علماء الأزهر: المنتحر باسم الدين ليس مسلما ولا جهاد إلا دفاعا عن الوطن والدين والأرض والعرض
حذروا من الخلط الشرعي بين الانتحار والاستشهاد
القاهرة: محمد خليل
اتفق علماء أزهريون على وجود خلط بين الانتحار والاستشهاد من أجل الدفاع عن الدين والوطن، مؤكدين أن الشريعة الإسلامية حرمت الانتحار وأكدت أن مصير المنتحرين إلى النار.
وأوضح العلماء أن من يقومون بعمليات انتحارية تحت شعار الدين ليسوا بمسلمين وإنما هم أناس باعوا أنفسهم للشيطان ولم يفقهوا أحكام الإسلام التي حرمت قتل النفس إلا بالحق.
ويؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان، مقرر لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، عميد كلية الشريعة والقانون السابق، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك فرقا بين الجهاد والإرهاب، وبين الاستشهاد والانتحار، وأن كثيرا من حديثي السن لا يفهمون أحكام الإسلام جيدا حول معنى الجهاد فيخلطون بين الاستشهاد والانتحار، فالشخص الذي يقوم بتفجير نفسه بين الآمنين هو إنسان آثم مرتكب لعدة جرائم أولاها جريمة الانتحار (قتله لنفسه) فمن المعلوم من الدين بالضرورة أن قتل الإنسان لنفسه أو لغيره حرام بالإجماع.
وقتل النفس من أكبر الكبائر وتلي الشرك بالله، فالله تعالى يقول «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما».
ويتابع الدكتور عثمان قائلا: والجريمة الثانية التي يرتكبها المنتحر هي قتله للآخرين، فهو يسعى لهدف سياسي وليس ديني، فهناك من يقوم بتفجير نفسه ضد الحاكم فيقتل في المكان الذي فجر نفسه فيه كثيرا من الأرواح البريئة التي حرم الله قتلها إلا بالحق بالإضافة على إتلاف الممتلكات العامة والخاصة.
ويضيف أن الانتحار أو العمليات الانتحارية التي يقوم بها الذين لديهم أهداف سياسية حولوها إلى عقيدة دينية يضحون من أجلها بالنفس ليسوا بشهداء بل منتحرون توعدهم الله بالعذاب في الآخرة لأن الشهيد بينت أحكامه الشريعة الإسلامية، فهو الشخص الذي يقاتل العدو ويعرض نفسه للقتل بين العدو دفاعا عن دينه ووطنه وعرضه وأرضه، وهذا مشروع في الإسلام، فإذا مات على هذا الحال فهو شهيد.
ويضيف د. عثمان أن الذين يقومون بعمليات استشهادية ضد العدو ومغتصب الأرض ومحتل الأوطان هم شهداء.
أما الدكتور عبد الحكم الصعيدي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، فيقول إن الإسلام حدد مفهوم الجهاد ووضع له شروطا حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما نرى الآن، فالجهاد في الإسلام مشروع لأهداف سامية أهمها رد العدوان عن النفس والوطن والدفاع عن الدين والأرض والعرض.
ويضيف د. الصعيدي قائلا: من أفضل أنواع الجود أن يجود الإنسان بنفسه وهذا دعت إليه الشريعة الإسلامية ألا يقف الناس مكتوفي الأيدي أمام الاعتداء على الوطن أو الدين.
ويتابع د. الصعيدي قائلا: إذا كانت هذه الأمور قد نيطت بالجهاد، وهو أساسها، فقد نشأت في الآونة الأخيرة أنواع أخرى من أجلها يجود الإنسان بنفسه كالتعبير عن ظلم وقع على الإنسان في احتلال أرض، أو الحيلولة دون حصوله على حقه في الحياة، أو ما يعانيه من اضطهاد وظلم في بلده، وهو ما يعبر عنه بالانتحار، لأن هذه الأمور قد يكون فيها لون من ألوان الاختيار كأن يلقي الإنسان بنفسه على أعدائه فيكون من نتيجة ذلك أن تزهق روحه. وهذه المفاهيم المستحدثة اختلطت فيها الأغراض والدوافع وبالتالي فإذا ما أردنا أن نعرف وجه الصواب فيها وحكمها فإننا نرجعها إلى الأصل، فما كان منها دفاعا عن أرض أو عرض أو نفس أو رد ظلم أو عدوان أو دفاع عن الكليات الخمس، التي أشارت إليها الشريعة الإسلامية واعتبرتها مقاصدها، فلا شك في أن هذا اللون هو من ألوان الاستشهاد ويعتبر جهادا شرعيا.
ويتابع د. الصعيدي قائلا: أما ما كان منها بعيدا عن هذا الهدف فإنه يعتبر لونا من ألوان الانتحار التي يقدم عليها بعض الناس نتيجة لأسباب غير مفهومة، وقد يحدث خلط بين هذين الأمرين فلا يستبين وجه الصواب فيهما.
ومن جانبه يؤكد الدكتور عبد العظيم المطعني، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، أستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر، حرمة قتل الإنسان لنفسه من أجل هدف دنيوي، مشيرا إلى أن من يفجر نفسه في مجتمع به آمنون وحتى ولو كان في بلد محتل ليس بشهيد، وأضاف أن الاستشهاد هو أن يستشهد المسلم في أرض المعركة في مواجهة العدو حتى ولو قام بتفجير نفسه في جنود العدو فهنا يكون تفجير الإنسان لنفسه في جنود وقوات العدو من أجل الدفاع عن الدين والوطن أي لهدف مشروع استشهادا. أما الذين يفجرون أنفسهم من أجل اليأس والإحباط فهؤلاء يائسون منتحرون.