بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هدي النبي،صلى الله عليه وسلم،في رمضان
أرسل الله تعالى،رسوله محمد عليه الصلاة والسلام،هادياً ومعلماً للناس جميعاً،ولا يحصل إسلامٌ صحيح للعبد إلا بتباع النبي،صلى الله عليه وسلم،أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته، قوله،عز وجل(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)الحشر،
وقوله عز وجل(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)النساء،
والواجب على المسلم معرفة هدي النبي،صلى الله عليه وسلم، وسنته واتباعه والاقتداء به،قال تعالى(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)الأحزاب،
لم يكن حال النبي صلى الله عليه وسلم،في رمضان كحاله في غيره من الشهور،فقد كان برنامجه صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر مليئاً بالطاعات والقربات،وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصها الله بها وميزها عن سائر أيام العام،والنبي صلى الله عليه وسلم،وإن كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه، إلا أنه أشد الأمة اجتهاداً في عبادة ربه وقيامه بحقه،
فقد كان صلى الله عليه وسلم،يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات،فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان،وكان أجود الناس،وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن،والصلاة والذكر والاعتكاف،وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور،
من المعلوم أن النَّبي،صلَّى الله عليه وسلَّم،أكمل الناس خلقاً فقد امتدحه الله بقوله في التَّنزيل العزيز(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)القلم، فكان من تمام وكمال أخلاقه -صلَّى الله عليه وسلَّم،أنَّه لا يرد سائلًا أبداً،
هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم،فيمن يؤخذ بشهادته في رؤية الهلال،قال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته،وانسكوا لها، فإن غمَّ عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان،فصوموا وأفطروا)رواه النَّسائي،وصحَّحه الألباني،
كان من هدي النَّبي،صلَّى الله عليه وسلَّم،أن يبيت النِّية لصوم الفريضة،وحذَّر من يترك هذا الأمر،فعن عائشة،رضي الله عنها، قالت،قال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له)صحَّحه الألباني،في صحيح الجامع،
ومن هدي النَّبي،صلَّى الله عليه وسلَّم،فقد ورد عنه،صلَّى الله عليه وسلَّم،أنَّه قال(إن لله عند كلِّ فطرٍ عتقاء وذلك في كلِّ ليلةٍ)رواه ابن ماجه،وصححه الألباني،
وكان عليه الصلاة والسلام،يحث على السحور،وصح عنه أنه قال(تسحروا، فإن في السحور بركة)متفق عليه،
وكان من هديه تعجيل الفطر،وتأخير السحور،فأما الفطر فقد ثبت عنه من قوله،أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس،وقبل أن يصلي المغرب،وكان يقول(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) أخرجه مسلم في صحيحه،
وكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء,
وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سَحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير،
وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة،
وكان صلى الله عليه وسلم،يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل،ليجتمع قلبه على ربه عز وجل، وليتفرغ لذكره ومناجاته،
وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوماً،وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله،وأيقظ أهله،وشد مئزره مجتهداً ومثابراً على العبادة والذكر،
ومن ذلك هديه،صلى الله عليه وسلم،صوم رمضان، قال ابن القيم،رحمه الله،المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات،وكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها، ويذكرها بحال الناس الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب،
وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحه، وتلجم بلجام المتقين،ورياضة الأبرار والمقربين،
ويترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترَك محبوبات النفس،وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته،وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده،فهو أمرٌ لا يطلع عليه بشر،
فهو من أكبر العون على التقوى كما قال،تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة،
وقال النبي،صلى الله عليه وسلم(الصوم جُنَّة)أخرجه البخاري ومسلم،
وكان،صلى الله عليه وسلم،يفطر قبل أن يصلي، وكان فطره على رطبات إن وجدها، فإن لم يجدها، فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء،
وروي عنه أنه كان يقول إذا أفطر(ذهب الظمأ،وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله)رواه أبو داود،وصححه للألباني،
ولقد نهى،صلى الله عليه وسلم،الصائم عن الرفث،والصخب والسباب،فأمره أن يقول لمن سابه،إني صائم،
وكان من هديه،صلى الله عليه وسلم،إسقاط القضاء عمن أكل أوشرب ناسياً،وأن الله سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه)ثبت هذا عنه في البخاري ومسلم،
وصح عنه أنه كان يستاك وهو صائم،وذكر الإمام أحمد عنه،أنه كان يصب الماء على رأسه وهو صائم،وكان يتمضمض ويستنشق وهو صائم،ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق،
ومن هدي النَّبي،صلَّى الله عليه وسلَّم،عند رؤية الهلال،فعن طلحة بن عبد الله -رضي الله عنه،قال،أن النَّبي،صلَّى الله عليه وسلَّم، كان إذا رأى الهلال قال،كان إذا رأى الهلال قال(اللهمَّ أهله علينا باليمن والإيمان،والسَّلامة والإسلام ربِّي وربّك الله)
حسَّنه الألباني في صحيح الجامع،
وكان من هديه،صلَّى الله عليه وسلَّم،عند قدوم شهر رمضان أن يبشر أصحابه بذلك،فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(أتاكم رمضان شهرٌ مباركٌ، فرض الله،عزَّ وجل،عليكم صيامه،تفتح فيه أبواب السَّماء،وتغلق فيه أبواب الجحيم،وتغل فيه مردة الشَّياطين،لله فيه ليلة خير من ألف شهرٍ،من حرم خيرها فقد حرم)رواه النَّسائي،وصحَّحه الألباني،
هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم، وتلك هي طريقته وسنته، فما أحوجنا،إلى الاقتداء بنبينا، والتأسي به في عبادته وتقربه، والعبد وإن لم يبلغ مبلغه، فليقارب وليسدد، وليعلم أن النجاة في اتباعه، والفلاح في السير على طريقه،
نسأل الله أن يوفق المسلمين لتطبيق سنَّة نبيِّنا محمد،صلَّى الله عليه وسلَّم،في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ،والعون على التأسي به،والاقتداء بسنته،صلى الله عليه وسلم.
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مختلف جداََ
