بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالله،عز وجل،حينما خلق آدم في الجنة،وخلق زوجه حواء خاطبه بقوله،جل وعلا(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى،وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)طـه،
فكان لباس آدم وحواء،عليهما السلام،من ثياب الجنة وزينتها، فلما أكلا من الشجرة انزاحت عنهما تلك الألبسة من الثياب وبدت العورات،
ويضعان ذلك ستراً لعوراتهما كما قال الله،عز وجل(فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ)الأعراف،
فهذه المبادرة السريعة من آدم وحواء إلى تغطية العورة التي انكشفت بسبب الأكل من الشجرة تدل على أن ستر العورات أمر فطري مغروز في كيان الإنسان وهو من صميم فطرته، كما أن ذلك يدل على أن التعري والتكشف خلاف الفطرة، وأنه يدل على نقص الحياء،وأن التعري إنما هو من عمل الشيطان وتزيينه كما قال الله،عز وجل(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)الأعراف،
فالشيطان حسدهما، وسعى في المكر والوسوسة والخديعة ليسلبهما ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن،
والله،عزَّ وجل،يقول مخاطباً بني آدم(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا)الأعراف،
فإبليس يعمل جاهداً لتعرية هذا الإنسان، ومن أجل كشف سوءته،
فاللباس زينة للإنسان،وهو ستر لعورته الجسدية،
وأولائك الذين يحاولون تعرية الجسد من اللباس وتعرية النفس من التقوى والحياء إنما يعملون على سلب الإنسان فطرته، وأنهم يريدون إسلامك إلى عدوك إبليس الذي كان سبباً لتنزع لباسك،
ويكفي في بيان أن قضية التعري من أمور الجاهلية أن الله،عزَّ وجل،نهى أمهات المؤمنين عن ذلك بقوله(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)الأحزاب،
قال عبد الرحمن بن أسلم،رحمه الله،في قوله تعالى(وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ)يتقي الله فيواري عورته فذاك لباس التقوى،
فإذا رُزق العبد لباس التقوى واستقامت فطرته صار العري في عينه قبحاً، فاكتسى جسده بما يستر العورات،ومن قلَّت التقوى في قلبه قلَّ حياؤه وانتكست فطرته،فيتوهموا أن التحضر بنزع اللباس، وأن المرأة المحتشمة بلباس العفاف هي إمرأة متخلفة تقليدية،
وبهذا نعلم أن ستر الجسد،إنما هو دين وتُقى وعفاف وشرف، وحياء وفطرة، وشريعة إلهية تميز الإنسان عن غيره،
إن قضية اللباس وستر العورات،أمره الله للمحافظة على العفاف والحشمة،وهذا يكون سداً بإذن الله،عز وجل،لأكبر أبواب الفواحش والموبقات،
وحفظاً للمجتمع من الانحلال،وبهذا تكون هذه الشريعة هي النظام الوحيد الذي يحمل للبشر قيماً ومبادئ حيوية قويمة،تحول دون تفشي الفاحشة،وتصون الأعراض والأخلاق،والتعري مفتاح الشر والفساد،
ومن أسباب التعري الذي انتشر في أوساط النساء،

أولاً أنت أيها الولي حينما تفرط،وتقل الغيرة عندك،فيسمح لموليته أن تذهب بهذه الألبسة وتخرج بها فإن ذلك أمر يعد من الإخلال بالواجب، ومن التضييع للرعية الذين استرعاك الله،عز وجل،إياهم،
وكذلك ضعف قوامة الرجال في البيوت بحيث صارت النساء في كثير من الأحيان يدبرن أمورهن ويلبسن ما شئن، ويذهبن حيث شئن،
وهكذا حينما ينشغل الرجل بأموره الخاصة ويُعرض عن هؤلاء البنات والزوجات، ولا يدري ماذا يلبسون، وإلى أين يتوجهون، كل ذلك من أسباب انتشار هذا الفساد،
ثانياً،ضعف الإيمان،وضعف الوازع الديني لدى بعض النساء،ولذلك تجد كثيراً من هؤلاء النساء ليس لديها أصلاً الرغبة في معرفة الحكم الشرعي،
وإنما هي تريد أن تلبس ما شاءت،
ثالثاً،القنوات الفضائية والمجلات الهابطة التي يتربى عليها كثير من النساء،
وهكذا دور الأزياء وما يجري في داخلها من العبث،حيث تصمم ما شاءت،وتفصل ما شاءت، وتقترح على النساء الموضات وألوان الألبسة،
رابعاً،الإلغاء التام للتفكير والعقل الذي أكرمنا الله،عز وجل،به، فكثير من الناس لا يفكر بعقله وإنما يفكر بعقول الآخرين،فهو يفعل فعلهم، ماذا يلبسون،ماذا يعجبهم،ما الذي يناسبهم،الموضة هذه الأيام كذا، الناس هذه الأيام يحبون كذا،فتلبس ذلك ولو كان ذلك قبيحاً،ويتباهين بذلك وهي في غاية القبح،
وهكذا كثير من الناس يقعون فيما لا يليق في أمور اللباس، وكل ذلك بسبب التفكير بعقول الآخرين،ومن ذلك أيضاً حرص النساء على الموضة والرغبة في شراء كل جديد،حيث يظن كثير من الناس أن التقدم والتمدن والرقي والحضارة لا يكون إلا بتعرية الأجساد،
مخاطر التعري في اللباس،دخولها في الوعيد الذي توعد به الرسول صلى الله عليه وسلم،هذا الصنف من النساء،وهو قوله( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)والكاسية العارية هي التي تلبس ملابس لاتسترها إما لأنها شفافة,او قصيرة,أو ضيقة تبرز أعضاء الجسم،
تعريض نفسها للطرد من رحمة الله تعالى,قال عليه الصلاة والسلام (الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ ) أي المتبرجات،حسنه الألباني ،
أن هذا اللبس دليل على قلة الحياء وضعف الدين,والحياء والدين متلازمان, جاء في الحديث (إن الله عز وجل حليم حيي ستير يحب الحياء والستر،فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)صححه الألباني،
التشبه بالفاسقات والمنحرفات,وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم(من تشبه بقوم فهو منهم ) فالمرأة التي تلبس هذا اللباس بدل أن تحتشم وتتشبه بالصالحات في لباسهن,ذهبت لتتشبه بصاحبات الفسق والفجور,فمن ترضى لنفسها هذه المهانة والذلة،
أن صاحبة هذا اللباس عاصية لله مطيعة للشيطان،لأن الله تعالى أمر بالستر,وهي تتكشف,والشيطان يأمر بالتعري,وقد أطاعته,

اللهم احفظنا من كيد الشياطين ،واسترنا في الدنيا والاخرة بسترك يارب العالمين .