نحن وفهمنا للدين .. منقول





د.هيا عبد العزيز المنيع
التدين في واقعه الصحيح ليس صلوات وصياما وحجا او لنقل عبادات فقط، وهو ليس ممارسة لطقوس دينية فقط.. بل هو اكبر واشمل من ذلك حين تصلي ثم تكذب فأنت لا ترتكز على اخلاق المسلم الحق.. وحين تصوم في النهار وتأكل لحوم الناس في المساء فانت لم تع حديث رسول السلام عليه افضل الصلاة والسلام (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) او كما قال..

انت هنا تمارس العبادات كطقوس روتينية دون تمعن وادراك لحكمتها.. فالله حين حرم الربا لم يكن يقصد الحد من ثراء الاثرياء بل اراد حماية الفقراء من استغلال الاثرياء لحاجتهم..

بعضنا اختزل الدين للأسف في العبادات وتغافل عن التعاملات وساعد على ذلك غياب فقه التعاملات من مناهجنا الدراسية التي ايضا للأسف تناقض بعضها واحيانا تناقض انظمتنا التي اريد بها خدمة وحماية المجتمع ولا تقل عنها خطبنا المنبرية التي للأسف لا تركز على البعد الاخلاقي في بناء الشخصية الاسلامية.. بل إن تدريسنا للدين يقف عند حدود العبادات كممارسة روتينية دون وقوف وتمعن وتكريس للحكمة منها وبعدها الانساني..

منظومة الاخلاق الاسلامية تم فصلها عند البعض وبشكل تعسفي حيث يشعرك البعض ان الدين الاسلامي دين عبادات فقط.. فيما نجد للأسف أن بعض معتنقي الأديان الأخرى حتى بعض الأديان الوضعية يعملون على ابراز الجانب الانساني في دياناتهم وخاصة رجال الدين لديهم.. ويعملون بوعي وتخطيط وتركيز في خطابهم المحلي عموما والدولي على وجه الخصوص على البعد الاخلاقي والانساني لدينهم، ويعطونه صفة الانسانية والشمولية والتقدمية..

على سبيل المثال بعض علماء الدين يظهر بزي عسكري وبعضهم لا يتورع في استعراض قوة المسلم بخطاب دموي يزعم أنه يتلذذ بقتل اعداء الاسلام وتقطيعهم زاعما أنه بذلك يقتدي برسول الله عليه افضل الصلاة والسلام..!

مع ان الرسول أكد في جميع وصاياه للمجاهدين وقادتهم على وجه الخصوص الرأفة بالشيخ والطفل والضعيف وعدم تشويه او التنكيل بالقتيل من الأعداء..

فيما نجد رجال الدين المسيحي مثلا يرتقون بخطابهم الموجه للعالم بما فيه العالم الاسلامي حيث التأكيد على دعواتهم للضعفاء وصلواتهم لحماية الأطفال والأبرياء..

عدم قدرتنا على استيعاب العمق الأخلاقي في ديننا الحنيف يجعل من بعضنا متناقضا مع نفسه حيث التباين الفج بين افعاله واقواله.. بل إنه يفرز حالة عالية من الفساد المالي والاداري في المؤسسات الحكومية والخاصة.. وينتج عنه ممارسات وسلوكيات اجتماعية منحرفة في شكلها ومضمونها..

محدودية فهمنا للدين وتضييقه بالتحريم من باب سد الذرائع مع تعطيل تكريس القيم والاخلاق في وجدان الافراد كانت سببا مباشرا في تزايد السلوك المنحرف عند الافراد ووقوعهم في الخطأ تحت مظلة وأخرى..

تعميق الجماليات في وجدان الأطفال والشباب على وجه الخصوص، وتكريس الاخلاق في عقولهم من شأنهما أن يشكلا اتجاهاتهم الايجابية نحو الحياة ونحو الآخر أيا كان وأيا كان نوعه ولونه ودينه، ونحو المال العام ونحو الأسرة ونحو الممتلكات العامة ونحو رجل الأمن ونحو الذات ونحو الوطن بكل تفاصيله الجغرافية والثقافية والتنوع الانساني..

نريد تكريس اخلاق المسلم كما ارادها الله ورسوله وليس كما يريدها ادعياء العلم وممن اعتقدوا ان توبتهم كافية لأن يصبحوا دعاة لدين الاسلام والسلام..