http://m.alarab.qa/Story/776064

محمد سيد احمد
السبت، 06 فبراير 2016 01:07 ص

يحتاج قطاع الأعمال الحرة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى سواعد أبناء الوطن للحد من نزيف

التحويلات المالية التي تخرج من البلد، وطالب مواطنون الجهات الرسمية بدعم الشباب القطري وتشجيعهم على الانخراط في هذا القطاع الخاص عن طريق إنشاء مكتب وطني لدراسة جدوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبنك وطني يُعنى بتقديم قروض للراغبين في ولوج عالم العمل الحر بتسهيلات تشجع الجميع على التوجه إلى هذا القطاع، خصوصا بعد تراجع أسعار النفط وخطة التقشف التي تفترض توزيع اليد العاملة الوطنية على مختلف القطاعات.. «العرب» استطلعت آراء بعض المواطنين الذين أكدوا أن وجود المواطن في قطاع الأعمال الحرة لا يكاد يُذكر، رغم ما يوفره هذا القطاع من فرص كبيرة لتحقيق النجاح في قطاع المال والأعمال..
يرى مواطنون أن على الشباب القطري الاستفادة من الواقع المتمثل بقطاع المال والأعمال، وأن يتسلحوا بالهمة والنشاط، مشيرين إلى أن المواطن النموذجي هو الذي يكون فاعلا في اقتصاد وطنه وليس عالة عليه أم متكلا على ما يقدم إليه لقمة سائغة دون جهد وعمل دؤوب، فالشباب يجب ألا ينظروا إلى الدولة على أنها بقرة حلوب، في الوقت الذي لا يوجد استعداد لديهم في المساهمة في اقتصاد وطنهم، لأن العزوف عن قطاع الأعمال الحرة وتركه للأجانب يساهم بشكل كبير في استنزاف جزء هام من ثروة الوطن إلى الخارج.

ننتظر من الشباب القطري التوجه إلى القطاع الخاص عموما، وقطاع الأعمال الحرة خصوصا والتحلي بالهمة والنشاط والتخلي عن ثقافة الخوف من المبادرة أو المغامرة التي تحول بينهم وبين موارد مالية هائلة يستحوذ عليها الوافدون من جنسيات آسيوية تدر عليهم المليارات سنويا، بهذه الكلمات عبّر فهد عبدالعزيز عن رأيه حول ضرورة توجه الشباب القطري نحو قطاع الأعمال الحرة، وأضاف: بعد تراجع أسعار النفط العالمية، والتقشف الذي تتجه إليه الدول المصدرة -ومن ضمنها دولة قطر- أعتقد أنه إذا ما أردنا أن نعبر أزمة تراجع أسعار النفط بسلام، علينا كشباب الدخول بقوة إلى القطاع الخاص الذي يمكنه توفير فرص عمل كثيرة للشباب الطموح المتعلم والقادر على النجاح في إدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن هذه الدعوة تصاحبها دعوة موازية للجهات الرسمية كي تصدر تعليمات للبنوك بتمويل مشاريع الشباب بشكل ميسر على أن تكون هناك فترة سماح لا تقل عن سنتين حتى يتأكد المواطن من أن مشروعه يسير بشكل جيد، فالشباب القطري تنتظرهم فرص كثيرة وكبيرة في سوق العمل الحر الذي أصبح اليوم مهيأً أكثر من أي وقت مضى لمن يرغب في دخوله ومنافسة الوافدين الآسيويين وغيرهم، وتحقيق النجاح والريادة في الأعمال الحرة والمنافسة في مختلف مجالاتها في قطاع لا يزال قادرا على استيعاب كفاءات كثيرة من أبناء الوطن، خصوصا الشباب المتعلم من خريجي الجامعات الذين استسلموا للوظيفة الجاهزة والتهرب من كل عمل يفرض على صاحبه بذل أدنى مستوى من التحدي، وفي اعتقادي أن أعدادا كبيرة من الشباب القطري لديهم القدرة على كسب التحدي والمنافسة في كافة أنشطة القطاع الخاص التي لا يزال الوافدون يسيطرون عليها ويساهمون عن طريقها في تغذية اقتصاد بلدانهم بمليارات الدولارات سنويا يفقدها اقتصاد الوطن، بسبب عزوف الشباب عن الدخول في هذا العالم.
بدوره قال مشاري عبدالله: إن عزوف الشباب عن قطاع الأعمال الحرة ما زال كما هو رغم التشجيع الكبير والتسهيلات المالية التي يقدمها قطاع البنوك للمواطنين، لكن مشكلتنا أننا نستخدم هذه التسهيلات في الحصول على قروض لأمور ثانوية قد تجعل من الشاب القطري أسيرا لدى بنك لأكثر من عشر سنوات –إن لم يكن مدى الحياة-، حيث يعمد الشباب -أو معظمهم- إلى الاقتراض من أجل شراء سيارة ثانية، أو من أجل رحلة في إجازة، أو غير ذلك من الأمور التي تجعل حياة العديد من شبابنا تتعثر، بسبب فوائد القروض التي لا تنتهي، وأنا على يقين أن هذا الشباب المقترض من البنوك لو وجه هذا القرض أو جزءا منه إلى إنشاء مشروع صغير قام بدراسة جدواه فسيجد نفسه بعد سنوات قليلة يدير مؤسسة توظف العشرات وتساهم في اقتصاد الوطن، وتجعله هو فاعلا في وطنه بدل أن يكون مفعولا به ومطاردا من البنوك والبطاقات الائتمانية، لكن علينا أن نعترف أن السنوات الماضية ومع الطفرة الاقتصادية المبنية على فقاعة ارتفاع أسعار النفط، وما صاحب ذلك من علاوات وامتيازات قدّمها القطاع العام جعلت العديد من شبابنا يصابون بالكسل والخمول، معتقدين أن الدولة يجب أن تبقى دائما بقرة حلوب، علما أن الدولة لم تقصر في خدمة المواطنين وأتاحت لهم امتيازات لا توجد في أي دولة على مستوى العالم، وهذا ما يستدعي من أبناء الوطن رد الجميل لوطنهم والاستعداد لكل ما يساهم في بقاء اقتصاده قويا من خلال التوجه إلى الأعمال الحرة كي نخفف من نزيف التحويلات للخارج الناتجة عن هيمنة الأجانب على قطاع العمال الحرة، والقطاع الخاص بشكل عام.
ولفت إلى أن الحيرة تتملكه من رؤية شباب الوطن لما يوفره قطاع العمل الحر على أصحابه من أموال في ظرف وجيز، ومع ذلك ما زال العزوف عن هذا القطاع قويا، فترى مثلا الوافد الآسيوي يمتلك سلسلة محلات سوبر ماركت منتشرة في العديد من أحياء مدننا ويوظف المئات من أبناء جنسيته، كل واحد منهم يحصل على راتبه الذي يقوم بتحويله إلى بلده، في وقت يوجد المئات من شبابنا يقفون طوابير على الجهات الحكومية ينتظرون التوظيف، فهل تراجع أسعار النفط وخطة التقشف التي تتبعها الحكومة ستساعد شبابنا على أن يصحو من سُباته؟، أم أن من لم يجد وظيفة منا سيبقى عالة على أسرته حتى يجد الوظيفة التي يتخيلها هو؟.
وأشار إلى أن حلم امتلاك مشروع خاص لم يعد صعب التحقق، فأبواب البنوك مشرعة، والدولة ما زالت ورشة عمل بسبب النهضة العمرانية التي ما زالت في منتصفها –إن لم نقل بدايتها- بالتالي كل ما على من يحلم بدخول عالم الأعمال أن يقوم بدراسة جيدة لمشروعه الذي يعتقد أنه قادر على الإبداع فيه، والتوجه للجهات المعنية لتمويله والانطلاق، وقد رأيت نماذج مشرفة من شبابنا تحولوا إلى رجال أعمال ناجحين، بعدما كانوا يبحثون عن وظائف، لكنهم اليوم يديرون مشاريع ناجحة يساهمون من خلالها في بناء اقتصاد وطنهم.

دعم
أما عبدالرحمن العنزي فيرى أن دخول الشباب القطري إلى الأعمال الحرة والقطاع الخاص يحتاج إلى دعم حقيقي وتوجيه من جانب الجهات المعنية، ووجود جهة خاصة بدعم المشاريع التجارية للشباب القطري، وأردف: بصفتي شاب أحلم بمستقبل زاهر لنفسي ولوطني أرى أن ريع القطاع الخاص تذهب نسبة كبيرة منه في غير مصلحة اقتصاد الوطن بسبب التحويلات المالية التي يقوم بها الوافدون الذين يستحوذون على هذا القطاع، فهؤلاء يتمتعون بتسيير أموالهم دون أن يدفعوا ضرائب تعود بنسبة قليلة على اقتصاد الوطن، ودون وجود منافس حقيقي من أبناء الوطن؛ لذا أعتقد أن إنشاء مكتب وطني لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المزمع تنفيذها من طرف المواطنين، وإنشاء بنك خاص يقدم تسهيلات مالية بشروط غير مجحفة سيساعد كثيرا على توجه الشباب القطري إلى الأعمال الحرة، كما أن جامعة قطر، عليها أن تبادر إلى افتتاح كليات متخصصة في مجالات التجارة والاقتصاد والهندسة، تساعد الخريجين على ولوج عالم الأعمال التجارية في المستقبل، وتجعلهم قادرين على اتخاذ المبادرة في هذا المجال، بدل ضخ كل خريجي الجامعة في القطاع العام، فما زالت أعداد المهندسين القطريين لم تصل إلى المستوى المطلوب في بلد يشهد طفرة عمرانية كبيرة، وما زال الأطباء من الجنسين لا يشكلون نسبة تُذكر مقارنة مع الوافدين، هذا في مجال القطاع العام، فكيف يكون الحال في القطاع الخاص الذي يستحوذ عليه الأجانب باستثناء قطاع البنوك.
وأضاف أن مشكلة الشباب القطري هي أنهم لا يعرفون من القطاع الخاص سوى قطاع البنوك الذي لا يختلف عن القطاع العام ويوفر امتيازات خاصة، لكن معرفتهم بالأعمال الحرة ضئيلة جدا، فنحن هنا لا نتكلم عن توجه الشباب إلى العمل في شركات القطاع الخاص فحسب، نحن نريد تشجيع الشباب على ولوج قطاع الأعمال الحرة، أي يقوم الشباب بإنشاء مشاريعهم الخاصة التي يديرونها %100، لكن كما قلت هذا يحتاج إلى تشجيع من الجهات الرسمية وإنشاء مؤسسات تساعد الشباب المقبل على العمل الحر، سواء ما يتعلق بدراسة الجدوى، أو التمويل الميسر بفائدة معقولة تختلف عن الفوائد التي تثقل بها البنوك التقليدية كاهل كل مواطن يلجأ إليها، فعن طريق هذه الخطوات نحقق الهدف المتكامل لخدمة الوطن، وأنا على ثقة أن الشباب القطري لديهم القدرة والكفاءة لإبراز قدراتهم في هذا المجال، فقد أثبتوا قدرتهم على العطاء وتحقيق النجاح في القطاع العام بشكل فاق عطاء وقدرات الأجانب، ففي العديد من إدارات القطاع العام التي يكثر فيها الشباب القطري تجد نماذج مشرفة من أبناء وبنات الوطن يخدمون بجد وباحترافية جعلت منهم نموذجا للموظف الناجح، وهذا ما سيتحقق إذا ما توجهوا للأعمال الحرة التي هي بحاجة اليوم –أكثر من أي وقت مضى- إلى أبناء الوطن للحد من نزيف هجرة المال القطري المتدفق إلى بلدان أخرى بسبب التحويلات المالية التي تتصاعد يوما بعد يوم.

جريدة العرب اليوم السبت 6-2-2016