جواد محمود مصطفى :
فاجعة جديدة تسجل في تاريخ الصهاينة
المتخم بالجرائم ضد الشعب الفلسطيني،
ليس بسبب سن الضحية، وهو الطفل الرضيع
محمد الدوابشة، الجمعة، ويبلغ من العمر
عاما ونصفا وجرح ثلاثة آخرين من عائلته
بعد إحراق بيتهم في كفر دوما جنوب نابلس،
بل لأنها كشفت عن فلسطينيين عزل لا قبل
لهم بعنف المستوطنين، الذين تغض سلطات
الاحتلال الإسرائيلية النظر عن جرائمهم
وتسجلها كالعادة ضد مجهول، وبالتالي
إفلات إرهاب المستوطنين دون عقاب رادع.
ويقول مسلم الدوابشة:" لقد شاهدنا أربعة
مستوطنين بينهم مسافات وعندما شاهدونا
لاذوا بالفرار وطاردهم عدد من سكان القرية
باتجاه مستوطنة معاليه آفريم القريبة"،
ومؤكدا أن إحدى الفتيات وهي تقطن قريبا
من منزل الدوابشة شاهدت مستوطنين وهم
يحطمون زجاج نوافذ المنزل ويلقون بداخله
زجاجات حارقة ثم لاذوا بالفرار.
لا تحمل هذه الجريمة أي جديد من حيث
بشاعتها وفظاعتها، عن جريمة حرق الطفل
المقدسي محمد أبو خضير صيف العام
الماضي،حتى تكرر المشهد من قبل قطعان
المستوطنين المنفلتين، والمستمرين بجرائمهم
ضد المواطنين الفلسطينيين الآمنين، وبحماية
جيش الاحتلال، غير أن الجديد هو فقط بظهور
شعار ديني يهودي جديد، من ضمن ما خطه
هؤلاء على جدران المنازل في بلدة كفر دوما.
هذا العنف المسلّح لقطعان المستوطنين، وطريقة
القتل الشنيع يذكّرنا بأسلوب تنظيم داعش
الإرهابي في تصفية البشر وما يطلق عليه
الموت حرقا أو ذبحا بجز الرؤوس، وهو في
الحقيقة لا ينفصل عن التحريض والعنصرية
والحقد الذي يمارسه غلاة المتطرفين من
الحاخامات، وإذا ما عدنا بالذاكرة إلى كتاب
(توراة الملك) الذي صدر العام 2009 للحاخامين
إسحاق شابيرا ويوسف إليتسور والذي
يقولان فيه إن الشريعة اليهودية تسمح بقتل
الأطفال غير اليهود، لأنهم يشكلون خطرا
مستقبليا، يتأكد لدينا أن هذا الإجرام بكل
أشكاله وصوره يرتبط بالفكر والعقيدة
التلمودية للصهاينة الجدد.
الفلسطينيون اعتادوا على جرائم وإرهاب
مجموعات صهيونية مثل (تدفيع الثمن)
و(الانتقام) الإرهابيتين، لكن ظهور شعارات
ترمز لتنظيم ديني جديد، زاد من مخاوفهم
من تنامي الفكر الصهيوني المتطرف، وازدياد
جرائم الحرق والقتل والاعتداءات بشتى
أشكالها، لا سيما وأن مضمون الشعارات التي
تركها قتلة الطفل دوابشة، لا تخرج عن النص
ذاته الداعي لقتل العرب، من خلال شعارهم
الموحد (الموت للعرب ) وعبارات الانتقام
التحريضية.
أما آن الأوان للنظام الرسمي العربي، وبخاصة
السلطة الفلسطينية،أن تعي وتدرك أن صراعنا
مع اليهود الصهاينة، ديني بالدرجة الأساس،
وصراع وجود قبل أن يكون صراعا سياسيا،
فإسرائيل، كما قال الداعية الدكتور يوسف
القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين، تدرّب أبناءها على أساس ديني،
وعلى العنصرية والتحريض على الإبادة،
وتقذف بهم في قلب المعارك بأحلام دينية
تمجد إسرائيل ونبوءات التوراة، ونحن ننحِّي
المؤمنين ونضطهدهم ونعذبهم !.
المسؤول الأول والأخير عن هذه الجرائم هو
الاحتلال، والذي لن تتوقف مثل هذه الأفعال
والممارسات الإرهابية، إلا باندحاره من
فلسطين، فحكومات الاحتلال المتعاقبة هي
المسؤولة عن جرائم المتطرفين، وممارساتهم،
حيث اعتاد هؤلاء الخفافيش كما يصفهم
الفلسطينيون، على تنفيذ جرائمهم وأفعالهم
المريبة، في ساعات الليل المتأخرة، فلم تأمن
منهم دور العبادة، ولا المدارس، ولا حتى
الأطفال الرّضع، وكل ذلك بمباركة ودعم من
جيش الاحتلال، وحكومة تل أبيب المتطرفة.
والجديد في هذه الجريمة، وردود الأفعال
عليها فلسطينياً، يتمثل في عودة ما اصطُلح
عليه خلال الانتفاضة الشعبية الأولى، ب
(اللجان الشعبية)، والتي يكمن دورها في
السهر حتى ساعات الفجر، لحماية المواطنين
وممتلكاتهم، والتصدي لعصابات المستوطنين
حال محاولتها اقتحام القرى والبلدات
الفلسطينية، وقد تشكلت هذا اللجان خلال
انتفاضة الحجارة العام 1987 ، بعد أن أقدمت
عصابات المستوطنين على حرق محاصيل
القمح وأشجار الزيتون والمنازل والمركبات
التابعة للفلسطينيين آنذاك.
والسؤال الأهم الذي (تطرحه الشرق) في
أعقاب هذه الجرائم التي تجاوز مرتكبوها كل
الخطوط الحمراء، وأثبتوا تدنيهم الأخلاقي،
وإزاء ما تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي،
من تصعيد في أعمال القتل والاعتقال والهدم
ومصادرات الأراضي وتوسيع الاستيطان،
والاعتقالات،... ما الذي ستفعله السلطة
الفلسطينية وقيادات العمل الوطني، وفصائل
المقاومة ؟ خاصة أكبر فصيلين وهما فنح
وحماس اللذان مازالا في مربع الانقسام
المأساوي؟
الجواب لم يتأخر ,فما بدر من السلطة
الفلسطينية بالدعوة إلى ضبط الأوضاع كي
لا تذهب في اتجاه الانفجار، هذا هو هاجسها
ولا شيء آخر، ويطل الرئيس محمود عباس
على الشعب الفلسطيني ليبشّره بأنه سيذهب
إلى المحكمة الجنائية الدولية ردا على جريمة
إحراق الطفل! هذا فقط ، ولتنتشر قوات القمع
داخل مدن الضفة الغربية المحتلة وشوارعها،
بينما جنود الاحتلال يحيطون غلافها تحسبا
من الانفجار الشعبي الآتي لا محالة، لا يوحي
بأن أمرا جللا سيحدث، ولعل من ردود الأفعال
المنتظرة اليوم وليس غدا هو تنفيذ قرار
مركزية منظمة التحرير الفلسطينية بوقف
التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال كخطوة
أولى .. نأمل ذلك .
على خطى (داعش).. الصهاينة يحرقون الرضيع الدوابشة
تقرير اخباري
القدس المحتلة - الشرق Ý
قال رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد
أبو عصب إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت
127 فلسطينيًا في القدس المحتلة خلال يوليو
الماضي. وأوضح أبو عصب، أمس، أن من بين
المعتقلين 54 طفلًا قاصرًا دون سن ال( 18 عامًا)،
و 10 سيدات منهن فتاة قاصر، لافتًا إلى أن حجم
الاعتقالات في المدينة خلال الشهر المنصرم كان
مرتفعًا .
المصدر : جريدة الشرق القطرية عدد اليوم الأحد 2/8/2015