، فوجئت بهجوم مكثف من السكان الذين استطاعوا ردها. وكان محمد علي قد أرسل كتيبة من الجند للمشاركة في القتال. وبانتصار أهل رشيد، احتسب محمد علي لنفسه ذلك النصر وبسط نفوذه. بعد ذلك أخذ يدعم حكمه بتنظيم الجهاز الإداري بتركيز الأمور في يده. كما أنشأ نظامًا تعليميًا حديثًا لأول مرة في مصر، واستعان بالخبرات الأجنبية في إجراء مختلف الإصلاحات وأرسل أبناء البلاد للتخصص في أوروبا. وأنشأ المدارس الحربية وجلب الخبراء العسكريين من فرنسا لتدريب ضباطه وبنى بحرية عسكرية ومدنية إلى جانب التطور الهائل الذي طرأ على الزراعة باستصلاح مزيد من الأراضي وشق الترع وإقامة السدود. كذلك قاد حركة تطوير للصناعة المحلية تخلى على إثرها من استيراد كثير من السلع من الخارج ونشطت حركة التجارة المحلية والدولية. ثم أخذ يؤسس جيشًا حديثًا لتوطيد حكمه وبناء إمبراطورية عظمى وكان واضحًا أن محمد علي قد جاء ليؤسس مُلكًا لا ليحكم نيابة عن السلطان العثماني.

    أرسل محمد علي جيشًا إلى شبه الجزيرة العربية فاحتل معظم أجزائها، وبعث بجيش آخر ضم به شمال وأواسط السودان إلى دولته، وإن كان قد فقد هناك ابنه إسماعيل الذي أحرقه السودانيون بقيادة المك نمر في منطقة شندي. وبذلك تحقق لمحمد علي حلمه في بناء دولة كبيرة بعيدة عن النفوذ العثماني المباشر. انظر: الدولة السعودية الثانية.

    حكم مصر بعد محمد علي مجموعة من أحفاده، عباس وسعيد وإسماعيل. وقد حاول بعضهم إكمال خطط محمد علي في بناء دولة حديثة، إلا أن أحداثًا كثيرة محلية ودولية اعترضت سبيلهم أحيانًا. كما كان تدخل قناصل الدول العظمى في سياستهم واستبدالهم وإلغائهم أحيانًا لخطط التنمية وتدهور الاقتصاد وتراكم الديون أثرًا في تعطيل تلك المسيرة. ثم كان انسحابهم من الجزء الآسيوي من إمبراطورية محمد علي. وعلى الرغم من تباين مقدرات أولئك الحكام وتباين إنجازاتهم، إلا أنهم التقوا في عدم ولائهم للبلاط العثماني وفي حرصهم على استقلال دولتهم.

    كان أهم مشروع أنجز في مصر في تلك الفترة هو حفر قناة السويس الذي أنجز في عهد الخديوي إسماعيل. قاد حفر القناة إلى إيجاد أقصر طريق بين أوروبا والشرق وبالتالي تدفقت التجارة ورؤوس الأموال عبر ذلك الممر مما انعش مصر اقتصاديًا، وحاول إسماعيل مد حدود مصر جنوبًا وتأمين منابع النيل شريان الحياة في مصر، فاستعان بمستكشفين أجانب وصلوا بحدود دولته، ـ وإن كان من الناحية الاسمية فقط ـ إلى منطقة البحيرات. انظر: قناة السويس.

    وعلى الرغم من أن إسماعيل قاد نهضة حقيقية في مصر، وإليه يرجع الفضل في الكثير من الإنجازات الحضارية التي شهدتها، إلا أن الحفاظ على ذلك الكيان فرض عليه التزامات مالية أفرغت الخزينة واضطرته للاقتراض مما قاد إلى تدخل الدول الدائنة، وإلى عزل إسماعيل نفسه وإدخال البلاد تحت قبضة الدول الغربية.

    وفي عهد توفيق، الذي تولى الخديوية عام 1296هـ، 1879م، واصل الاقتصاد تدهوره وتذمرت القطاعات المصرية في الجيش؛ فاندلعت الثورة العرابية عام1298هـ، 1881م مطالبة بإصلاحات كثيرة، وقوبلت تلك المطالب في البدء بموافقة الخديوي إلا أن المصالح الحيوية للدول الغربية وبخاصة بريطانيا دفعت بها للتدخل واحتلال مصر عام 1299هـ، 1882م. وفي هذه الأثناء اندلعت الثورة المهدية في السودان وسقطت المدن السودانية الواحدة تلو الأخرى في أيدي الثوار. ثم دخلوا العاصمة الخرطوم وقتل حاكمها غوردون عام 1303هـ، 1885م.


    الاحتلال البريطاني لمصر
    بقيت مصر طوال فترة الاحتلال البريطاني تحت سيطرة العثمانيين ينوب عنهم خديوي مصر. وفي ذات الوقت عين البريطانيون معتمدًا لينوب عنهم وأوكلوا له مسؤوليات كبيرة. وكان أول هؤلاء المعتمدين هو اللورد كرومر الذي تولى الأمر عام 1301هـ، 1883م. قام كرومر بتسريح الجيش الذي ساند عرابي وتكوين جيش جديد وعلى أسس جديدة. وكوًَّن مجالس استشارية وأدخل تحسينات على القضاء بإدخال نظام المحاكم الأهلية وأجرى إصلاحات اقتصادية حولت العجز في الميزانية إلى فائض. أثناء ذلك أرسلت بريطانيا حملة بقيادة كتشنر للقضاء على الدولة المهدية. وبالفعل خاضت تلك الحملة عدة معارك انتهت بالقضاء على دولة المهدية عام1317هـ، 1899م.

    خلف توفيق على خديوية مصر ابنه عباس الثاني عام 1310هـ، 1892م ودخل الأخير في صدام مع كرومر امتد إلى إقامة وتشكيل الوزارات. في هذه الأثناء كان الشعور الوطني ينمو باضطراد فبرز الحزب الوطني بقيادة مصطفى كامل واستغل حادثة دنشواي لإلهاب الشعور الوطني. وفي عام 1330هـ، 1911م أصبح كتشنر معتمدًا بدلاً من جروست الذي خلف كرومر. ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى التي كانت فيها تركيا على طرف نقيض مع بريطانيا. إزاء ذلك وضعت مصر تحت الحماية البريطانية وانتهى الدور العثماني فيها وعزل الخديوي وتحولت إدارة مصر بكاملها إلى مندوب سام بريطاني هو مكماهون. ثم تفجرت ثورة1337هـ، 1919م، التي أدى فيها الزعيم الوطني سعد زغلول دورًا بارزًا. وفي عام 1341هـ، 1922م، مُنِحت مصر استقلالاً مقيدًا من بريطانيا، نُصب بعده فؤاد الأول ملكًا على مصر. ودخلت الحركة الوطنية في نزاع مع بريطانيا تكررت خلاله استقالات الحكومات المتعاقبة. وفي عام1355هـ، 1936م توفي الملك فؤاد ليخلفه ابنه فاروق الذي أطاحت به حركة الضباط الأحرار عام1372هـ، 1952م.


    مصر المعاصرة
    كان الجيش المصري أحد الجيوش العربية التي خرجت خاسرة في حرب عام 1368هـ، 1948م. وكانت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية قد شهدت تكوين وإقالة عدد من الوزارات في مصر. وتفاقمت الخلافات بين الأحزاب السياسية فيما بينها من ناحية وساءت علاقتها بالقصر من ناحية أخرى. وعمت المدن المصرية الكبرى مظاهرات وانتفاضات شعبية. وكانت البلاد على حافة انهيار سياسي واقتصادي.

  5. #85
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    ثورة 23 يوليو 1952م 1372هـ. وسط هذا المناخ استولت مجموعة من الضباط على مقاليد الأمور في مصر في 23 يوليو 1952م، 1372هـ. وكان على رأس السلطة يومها الملك فاروق الأول. ألغى العسكريون النظام الملكي وطالبوا الملك بالتنحي في 26 يوليو من نفس العام. وبدأ النظام الجديد الذي تولى اللواء محمد نجيب رئاسته مجموعة من الإصلاحات كان أولها قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر عام 1372هـ، 1952م، والذي ضاعف من عدد الأفراد مالكي الأراضي وقضى على سلطة الملاك الإقطاعيين. ثم صدرت قوانين الاستثمار التي تشجع على استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في مصر. وفي عام 1374هـ، نوفمبر 1954م، أقيل محمد نجيب وتولى جمال عبدالناصر سلطاته بالإنابة حتى انتخب رئيسًا للجمهورية عام 1375هـ، 1956م.

    وفي أبريل عام 1955م، 1374هـ، انعقد في باندونج بإندونيسيا أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز بهدف ضم الدول التي تقف على الحياد من صراع المعسكرين الشرقي والغربي لإيجاد صيغة للتعاون بينها لحل مشاكلها السياسية والاقتصادية، ولاتخاذ مواقف موحدة من الصراع الدولي. وكان لمصر دور بارز في هذا المؤتمر الذي خرج بقرارات قوية وبناءة. وربما كان ذلك المؤتمر بداية لضعف الصلات بينها وبين المعسكر الغربي الذي كانت مصر تحت نفوذه بحكم كونها مستعمرة بريطانية سابقة.

    اتجهت نية القيادة السياسية الجديدة في مصر إلى إعادة بناء جيشها وتسليحه. فطلبت من الغرب بيعها ما تحتاجه من السلاح. إلا أن الغرب رفض ذلك بحكم أن هذا السلاح ربما يوجه يومًا نحو الدولة اليهودية الوليدة التي يحتضنها. ولم يكن أمام القيادة المصرية سوى الاتجاه إلى المعسكر الشرقي، فعقدت في سبتمبر 1955م، 1374هـ صفقة لشراء الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا (السابقة). وكان ذلك فاتحة لعلاقات اقتصادية مع المعسكر الشرقي. فتضاعفت على أثرها الصادرات والواردات من الدول الشرقية وإليها.

    وكانت مصر قد تقدمت من قبل إلى الدول الغربية بتمويل بناء السد العالي. وكانت جدوى المشروع تتلخص في حجز مياه النيل المهدرة في البحر وزيادة الرقعة الزراعية في مصر وإيجاد موازنة بين الزيادة الهائلة في السكان وحاجتهم الغذائية، إلى جانب توليد طاقة كهربائية للمشاريع الصناعية المستقبلية. ورفضت الدول الغربية تمويل المشروع، وسحب البنك الدولي عرضًا كان قد تقدم به للمساهمة في التمويل. عندها قررت مصر بناء السد عن طريق تأميم قناة السويس واستخدام عائداتها في بناء السد.


    عبد الناصر والصدام مع الغرب. وفي 26 يوليو 1956م، 1375هـ، أعلن جمال عبدالناصر في الإسكندرية تأميم شركة قناة السويس وحل كل المؤسسات القائمة على إدارتها. وكان الهدف من التأميم هو استخدام إيرادات القناة للمساهمة في تمويل السد ثم إثبات حق مصر في السيادة الوطنية على القناة. غير أن بريطانيا وفرنسا رفضتا قرار التأميم، وقامتا بتجميد الأرصدة المصرية في المصارف الغربية. واستغلتا انشغال الولايات المتحدة بانتخابات الرئاسة والتفات الاتحاد السوفييتي لإخماد ثورة في المجر. وبتنسيق مع إسرائيل وقع العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر 1956م، 1376هـ حيث هاجمت القوات الإسرائيلية سيناء واتجهت نحو القناة. وبدعوى حماية القناة تمَّ إنزال عسكري فرنسي بريطاني تصحبه ضربات جوية على المدن المصرية. ووجه السوفييت في 5 نوفمبر إنذارًا للدول الثلاث بضرورة وقف العدوان والانسحاب وإلا فإن السوفييت مصممون على سحقه وإعادة السلام إلى المنطقة. بعده أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بوقف إطلاق النار بعد أن حال حق بريطانيا وفرنسا في النقض من استصدار قرار من مجلس الأمن. وتوقف القتال في 7 نوفمبر 1956م، 1376هـ.

    في هذه الأثناء كانت الثورة الجزائرية تستعر ضد الاستعمار الفرنسي، وكانت مصر سندًا قويًا لها. ورفضت مصر عدة مشاريع غربية كمشروع أيزنهاور ومن قبله حلف بغداد. وفي فبراير 1958م، 1378هـ قرر مجلس النواب السوري، بعد إجراء مشاورات، إقامة اتحاد فيدرالي مع مصر. فأعلنت الوحدة بين سوريا ومصر، وقامت الجمهورية العربية المتحدة. وفي يوليو 1958م، 1378هـ استولى الجيش على السلطة في العراق، مما قاد إلى تقارب بين القاهرة وبغداد. وكان رد الفعل الغربي تجاه هذه التطورات وتطورات أخرى في المنطقة، أن تمَّ إنزال أمريكي في لبنان وآخر بريطاني في الأردن. ثم وقع انقلاب في سوريا في سبتمبر 1961م، 1381 أدَّى إلى انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة.

    وفي عام 1967م ازدادت التحرشات الإسرائيلية لسوريا. وإزاء هذه التحرشات أغلقت مصر القناة في وجه الملاحة الإسرائيلية عام 1387هـ، 1967م. وفي 5 يونيو من ذات العام وقع العدوان الإسرائيلي على مصر. إلا أن مصير المعركة كان محسومًا منذ بدايتها بعد أن ضُرِب سلاح الجو المصري في الساعات الأولى من القتال وانسحب الجيش المصري من سيناء إلى غرب القناة.


    حرب رمضان 1393هـ، أكتوبر 1973م. دخلت مصر في السنوات التالية في محاولة لإعادة تسليح جيشها، ودخلت حرب استنزاف مع إسرائيل استعدادًًا لمعركة تحرير سيناء. وقد دامت هذه الحرب أكثر من عامين ونصف، فتقدمت على أثرها أمريكا بمبادرة روجرز في يوليو عام 1390هـ، 1970م اقترحت فيها على مصر وقف الحرب وبدء مفاوضات سلام. وفي سبتمبر 1970م، 1390هـ توفي الرئيس جمال عبدالناصر فجأة في نهاية مؤتمر قمة عربي عقد لوقف القتال بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية. وجاء محمد أنور السادات الذي كان قد عين في سبتمبر 1968م، 1388هـ نائبا لرئيس الجمهورية ليخلف عبدالناصر. وتمَّ انتخابه رئيسًا للجمهورية في أكتوبر 1970م، 1390هـ.

    بعد فشل مبادرة روجزر وكل المشاريع السلمية التي طرحت في المنطقة لحل الصراع العربي الإسرائيلي عن طريق المفاوضات قررت مصر وسوريا استخدام الضغط العسكري على إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. اندفعت قوات ضاربة من الجيش المصري ظهر يوم السبت العاشر من رمضان 1393هـ، السادس من أكتوبر 1973م فعبرت القناة وحطّمت خط بارليف الحصين وبنى رؤوس جسور عبرت عليها المدرعات والدبابات وتقدمت بعد ست ساعات فقط لتستعيد جزءًًا كبيرًا من أرض سيناء التي غابت عنه نحو ست سنوات. ورغم أن بعض القوات الإسرائيلية استطاعت أن تعبر إلى شرق القناة خلال ثغرة الدفرسوار إلا أن المعركة كانت في مجملها نصرًا لمصر. وعلى الجانب السوري من الجبهة كانت قطاعات باسلة من الجيش السوري قد استطاعت أن تخترق الاستحكامات العسكرية للعدوان لتستعيد أجزاء من مرتفعات الجولان السورية.


    معاهدة كامب ديفيد. دخلت مصر خلال فترة حكم السادات في سياسة انفتاح اقتصادي، ثم لبى السادات دعوة إسرائيلية لزيارة القدس. وبدأ مرحلة تطبيع للعلاقات مع إسرائيل بعد أن وقع معها اتفاقية كامب ديفيد. أثار ذلك الحدث ردود فعل سيئة في معظم الدول العربية والإسلامية مما قاد إلى قطع تلك الدول علاقاتها مع مصر، وعُلقت عضوية مصر في تلك المنظمات. وفي 6 أكتوبر 1981م (1401هـ) قامت مجموعة من ضباط الجيش باغتيال السادات وهو يشارك في الاحتفالات بذكرى العبور، وكان قد ألقى في السجون خلال شهر سبتمبر عام 1981م، 1401هـ نحو 5,000 مصري منهم العشرات من المفكرين والكتاب والسياسيين.

    تولى محمد حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية وقتها، مقاليد الأمور. وقد شهد عهده تنفيذ المرحلة الثالثة من اتفاقية كامب ديفيد بإتمام انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء. وقد حرص الرئيس حسني مبارك الذي جددت رئاسته لفترة ثالثة في استفتاء عام 1993م، ولفترة رابعة عام 1999م، على تحسين علاقات مصر بالدول العربية والعمل على أن تقوم بدورها المهم الذي يوجبه وضعها العربي والإسلامي.

    أدت مصر دورًا مؤثرًا في المفاوضات العربية الإسرائيلية التي كان نتيجتها توقيع اتفاق الحكم الذاتي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أسهمت في إعداد الكوادر الفلسطينية التي تقوم بإدارة شؤون الحكم الذاتي في غزة وأريحا. استضافت القاهرة مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي عقد في نوفمبر 2000م، لنصرة انتفاضة المسجد الأقصى التي قدمت مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

  6. #86
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحبووووب
    مجهود جبار الله يعطيك الصحة والعافية
    الله يعافيك

  7. #87
    عضو
    رقم العضوية
    9517
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    485
    جزاك الله خيرا
    عامل الناس كما تحب أن يعاملوك

  8. #88
    عضو مؤسس الصورة الرمزية abo rashid
    رقم العضوية
    1871
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    my home
    المشاركات
    24,240
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن33
    جزاك الله خيرا
    و ياك اخوي

صفحة 9 من 9 الأولىالأولى ... 789

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •