السبيعي: نظام "صحة" يمثل ثقباً في خزانة الدولة ويستنزف مواردها المالية
بوابة الشرق - 26/04/2015

أكد السيد خليفة تركي السبيعي ــ الرئيس التنفيذي لمجموعة قطر للتأمين ان شركات التأمين في السوق القطري قامت ببناء إحتياطات مالية تمكنها من تحمل نفقات العلاج الطبي لعدد كبير من المنتفعين وإستيعاب أي خسائر محتملة جراء زيادة تلك النفقات عن الأقساط المدفوعة، هذا بالإضافة إلى مشاركة معيدي التأمين في جميع أنحاء العالم في تحمل تلك الخسائر وبالتالي تتوزع الخسائر في النهاية على أكثر من جهة محلية ودولية

320 الف المستفيدين من نظام التأمين الصحي بينما كان يفترض أن يصل الى 1.7 مليون الشهر الماضي .. مشاركة القطاع الخاص يرفع عن كاهل الدولة جزء كبير من نفقات التمويل

مشيرا الي ان نظام الضمان الصحي الحالي يفتقر للقواعد التأمينية الأساسية ويعمل خارج المنظومة الدولية والمعايير العالمية ويحمل ميزانية الدولة "وحدها" أي خسائر مادية محتملة وبدون أي مشاركة من أي جهة في تحمل تلك الخسائر ، لافتا الي أن نظام "صحة" يمثل ثقباً في خزانة الدولة يستنزف مواردها المالية ويزيد من نفقاتها على خدمات كان يمكن تقديمها بطريقة أفضل وجودة أعلى.

واضاف السبيعي في رده علي ما اثير مؤخر علي المستوي الاعلامي، بخصوص التأمين الصحي أن نظام التأمين الصحي يمس أطرافاً عديدة يعنيهم كفاءة النظام وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة منه في ظل الرؤية المستقبلية للبلاد، مشيرا الي ان شركات تأمين القطاع الخاص لها العديد من الاعتراضات على هذا النظام فمن المعلوم للجميع أننا نشجع دائماً أي حوار يناقش المشاكل والرؤى المستقبلية للموضوعات التي تخص المواطنين.

وبخصوص ما قاله الدكتور فالح حسين المدير التنفيذي بالوكالة للشركة الوطنية للتأمين الصحي بأن شكوى شركات التأمين غير دقيقة لأن أول شيء تم عمله هو إدخال هذه الشركات في مناقصة ليكونوا شركاء في النظام الجديد تحت مسمى (إداري مطالبات)، قال السبيعي انه تم دعوة شركات التأمين الوطنية للدخول في مناقصة ليست من صميم اختصاصاتهم ، فالمجلس الأعلى للصحة يعلم تمام العلم بأنه لم يكن يوجد وقتها في السوق القطري غير شركة وطنية واحدة تقوم بإدارة مطالباتها وهي شركة "QLM" وهي إحدى شركات قطر للتأمين التابعة ـ ومسجلة

في مركز قطر للمال ومتخصصة في تأمينات الحياة والتأمين الصحي فقط ـ أما باقي شركات التأمين الوطنية فإنها تقوم باستخدام شركة أجنبية لإدارة مطالبات التأمين الصحي خاصتها "Third Party Administrator" وهذا ليس انتقاصاً من قدرات شركات التأمين الوطنية الأخرى ولكنها السياسة التي تتبعها غالبية الشركات التي تمارس التأمين الصحي بجانب أنواع التأمين الأخرى للتقليل من أعبائها المالية والإدارية، ومن المعلوم أن عمل شركات التأمين في جوهره يقوم على تحمل مخاطر نفقات العلاج الطبي وتمويل تلك النفقات في مقابل أقساط تأمينية يدفعها المنتفعون، وتعتبر إدارة المطالبات جزء تكميلي لعمل تلك الشركات تقوم به أو توكله لشركات متخصصة في إدارة المطالبات.

وعلى مدار عقود طويلة، قامت شركات التأمين في السوق القطري ببناء إحتياطات مالية تمكنها من تحمل نفقات العلاج الطبي لعدد كبير من المنتفعين وإستيعاب أي خسائر محتملة جراء زيادة تلك النفقات عن الأقساط المدفوعة، هذا بالإضافة إلى مشاركة معيدي التأمين في جميع أنحاء العالم في تحمل تلك الخسائر وبالتالي تتوزع الخسائر في النهاية على أكثر من جهة محلية ودولية.

وللأسف، فإن نظام الضمان الصحي الحالي يفتقر للقواعد التأمينية الأساسية ويعمل خارج المنظومة الدولية والمعايير العالمية ويحمل ميزانية الدولة "وحدها" أي خسائر مادية محتملة وبدون أي مشاركة من أي جهة في تحمل تلك الخسائر.

وفي رده علي سؤال عن اسباب عدم فوز شركة "QLM" بالمناقصة ؟؟ ، قال السبيعي ان ذلك يُرجع إلى المجلس الأعلى للصحة ــ فمنذ تقديم المناقصة في موعدها لم يطلب من "QLM" إجراء أي مناقشة حول العرض المالي أو الفني المقدم سواء من المجلس الأعلى للصحة أو من مستشاريهم، وهذا الموضوع إكتنفه الكثير من الغموض مما يجعلنا نطالب بفتح تحقيق موسع حول أسباب إستبعاد قطر للتأمين من مناقشة العرض المقدم منها، وفي تصوري أن العرض رُفض لأحد سببين ــ الأول أنه أُرفق مع العرض المقدم عرض بديل نقترح فيه إعادة دراسة كيفية تطبيق نظام التأمين الصحي بصورة أشمل لتفادي ما نراه (من وجهة نظرنا) من تأثيرات سلبية على غالبية الأطراف ــ والسبب الثاني المحتمل لرفض العرض المقدم هو أن التكلفة الموضوعة من QLM كانت مرتبطة تماماً بتواريخ وأعداد المراحل الخمسة الواردة في المناقصة والتي تمتد خلال الفترة من نوفمبر 2012م وحتى أكتوبر 2015م والتي ثبت عدم دقتها ــ فالمفترض طبقاً للجداول المرفقة مع المناقصة أن يكون عدد المستفيدين بالنظام ابتداءً من مارس 2015م وهو 1.700.000 مستفيذ ولكن عملياً فإن عدد المستفيدين حتى الآن لا يتجاوز عددهم 320.000 فقط

س : ولكن شركة صحة تعطي حزمة الخدمات الأساسية وتترك الخدمات الإضافية لشركات تأمين القطاع الخاص ؟
جـ : المشكلة ليست في الخدمال الأساسية أو الخدمات الإضافية ـ المشكلة في أن المنتفع بالتأمين لديه جهتين مختلفتين للتعامل معهما فيما يختص بوضعه الصحي 0 لماذا لا يتم تبسيط الأمور بدلاً من تعقيدها ؟؟
إن الوضع الأمثل كما ذكرنا من قبل عشرات بل مئات المرات هو أن يضع المجلس الأعلى للصحة حزمة أساسية يجب أن تشملها أي وثيقة تأمين صحي تصدرها شركات التأمين ـ ويضاف إليها ما يتم الاتفاق عليه بين شركة التأمين والمنتفع منه .

إستمرار النظام الحالي يؤدي في النهاية لإندثار قطاع التأمين الصحي الخاص.. النظام ضخم نفقات العلاج الطبي وحمَل خزانة الدولة مبالغ طائلة وكبد الشركات خسائر كبيرة

س: ماهي أهم سلبيات نظام التأمين الصحي الحالي في وجهة نظرك؟
إن تطبيق نظام التأمين الصحي بصيغته الحالية على المقيمين يضعنا أمام خيارين كلاهما مر، إما إلقاء جزء كبير من عبء التمويل الصحي على كاهل الدولة وتحملها وحدها لأي خسائر مادية، أو زيادة أقساط التأمين المدفوعة من قبل المؤسسات والشركات لتغطية النفقات الباهظة المتوقعة عند التأمين على المقيمين.

إن قيام قطاع التأمين الطبي الخاص بالمشاركة في إدارة وتمويل التأمين الصحي وتحمل أي خسائر قد تنتج من تطبيقه يرفع عن كاهل الدولة جزء كبير من نفقات التمويل ويضمن في نفس الوقت تقليص أقساط التأمين المدفوعة من قبل الشركات والمؤسسات العاملة في الدولة إلى أدنى حد ممكن.

كما أن إستمرار النظام الحالي سوف يؤدي في النهاية إلى إندثار قطاع التأمين الصحي الخاص وما يتبع ذلك من أثار سلبية مباشرة على مصالح المستثمرين وأضرار مالية كبيرة للمساهمين.

ومن الجدير بالذكر أنَ تسعير الخدمات الطبية المقدمة لمنتفعي نظام "صحة" بُني على دراسات قامت بإعدادها شركات أجنبية تفتقر لخبرة السوق القطري مما أدى الى تضخم نفقات العلاج الطبي بشكل غير مسبوق وحمَل خزانة الدولة مبالغ طائلة كان يمكن توفيرها والإستفادة منها في تطوير المرافق الصحية القائمة أو بناء مرافق جديدة، كما كبد شركات التأمين خسائر مالية ضخمة نتيجة التضخم الزائف في نفقات العلاج الطبي على مستوى الدولة.

وعلى العكس من ذلك، فقد قامت شركات التأمين على مدار العقود الماضية نتيجة لخبرتها الكبيرة والمتراكمة في السوق المحلي بدوراً محورياً في الحفاظ على أسعار معقولة للخدمات الطبية وكبح جماح أي زيادة غير منطقية في الاسعار لتزداد بنسب تتماشى مع المتغيرات السوقية والزمنية.

أضف إلى ذلك، قيام الشركات والمؤسسات العامة والخاصة مع وجود نظام "صحة" بالغاء وثائق التأمين الطبي على المواطنين والصادرة من شركات التأمين الخاصة والتي تشمل تغطية كلفة النفقات الطبية داخل وخارج الدولة، وحيث أن "صحة" تغطي نفقات العلاج داخل الدولة فقط، شكلت هذه الالغاءات عبئاً اضافيا على ميزانية الدولة والمواطن لتحمل نفقات العلاج بالخارج.

ومن ناحية أخرى، يتيح نظام "صحة" حرية اختيار مزودي الخدمة من بين مختلف مزودي الرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص وذلك حسب احتياجات المنتفعين ورغباتهم، ولكنه في نفس الوقت يحتكر تقديم الخدمات التأمينية في نموذج إحتكاري يتمتع بكل سلبيات "الاحتكار" و التي يتعاظم تأثيرها خاصة عندما يتعلق الأمر بصحة المواطنين و المقيمين في الدولة.

أيضاَ، دفعت الأوضاع الجديدة التي أفرزها نظام "صحة" نتيجة الضغط الكبير في زيارات المنتفعين للعيادات الخارجية مزودي الخدمة إلى التركيز على نوعية معينة من الأطباء والتخصصات وتقليص التعاقد مع أطباء الإختصاصات المتطورة والنادرة، وسيؤدي هذا في المستقبل القريب الى تدني جودة الخدمات الطبية المقدمة وتلاشي التنافس بين مزودي الخدمة في تقديم خدمات تتمتع بجودة عالية مما سيدفع المرضى للسفر لتلقي العلاج بالخارج وهذا بدوره سيرهق ميزانية الدولة والمواطن وسيتعارض مع الرؤية الاستراتيجية لدولة قطر في جعلها مركز جذب اقليمي للخدمات الطبية المتطورة وخدمات السياحة العلاجية.

كما قام المجلس الأعلى للصحة بإسناد إدارة المطالبات وتسوية التعويضات خلال السنوات القادمة لشركة أجنبية مما يعني أن كافة البيانات الصحية للدولة والمواطنين سوف تكون في متناول العديد من الأطراف الأجنبية والتي يصعب حصرها أو ملاحقتها وفي هذا تهديد مباشر يمس الأمن الوطني القطري.

مما سبق، يتضح جلياَ أن نظام "صحة" يمثل ثقباً في خزانة الدولة يستنزف مواردها المالية ويزيد من نفقاتها على خدمات كان يمكن تقديمها بطريقة أفضل وجودة أعلى.

س : يبدو أنك غير موافق بالكامل على نظام التأمين الصحي ؟
جـ : على العكس تماماً ــ إن فكرة الضمان الصحي الاجتماعي هي أحد أفضل الخدمات التي تقدمها الدولة لسكان دولة قطر من مواطنين ومقيمين على أرضها الطيبة ــ وقد صدر القانون الخاص بها ليعبر عن اهتمام الدولة ورغبتها الصادقة في توفير الرعاية الصحية المناسبة للجميع ـ ولكن ما أعترض عليه هو تدخل المجلس الأعلى للصحة في أعمال إدارية بحتة هناك العديد من شركات التأمين في القطاع الخاص مؤهلين للقيام بها بكفاءة واقتدار ـ لقد بدأ تنفيذ قانون الضمان الصحي في أوائل عام 2013م ومن قبلها يعلم الله عدة سنوات في الدراسة وحتى الآن ــ وبالرغم من مرور حوالي عامين على تنفيذه فإن شركة "صحة" لم تتمكن حتى الآن من حصر التكلفة حتى يمكنها تقدير سعر التأمين ــ ولم تستطع حتى الآن من إنهاء حزمة العلاج الأساسية للمواطنين ولا للمقيمين ، ولم تتمكن من تقييم المرحلة المنتهية من تطبيق النظام ، كما أن إصرار المجلس الأعلى للصحة على التدخل في إصدار وثائق التأمين وتسوية التعويضات هو أمر غير مفهوم تماماً ــ فالمجلس الأعلى للصحة هو جهة حكومية تشرف وتراقب وتتابع الخدمات الصحية بالدولة في القطاعين الخاص والعام وتتأكد من جودتها ومناسبة أسعارها وتقدم مقترحاتها بشأن الحزم الأساسية في التأمين ـ وتفصل في الجوانب الفنية لمشاكل النظام ـ وبالقطع فإنه ليس مطلوباً منها أن تكون مقدم خدمات تأمين ـ إن "صحة" حتى الآن لم تستطيع احتساب قيمة قسط التأمين ـ أي أنها لم تصدر إلى الآن وثيقة واحدة

النظام سيسبب تدني جودة الخدمات الطبية المقدمة وتلاشي التنافس بين مزودي الخدمة.. "صحة" لم تستطيع احتساب قيمة قسط التأمين حتى الآن.. لابد من مراجعة النظام وترك القطاع الخاص يؤدي دوره في تقديم الخدمات التأمينية

وتُوكل مهمة مراجعة التعويضات إلى شركات خارجية (إداري مطالبات) فما هو العمل الذي تقوم به بالضبط ولا يمكن أن يقوم به المجلس الأعلى للصحة وشركات تأمين القطاع الخاص ؟؟ أعتقد أن الأمر بأكمله يحتاج إلى مراجعة متأنية لوضع الأمور في نصابها وتنفيذ أهداف الدولة ورؤيتها المستقبلية بصورة أكثر إيجابية ـ في رأيي بالنسبة للقطاع الصحي أن دور المؤسسات والجهات الحكومية هو الإشراف والرقابة على مقدمي الخدمات الصحية والتأكد من وصول هذه الخدمات إلى المواطنين والمقيمين بالمستوى اللائق ـ وعليها أن تترك القطاع الخاص يؤدي دوره في تقديم الخدمات التأمينية بصورة إحترافية توفرها له الخبرات المتراكمة لديه على مدى سنوات كثيرة بمنافسة حرة وعادلة حتى يتابع مساهمته كشريك رئيسي في تنمية البلاد.